من مقلتيك يفيض اللؤلؤ الرطب |
يا قائم الليل ما للدمع ينسكب |
تقضى الليالى حزيناً بائساً قلقاً |
وقلبك الغض فى جنبيك يضطرب |
سهد ودمع وأفكار مبعثرة |
وأنجم نحوها ترنووترتقب |
إن كنت تشكوأسى أوتبكين هوى |
فكلنا مغرم والشوق ملتهب |
وكم أخا النجم فى الأنحاء أفئدة |
إذا أتى ذكر طه هزها الطرب |
تبيت ولهى ولا تنفك قائلة |
فى حب أحمد كم يستعذب النصب |
نفس عن القلب أشجاناً تمزقه |
وانشر معى ما طوت من قلبنا الحقب |
واذكر حديث الألى كانت شريعتهم |
سفك الدماء فكم سالت بها قضب |
عاثوا فساداً وبات الكل قاطبة |
وبعضهم لحقوق البعض مغتصب |
جهل ولا شئ غير الجهل رائدهم |
ظلم ولا شئ غير الظلم منتصب |
خمر وفسق وأصنام مؤلهة |
ووأد نفس ومال بات ينتهب |
كانوا حيارى بليل مد ظلمته |
فأشرقت شمس طه واهتدى العرب |
فى ذلك الحين والفتيان سادرة |
فى الغى لم يثنهم لوم ولا عتب |
كان الأمين بحبل الله معتصماً |
لا يعرف الرجس بل واللهو يجتنب |
وسل خديجة لما راح يخطبها |
قوم بمكة فيها كلهم رغبوا |
لكنها أعرضت عنهم وما رضيت |
سوى الأمين لها زوجاً وإن عجبوا |
وما الأمين سوى راعى تجارتها |
وكلهم أغنياء سادة نجب |
لكن أخلاقه فاقت شمائلهم |
وطيب النفس للأخلاق يصطحب |
وينظر الصادق الأحجار آلهة |
والقوم فى مركب الخسران قد ركبوا |
فينثنى عن ضلال الشرك يدفعه |
رأى سديد وعقل زانه الأدب |
أيصنع المرء أصناماً ويعبدها |
هذا هو الزور والبهتان والكذب |
لا بد من منشئ للكون أبدعه |
خلقاً وما دونه شك ولا ريب |
وقام فى الغار حتى جاءه ملك |
وهزه ثم حتى ناله التعب |
ونودى اقرأ تعالى الله قائلها |
قد أشرق الهدى فانجابت به السحب |
وقام يدعو إلى الرحمن أفئدة |
لم يرضها قط للأوثان منقلب |
وما استجاب له منهم سوى نفر |
فى الله ما عذبوا فى الله ما ضربوا |
باتوا وبات الردى منهم بمقربة |
ومن كؤوس العذاب المر كم شربوا |
ذاق الهوان على البطحاء منبطح |
وهام ليلاً إلى الأقطار مغترب |
أوذوا فما فتنوا والصبر رائدهم |
والمجد للدين بالأرواح قد كتبوا |
جادوا بأموالهم طراً وما بخلوا |
ومن نفيس الدماء الطهر كم وهبوا |
وهل أتاك حديث القوم إذ وقفوا |
بالباب حتى إذا لاح الهدى وثبوا |
فأوحى اخرج لئن كادت مكيدتهم |
فالله يعظمهم كيداً له الغلب |
وراح للغاروالصديق يصحبه |
وفتية القوم أغشت عينهم حجب |
واقبل الصبح فى طياته نبأ |
هز الجميع فعم السخط والغضب |
لقد نجا أحمد يا للشقاء فمن |
يأتى به فله الأموال والذهب |
فجد فى إثره الفتيان طامعة |
فى المال حتى دنوا للغار واقتربوا |
فأيقن الطاهر الصديق تهلكة |
وما رأى القوم حتى راح ينتحب |
وقال للمصطفى ماذا سنصنعه |
والقوم بالباب والأسياف والعطب |
فصاح طه ونور الحق يكلؤه |
فيم النحيب وفيم الخوف والرهب |
لا تحزنن فإن الله ثالثنا |
وليس من يرعه الرحمن يكتئب |
واستقبلت يثرب الهادى وصاحبه |
بالبشر من بعدما أضناهما السغب |
آخى الرسول هناك القوم قاطبة |
فالدين بين الجميع الود والنسب |
وشيد المسجد الأعلى بساحتها |
تتلى به الآى والأحكام والخطب |
وراح يغزو قريشاً والذين رضوا |
بالشرك معتنقاً يا بئس ما ارتكبوا |
حتى اتى النصر خفاقاً برايته |
كما أشارت إليه الآى والكتب |
ونال طه الذى يبغيه من وطر |
طراً وما فاته قصد ولا أرب |
يا رب أرسلته للعالمين هدى |
فالطف لقد عصفت من حولنا النوب |
هذا الفساد البذى أبدى نواجذه |
نار لها اليوم من إيماننا حطب |
فاعطف على أمة الإسلام قد رضيت |
بالذل عيشاً ومات الجد والدأب |
واغفر لأجل إمام المرسلين لنا |
فى يوم لا تنفع الأموال والنشب |