قِـفا بِمُـقامٍ لِلأَحِـبَّـةِ ماصِـحِ |
بِـهِ عَبَثَتْ أَيْدِي الرِّياحِ اللَّواقِحِ |
أَلَـثَّ عَـلَى أَطْلالِهِ كُلُّ مُـدْجِنٍ |
وَكُـلُّ هَتُونٍ بِالشَّـآبِيبِ ناضِحِ |
وَقَفْتُ بِهِ وَالرَّكْبُ ما بَيْنَ ضاحِكٍ |
وَما بَيْـنَ باكٍ بِالـرُّسُومِ وَنائِحِ |
مُقامٌ لِسُعْدَى بَعْدَها كَمْ تَفَجَّـرَتْ |
عَـلَيْهِ شُـؤُونِي بِالدُّمُـوعِ السَّوافِحِ |
فَيا آمِرِي بِالصَّبْرِ عَنْها عَنافَةً |
تَرَفَّقْ فَلَيْسَ الصَّبْـرُ عَنْهـا بِصالِحِ |
فَكَـمْ سَفَكَتْ مِنِّي غَداةَ النَّوَى دَماً |
وَكَمْ أَوْسَعَتْ جُرْحاً لَها فِي جَوارِحِي |
تَجَلَّتْ كَمِثْلِ الشَّمْسِ خَلْفَ غَمامَةٍ |
بِوَجْهٍ لَها تَـحْتَ البَـراقِعِ لائِحِ |
فَسَلَّتْ عَزائِي وَاصْطِبارِي صَبابَةً |
وَأَوْرَتْ سَعِيرَ الشَّوْقِ بَيْنَ الجَوانِحِ |
وَقَدْ أَشْدَهَتْ عَقْلِي بِسِحْرِ عُيُونِها |
غَـداةَ رَمَتْنِي بِالعُـيُونِ اللَّوامِـحِ |
يُهِيجُ لِيَ البَرْقُ اليَمانِي صَبابَةً |
إِذا افْتَرَّ عَنْ كَشْرٍ مِنَ النَّوْرِ وَاضِحِ |
وَيَبْعَثُ لِي الشَّوقَ المُبَرِّحَ وَالجَوَى |
بُكـاءُ خَضِـيباتِ الأَكُفِّ الصَّوادِحِ |
أَرَى الكَدْحَ فِي الدُّنْيا كَأَحْلامِ راقِدٍ |
يَصِيـرُ مَـداهُ لِلنُّـفُوسِ الكَـوادِحِ |
وَما السَّعْيُ إِلاَّ مَـذْهَبٌ إِنْ تَوَسَّعَتْ |
مَـعانِيهِ ما فِيـهِ لِهـاجٍ وَمادِحِ |
فَيا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَرَى الدَّهْرَ مازِحاً |
بِما قَدْ قَضَى فِي الحُكْمِ أَمْ غَيْرَ مازِحِ |
يُـواصِـلُنا مِنْـهُ بِأَخْـلاقِ حـارِمٍ |
شَحِيحٍ عَلَى جـادِيهِ فِي زِيِّ مانِحِ |
فَـكَمْ فَتَكَتْ فِي الأُسْـدِ مِنْهُ نِعاجُـهُ |
وَعاثَتْ حُبارِيهِ بِـهِ فِي الجَـوارِحِ |
وَقَدْ ذُدْتُ آمالِي فَأَضْحَتْ سَوامُها |
مُعَقَّلَةً عَنْ رَعْيِها فِي المَسارِحِ |
وَأَيْأَسْتُ نَـفْسِي مِـنْ مَطامِعِها التِي |
تَسِيرُ عَلَى عِيسِ الغُرُورِ الطَّلائِحِ |
وَأَصْبَحْتُ لا أُغْضِي بِطَـرْفِي لِسانِحٍ |
وَلَمْ أَلْتَفِتْ يَوْماً بِطَرْفِي لِبارِحِ |
وَأَحْـوَى غُـثاءٍ فـاحَ غِـبَّ سَمائِهِ |
بِنَشْرٍ حَكَى نَشْرَ اللَّطِيمَةِ فـائِحِ |
وَأَصْبَحَ أَحْـوَى الطُّرَّتَيْنِ وَقَـدْ هَمَى |
بِهِ مُرْجَحِنُّ المُعْصِراتِ الدَّوالِحِ |
وَقَـدْ ضَحِكَ النُّوَّارُ فِـيهِ وَأَشْـرَقَتْ |
مَباسِمُ أَعْلَى زَهْرِهِ المُتَصافِحِ |
كَـأَنَّ بِـهِ أَخْلاقَ مـالِكِ حِـيـنَما |
تَأَرَّجَ فِي أَرْجائِهِ بِالرَّوائِحِ |
فَـتَىً أَصْلَحَ الدُّنْـيا وَأَصْبَـحَ ناسِخاً |
مَفاسِدَها مِنْ عَدْلِهِ بِالمَصالِحِ |
أَمِينٌ لِـرَبِّ العَـرْشِ فِي المُلْكِ قَـلْبُهُ |
إِلَى الحَـقِّ أَضْـحَى جانِحاً أَيَّ جانِحِ |
وَسَيْفٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فِي الأَرْضِ مُصْلَتٌ |
يُقَطِّعُ أَعْناقَ الخُطُوبِ الفَوادِحِ |
وَنُورُ هُدىً فِي غَـيْهَبِ الجَهْلِ قابِـسٌ |
أَقـالِيمَهـا مِـنْ كُـلِّ دانٍ وَنـازِحِ |
فَلا تُشْبِهَـنْ يَـوْماً بِـهِ بَشَراً وَهَـلْ |
يُقاسُ خِضَمٌّ زاخِرٌ بِالضَّحاضِحِ |
يَرَى ما اخْتَفَى فِي الغَيْبِ مِنْ قَبْلِ كَوْنِهِ |
بِـعَقْلٍ وَحِلْـمٍ فِـي السَّكِينَـةِ راجِحِ |
ثَقِـيلٌ إِذا ما قابَـلَ الدَّسْتَ وَانْتَـدَى |
خَفِيفٌ عَلَى ظَهْرِ الجِيادِ السَّوابِحِ |
لَـهُ قَـلَمٌ يَثْـنِي الـرِّمـاحَ بِحَـدِّهِ |
عَلَى الكُرْهِ عَوْجاً مِنْ يَدَيْ كُلِّ رامِحِ |
إِذا ماجَـرَى أَجْرَى أُمُوراً وَفُـتِّحَتْ |
مَغالِقُ لَـمْ تُفْـتَحْ لَنـا بِالْمَـفاتِحِ |
وَإِنْ مَـجَّ رِيقاً كـانَ رِزْقاً لِمُـعْدِمٍ |
وَمَنْعاً لِمَطْلُوبٍ صَكِيكِ المَـنادِحِ |
يُطاوِعُـهُ فِـي كُـلِّ أَمْـرٍ يُـرِيدُهُ |
وَيَخْدِمُهُ فِي المُلْكِ خِدْمَةَ ناصِحِ |
وَيَفْعَلُ مَهْـما يَأْمُرْ القَـلْبُ مُضْمِراً |
وَيَسْلُكُ فِي التَّدْبِيرِ طُـرْقَ المَـفالِحِ |
وَكَمْ هَزَمَتْ مِنْـهُ الكَـتائِبَ كُـتْبُهُ |
صَحِيفَتُها تَثْنِـي حُـدُودَ الصَّـفائِحِ |
أَنا ناصِبٌ كَمْ قَدْ سَرَتْ بِي وَهَجَّرَتْ |
ظُهُورُ المَطايا فِي ظُهُورِ الصَّحاصِحِ |
فَـكَمْ جُـبْتُ مِنْ بِيدٍ بِها وَدَكـادِكٍ |
وَمِـنْ تَـلْعَةٍ مَـوْصُولَةٍ بِالأَبـاطِحِ |