أَيا ربعَ صبري كيف طاوَعَك البلى | |
|
| فجَدَّدتَ عَهْدَ الشَوقِ في دِمَنِ الهوى |
|
وَأَجْرَيْتَ ماءَ الوَصْلِ في تُربَةِ الجَفا | |
|
| فَأَورَقَ غُصْنُ الحُبِّ في روضَةِ الرِّضَا |
|
أَرَدْتَ بتجْديدِ الهوى ذكرَ ما مضى | |
|
| فأَحْيَيْتَ عَهدَ الحُبِّ في مأْتمِ النَّوى |
|
وَكَشَّفْتَ غيمَ الغَدْرِ عن قَمَرِ الوفا | |
|
| فَأَشْرقَ نُورُ الوَصْلِ عن ظُلَمِ الجَفا |
|
كَأَنَّك عايَنتَ الذِّي بي مِنَ الهوى | |
|
| فَقَاسَمْتَني البلوى وقاسمتُكَ البِلى |
|
وَدارَتْ بُروجُ اليأسِ في فَلَكِ الرَّجا | |
|
| وَهَبَّ نَسِيمُ الشَّوقِ في أَمَلِ المُنى |
|
لَئِنْ ماتَ يأْسِي منهُ إِذْ عاشَ مَطْمعي | |
|
| فَإِنّي قَدِ اسْتَمْسَكْتُ مِنْ لَحْظِهِ الرَّجَا |
|
وَما ذَكَرَتْكَ النَّفْسُ إِلا تَصاعَدَتْ | |
|
| إِلَى العَيْنِ فَانهَلَّتْ مع الدَّمْعِ فِي البُكا |
|
تُواصِلُنِي طوراً وَتهجرُ تارةً | |
|
| أَلا رُبَّ هَجْرٍ جَرَّ أَسبابَهُ الصَّفا |
|
أَرى الغَيَّ رُشداً في هواهُ وإِنَّني | |
|
| لأَقْنَعُ بِالشَّكْوى إِلى خيرِ مُشْتَكى |
|
أَلَمْ تَرَ أَنِّي بِعْتُ عِزّي بِذِلَّةٍ | |
|
| وَطاوَعْتُ ما تهوى لِطَوْعِكَ ما تَشا |
|
وَما وَحَياة الحُبِّ حُلْتُ عَن الَّذي | |
|
| عَهِدْتَ وَلكن كلُّ شيءٍ إِلى انْتها |
|
وَرَيَّانَ مِنْ ماءِ الشَّبابِ كَأَنَّما | |
|
| يُوَرِّدُ ماءَ الحُسْن في خدِّهِ الحَيَا |
|
إِذا قَابَلَ الليلَ البهيمَ بوَجهه | |
|
| أَرَاكَ ضياءَ الصُّبْح في ظلمةِ الدُّجى |
|
أَبى لحظُ طَرْفي أَن يفارقَ طَرْفَهُ | |
|
| فلو رُمْتُ أَثنيهِ عَن الطَّرْفِ ما انْثَنَى |
|
أُشَبِّهُ صُدْغَيْهِ بِخدَّيْهِ إِذْ بدا | |
|
| بِسَالِفَتَي ريمٍ وَعِطفينِ من رَشا |
|
إِذا ما انتضى سيفَ المَلاحةِ طَرْفُهُ | |
|
| فَلَيْسَ لراءٍ طَرْفَهُ لَمْ يَمُتْ عَزَا |
|
أَبى أَن تنيلَ القلبَ رِقَّةُ كَأْسِهِ | |
|
| وَدقَّتْ عن التشبيهِ في اللطفِ بِالهوا |
|
كَأَنَّ بَقايا ما عفا من حَبَابها | |
|
| بقيةُ طَلٍّ فوق وَرْدٍ مِنَ الندى |
|
وَنَدْمانِ صدقٍ قال لي بعد رقدةٍ | |
|
| أَلا فَاسْقِني كأساً عَلى شدَّة الظَّما |
|
فناولتُه كأساً فَثنّى بمثلها | |
|
| فقابلني حسنَ القبولِ كما انثنى |
|
تحَامى الكرى حتَّى كأَنَّ جفونَهُ | |
|
| عليه لهُ مِنْها رقيبٌ من الكرى |
|
وليلٍ تَمادى طولهُ فَقَصَرتُه | |
|
| بِرَاحٍ تُعيرُ المَاءَ مِنْ صفوِها صفا |
|
تَجَافَتْ جُفونُ الشَّرْبِ فِيهِ عَنِ الكرى | |
|
| فَمِنْ بينِ نشوانٍ وَآخَرَ ما انْتَشى |
|
وَقَدْ شَربوا حتَّى كأَنَّ رؤوسَهُمْ | |
|
| مِنَ السُّكْرِ فِي أَعْنَاقها سِنَةُ الكرى |
|