شَبابُ المَرءِ ثَوبٌ مُستعارُ | |
|
| وأيامُ الصِّبا أبداً قِصارُ |
|
طوَى الدَّهْرُ الجديدَ من التَّصابي | |
|
| وليسَ لِمَا طوى الدَّهرُ انتشارُ |
|
ولم نُعْطَ المُنى في القُرْبِ منه | |
|
| فكَيفَ بها وقد شَطَّ المَزارُ |
|
صدودٌ في التَّقارُبِ واجتِنابٌ | |
|
| وشوقٌ في التَّباعُدِ وادِّكارُ |
|
يَطولُ إذا تَقاصَرَتِ الَّليالي | |
|
| ويقرُبُ إنْ تباعَدَتِ الدِّيارُ |
|
لَحى اللهُ العِراقَ وساكِنيهِ | |
|
| فما للحُرِّ بينَهُمُ قَرارُ |
|
وجادَ المَوصِلَ الغَرَّاءَ غَيْثٌ | |
|
| يَجودُ وللبروقِ به انسفارُ |
|
كما انهلَّتْ مَدامِعُ مُستَهامٍ | |
|
| تلهَّبُ منه في الأحشاءِ نارُ |
|
ففي أيامِها حَسُنَ التَّصابي | |
|
| وفي أفيائِها خُلِعَ العِذارُ |
|
لياليَ كان لي في كلِّ يومٍ | |
|
| إلى الحاناتِ حَجٌّ واعتمارُ |
|
فعَنْ ذِكرِ القيامَةِ بي صُدودٌ | |
|
| وعن ساحِ المساجدِ بي نِفارُ |
|
ولي خِدْنانِ همُّهما المعالي | |
|
| وشأُنهما السَّكينةُ والوَقارُ |
|
وساقٍ تَضحَكُ الدُّنيا إليه | |
|
| إذا ضَحِكَتْ بِكَفَّيْهِ العُقارُ |
|
يَطوفُ بها وقد حَمَلَتْ حَباباً | |
|
| كما حملَ السَّقيطَ الجُلَّنارُ |
|
كأنَّ الشَّرْبَ ينتهبونَ ناراً | |
|
| لها لَهَبٌ وليس لها شَرارُ |
|
رأى الدهرُ اجتماعَ الشَّمْلِ مِنّا | |
|
| فشتَّتَه وللدَّهرِ الخِيَارُ |
|
وبَدَّلَني بأخدانِ المعالي | |
|
| أُناساً فِعلُهُم شَيْنٌ وعَارُ |
|
مَشَاجِبُ لستُ أغشاهُم ولا لي | |
|
| من الأيامِ بينَهُمُ انتصارُ |
|
هم شجرٌ من التمويهِ أكدَى | |
|
| فلا ظِلٌّ لدَيْهِ ولاثِمارُ |
|
|
|
ومقصورُ النَّدى قَصُرَتْ يَداه | |
|
| فلا نَفعٌ لَدَيْهِ ولا ضِرارُ |
|
ومعتصِبٌ بتاجِ المُلكِ فيهِ | |
|
| إلى مَنْ رامَ نائلَهُ افتقارُ |
|
أسيرٌ في يدِ الأيامِ راضٍ | |
|
| بما يجري به الفلَكُ المُدارُ |
|
إذا حكَمَ العبيدُ عليه فاضَتْ | |
|
| لفَرْطِ الذُّلِّ أدمُعُه الغِزارُ |
|
فما يَخْشى سَطاه الدهرَ جانٍ | |
|
| ولا يَرجو نَداه الدهرَ جارُ |
|
أَ أَقعُدُ بالعراقِ أسيرَ دَهْرٍ | |
|
| غريباً لا أزورُ ولا أُزارُ |
|
وفي غَربيِّ دِجلةَ لي محلٌّ | |
|
| جِوارُ المِكرُماتِ له جِوارُ |
|
وسيِّدُ مَعشَرٍ كَرُموا وسادوا | |
|
| يُجيرُ على الخُطوبِ ويُستَجارُ |
|
يَهُزُّ على النوائبِ منه عَضباً | |
|
| حُساماً لا يُفَلُّ له غِرارُ |
|
له من جَوهَرِ الآدابِ حَلْيٌ | |
|
| وللأسيافِ حَلْيٌ مُستَعارُ |
|
تَشبَّهَ في الفِعالِ به أُناسٌ | |
|
| وأنَّى يُشبِهُ الشَّبهَ النُّضارُ |
|
جلَتْ عَزَماتُه نُوَبَ اللَّيالي | |
|
| كما يجلو دُجى اللَّيلِ النَّهارُ |
|
وشادَ المجدَ بالأفضالِ حتَّى | |
|
| تناهَى في العُلوِّ به الفَخارُ |
|
فما فيه عن المعروفِ مَنعٌ | |
|
| ولا فيه عن الحَمْدِ ازوِرارُ |
|