رَأَيتُ فيها بَرقَها لَمّا وَثَب | |
|
| كَمِثلِ طَرفِ العَينِ أَو قَلبٍ يَجِب |
|
ثُمَّ حَدَت بِها الصَبا كَأَنَّها | |
|
| فيها مِنَ البَرقِ كَأَمثالِ الشُهُب |
|
باكِيَةٌ يَضحَكُ فيها بَرقُها | |
|
| مَوصولَةٌ بِالأَرضِ مُرماةُ الطُنُب |
|
كَأَنَّها وَرَعدُها مُستَعبِرٌ | |
|
| لَجَّ بِهِ عَلى بُكاهُ ذو صَخَب |
|
جاءَت بِجَفنٍ أَكحَلٍ وَاِنصَرَفَت | |
|
| مَرهاءَ مِن إِسبالِ دَمعٍ مُنسَكِب |
|
إِذا تَعَرّى البَرقُ فيها خِلتَهُ | |
|
| بَطنَ شُجاعٍ في كَثيبٍ يَضطَرِب |
|
وَتارَةً تُبصِرُهُ كَأَنَّهُ | |
|
| أَبلَقُ مالَ جَلُّهُ حينَ وَثَب |
|
وَتارَةً تَخالَهُ إِذا بَدا | |
|
| سَلاسِلاً مَصقولَةً مِنَ الذَهَب |
|
وَاللَيلُ قَد رَقَّ وَأَصغى نَجمُهُ | |
|
| وَاِستَوفَزَ الصُبحُ وَلَمّا يَنتَقِب |
|
مُعتَرِضاً بِفَجرِهِ في لَيلَةٍ | |
|
| كَفَرَسٍ بَيضاءَ دَهماءَ اللَبَب |
|
حَتّى إِذا لَجَّ الثَرى بِمائِها | |
|
| وَمَلَّها صَدَّت صُدودَ مَن غَضِب |
|
كَأَنَّها جَمعُ خَميسٍ حَكَمَت | |
|
| عَلَيهِ أَبطالُ الرِجالِ بِالهَرَب |
|
يَومَ يَخوضُ الحَربَ مِنّي عالِمٌ | |
|
| إِنَّ يَدَ الحَتفِ تُصيبُ مَن طَلَب |
|
كَم غَمرَةٍ لِلمَوتِ يُخشى خَوضُها | |
|
| جَرَيتُ فيها جَريَ سِلكٍ في ثَقَب |
|
حَتّى إِذا قيلَ خَضيبٌ بِدَمٍ | |
|
| نَجَمتُ فيها بِحُسامٍ مُختَضِب |
|
المَوتُ أَولى لِلفَتى مِن أَن يَرى | |
|
| ظالِعَ دَهرٍ كُلَّما شاءَ اِنقَلَب |
|
وَصاحِبٍ نَبَّهَني بِكَأسِهِ | |
|
| وَالفَجرُ قَد لاحَ سَناهُ وَثَقَب |
|
لا عُذرَ لي في سِمَتي وَلِمَّتي | |
|
| سَيّانَ مِن شَيبٍ وَشَعرٍ لَم يَشِب |
|
لِأَيِّ غاياتي أَجري بَعدَما | |
|
| رَأَيتُ أَترابي وَقَد صاروا تُرَب |
|
لَبِستُ أَطوارَ الزَمانِ كُلَّها | |
|
| فَأَيُّ عَيشٍ أَرتَجي وَأَطَّلِب |
|
وَسابِحٍ مُسامِحٍ ذي مَيعَةٍ | |
|
| كَأَنَّهُ حَريقُ نارٍ تَلتَهِب |
|
تَراهُ إِن أَبصَرتَهُ مُستَقبَلاً | |
|
| كَأَنَّما يَعلو مِنَ الأَرضِ حَدَب |
|
عاري النَسا يَنتَهِبُ التُربَ لَهُ | |
|
| حَوافِرٌ باذِلَةٌ ما يَنتَهِب |
|
تُصالِحُ التُربَ إِذا ما رَكَضَت | |
|
| لَكِنَّها مَعَ الصُخورِ تَصطَخِب |
|
تَحسَبُهُ يُزهى عَلى فارِسِهِ | |
|
| وَإِنَّما يُزهى بِهِ إِذا رُكِب |
|
أَسرَعُ مِن لَحظَتِهِ إِذا رَنا | |
|
| أَطوَعُ مِن عِنانِهِ إِذا جُذِب |
|
يَبلوغُ ما تَبلُغُهُ الريحُ وَلا | |
|
| تَبلوغُ ما يَبلُغُهُ إِذا طَلَب |
|
ذو غُرَّةٍ قَد شَدَخَت جَبهَتَهُ | |
|
| وَأُذُنٍ مِثلَ السِنانِ المُنتَصِب |
|
وَناظِرٍ كَأَنَّهُ ذو رَوعَةٍ | |
|
| وَكَفَلٍ مُلَملَمٍ ضافي الذَنَب |
|
وَمِنخَرٍ كَالكيرِ لَم تَشقَ بِهِ | |
|
| أَنفاسُهُ وَلَم يَخُنها في تَعَب |
|
يَبعَثُها شَمائِلاً وَيَنثَني | |
|
| جَنائِباً إِلى فُؤادٍ يَضطَرِب |
|
قَد خاضَ في يَومِ الوَغى في حُلَّةٍ | |
|
| حَمراءَ تَسديها العَوالي وَالقُضُب |
|
في غَمرَةٍ كانَت رَحى المَوتِ بِها | |
|
| تَدورُ وَالصَبرُ لَها مِنّي قُطُب |
|
وَلَيلَةٍ ضَمَّ إِلَيَّ شَطرَها | |
|
| ضَيفي وَنادى بِاليَفاعِ تَلتَهِب |
|
حَلَّت بِهِ الأَقدارُ نَحوَ عاشِقٍ | |
|
| لِحَمدِهِ صَبٍّ بِتَفريقِ النَشَب |
|
يَرى اِبتِزالَ الوَفرِ صَونَ عِرضِهِ | |
|
| وَيَجعَلُ الذُخرَ لَهُ فيما يَهَب |
|