نسالمُ هذا الدهرَ وهو لنا حَرْبُ | |
|
| ونعتُبُ والأيامُ شيمَتُها العَتْبُ |
|
ونَخطُبُ صُلحَ النَّائباتِ ولم يزَل | |
|
| لأنفسِنا من خَطْبِها أبداً خَطْبُ |
|
تَهُمُّ بنا أفراسُها وسيوفُها | |
|
| فلا هذه تَكبو ولا هذه تَنبو |
|
وكنا نعُدُّ المَشرفيَّةَ والقَنا | |
|
| حصوناً إذا هزَّت مضاربَها الحربُ |
|
فلما مَضى المِقدارُ قلَّ غناؤها | |
|
| فلم يمضِ حَدٌّ من ظُباها ولا غَرْبُ |
|
تبلَّدَ هذا الدهرُ فيما نرومُه | |
|
| على أنَّه فيما نحاذرُه نَدْبُ |
|
فسَيْرُ الذي يرجوه سَيْرُ مُقيَّدٍ | |
|
| وسيرُ الذي يَخشى غوائلَه وَثْبُ |
|
إذا فاجأتْنا الحادثاتُ بمصرَعٍ | |
|
| فليس سِوى الجَنْبِ الكريمِ لنا جَنْبُ |
|
فعَزِّ الأميرَ التَّغِلِبيَّ ورهطَه | |
|
| بمن غَرَبَتْ عنه الغَطارفَةُ الغُلْبُ |
|
بسِّيدَةٍ عمَّت صنَائِعُها الوَرَى | |
|
| فأعربَ عن معروفِها العُجْمُ والعُرْبُ |
|
ومُشرِفَةِ الأفعالِ لم يَحوِ مثَلها | |
|
| إذا عُدِّدَ النِّسوانُ شرقٌ ولا غَربُ |
|
تَساوَتْ قلوبُ الناسِ في الحُزْنِ إذ ثَوَتْ | |
|
| كأنَّ قلوبَ الناسِ في موتِها قَلْبُ |
|
وكانَتْ سهولُ الأرضِ دونَ هِضابِها | |
|
| فلما حَواها السَّهلُ ذَلَّ له الصَّعبُ |
|
فإن كانَ فيمن غَيَّبَ التُّرْبُ تِربُها | |
|
| فمريمُ من دونِ النساءِ لها تِربُ |
|
وطُوبى لماءِ المُزنِ لو أنَّ ظهرَها | |
|
| لرَيَّقِه ما فاضَ رَيِّقُه السَّكبُ |
|
وأقسِمُ لو زادَتْ على المِسكِ تُربةٌ | |
|
| لزادَ على المِسكِ الذكيِّ بها التُّربُ |
|
فضائلُ يُنفِذنَ الثَّناءَ كأنما | |
|
| ثَناءُ ذواتِ الفضلِ من حُسنِها ثَلْبُ |
|
لقد جاورَت من قومِ يُونُسَ مَعْشراً | |
|
| أحبَّت بروحٍ لا يجاورُه كَرْبُ |
|
فقد بردَت تلك المضاجعُ منهم | |
|
| فأشرقَ ذاك النُّورُ فيها فما يخبو |
|
فللهِ ما ضَمَّ الثَّرى من عَفافِها | |
|
| وما حَجَبْتها من طهارتِها الحُجُبُ |
|
لَئِن كان وادي الحُصنِ رحباً لقد ثوى | |
|
| بعَرصَتِه المعروفُ والنائلُ الرَّحبُ |
|
وإن عَذُبَتْ رَيَّاه أو طابَ نَشرُه | |
|
| فقد مَلَّ في بطحائها الكرَمُ العَذْبُ |
|
عَجِبْتُ له أنّي تضمَّنَ مثلَها | |
|
| ولا كِبَرٌ يَعروه ذاك ولا عُجْبُ |
|
ولو عَلِمَت بطحاؤُّه ما تضمَّنَت | |
|
| تطاولَتِ البطحاءُ وافتخرَ الشَّعبُ |
|
تُذالُ مصوناتُ الدموعِ إزاءَها | |
|
| وتَمشي حُفاةً حولَها الرَّجْلُ والرَّكْبُ |
|
فلا زالَ رَطْبُ الرَّوضِ من رَيِّقِ النَّدى | |
|
| كأنَّ النَّدى من فوقِه الُّلؤلُّؤ الرَّطْبُ |
|
أبا تغلِبٌ صبراً وما زلتَ صابراً | |
|
| إذا زَلَّ حَزمٌ ثابتٌ أو هَفا لُبُّ |
|
فقد أعقبَتْ منكم أُسودَ شجاعةٍ | |
|
| وكم مُعقبٍ في الناسِ ليسَ له عُقْبُ |
|
وأنتم جَنابُ المكرُماتِ ولم يكن | |
|
| لتهفو رواسيها وإن عَظُمَ الخَطْبُ |
|
فكلُّ حياً للجودِ أنتم سَحابُه | |
|
| وكلُّ رحىً للحربِ أنتم لها قُطبُ |
|
ولو أنه غيرُ الحمامِ صَببتُم | |
|
| عليه سَحاباً قَطْرُهُ الطَّعنُ والضَّربُ |
|
أرى أرضَكم أضحتْ سماءً بعزِّكم | |
|
| فأنتم لها الأقمارُ والأنجمُ الشُّهبُ |
|
تموتُ عِداكم قبلَ سَلِّ سيوفِكم | |
|
| ويَفنيهِمُ من قبلِ حَربِكمُ الرُّعبُ |
|
وكيفَ تنالُ الحربُ منكم وإنما | |
|
| بأمركم تمضي العواملُ والضَّربُ |
|
إذا أنتَ كاتبتَ العِدا مُثِّلت لها | |
|
| ظُباكَ فنابت عن كتائِبك الكُتْبُ |
|
دعانا الأميرُ التغلبيُّ إلى النَّدى | |
|
| فنحن له شَرْبُ النَّدى وهو الشُّربُ |
|
نصاحبُ أياماً له عَدَوِيَّةً | |
|
| محاسنُ أيامِ الشبابِ لها صَحْبُ |
|
هو الغيثُ نال الخافقَينِ نوالُه | |
|
| إلى أن تساوَى عندَه البُعْدُ والقُرْبُ |
|
يزورُ النَّدى زُوَّارَه متواتراً | |
|
| عليهم وزُوّارُ الحَيا أبداً غِبُّ |
|
أأعداءَه كفُّوا فإنَّ نصيبَكم | |
|
| إذا رمتُمُ إدراكَ غايتِه النَّصْبُ |
|
وليس على البحر الذي راح زاخرا | |
|
| ملام إذا لم ترو ورادها القلب |
|
وهل يستوي عذْبُ المياهِ ومِلحُها | |
|
| وهل يتكافا الخِصبُ في الأرضِ والجَدبُ |
|
فإن عَجِزَ الأقوامُ أو بانَ نقصُهم | |
|
| فليس لمن بانَتْ فضيلتُه ذَنبُ |
|
رأيتُكَ طِبّاً للقريضِ ولم يكن | |
|
| ليَنظِمَه إلا الخبيرُ به الطِّبُّ |
|
ولا بدَّ أن أشكو إليك ظُلامةً | |
|
| وغارةَ مِغوارٍ سجيَّتُه الغَضْبُ |
|
تخيَّلَ شِعري أنه قَومُ صالحٍ | |
|
| هلاكاً وأن الخالديَّ له السَّقْبُ |
|
رعَى بين أعطانٍ له ومَسارحٍ | |
|
| ولم تَرْعَ فيهنَّ العِشارُ ولا النُّجبُ |
|
وكان رياضاً غضَّةً فتكدَّرَتْ | |
|
| موارِدُها واصفرَّ في تُربها العُشبُ |
|
يُسَاقُ إلى الهُجْنِ المَقَارِفِ حَلْيُهُ | |
|
| وَتُسْلَبُهُ الغُرُّ المحجَّلةُ القُبُّ |
|
غُصِبْتُ على ديباجِه وعُقودِه | |
|
| فديباجُه غَصبٌ وجوهرُه نَهبُ |
|
وأبكارُها شَتَّى أذيلَ مَصونُها | |
|
| وريعَت عَذارها كما رُوِّع السِّربُ |
|
يعرِّيكُمُ من عَصبِه وبُرودِه | |
|
| عصائبَ شَتَّى لا يَليقُ بها الغَصبُ |
|
فإن رِيعَ سِربي أو تُمرِّدَ دونَه | |
|
| ولم يُنجِني منه الحمايةُ والذَّبُّ |
|
فعندي هِناءٌ للعدوِّ يُهِينُه | |
|
| إذا اختلفتْ منه خلائقُه الجُربُ |
|
فكنتُ إذا ما قلتُ شِعْراً حدَت به | |
|
| حُداةُ المطايا أو تغنَّت به الشَّربُ |
|