أَعَائِدٌ بِكِ يَا رَيْحَانَةُ الزَّمَنُ | |
|
| فَيَلْتَقِي الْجَفْنُ بَعْدَ الْبَيْنِ وَالْوَسَنُ |
|
أَشْتَاقُ رَجْعَةَ أَيَّامِي لِكَاظِمَةٍ | |
|
| وَمَا بِيَ الدَّارُ لَوْلا الأَهْلُ وَالسَّكَنُ |
|
فَهَلْ تَرُدُّ اللَّيَالِي بَعْضَ مَا سَلَبَتْ | |
|
| أَمْ هَلْ تَعُودُ إِلَى أَوْطَانِهَا الظُّعُنُ |
|
أَهَنْتُ لِلْحُبِّ نَفْسِي بَعْدَ عِزَّتِهَا | |
|
| وَأَيُّ ذِي عِزَّةٍ لِلْحُبِّ لا يَهِنُ |
|
لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْهَوَى سِرٌّ لَمَا ظَهَرَتْ | |
|
| بِوَحْيِ قُدْرَتِهِ فِي الْعَالَمِ الْفِتَنُ |
|
فَكَيْفَ أَمْلِكُ نَفْسِي بَعْدَمَا عَلِقَتْ | |
|
| بِيَ الصَّبَابَةُ حَتَّى شَفَّنِي الْوَهَنُ |
|
لَوْلا جَرِيرَةُ عَيْنِي مَا سَمَحْتُ بِهَا | |
|
| لِلدَّمْعِ تَسْفَحُهُ الأَطْلالُ وَالدِّمَنُ |
|
دَعَتْ إِلَى الغَيِّ قَلْبِي فَاسْتَبَدَّ بِهِ | |
|
| شَوْقٌ تَوَلَّدَ مِنْهُ الْهَمُّ وَالشَّجَنُ |
|
وَدُونَ مَا تَبْتَغِيهِ النَّفْسُ مِنْ أَرَبٍ | |
|
| بَيْدَاءُ تَصْهَلُ فِي أَرْجَائِهَا الْحُصُنُ |
|
وَفِي الأَكِلَّةِ آرَامٌ تُطِيفُ بِهَا | |
|
| أُسْدٌ بَرَاثِنُهَا الْخَطِّيَّةُ اللُّدُنُ |
|
مِنْ كُلِّ حَوْرَاءَ مِثْلِ الظَبْيِ لَوْ نَظَرَتْ | |
|
| لِعَابِدٍ لَشَجَاهُ اللَّهْوُ وَالدَّدَنُ |
|
فِي نَشْوَةِ الرَّاحِ مِنْ أَلْحَاظِهَا أَثَرٌ | |
|
| وَفِي الْجَآذِرِ مِنْ أَلْفَاظِهَا غُنَنُ |
|
دَقَّتْ وَجَلَّتْ وَلانَتْ وَهْيَ قَاسِيَةٌ | |
|
| كَذَاكَ حَدُّ الْمَوَاضِي لَيِّنٌ خَشِنُ |
|
طَوَتْ بِهِنَّ النَّوَى عَنِّي بُدُورَ دُجَىً | |
|
| لا يَسْتَبِينُ لِعَيْنِي بَعْدَهَا سَنَنُ |
|
أَتْبَعْتُهُمْ نَظَرَاتٍ كُلَّمَا بَلَغَتْ | |
|
| أُخْرَى الْحُمُولِ ثَنَاهَا مَدْمَعٌ هُتُنُ |
|
يَا رَاحِلِينَ وَفِي أَحْدَاجِهِمْ قَمَرٌ | |
|
| يَكَادُ يَعْبُدُهُ مِنْ حُسْنِهِ الْوَثَنُ |
|
مُنُّوا عَلَيَّ بِوَصْلٍ أَسْتَعِيدُ بِهِ | |
|
| مِنْ مُهْجَتِي رَمَقَاً يَحْيَا بِهِ الْبَدَنُ |
|
أَوْ فَاسْمَحُوا لِي بِوَعْدٍ إِنْ وَنَتْ صِلَةٌ | |
|
| فَالْوَعْدُ مِنْكُمْ بِطِيبِ الْعَيْشِ مُقْتَرِنُ |
|
لَمْ أَلْقَ مِنْ بَعْدِكُمْ يَوْماً أُسَرُّ بِهِ | |
|
| كَأَنَّ كُلَّ سُرُورٍ بَعْدَكُمْ حَزَنُ |
|
يَا جِيرَةَ الْحَيِّ مَا لِي لا أَنَالُ بِكُمْ | |
|
| مَعُونَةً وَبِكُمْ فِي النَّاسِ يُعْتَوَنُ |
|
مَاذَا عَلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ أَهْلُ بَادِرَةٍ | |
|
| إِذَا تَرَنَّمَ فِيكُمْ شَاعِرٌ فَطِنُ |
|
أَفِي السَّوِيَّةِ أَنْ يَبْكِي الْحَمَامُ وَلا | |
|
| يَبْكِي عَلَى إِلْفِهِ ذُو لَوْعَةٍ ضَمِنُ |
|
يَا حَبَّذَا مِصْرُ لَوْ دَامَتْ مَوَدَّتُهَا | |
|
| وَهَلْ يَدُومُ لِحَيٍّ فِي الْوَرَى سَكَنُ |
|
تَاللَّهِ مَا فَارَقَتْهَا النَّفْسُ عَنْ مَلَلٍ | |
|
| وَإِنَّمَا هِيَ أَيَّامٌ لَهَا إِحَنُ |
|
فَلا يَسُرَّ عُدَاتِي مَا بُلِيتُ بِهِ | |
|
| فَسَوْفَ يَفْنَى وَيَبْقَى ذِكْرِيَ الْحَسَنُ |
|
ظَنُّوا ابْتِعَادِيَ إِغْفَالاً لِمَنْقَبَتِي | |
|
| وَذَاكَ عِزٌّ لَهَا لَوْ أَنَّهُمْ فَطَنُوا |
|
فَإِنْ أَكُنْ سِرْتُ عَنْ أَهْلِي وَعَنْ وَطَنِي | |
|
| فَالنَّاسُ أَهْلِي وَكُلُّ الأَرْضِ لِي وَطَنُ |
|
لا يَطْمِسُ الْجَهْلُ مَا أَثْقَبْتُ مِنْ شَرَفٍ | |
|
| وَكَيْفَ يَحْجُبُ نُورَ الْجَوْنَةِ الدَّخَنُ |
|
قَدْ يَرْفَعُ الْعِلْمُ أَقْوَامَاً وَإِنْ تَرِبُوا | |
|
| وَيَخْفِضُ الْجَهْلُ أَقْوَاماً وَإِنْ خَزَنوا |
|
فَرُبَّ مَيْتٍ لَهُ مِنْ فَضْلِهِ نَسَمٌ | |
|
| وَرُبَّ حَيٍّ لَهُ مِنْ جَهْلِهِ كَفَنُ |
|
فَلا تَغُرَّنْكَ أَشْبَاهٌ تَمُرُّ بِهَا | |
|
| هَيْهَاتَ مَا كُلُّ طِرْفٍ سَابِقٌ أَرِنُ |
|
فَلا مَلامَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ حَدَثٍ | |
|
| فَكُلُّنَا بِيَدِ الأَقْدَارِ مُرْتَهَنُ |
|
لَوْ كَانَ لِلْمَرْءِ حُكْمٌ فِي تَصَرُّفِهِ | |
|
| لَعَاشَ حُرّاً وَلَمْ تَعْلَقْ بِهِ الْمِحَنُ |
|
وَأَيُّ حَيٍّ وَإِنْ طَالَتْ سَلامَتُهُ | |
|
| يَبْقَى وَأَيُّ عَزِيزٍ لَيْسَ يُمْتَهَنُ |
|
كُلُّ امْرِئٍ غَرَضٌ لِلدَّهْرِ يَرْشُقُهُ | |
|
| بِأَسْهُمٍ لا تَقِي أَمْثَالَهَا الْجُنَنُ |
|
فَلْيَشْغَبِ الدَّهْرُ أَوْ تَسْكُنْ نَوَافِرُهُ | |
|
| فَلَسْت مِنْهُ عَلَى مَا فَاتَ أَحْتَرِنُ |
|
غَنِيتُ عَمَّا يُهِينُ النَّفْسَ مِنْ عَرَضٍ | |
|
| فَمَا عَلَيَّ لِحَيٍّ فِي الْوَرَى مِنَنُ |
|
لَكِنَّنِي بَيْنَ قَوْمٍ لا خَلاقَ لَهُمْ | |
|
| إِنْ عَاقَدُوا غَدَرُوا أَوْ عَاشَرُوا دَهَنُوا |
|
يُخْفُونَ مِنْ حَسَدٍ مَا فِي نُفُوسِهِمُ | |
|
| وَيُظْهِرُونَ خِدَاعَاً غَيْرَ مَا بَطَنُوا |
|
يَا لَلْحُمَاةِ أَمَا فِي النَّاسِ مِنْ رَجُلٍ | |
|
| وَارِي الضَّمِيرِ لَهُ عَقْلٌ بِهِ يَزِنُ |
|
أَكُلَّ خِلٍّ أَرَاهُ لا وَفَاءَ لَهُ | |
|
| وَكُلَّ قَلْبٍ عَلَيَّ الْيَوْمَ مُضْطَغِنُ |
|
تَغَيَّرَ النَّاسُ عَمَّا كُنْتُ أَعْهَدُهُ | |
|
| فَالْيَوْمَ لا أَدَبٌ يُغْنِي وَلا فِطَنُ |
|
فَالْخَيْرُ مُنْقَبِضٌ وَالشَّرُّ مُنْبَسِطٌ | |
|
| وَالْجَهْلُ مُنْتَشِرٌ وَالْعِلْمُ مُنْدَفِنُ |
|
لَمْ تَلْقَ مِنْهُمْ سَلِيماً فِي مَوَدَّتِهِ | |
|
| كَأَنَّ كُلَّ امْرِئٍ فِي قَلْبِهِ دَخَنُ |
|
طَوَاهُمُ الْغِلُّ طَيَّ الْقدِّ وَانْتَشَرَتْ | |
|
| بِالْغَدْرِ بَيْنَهُمُ الأَحْقَادُ وَالدِّمَنُ |
|
فَلا صَدِيقَ يُرَاعِي غَيْبَ صَاحِبِهِ | |
|
| وَلا رَفِيقَ عَلَى الأَسْرَارِ يُؤْتَمَنُ |
|
بَلَوْتُهُمْ فَسَئِمْتُ الْعَيْشَ وَانْصَرَفَتْ | |
|
| نَفْسِي عَنِ النَّاسِ حَتَّى لَيْسَ لِي شَجَنُ |
|
فَإِنْ يَكُنْ فَاتَنِي مَا كُنْتُ أَمْلُكُهُ | |
|
| فَالْبُعْدُ عَنْهُمْ لِمَا أَتْلَفْتُهُ ثَمَنُ |
|
كَفَى بِحَرْبِ النَّوَى سِلْماً نَجَوْتُ بِهِ | |
|
| وَرُبَّ مَخْشِيَّةٍ فِي طَيِّهَا أَمَنُ |
|
لَعَلَّ مُزْنَةَ خَيْرٍ تَسْتَهِلُّ عَلَى | |
|
| رَوْضِ الأَمَانِي فَيَحْيَا الأَصْلُ وَالْفَنَنُ |
|
وَكُلُّ شَيءٍ لَهُ بَدْءٌ وَعَاقِبَةٌ | |
|
| وَكَيْفَ يَبْقَى عَلَى حِدْثَانِهِ الزَّمَنُ |
|