|
عَادَت، ومَا كُنتُ بَعدَ التِّيهِ أَحسَبُهَا | |
|
| يَعُودُ مِن رِحلَةِ التَّغيِيِبِ مَوكِبُهَا |
|
عَادَت وأَدمُعُهَا فِي العَينِ تَسبِقُهَا | |
|
| مِن بَعدِ مَا ضَلَّ فِي الإِبحَارِ مَركَبُهَا |
|
تَمُدُّ بِالصَّفحِ كَفَّيهَا، فَتَجذِبُنِي | |
|
| و القَلبُ كَادَ مِنَ الأَشوَاقِ يَجذِبُهَا |
|
أَغُضُّ طَرفِي، وفِي عَيْنَيَّ أَسئِلَةٌ | |
|
| أَمُدُّ أَشطَانََهَا طَوراً وأَسحَبُهَا |
|
فَهَل يَبُوحُ بِمَا فِي الصَّدرِ عَاتِبُهَا | |
|
| أَم يُضمِرُ السِّرَّ والشَّكوَى مُعَذَّبُهَا؟ |
|
يَا بِنتَ جَنبَيَّ: عُدتِ اليَومَ نَادِمَةً | |
|
| و فِي يَدَيكِ مِنَ الأَطيَابِِ أَطيَبُهَا |
|
وقَد عَلِمتِ بِمَن تَجرِينَ فِي دَمِهِ | |
|
| بِأَنَّنِي لَو عَصَت نَفسِي أُؤَدُّبُهَا |
|
وأَنَّنِي الرَّجُلُ السَّمحُ الَّذِي شَهِدَت | |
|
| لَهُ المَوَاقِفُ، والتَّارِيخُ يَكتُبُهَا |
|
أَذُودُ إِمَّا أَبَت إِلاَّ مُنَازَلَتِي | |
|
| يَدُ الخُطُوبِ، فَأَفرِيهَا وأَغلِبُهَا |
|
كُلُّ الفَضَائِلِ فِي دُنيَايَ أُمهِرُهَا | |
|
| رُوحِي، وأَسعَى لَهَا سَعياً فَأَخطُبُهَا |
|
وكُلُّ شَمسٍ بِقَولِ الحَقِّ قَد سَطَعَت | |
|
| أَنَا الشُّرُوقُ لَهَا، والنَّاسُ مَغرِبُهَا |
|
حَاشَا لِرَبِّيَ مِن كِبرٍ ومِن صَلَفٍ | |
|
| و مِن خِصَالِ لِئَامٍ، لَستُ أَقرَبُهَا |
|
إَنَّ الكِرَامَ إَذَا مَا حَدَّثُوا صَدَقُوا | |
|
| يَخضَرُّ فِي لُغَةِ الأَبرَارِ مُجدِبُهَا |
|
وقَد عَلِمتِ بِأَنَّ الصَّفحَ مِن شِيَمِي | |
|
| و أَنَّهُ فِي رِيَاضِ الرُّوحِ أَرطَبُهَا |
|
وقَد صَفَحتُ، وسَامَحتُ الَّتِي شَرَدَت | |
|
| عَنِّي، وكَانَ مَعَ الدُّنيَا تَغَيُّبُهَا |
|
وكَيفَ لا؟! والبِشَارَاتُ الَّتِي حَمَلَت | |
|
| يَمِينُهَا، كُنَّ كَالأَعطَارِ تَسكُبُهَا |
|
عَادَت بِعَودَتِهَا الرُّوحُ الَّتِي وُلِدَت | |
|
| مِن رَحْمِ كَانُونَ، والتَّحرِيرُ كَوكَبُهَا |
|
شَتَّانَ مَا بَينَ أَمسٍ غِيضَ مَنبَعُهَا | |
|
| فِيهِ، ويَومٍ أَرَى الأَنهَارَ تَصحَبُهَا |
|
مِصرُ الجَدِيدَةُ، وَجهُ النُّورِ وِجهَتُهَا | |
|
| مِن بَعدِ أَن غَيَّبَ الأَنوَارَ غَيهَبُهَا |
|
مَرَّت ثَلاثُونَ مِن ظُلْمٍ ومِن ظُلَمٍ | |
|
| فِيهَا الفَسَادُ، ورَبُّ الدَّارِ أَشعَبُهَا |
|
واللاَّئِذُونَ بِهِ مَا بَينَ مُنتَفِعٍ | |
|
| و بَينَ نَاهِبِ أَموَالٍ يُهَرِّبُهَا |
|
عِصَابَةٌ حَكَمَت بِالبَطشِ تَدعَمُهَا | |
|
| عِصَابَةٌ، مَذهَبُ التَّضلِيلِ مَذهَبُهَا |
|
الغَدرُ خِنجَرُهَا، والمَكرُ مِئزَرُهَا | |
|
| و الفُجرُ مِنبَرُهَا، والجَورُ مِخلَبُهَا |
|
مِثلُ الذِّئَابِ إِذَا اْصطَادَت فَرِيسَتَها | |
|
| أَو كَالخَفَافِيشِ، جُنحِ اللَّيلِ مَلعَبُهَا |
|
تُرخِي عَلَى النَّجمِ فِي آَفَاقِهِ حُجُباً | |
|
| مَنَ الضَّبَابِ، وعَينَ البَدرِ تَعصِبُهَا |
|
وكَم عَلَى فَمِ مَن يَشكُو ظُلامَتَهُ | |
|
| تُلقِي أَعِنَّتَهَا، والشَّمسَ تَحجُبُهَا |
|
والشَّعبُ مَا بَينَ مَقهُورٍ ومنتَهَبٍ | |
|
| سِيقَت إِرَادَتُهُ لِلشَّرِّ يَسلُبُهَا |
|
كَم نَكسَةٍ ذَاقَهَا صَاباً، وعَلقَمُهَا | |
|
| كَأسٌ عَلَى ظَمَأِ الأَيَّامِ يَشرَبُهَا |
|
وكَم حَدَائِقَ كَانَ التِّبرُ غَلَّتَهَا | |
|
| مِن فِعلِ شِرذِمَةٍ قَد جَفَّ مُعشِبُهَا |
|
وكَم تَوَسَّعَ فِي الإِذلالِ أَضيَقُهُ | |
|
| وضَاقَ فِي مُقلَةِ الأَحلامِ أَرحَبُهَا |
|
وكَم وكَيفَ، وهَل أُحصِي لَهَا عَدَداً | |
|
| نَارُ السُّؤَالِ عَلىَ الآهَاتِ تُلهِبُهَا |
|
مِصرُ الفَتِيَّةُ مِن بَعدِ اْنتِفَاضَتِهَا | |
|
| لَن تَمنَحَ السَّوطَ لِلجَلاّدِ يَضرِبُهَا |
|
مِصرُ الأبِيَّةُ لَن تَبقَى مُقَيَّدَةً | |
|
| و لَن تُسَلِّمَ لِلفِرعَونِ يَصلُبُهَا |
|
ولَن تَكُونَ سِوَى مِصرَ الَّتِي عَزَفَت | |
|
| لَحنَ الخُلُودِ، وشَدوُ النِّيلِ يُطرِبُهَا |
|
النَّصرُ غَايَتُهَا والطُّهرُ رَايَتُهَا | |
|
| و الصَّبرُ جَنَّتُهَا، والخَيرُ مَطلَبُهَا |
|
تُزَاحِمُ الشَّمسَ فِي الآفَاقِ هَامَتُهَا | |
|
| و يَلمَسُ النَّجمَ فِي الأَفلاكِ مَنكَبُهَا |
|
أَقُولُهَا بِلِسَانِ الصِّدقِ مُفتَخِراً | |
|
| و فِي دَوَاوِينِ أَشعَارِي سَأَكتُبُهَا |
|
مِصرُ الجَمِيلَةُ فِي أَعمَاقِنَا سَطَعَت | |
|
| و لَيسَ يَمنَعُهَا غَيمٌ ويَحجُبُهَا |
|