أُراعي بُلوغَ الشَيبِ وَالشَيبُ دائِيا | |
|
| وَأُفني اللَيالي وَاللَيالي فَنائِيا |
|
وَما أَدَّعي أَنّي بَريءٌ مِنَ الهَوى | |
|
| وَلَكِنَّني لا يَعلَمُ القَومُ ما بِيا |
|
تَلَوَّنَ رَأسي وَالرَجاءُ بِحالِهِ | |
|
| وَفي كُلِّ حالٍ لا تَغُبُّ الأَمانِيا |
|
خَليلَيَّ هَل تَثنى مِنَ الوَجدِ عَبرَةٌ | |
|
| وَهَل تُرجِعُ الأَيّامُ ما كانَ ماضِيا |
|
إِذا شِئتَ أَن تَسلى الحَبيبَ فَخَلِّهِ | |
|
| وَراءَكَ أَيّاماً وَجُرَّ اللَيالِيا |
|
أَعِفُّ وَفي قَلبي مِنَ الحُبِّ لَوعَةٌ | |
|
| وَليسَ عَفيفاً تارِكُ الحُبِّ سالِيا |
|
إِذا عَطَفَتني لِلحَبيبِ عَواطِفٌ | |
|
| أَبَيتُ وَفاتَ الذُلُّ مَن كانَ آبِيا |
|
وَغَيرِيَ يَستَنشي الرِياحَ صَبابَةً | |
|
| وَيُنشي عَلى طولِ الغَرامِ القَوافِيا |
|
وَأَلقى مِنَ الأَحبابِ ما لَو لَقيتُهُ | |
|
| مِنَ الناسِ سَلَّطتُ الظُبى وَالعَوالِيا |
|
فَلا تَحسَبوا أَنّي رَضيتُ بِذِلَّةٍ | |
|
| وَلَكِنَّ حُبّاً غادَرَ القَلبَ راضِيا |
|
رَعى اللَهُ مَن وَدَّعَتهُ يَومَ دابِقٍ | |
|
| وَوَلَّيتُ أَنهى الدَمعَ ماكانَ جارِيا |
|
وَأَكتُمُ أَنفاسي إِذا ما ذَكَرتُهُ | |
|
| وَما كُلُ ما تُخفيهِ يا قَلبُ خافِيا |
|
فَعِندي زَفيرٌ ما تَرَقّى مِنَ الحَشى | |
|
| وَعِندي دُموعٌ ما طَلَعنَ المَآقِيا |
|
مَضى ما مَضى مِمَّن كَرِهتُ فِراقَه | |
|
| وَقَد قَلَّ عِندي الدَمعُ إِن كُنتُ باكِيا |
|
وَلا خَيرَ في الدُنيا إِذا كُنتُ حاضِراً | |
|
| وَكانَ الَّذي يَغرى بِهِ القَلبُ نائِيا |
|
إِذا اللَيلُ واراني خَفيتُ عَنِ الكَرى | |
|
| وَأَيدي المَطايا جِنحَ لَيلي إِزائِيا |
|
وَما طالَ لَيلي غَيرَ أَنَّ عَلاقَةً | |
|
| بِقَلبِيَ تَستَقري بِعَيني الدَرارِيا |
|
أَلا لَيتَ شِعري هَل أَرى غَيرَ موجَعٍ | |
|
| وَهَل أَلقَيَن قَلباً مِنَ الوَجدِ خالِيا |
|
بِأَيِّ جَنانٍ قارِحٍ أَطلُبُ العُلى | |
|
| وَأُطمِعُ سَيفي أَن يُبيدَ الأَعادِيا |
|
إِذا كُنتُ أُعطي النَفسَ في الحُبِّ حُكمَها | |
|
| وَأُودِعُ قَلبي وَالفُؤادَ الغَوانِيا |
|
وَلَم أَدنُ مِن وُدٍّ وَقَد غاضَ وِدُّهُ | |
|
| وَلَكِنَّني داوَيتُهُ بِبِعادِيا |
|
تَعَمَّدَني بِالضَيمِ حَتّى شَكوتُهُ | |
|
| وَمَن يَشكُ لا يَعدَم مِنَ الناسِ شاكِيا |
|
وَإِنّي إِذا أَبدى العَدُوُّ سَفاهَةً | |
|
| حَبَستُ عَنِ العَوراءِ فَضلَ لِسانِيا |
|
وَكُنتُ إِذا اِلتاثَ الصَديقُ قَطَعتُهُ | |
|
| وَإِن كانَ يَوماً رائِحاً كُنتُ غادِيا |
|
سَجِيَّةُ مَضّاءٍ عَلى ما يُريدُهُ | |
|
| مُقِضٍّ عَلى الأَيّامِ ما كانَ قاضِيا |
|
أَرى الماءَ أَحلى مِن رُضابٍ أُذوقُهُ | |
|
| وَأَحسَنَ مِن بيضِ الثُغورِ الأَقاحِيا |
|
وَأَطيَبُ مِن داري بِلاداً أَجوبُها | |
|
| إِلى العِزِّ جَوبي بِالبَنانِ رِدائِيا |
|
وَرَبُّ مُنىً سَدَّدتُ فيهِ مَطالِبي | |
|
| وَأَيُّ سِهامٍ لَو بَلَغنَ المَرامِيا |
|
وَهَمٌّ سَقَيتُ القَلبَ مِنهُ وَحاجَةٌ | |
|
| رَكِبتُ إِلَيها غارِبَ اللَيلِ عارِيا |
|
وَعارِيَةُ الأَيّامِ عِندي سَيِّئَةٌ | |
|
| أَسَأتُ لَها قَبلَ الأَوانِ التَقاضِيا |
|
أَرى الدَهرَ غَصّاباً لِما لَيسَ حَقَّهُ | |
|
| فَلا عَجَبٌ أَن يَستَرِدَّ العَوارِيا |
|
وَما شِبتُ مِن طولِ السِنينَ وَإِنَّما | |
|
| غُبارُ حُروبِ الدَهرِ غَطّى سَوادِيا |
|
وَما اِنحَطَّ أولى الشَعرِ حَتّى نَعَيتُهُ | |
|
| فَبَيَّضَ هَمُّ القَلبِ باقي عِذارِيا |
|
أَرى المَوتَ داءً لا يُبَلُّ عَليلُهُ | |
|
| وَما اِعتَلَّ مَن لاقى مِنَ الدَهرِ شافِيا |
|
فَما لِيَ وَقِرناً لا يُغالَبُ كُلَّما | |
|
| مَنَعتُ أَمامي جاءَني مِن وَرَآئِيا |
|
يُحَرِّكُني مَن ماتَ لي بِسُكونِهِ | |
|
| وَتَجديدُ دَهري أَن أُرى الدَهرَ باكِيا |
|
وَأَبعَدُ شَيءٍ مِنكَ ما فاتَ عَصرُهُ | |
|
| وَأَقرَبُ شَيءٍ مِنكَ ما كانَ جائِيا |
|
وَلَستُ بِخَزّانٍ لِمالٍ وَإِنَّما | |
|
| تُراثُ العُلى وَالفَضلِ وَالمَجدِ مالِيا |
|
وَإِتلافُ ما لي عَن حَياتي أَلَذُّ لي | |
|
| وَلا خَيرَ أَن يَبقى وَأُصبِحَ فانِيا |
|
وَإِنّي لَأَلقى راحَتي في تَقَنُّعي | |
|
| وَفي طَلَبِ الإِثراءِ طولَ عَنائِيا |
|
وَإِنِّيَ إِن أَلقى صَديقاً مُوافِقاً | |
|
| وَذَلِكَ شَيءٌ عازِبٌ عَن رَجائِيا |
|
وَإِنَّ غَريبَ القَومِ مَن عاشَ فيهِمُ | |
|
| وَليسَ يَرى إِلّا عَدُوّاً مُداجِيا |
|
وَأَكثَرُ مَن تَلقاهُ كَالسَيفِ مُرهَفاً | |
|
| عَلَيكَ وَإِن جَرَّبتَهُ كانَ نابِيا |
|
وَما أَنا إِلّا غِمدُ قَلبي فَإِن مَضى | |
|
| مَضَيتُ وَما لي مِنَّةٌ في مَضائِيا |
|
وَما حَمَلَتني العيسُ إِلّا مُشَمِّراً | |
|
| لِأَخرُقَ لَيلاً أَو لِأَقطَعَ وادِيا |
|
طَوارِحَ أَيدٍ في اللَيالي كَأَنَّها | |
|
| تُجاري إِلى الصُبحِ النُجومَ الجَوارِيا |
|
إِذا ما رَحَلناها مِنَ الصَيفِ لَيلَةً | |
|
| فَلا حَلَّ حَتّى يَنظُرَ النَجمَ رائِيا |
|
طَواهُنَّ طَيَّ السَيرِ في كُلِّ مُهمَهٍ | |
|
| وَرُحنَ خِماصاً قَد طَوَينَ المَوامِيا |
|
مَرَرنَ بِمَيّاسِ الثُمامِ وَحَزنِهِ | |
|
| خِفافاً كَأَطرافِ العَوالي نَواجِيا |
|
وَكَم جاوَزَت مِن رَملَةٍ ثُمَّ عاقِرٍ | |
|
| وَأُخرى يَضُفُّ الرَوضُ فيها الغَوادِيا |
|
وَمِن نَفَرٍ لا يَعرِفُ الضَيفَ كَلبُهُم | |
|
| وَيَسغَبُ حَتّى يَقطَعَ اللَيلَ عاوِيا |
|
تَهابُ النَدى أَيديهِمُ فَكَأَنَّما | |
|
| تُلاطِمُ مِن بَذلِ النَوالِ الأَثافِيا |
|
وَأَعلى الوَرى مَن وافَقَ الرُمحُ باعَهُ | |
|
| وَكانَ لَهُ في كِبَّةِ الخَيلِ ساقِيا |
|
وَأَشرَفُهُم مَن يُطلِقُ الكَفَّ بِالنَدى | |
|
| سَخِيّاً بِبَذلِ المالِ أَو مُتَساخِيا |
|
وَإِنَّ أَميرَ المُؤمِنينَ لَحابِسٌ | |
|
| رِكابِيَ أَن أَرمي بِها ما أَمامِيا |
|
مُعيني عَلى الأَيّامِ إِن غالَبَت يَدي | |
|
| وَإِن كُنتُ مَعدُوّاً عَلَيَّ وَعادِيا |
|
إِذا شِئتُ عَنهُ رِحلَةً حَطَّ جودُهُ | |
|
| حَقائِبَ أَذوادي وَرَدَّ المَثانِيا |
|
وَلَولاهُ ما اِنصانَت لِوَجهي طَلاوَةٌ | |
|
| وَلا كُنتُ إِلّا شاحِبَ اللَونِ طاوِيا |
|
جَريئاً أَروعُ الوَحشَ في كُلِّ ظُلمَةٍ | |
|
| وَأَخلِطُ بِالنَقعِ المَثارِ الدَياجِيا |
|
هُوَ السَيفُ إِن أَغمَدتَهُ كانَ حازِماً | |
|
| وَقوراً وَإِن جَرَّدتَهُ كانَ عادِيا |
|
لَهُ كُلَّ يَومٍ مَعرَكٌ إِن شَهِدتَهُ | |
|
| تَرى قُضُباً عوناً وَهاماً عَذارِيا |
|
يَضُمُّ عَليها جانِبَ النَقعِ بِالقَنا | |
|
| يُبادِرنَ قُدّامَ السُيوفِ التَراقِيا |
|
وَيُرسِلُ في الأَقرانِ كُلَّ خَفِيَّةٍ | |
|
| تَخالُ بِها طَيراً مِنَ الريحِ هافِيا |
|
وَيَثني جَواداً مِن دَمِ الطَعنِ ناعِلاً | |
|
| وَيُزجي نَجيباً مِن وَجى السَيرِ حافِيا |
|
تَسافَهُ في الغاراتِ أَشداقُ خَيلِها | |
|
| عَلى اللُجمِ حَتّى تَكرَعَ الماءَ دامِيا |
|
عَظيمٌ عَلى غَيظِ الرِجالِ مُحَسَّدٌ | |
|
| غَلوبٌ إِذا ما جاذَبوهُ المَعالِيا |
|
تُغاديهِ إِلّا في حَرامٍ مُغامِراً | |
|
| وَتَلقاهُ إِلّا عَن نَوالٍ مُحامِيا |
|
وَما قَضَباتُ السَبقِ إِلّا لِماجِدٍ | |
|
| سَعى فَاِحتَوى دونَ الرِجالِ المَساعِيا |
|
أَيا عَلَمَ الإِسلامِ وَالمَجدِ وَالعُلى | |
|
| رَضيناكَ مَهدِيّاً لِدينٍ وَهادِيا |
|
وَما حَمَلَتكَ الخَيلُ إِلّا رَدَدتَها | |
|
| عَنِ الرَوعِ حُمراً بِالدِماءِ قَوانِيا |
|
وَشُعثَ النَواصي يَتَّخِذنَ دَمَ الطُلى | |
|
| دِهاناً وَأَطرافَ العَوالي مَدارِيا |
|
وَغَيرُكَ يَقتادُ الجِيادَ لِغارَةٍ | |
|
| وَيُرجِعُها مُلسَ الجُلودِ كَما هِيا |
|
وَما الخَيلُ إِلّا أَن تَكونَ سَوابِقاً | |
|
| وَما الأُسدُ إِلّا أَن تَكونَ ضَوارِيا |
|
وتَترُكُ صُبحَ الجَهلِ يَغبَرُّ ضَوؤُهُ | |
|
| وَنَقعُكَ أَخّاذٌ عَلَيهِ الضَواحِيا |
|
بِيَومِ طِرادٍ يَصطَلي القَومُ تَحتَهُ | |
|
| بِنارِ الحَنايا وَالقَنا وَالمَواضِيا |
|
وَجُردٍ يُناقِلنَ الرِماحَ عَوابِساً | |
|
| وَيَرمينَ بِالعَدوِ القَطا وَالحَوامِيا |
|
خَوارِجَ مِن ذَيلِ الغُبارِ كَأَنَّها | |
|
| أَنامِلُ مَقرورٍ دَنا النارَ صالِيا |
|
بِكُلِّ سِنانٍ لا يَرى الدُرعَ جُنَّةً | |
|
| وَكُلِّ حُسامٍ لا يَرى البَيضَ واقِيا |
|
وَلا سِلمَ حَتّى يَخضِبَ الحَربُ أَرضَها | |
|
| وَيَغدو فَمُ البَيداءِ بِالنَقعِ راغِيا |
|
إِذا ما لَقيتَ الجَيشَ أَفنَيتَ جُلَّهُ | |
|
| رَدىً وَرَدَدتَ القافِلينَ نَواعِيا |
|
وَما كُلُّ مَن أَومى إِلى العِزِّ نالَهُ | |
|
| وَدونَ العُلى ضَربٌ يُدَمّي النَواصِيا |
|
إِلى كَم أُمَنّي النَفسَ يَوماً وَليلَةً | |
|
| وَتُعلِمُني الأَيّامُ أَن لا تَلاقِيا |
|
وَكَم أَنا مَوقوفٌ عَلى كُلِّ زَفرَةٍ | |
|
| عَليلُ جَوىً لَو أَنَّ ناساً دَوائِيا |
|
أَيَسنَحُ لي رَوضاً وَأُصبِحُ عازِباً | |
|
| وَيَعرِضُ لي ماءً وَأُصبِحُ صادِيا |
|
وَما أَنا إِلّا أَن أَراكَ بِقانِعٍ | |
|
| وَإِن كُنتَ جَرّاراً إِلَيَّ الأَعادِيا |
|
تَرَكتُ إِلَيكَ الناسَ طُرّاً وَكُلُّهُم | |
|
| يَتوقُ إِلى قُربي وَيَهوى مَقامِيا |
|
وَفارَقتُ أَقواماً كِراماً أَكُفُّهُم | |
|
| وَما ضِقتُ عَنهُم في البِلادِ مَلاقِيا |
|
وَيَمنَعُني مِن عادَةِ الشِعرِ أَنَّني | |
|
| رَأَيتُ لِباسَ الذُلِّ بِالمالِ غالِيا |
|
إِذا لَم أَجِد بُدّاً مِنَ السَيفِ شِمتُهُ | |
|
| وَفَقدِ ذَلولٍ أَركَبُ الصَعبَ ماشِيا |
|
فَإِن كُنتُ لا أَعلو عَلى عودِ مِنبَرٍ | |
|
| فَلَستُ أُلاقي غَيرَ مَجدِيَ عالِيا |
|
عَليكَ سَلامُ اللَهِ إِنّي لَنازِعٌ | |
|
| إِلَيكَ وَإِن لَم أُعطَ مِنكَ مُرادِيا |
|
وَدُمتَ دَوامَ الشَمسِ وَالبَدرِ في الدُنا | |
|
| تُجَدِّدُ أَيّاماً وَتَنضو لَيالِيا |
|