فُؤادٌ عَلَى جَـمْرِ الغَـرامِ يُقَلَّبُ |
وَجِسْمٌ بِأَنْواعِ السَّـقامِ مُـعَذَّبُ |
وَقَفْتُ عَلَى دارِ الحَبِيبِ وَقَدْ عَفَتْ |
عِراصٌ وَأَطْلالٌ وَنُؤْيٌ وَمَلْعَبُ |
أُخاطِبُ مِنْها البَانَ وَالبَانُ فَـوْقَهُ |
خَطِيبٌ عَلَى الأَفْنانِ يَشْدُو وَيَخْطُبُ |
دِيَارٌ عَـفَتْ آياتُـها وَتَنَـكَّرَتْ |
وَجالَ بِها خَيْطٌ وَسِرْبٌ وَرَبْرَبُ |
وَعَهْدِي بِها كانَتْ بِها كُلُّ غَادَةٍ |
تَجُرُّ ذُيُولَ التِّـيهِ فِيها وَتَسْـحَبُ |
فَـكَمْ أَنِسَتْ فِي رَبْعِها وَتَكَنَّسَتْ |
سُعادٌ وَأَسْما بَلْ حَـذامِ وَزَيْنَـبُ |
وَمَنْ لِي بِرَيَّا السَّاعِدَيْنِ وَقَدْ غَدَتْ |
هَوادِجُها فِـي الآلِ تَطْفو وَتَرْسُبُ |
فَـيا عَـجَباً مِنْها تَغِـيبُ وَشَخْصُها |
مُـقِـيمٌ بِقَلْبِـي مُسْتَـقِرٌّ مُـطَنِّبُ |
تَناهَتْ صِفاتُ الحُسْنِ فِيـها فَحُسْنُها |
يَسُـلُّ عُـقُولَ النَّاظِرِينَ وَيَسْـلُبُ |
يَشُـوقُكَ مِنْـها إِنْ تَجَـلَّتْ مُـقَلَّدٌ |
وَكَـشْرٌ جُمَانِيٌّ وَكَـفٌّ مُـخَضَّبُ |
فَيَا حُسْنَها يَـوْمَ الـوَداعِ وَقَدْ بَدَتْ |
خُـدُودٌ وَأَعْطافٌ وَصُـدْغٌ مُعَقْرَبُ |
أُشَيِّعُـها يَـوْماً وَبَيْـنَ أَضـالِعِي |
مِـنَ الوَجْـدِ نارٌ حَـرُّها يَـتَلَهَّبُ |
أَرَى النَّاسَ فِي طَبْعِ النُّفُوسِ وَشَأْنَهُم |
فَمـا شَأْنُهُم فِي الطَّـبْعِ إِلاَّ التَّقَلُّبُ |
إِذا قَـلَّ مالِي قَـلَّ قَدْرِي لَدَيْهِمُ |
وَإِنْ شـاقَهُمْ مِنِّـي الذَّكا وَالتَّأَدُّبُ |
وَإِنْ زادَ مالِي وَانْتَقَلْتُ إِلَى الغِنَى |
فَـلِي مِنْهُم أَهْلٌ وَسَـهْلٌ وَمَرْحَبُ |
أَلا لَيْتَ سُعْدَى ما اللَّيالِي وَوَعْدُها |
أَتَصْدُقُ لِي فِي الوَعْدِ أَمْ هِيَ تَكْذِبُ |
عَجِـبْتُ لَها فِـيما قَـضَتْهُ وَإِنَّما |
عَلَى كُثْرِ هذا الصَّبْرِ مِنِّي لأَعْـجَبُ |
إِذا جـادَ مِنْها بِالمَـسَرَّةِ صَـيِّبٌ |
أَتَـانِي وَشِـيكاً بِالمَـساءَةِ صَـيِّبُ |
فَما يَسْتَحِيلُ الدَّهْرُ عَنْ قَرْعِ مَرْوَتِي |
كَأَنِّيَ مِـنْ دُونِ الـوَرَى فِيهِ مُذْنِبُ |
وَداوِيَّةٍ كَمْ ظَلْتُ فِـيها مَعَ السُّرَى |
أُشَـبِّبُ فِي ذاتِ الـوِشاحِ وَأَنْـسِبُ |
وَأُنْشِدُ ما يُصْغِي لَهُ مِنْ غَـرائِبِي |
جَـرِيرٌ وَمَـيْمُونٌ وَقُـسٌّ وَقُـطْرُبُ |
وَنَجْدٌ أَتانِي ضَخْمَةُ المَتْنِ جَـسْرَةٌ |
تَـخُبُّ بِـرَحْلِي تارَةً وَتُـقَرِّبُ |
وَقَدْ قالَ صَحْبِي فِي المَسِيرِ وَقَوْلُهُم |
صِف الرَّوْضَ حَيْثُ الرَّوْضُ أَخْضَرُ مُخْصِبُ |
فَقُلْتُ دَعُوا وَصْفَ الرِّياضِ وَذِكْرَها |
وَجِـدُّوا فَـإِنَّ الجِـدَّ أَوْلَى وَأَوْجَـبُ |
وَلا تَذْكُرُوا رَوْضَ العَرارِ وَطِـيبَهُ |
وَإِنْ راقَ لَـوْنٌ مِـنْهُ بِالحُسْنِ مُـعْجِبُ |
فَإِنْ طابَ لِي نَشْرُ العَرارِ فَـيَمِّما |
خَـلاقَ عَـرارٍ فَـهيَ أَزْكَى وَأَطْـيَبُ |
مَلِـيكٌ سَـجاياهُ لِـطافٌ شَـهِيَّةٌ |
أَبَـلُّ مِـنَ الـرَّوْضِ البَهِيجِ وَأَرْطَـبُ |
ضِياءٌ إِذا ما الـدَّهْرُ أَظْلَمَ وَقْـتُهُ |
وَكَـدَّرَ وَجْـهَ الـدَّهرِ لِلْخَطْبِ غَـيْهَبُ |
وَشَمْسٌ عَلَى الدُّنْيا يُضِيءُ بِنُورِها |
مِنَ البِـيدِ وَالأَمْصارِ شَرْقٌ وَمَغْرِبُ |
وَسَيْفٌ مِنَ الرَّحْمنِ فِي الأَرْضِ مُصْلَتٌ |
بِـهِ يَقْطَعُ الخَطْبَ الجَسِيمَ وَيَضْرِبُ |
وَطَـوْدٌ مُـنِـيفٌ يُسْتَـلاذُ بِـرُكْـنِهِ |
إِذا ما سَطَا فِي مَـوْكِبِ الحَيِّ مَوْكِبُ |
وَبَـحْرٌ غَـزِيرُ اللُّـجِّ يَقْـذِفُ جَوْهَراً |
وَطَـوْراً بِأَمْـواجِ الـوَبالِ يُـعَبْعِبُ |
وَغَيْثُ نَـدَىً لِلْوَفْـدِ إِنْ نَـزَلُوا بِـهِ |
يَـسِحُّ عَـليْهِـمْ بِاللُّجَـيْنِ وَيَـسْكُبُ |
يُـوَرِّثُهُ المَجْـدَ الأَثِـيلَ مُـظَفَّـرٌ |
وَغَـوْثٌ وَهُـودٌ وَالخُـلُودُ وَيَشْـجُبُ |
أَبا الطِّيبِ كَمْ بِي فِي القِفارِ تَـلَوَّحَتْ |
إِلَـيْكَ أَمُـونُ السَّيْرِ وَجْناءُ ذِعْلِبُ |
وَلَوْلاكَ ما جاوَزْتُ أَرْضاً وَلا انْطَوَى |
بِذَرْعِ هِـجانِ العِيسِ فَـجٌّ وَسَبْسَبُ |
فَحَمْـداً وَشُكْراً لِلْمُـهَيْمِنِ لا الـرَّجَا |
مَـخِيبٌ وَلا رَوْضُ السَّماحَةِ مُجْدِبُ |
وَدُمْ وَابْقَ ما غَنَّـتْ حَمائِمُ بِالضُّحَى |
وما جَـنَّ دَيْجُـورٌ وَما لاحَ كَوْكَبُ |