سَمِيْرَ الشِّعْرِ عَفْوَكَ يَا سَمِيْرُ
|
عَصِيَّاتٌ عَلَى سُفُنِي البُحُورُ
|
أُحَشِّمُ أَحْرُفِي فَتَفِرُّ مِنِّي
|
وَتَهْرُبُ مِنْ خُطَى قَلَمِي السُّطُوْرُ
|
تَوَسَّلْتُ القَرِيْحَةَ فَاسْتَهَانَتْ
|
بِصَوْتِي وَاسْتَخَفَّ بِيَ السَّعِيْرُ
|
وَكُنْتُ إِذَا أَشَرْتُ لَهَا أَتَتْنِي
|
كَجَارِيَةٍ أَشَارَ لَهَا أَمِيْرُ
|
تَسِيْرُ كَمَا أَشَاءُ فَلا طَوِيْلٌ
|
يُعَانِدُ إِنْ حََدَوْتُ وَلا قَصِيْرُ
|
لَهَا كِبَرٌ فَمَا عَرَفَتْ زِحَافاً
|
وَلا خَبْناً إِذَا طَالَ المَسِيْر
|
يُنَادِمُ نَارَهَا قَلْبِي . . فَحِيْناً
|
يُنِيْرُ بِهَا . . وَحِيْناً يَسْتَنِيْرُ
|
هُمَا ضِدَّانِ لَكِنْ فِي وِفَاقٍ
|
وَفَاقَ الجَمْرِ نَادَمَهُ البَخُوْرُ
|
سَمِيْرَ الشِّعْرِ عَفْوَكَ يَا سَمِيْرُ
|
حُقُوْلُ قَرِيْحَتِي ظَمْيَاءُ بُوْرُ
|
فَطُوْلُ تَغَرُّبٍ عَنْ نَبْعِ ضَادٍ
|
يَبُلُّ بِهِ حُشَاشَتَهُ الحَسِيْرُ
|
أَضَرَّ بِجَرْسِ حُنْجُرَةٍ صَدُوْحٍٍ
|
فَهَلْ لِيَبِيْسِ حُنْجُرَةٍ عَذِيْرُ؟
|
سَمِيْرَ الشِّعْرِ لا زَعْماً فُؤَادِي
|
وَقَدْ خَضَّبْتَهُ حُبًّا شَكُوْرُ
|
نَسَجْتَ مِنَ الرَّفِيْفِ لَهُ وِشَاحاً
|
حَوَاشِيْهِ الجَدَاوِلُ وَالزُّهُوْرُ
|
أَتَانِي وَالجَفَافُ يُشِلُّ عُشْبِي
|
فَضَاحَكَنِي القُرُنْفُلُ وَالغَدِيْرُ
|
لَبِسْتُ وَكَانَ مِنْ حَسَكٍ قَمِيْصِي
|
فَدَثَّرَنِي الزُّبُرْجُدُ وَالحَرِيْرُ
|
وَلَوْلا أَنَّ لِي وَطَناً سَجِيْناً
|
يَدُوْرُ عَلَيْهِ حَوْلَ السُّوْرِ سُوْرُ
|
وَأَهْلاً لا يُسَامِرُهُمْ أَمَانٌ
|
وَرَوْضَاً لا يَمُرُّ بِهِ العَبِيْرُ
|
نَصَبْتُ عَلَى ضِفَافِ اللَّيْلِ تَخْتاً
|
بِهِ يَنْسَى رَزَانَتَهُ الوَقُوْرُ
|
بَلَى ... لَطَمَتْ حَنَاجِرَهَا الأَغَانِي
|
وَشَقَّتْ زَيْقَ عِفَّتِهَا الخُدُوْرُ
|
وَسَدَّتْ بَابَها خَجَلاً شُمُوْسٌ
|
وَفَرَّتْ مِنْ هَوَادِجِهَا بُدُوْرُ
|
وَأَغْمَضَتِ الحُقُوْلُ العُشْبَ لَمَّا
|
تَعَطَّلَ فِي اليَنَابِيْعِ الخَرِيْرُ
|
رَأَتْ وَطَناً يُسَاقُ إِلَى جَدِيْدٍ
|
مِنَ البَلْوَى تُحِيْقُ بِهِ الشُّرُوْرُ
|
وَدِجْلَةَ غَادَةَ الأَنْهَارِ تُسْبَى
|
يَعِيْثُ بِهَا الغُزَاةُ وَلا مُجِيْرُ
|
فَلَوْ أَنَّ النَّخِيْلَ الشَّعْبَ حُرٌّ
|
طَلِيْقُ السَّعْفِ لَمْ يَسْجُنْهُ جُوْرُ
|
لَمَا وَلَغَتْ بِدِجْلَتِهِ ذِئَابٌ
|
وَلا رَاعَتْ عُيُوْنَ مَهَا جُسُوْرُ
|
أَذَلَّهُمَا بِسَوْطِ القَهْرِ طَاغٍ
|
خَلائِقُهُ الحَمَاقَةُ وَالغُرُوْرُ
|
وَجَلاَّدُوْنَ لَمْ يَنْبِضْ بِعِرْقٍ
|
لَهُمْ مَا طَالَتِ البَلْوَى شُعُوْرُ
|
أَشَاوِسُ فِي الوَعِيْدِ وَيَوْمَ غَزْوٍ
|
فَجِرْذَانٌ تَضِيْقُ بِهِمْ جُحُوْرُ
|
تَنَمَّرَتِ الخِرَافُ عَلَى حَبِيْسٍ
|
غَدَاةَ تَخَرَّفَتْ فِيْهِ النُّمُوْرُ
|
وَمَا جَنَحَ الشِّرَاعُ بِنَا وَلَكِنْ
|
رَبَابِنَةُ السَّفِيْنَةِ لا العَشِيْرُ
|
وَلا كَانَ الطَّرِيْقُ ضَرِيْرَ شَمْسٍ
|
وَلَكِنَّ الدَّلِيْلَ هُوَ الضَّرِيْرُ
|
رَأَى تِبْراً فَأَغْمَضَ عَيْنَ عَقْلٍ
|
وَكُرْسِيًّا فَزَاغَ بِهِ الضَّمِيْرُ
|
عَلَى رِيْشٍ يَسِيْرُ وَكَانَ يَوْماً
|
يَعِزُّ عَلَيْهِ فِي الكُوْخِ الحَصِيْرُ
|
كَفَرْتُ بِنِعْمَةِ التَّحْرِيْرِ يَأْتِي
|
بِهَا وَحْشٌ وَمُرْتَزِقٌ أَجِيْرُ
|
إِذَا أُسِرَ الذِّمَارُ فَكُلُّ أُنْثَى
|
بِهِ أَمَةٌ وَكُلُّ فَتَىً أَسَِيْرُ
|
أَدُجِّنَتِ الكَرَامَةُ؟ أَيُّ عِزٍّ
|
لأَرْضِ النَّخْلِ يَحْكُمُهَا سَفِيْرُ؟
|
مَشَيْنَاهَا وَمَا كُتِبَتْ عَلَيْنَا
|
بَرِيْءٌ مِنْ تَخَاذُلِنَا القَدِيْرُ
|
وَلِي عُذْرِي إِذَا يَبِسَتْ حُرُوْفِي
|
عَلَى شَفَتِي وَجَفَّ صَدَىً أَثِيْرُ
|
تَقَرَّحَتِ الرَّبَابَةُ ... وَالمَرَايَا
|
مُقَرَّحَةٌ ... وَخُبْزِي وَالنَّمِيْرُ
|
أَيُغْوِي سَعْفُهُ المَحْرُوْقُ طَيْراً
|
نَخِيْلٌ؟ وَالعَصَافِيْرَ القُبُوْرُ؟
|
هَرَبْتُ إِلَيْهِ مِنِّي بَعْدَ عَشْرٍ
|
وَنِصْفِ العَشْرِ فَارَقَهَا الحُبُوْرُ
|
رَأَيْتُ النَّخْلَ مِثْلَ بَنِيْهِ يَبْكِي
|
فَيَمْسَحُ دَمْعَ سَعْفَتِهِ الهَجِيْرُ
|