عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > مصر > محمود سامي البارودي > أَعَائِدٌ بِكِ يَا رَيْحَانَةُ الزَّمَنُ

مصر

مشاهدة
5872

إعجاب
4

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

أَعَائِدٌ بِكِ يَا رَيْحَانَةُ الزَّمَنُ

أَعَائِدٌ بِكِ يَا رَيْحَانَةُ الزَّمَنُ
فَيَلْتَقِي الْجَفْنُ بَعْدَ الْبَيْنِ وَالْوَسَنُ
أَشْتَاقُ رَجْعَةَ أَيَّامِي لِكَاظِمَةٍ
وَمَا بِيَ الدَّارُ لَوْلا الأَهْلُ وَالسَّكَنُ
فَهَلْ تَرُدُّ اللَّيَالِي بَعْضَ مَا سَلَبَتْ
أَمْ هَلْ تَعُودُ إِلَى أَوْطَانِهَا الظُّعُنُ
أَهَنْتُ لِلْحُبِّ نَفْسِي بَعْدَ عِزَّتِهَا
وَأَيُّ ذِي عِزَّةٍ لِلْحُبِّ لا يَهِنُ
لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْهَوَى سِرٌّ لَمَا ظَهَرَتْ
بِوَحْيِ قُدْرَتِهِ فِي الْعَالَمِ الْفِتَنُ
فَكَيْفَ أَمْلِكُ نَفْسِي بَعْدَمَا عَلِقَتْ
بِيَ الصَّبَابَةُ حَتَّى شَفَّنِي الْوَهَنُ
لَوْلا جَرِيرَةُ عَيْنِي مَا سَمَحْتُ بِهَا
لِلدَّمْعِ تَسْفَحُهُ الأَطْلالُ وَالدِّمَنُ
دَعَتْ إِلَى الغَيِّ قَلْبِي فَاسْتَبَدَّ بِهِ
شَوْقٌ تَوَلَّدَ مِنْهُ الْهَمُّ وَالشَّجَنُ
وَدُونَ مَا تَبْتَغِيهِ النَّفْسُ مِنْ أَرَبٍ
بَيْدَاءُ تَصْهَلُ فِي أَرْجَائِهَا الْحُصُنُ
وَفِي الأَكِلَّةِ آرَامٌ تُطِيفُ بِهَا
أُسْدٌ بَرَاثِنُهَا الْخَطِّيَّةُ اللُّدُنُ
مِنْ كُلِّ حَوْرَاءَ مِثْلِ الظَبْيِ لَوْ نَظَرَتْ
لِعَابِدٍ لَشَجَاهُ اللَّهْوُ وَالدَّدَنُ
فِي نَشْوَةِ الرَّاحِ مِنْ أَلْحَاظِهَا أَثَرٌ
وَفِي الْجَآذِرِ مِنْ أَلْفَاظِهَا غُنَنُ
دَقَّتْ وَجَلَّتْ وَلانَتْ وَهْيَ قَاسِيَةٌ
كَذَاكَ حَدُّ الْمَوَاضِي لَيِّنٌ خَشِنُ
طَوَتْ بِهِنَّ النَّوَى عَنِّي بُدُورَ دُجَىً
لا يَسْتَبِينُ لِعَيْنِي بَعْدَهَا سَنَنُ
أَتْبَعْتُهُمْ نَظَرَاتٍ كُلَّمَا بَلَغَتْ
أُخْرَى الْحُمُولِ ثَنَاهَا مَدْمَعٌ هُتُنُ
يَا رَاحِلِينَ وَفِي أَحْدَاجِهِمْ قَمَرٌ
يَكَادُ يَعْبُدُهُ مِنْ حُسْنِهِ الْوَثَنُ
مُنُّوا عَلَيَّ بِوَصْلٍ أَسْتَعِيدُ بِهِ
مِنْ مُهْجَتِي رَمَقَاً يَحْيَا بِهِ الْبَدَنُ
أَوْ فَاسْمَحُوا لِي بِوَعْدٍ إِنْ وَنَتْ صِلَةٌ
فَالْوَعْدُ مِنْكُمْ بِطِيبِ الْعَيْشِ مُقْتَرِنُ
لَمْ أَلْقَ مِنْ بَعْدِكُمْ يَوْماً أُسَرُّ بِهِ
كَأَنَّ كُلَّ سُرُورٍ بَعْدَكُمْ حَزَنُ
يَا جِيرَةَ الْحَيِّ مَا لِي لا أَنَالُ بِكُمْ
مَعُونَةً وَبِكُمْ فِي النَّاسِ يُعْتَوَنُ
مَاذَا عَلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ أَهْلُ بَادِرَةٍ
إِذَا تَرَنَّمَ فِيكُمْ شَاعِرٌ فَطِنُ
أَفِي السَّوِيَّةِ أَنْ يَبْكِي الْحَمَامُ وَلا
يَبْكِي عَلَى إِلْفِهِ ذُو لَوْعَةٍ ضَمِنُ
يَا حَبَّذَا مِصْرُ لَوْ دَامَتْ مَوَدَّتُهَا
وَهَلْ يَدُومُ لِحَيٍّ فِي الْوَرَى سَكَنُ
تَاللَّهِ مَا فَارَقَتْهَا النَّفْسُ عَنْ مَلَلٍ
وَإِنَّمَا هِيَ أَيَّامٌ لَهَا إِحَنُ
فَلا يَسُرَّ عُدَاتِي مَا بُلِيتُ بِهِ
فَسَوْفَ يَفْنَى وَيَبْقَى ذِكْرِيَ الْحَسَنُ
ظَنُّوا ابْتِعَادِيَ إِغْفَالاً لِمَنْقَبَتِي
وَذَاكَ عِزٌّ لَهَا لَوْ أَنَّهُمْ فَطَنُوا
فَإِنْ أَكُنْ سِرْتُ عَنْ أَهْلِي وَعَنْ وَطَنِي
فَالنَّاسُ أَهْلِي وَكُلُّ الأَرْضِ لِي وَطَنُ
لا يَطْمِسُ الْجَهْلُ مَا أَثْقَبْتُ مِنْ شَرَفٍ
وَكَيْفَ يَحْجُبُ نُورَ الْجَوْنَةِ الدَّخَنُ
قَدْ يَرْفَعُ الْعِلْمُ أَقْوَامَاً وَإِنْ تَرِبُوا
وَيَخْفِضُ الْجَهْلُ أَقْوَاماً وَإِنْ خَزَنوا
فَرُبَّ مَيْتٍ لَهُ مِنْ فَضْلِهِ نَسَمٌ
وَرُبَّ حَيٍّ لَهُ مِنْ جَهْلِهِ كَفَنُ
فَلا تَغُرَّنْكَ أَشْبَاهٌ تَمُرُّ بِهَا
هَيْهَاتَ مَا كُلُّ طِرْفٍ سَابِقٌ أَرِنُ
فَلا مَلامَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ حَدَثٍ
فَكُلُّنَا بِيَدِ الأَقْدَارِ مُرْتَهَنُ
لَوْ كَانَ لِلْمَرْءِ حُكْمٌ فِي تَصَرُّفِهِ
لَعَاشَ حُرّاً وَلَمْ تَعْلَقْ بِهِ الْمِحَنُ
وَأَيُّ حَيٍّ وَإِنْ طَالَتْ سَلامَتُهُ
يَبْقَى وَأَيُّ عَزِيزٍ لَيْسَ يُمْتَهَنُ
كُلُّ امْرِئٍ غَرَضٌ لِلدَّهْرِ يَرْشُقُهُ
بِأَسْهُمٍ لا تَقِي أَمْثَالَهَا الْجُنَنُ
فَلْيَشْغَبِ الدَّهْرُ أَوْ تَسْكُنْ نَوَافِرُهُ
فَلَسْت مِنْهُ عَلَى مَا فَاتَ أَحْتَرِنُ
غَنِيتُ عَمَّا يُهِينُ النَّفْسَ مِنْ عَرَضٍ
فَمَا عَلَيَّ لِحَيٍّ فِي الْوَرَى مِنَنُ
لَكِنَّنِي بَيْنَ قَوْمٍ لا خَلاقَ لَهُمْ
إِنْ عَاقَدُوا غَدَرُوا أَوْ عَاشَرُوا دَهَنُوا
يُخْفُونَ مِنْ حَسَدٍ مَا فِي نُفُوسِهِمُ
وَيُظْهِرُونَ خِدَاعَاً غَيْرَ مَا بَطَنُوا
يَا لَلْحُمَاةِ أَمَا فِي النَّاسِ مِنْ رَجُلٍ
وَارِي الضَّمِيرِ لَهُ عَقْلٌ بِهِ يَزِنُ
أَكُلَّ خِلٍّ أَرَاهُ لا وَفَاءَ لَهُ
وَكُلَّ قَلْبٍ عَلَيَّ الْيَوْمَ مُضْطَغِنُ
تَغَيَّرَ النَّاسُ عَمَّا كُنْتُ أَعْهَدُهُ
فَالْيَوْمَ لا أَدَبٌ يُغْنِي وَلا فِطَنُ
فَالْخَيْرُ مُنْقَبِضٌ وَالشَّرُّ مُنْبَسِطٌ
وَالْجَهْلُ مُنْتَشِرٌ وَالْعِلْمُ مُنْدَفِنُ
لَمْ تَلْقَ مِنْهُمْ سَلِيماً فِي مَوَدَّتِهِ
كَأَنَّ كُلَّ امْرِئٍ فِي قَلْبِهِ دَخَنُ
طَوَاهُمُ الْغِلُّ طَيَّ الْقدِّ وَانْتَشَرَتْ
بِالْغَدْرِ بَيْنَهُمُ الأَحْقَادُ وَالدِّمَنُ
فَلا صَدِيقَ يُرَاعِي غَيْبَ صَاحِبِهِ
وَلا رَفِيقَ عَلَى الأَسْرَارِ يُؤْتَمَنُ
بَلَوْتُهُمْ فَسَئِمْتُ الْعَيْشَ وَانْصَرَفَتْ
نَفْسِي عَنِ النَّاسِ حَتَّى لَيْسَ لِي شَجَنُ
فَإِنْ يَكُنْ فَاتَنِي مَا كُنْتُ أَمْلُكُهُ
فَالْبُعْدُ عَنْهُمْ لِمَا أَتْلَفْتُهُ ثَمَنُ
كَفَى بِحَرْبِ النَّوَى سِلْماً نَجَوْتُ بِهِ
وَرُبَّ مَخْشِيَّةٍ فِي طَيِّهَا أَمَنُ
لَعَلَّ مُزْنَةَ خَيْرٍ تَسْتَهِلُّ عَلَى
رَوْضِ الأَمَانِي فَيَحْيَا الأَصْلُ وَالْفَنَنُ
وَكُلُّ شَيءٍ لَهُ بَدْءٌ وَعَاقِبَةٌ
وَكَيْفَ يَبْقَى عَلَى حِدْثَانِهِ الزَّمَنُ
محمود سامي البارودي
بواسطة
المشرف العام
الإضافة: الأحد 2011/05/08 10:39:53 مساءً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com