بِعَيشِكُما يا صاحِبَيَّ دَعانِيا | |
|
| عَشيّةَ شامَ الحيُّ بَرقاً يَمانِيا |
|
وإن كُنتُما لا تُسْعِدانِ على البُكا | |
|
| فلا تَعذُلا صَبّاً يُحيّي المَغانِيا |
|
وما خِلْتُ أنّ البَرقَ يَكْلَفُ بالنّوى | |
|
| ولَمْ أتّهِمْ إلا القِلاصَ النّواجِيا |
|
ونحنُ رَذايا الحُبِّ لمْ نَلْقَ حادِثاً | |
|
| مِنَ الخَطْبِ إلا كان بالبينِ قاضِيا |
|
وصارَ الهوى فينا على رَأيِ واحِدٍ | |
|
| إذا ما أمِنَّا عَذْلَهُ عادَ واشِيا |
|
فما يَبْتَغي فينا الهَوادَةَ كاشِحٌ | |
|
| ولا نَعرِفُ الإخْوانَ إلا تَماريا |
|
كأنَّ بِنا مِنْ رَوعةِ البَينِ حَيرَةً | |
|
| نُحاذِرُ عَيناً أو نُصانِعُ لاحِيا |
|
تُرَدُّ على أعقابِهنَّ دُموعُنا | |
|
| وقد وَجدَتْ لولا الوُشاةُ مَجاريا |
|
لكَ اللهُ مِنْ قَلبٍ عَزيزٍ مَرامُهُ | |
|
| إذا رُعْتَهُ استَشْرى على الضَّيْم آبِيا |
|
دعاهُ الهَوى حتى استُلين قِيادُهُ | |
|
| وأيُّ مُجيبٍ لَو حَمِدْناهُ داعِيا |
|
ونَشوانَةِ الألْحاظِ يَمْرَحْنَ بالصِّبا | |
|
| مِراضاً فإنْ ولّى خَلَقْنَ التّصابيا |
|
أباحَتْ حِمىً كانَتْ مَنيعاً شِعابُهُ | |
|
| فما لِسِواها فَضْلَةٌ في فُؤادِيا |
|
ورَكْبٍ كخيطانِ الأراكِ هَدَيْتُهُمْ | |
|
| وقد شغَلَ التّهْويمُ مِنهُمْ مآقِيا |
|
إذا اضطَربوا فَوقَ الرِّحالِ حَسِبتَهُمْ | |
|
| وقد لفظَ الفَجرَ الظّلامُ أفاعِيا |
|
وإنْ عَرَّسُوا خَرُّوا سُجوداً على الثَّرى | |
|
| عَواطِفَ مِنْ أيدٍ تَطولُ العَوالِيا |
|
حَدَوْتُ بِهمْ أُخرى المَطيِّ ولمْ أكُنْ | |
|
| لِصَحْبيَ لولا حُبُّ ظَمياءَ حادِيا |
|
ولكنَّ ذِكْراها إذا الليلُ نُشِّرَتْ | |
|
| غَدائِرُهُ تُملي عليَّ الأغانِيا |
|
وإنَّ دُوَيْنَ القاعِ من أرضِ بِيشَةٍ | |
|
| ظِباءً يُخاتِلْنَ الأُسودَ الضَّوارِيا |
|
إذا سَخِطَتْ أُزْرٌ عليْهِنَّ تَلتَوي | |
|
| وَجَدْنا إزارَ العامريّةِ راضِيا |
|
وما مُغْزِلٌ فاءتْ إِلى خُوطِ بانَةٍ | |
|
| نَأتْ بِمجانِيها عَنِ الخِشْفِ عاطِيا |
|
تَمُدُّ إليها الجِيدَ كَيما تَنالَهُ | |
|
| ويا نُعْمَ مَلفَى العَيشِ لو كانَ دانِيا |
|
فَناشَتْ بِغُصْنٍ كالذُّؤابَةِ أصبَحَتْ | |
|
| تُقَلِّبُ بالرَّوقَيْنِ فيها مَدارِيا |
|
بِرابيةٍ والرّوْضُ يَصْحو ويَنْتَشي | |
|
| يظَلُّ علَيها عاطِلُ التُربِ حالِيا |
|
فمالَتْ إِلى ظِلِّ الكِناسِ وصادَفَتْ | |
|
| طَلاً تَتَهاداهُ الذِّئابُ عَوادِيا |
|
فوَلّتْ حِذاراً تستَغيثُ من الرّدى | |
|
| بأظْلافها والليلُ يُلْقي المَراسِيا |
|
فلمّا استنارَ الفَجرُ يَنفُضُ ظِلَّهُ | |
|
| كَما نَثَرَتْ أيدي العَذارى لآلِيا |
|
وَفاهَ نَسيمُ الرّيحِ وهْيَ عَليلَةٌ | |
|
| بَنَشْرِ الخُزامَى تَرضَعُ الغَيثَ غادِيا |
|
قَضَتْ نَفَسا يَطغى إذا رَدَّ غَرْبَهُ | |
|
| إِلى صَدرِهِ الحَرَّانُ رامَ التَّراقِيا |
|
بأبْرَحَ مني لوْعَةً يومَ ودَّعَتْ | |
|
| أمَيمَةُ حُزْوى واحتَلَلْنا المَطالِيا |
|
أتَتْ بَلَداً يَنسى به الذِّئْبُ غَدْرَهُ | |
|
| وإنْ ضَلَّ لمْ يَتبَعْ سوى النّجمِ هاديا |
|
فيا جَبَلَ الرَّيانِ أينَ مَوارِدٌ | |
|
| تَرَكْتُ لها ماءَ الأُنَيْعِمِ صادِيا |
|
وقد نَبَذَتْ عَيني إِلى الناسِ نَظْرَةً | |
|
| كما يَتّقي الظَّبْيُ المُرَوَّعُ رامِيا |
|
كِلا ناظِرَيْهِ نَحْوَهُ مُتَشاوِسٌ | |
|
| يُعاتِبُ لَحْظاً رَدَّهُ الرُّعْبُ وانِيا |
|
فلمْ تَرْضَ إلا مَنْ يَحُلُّكَ مِنهُمُ | |
|
| أظُنُّ أَديمَ الأرضِ بَعدَكَ عارِيا |
|
تَغَيّرَتِ الأحياءُ إلا عِصابةً | |
|
| سقاها الحَيا قَوماً وحُيِّيَتَ وادِيا |
|
ذَكَرتُ لهمْ تِلكَ العُهودَ لأنَّني | |
|
| نَسيتُ بِهِمْ رَيْبَ الزّمانِ لَيالِيا |
|
وعَيْشاً نَضا عَنْ مَنْكِبيَّ رِداءَه | |
|
| فِراقٌ يُعاطي الحادِثاتِ زِمامِيا |
|
تَذَكّرْتُهُ والليلُ رَطْبٌ ذُيولُهُ | |
|
| فَما افْتَرَّ إلا عَن بَنانِيَ دامِيا |
|
وقَد أستَقيلُ الدَّهْرَ مِنْ رَجْعَةِ الغِنى | |
|
| إذا لمْ يُعِدْ تِلكَ السنينَ الخَوالِيا |
|
وأذعَرُ بالعِزِّ الإِمامِيِّ صَرْفُهُ | |
|
| مَخافَةَ أنْ يَقتادَ جاريَ عانِيا |
|
بأَروعَ مِن آلِ النَّبيِّ إذا انْتَمى | |
|
| أفاضَ على الدُّنيا عُلاً ومساعِيا |
|
تُسانِدُ أدناها النّجومَ وتَنْثَني | |
|
| إذا رُمْنَ أقصاهُنَّ شأواً كوابِيا |
|
أضاءَتْ مَساري عِرقِهِ حين فُتِّشَتْ | |
|
| مَناسِبُ قومٍ فانتعَلْنَ الدَّياجِيا |
|
إذا افْتَخَرَتْ عُليا كِنانَةَ والْتَقَتْ | |
|
| على غايةٍ في المَجْدِ تُعْيِي المُسامِيا |
|
دَعا الحَبْرَ والسَّجَّادَ فابْتَدَر المَدى | |
|
| وخاضَ إِلى ساقي الحَجيج النّواصِيا |
|
وحازَ مِن الوادي البِطاحِيِّ سِرَّهُ | |
|
| وحَلّتْ قريشٌ بعدَ ذاكَ المَحانِيا |
|
مِنَ القَومِ يُلفي الرّاغِبونَ لَدَيهِمُ | |
|
| مَكارِمَ عبّاسِيَّةً وأيادِيا |
|
يَروحُ إليهمْ عازِبُ الحَمْدِ وافياً | |
|
| ويَغْدو عَليهمْ طالِبُ الرِّفْدِ عافِيا |
|
إذا عَدَّ تلكَ الأوّليَّةَ فاخِرٌ | |
|
| أرَتْهُ مَساعي الآخِرينَ مساوِيا |
|
ومُحتَجِبٍ بالعزِّ مِن خَيرِهمْ أباً | |
|
| زَجَرْتُ إليه المُقْرَباتِ المَذاكِيا |
|
إِلى المُقتدِي بالله والمُقتَدى بهِ | |
|
| طَوَيْنَ بِنا طيَّ الرِّداء الفَيافِيا |
|
وَلُذْنا بأطرافِ القَوافي وحَسْبُنا | |
|
| مِنَ الفَخرِ أنْ نُهدي إليه القَوافِيا |
|
ولَم نتَكلَّفْ نَظْمَهُنَّ لأنّنا | |
|
| وجَدْنا المعالي فاخْتَرعْنا المَعانِيا |
|
أيا وارِثَ البُرْدِ المُعَظَّمِ رَبُّهُ | |
|
| بَلغْنا المُنى حتى اقْتَسَمْنا التَّهانِيا |
|
هَنيئاً لذُخْرِ الدّينِ مَقْدَمُ ماجِدٍ | |
|
| سَيُصْبِحُ ذُخْراً للخِلافةِ باقِيا |
|
تَبلَّجَ مَيمونَ النّقِيبةِ سابِقاً | |
|
| يُراقبُ مِن عِرْقِ النُّبوَّةِ تالِيا |
|
فَكُل سَريرٍ يَشْرَئِبُّ صَبابةً | |
|
| إليه وَيثني العِطْفَ نَشوانَ صاحِيا |
|
وتَهْتَزُّ مِن شوقٍ إليهِ منابِرٌ | |
|
| أطالَتْ بِه أعوادُهُنَّ التَّناجِيا |
|
فَلا بَرِحَتْ فيكمْ تَنوءُ بخاطِبٍ | |
|
| ولا عَدِمَتْ مِنكمْ مَدى الدَّهْرِ راقِيا |
|