الوِرْدُ يَبْسِمُ والرَّكائِبُ حُوَّمُ | |
|
| والسَّيفُ يَلمَعُ والصَّدى يَتضَرَّمُ |
|
بَخِلَ الغَيُورُ بِماءِ لِينَةَ فاحْتَمى | |
|
| بِشَبا أسِنِّتِهِ الغَديرُ المُفْعَمُ |
|
والرَّوضُ ألبَسَهُ الرَّبيعُ وشَائِعاً | |
|
| عُنِيَ السِّماكُ بِوَشْيِها والمِرْزَمُ |
|
تُثْني رُباهُ على الغَمامِ إذا غَدا | |
|
| عافِي النَّسيمِ بِسِرِّها يتكَلَّمُ |
|
حَيْثُ الغُصونُ هَفا بِها ولَعُ الصَّبا | |
|
| وخَلا الحَمامُ بِشَجْوِهِ يترَنَّمُ |
|
وأُميلُ مِنْ طَرَبٍ إلَيهِ مَسامِعاً | |
|
| يَشكو لَجاجَتَها إليَّ اللُّوَّمُ |
|
فَبكى ولَم أرَ عَبْرَةً مَسْفوحَةً | |
|
| أكذاكَ يَبْخَلُ بالدُّموعِ المُغْرَمُ |
|
ولَقَد بَكَيْتُ فلَو رأيتَ مَدامِعي | |
|
| لعَلِمْتَ أيُّ الباكِيَيْنِ مُتَيَّمُ |
|
شَتّانَ ما وَجْدي ووَجْدُ حَمامَةٍ | |
|
| تُبْدي الصَّبابَةَ في الحَنينِ وأكْتُمُ |
|
وأزورُ إذْ ظَعَنَ الخَليطُ مَنازِلاً | |
|
| نَحِلَتْ بِهِنَّ كما نَحِلْتُ الأرْسُمُ |
|
كَمْ وَقْفَةٍ مَيْلاءَ في أثْنائِها | |
|
| شَوْقٌ إِلى طَلَلٍ بِرامَةَ يُرْزِمُ |
|
عَطَفَتْ رَكائِبُنا إِلى عَرَصاتِهِ | |
|
| وعلى الجُنَينَةِ نَهْجُهُنَّ المُعْلَمُ |
|
وذَكَرْتُ عَصْراً أسْرَعَتْ خُطُواتُهُ | |
|
| والعَيْشُ أخْضَرُ والحَوادِثُ نُوَّمُ |
|
فَوَدِدْتُ أنَّ شَبيبتي ودَّعْتُها | |
|
| وأقامَ ذاكَ العَصْرُ لا يتَصَرَّمُ |
|
لفَظَتْ أحِبَّتَنا البلادُ فَمُعْرِقٌ | |
|
| تُدمي جَوانحَهُ الهُمومُ ومُشْئِمُ |
|
أزُهَيرُ إنَّ أخاكَ في طلَبِ العُلا | |
|
| أدْنى صَحابَتِهِ الحُسامُ المِخْذَمُ |
|
خاضَتْ بهِ ثُغَرَ الفَيافي والدُّجَى | |
|
| خُوصٌ نَماهُنَّ الجَديلُ وشَدْقَمُ |
|
يَجْتابُ أرْدِيَةَ الظّلامِ بِمَهْمَهٍ | |
|
| يَنْسى الصَّهيلَ بهِ الحِصانُ الأدْهَمُ |
|
ويَضيقُ ذَرْعُ المُهْرِ أن لا يَنْجَلي | |
|
| لَيلٌ بأذْيالِ الصَّباحِ يُلَثَّمُ |
|
ولَهُ إِلى الغَرْبِ التِفاتَةُ وامِقٍ | |
|
| يُمْري تَذَكُّرُهُ الدُّموعَ فتَسْجُمُ |
|
وكأنَّهُ مِمَّا يُميلُ بِطَرْفِهِ | |
|
| قِبَلَ المَغارِبِ بالثُّريَّا مُلْجَمُ |
|
عَتَقَتْ علَيَّ ألِيَّةٌ سَيُبِرُّها | |
|
| هَمٌّ بِمُعْتَرَكِ النُّجومِ مُخَيِّمُ |
|
والليلُ يوطِئُ مَن تُؤرِّقُهُ المُنى | |
|
| خَدّاً بأيدي الأرْحَبِيَّةِ يُلطَمُ |
|
لَتُشارِفَنَّ بيَ المَوامي أيْنُقٌ | |
|
| هُنَّ الحَنِيُّ ورَكْبُهُنَّ الأسْهُمُ |
|
وأُفارِقَنَّ عِصابَةً مِنْ عامِرٍ | |
|
| يَضْوَى بِصُحبَتِها الكَريمُ ويَسْقَمُ |
|
فسَدَ الزَّمانُ فليسَ يأمَنُ ظُلْمَهُ | |
|
| أهْلُ النُّهى وبَنوهُ مِنهُ أظْلَمُ |
|
أينَ التَفَتَّ رأيتَ مِنهُمْ أوْجُهاً | |
|
| يشقى بهنَّ النّاظِرُ المُتَوسِّمُ |
|
وأضَرُّهُمْ لكَ حينَ يُعضِلُ حادِثٌ | |
|
| بالمَرْءِ مَنْ هوَ في الصّداقَةِ أقْدَمُ |
|
ومَتى أسَأْتَ إليهِمُ وخَبِرتَهُمْ | |
|
| أُلْفِيتَ بعدَ إساءَةٍ لا تَندَمُ |
|
نَبَذوا الوَفاءَ معَ الحَياءِ وراءَهُمْ | |
|
| فهُمُ بِحَيْثُ يَكونُ هذا الدِّرْهَمُ |
|
وعَذَرْتُ كُلَّ مُكاشِحٍ أُبْلَى بِهِ | |
|
| فبَليَّتي مِمَّنْ أُصاحِبُ أعْظَمُ |
|
مَذِقُ الوِدادِ فَوَجْهُهُ مُتَهلِّلٌ | |
|
| لِمكيدَةٍ وضَميرُهُ مُتَجَهِّمُ |
|
يُبدي الهَوى ويَسُورُ إنْ عَرَضَتْ لهُ | |
|
| فُرَصٌ عليَّ كَما يَسورُ الأرْقَمُ |
|
ويَرومُ نَيلَ المَكْرُماتِ ودونَها | |
|
| أمَدٌ بهِ انْتَعَلَ النَّجيعَ المَنْسِمُ |
|
فزَجَرْتُ مَن جَلَبَ الجِيادَ إِلى مَدًى | |
|
| يَعْنو لِحاسِرِ أهْلِهِ المُسْتَلئِمُ |
|
ورَحِمْتُ كُلَّ فَضيلَةٍ مَغْصوبَةٍ | |
|
| حتّى القَريضَ إذا ادَّعاهُ المُفْحَمُ |
|
ولَوِ اسْتَطَعْتُ رَدَدْتُ مَن يَعْيَى بهِ | |
|
| عنهُ مَخافَةَ أنْ يُلَجْلِجَهُ فَمُ |
|
لا تُخْلِدَنَّ إِلى الصّديقِ فإنّهُ | |
|
| بِكَ مِنْ عَدوِّكَ في المَضَرَّةِ أعْلَمُ |
|
يَلقاكَ والعسَلُ المُصَفَّى يُجْتَنَى | |
|
| مِن قَولِهِ ومنَ الفَعالِ العَلْقَمُ |
|
هذا ورُبَّ مُشاحِنٍ عَلِقَتْ بهِ | |
|
| شَمْطاءُ تُلْقِحُها الضَّغائِنُ مُتْئِمُ |
|
فحَلُمْتُ عنهُ وباتَ يَشْرَبُ غَيظَهُ | |
|
| جُرَعاً ولُزَّ بمِنخَرَيهِ المَرْغَمُ |
|
وأنا المَليءُ بِما يَكُفُّ جِماحَهُ | |
|
| ويَرُدُّ غَرْبَ الجَهلِ وهْوَ مُثَلَّمُ |
|
فلقد صَحِبْتُ أُزَيهِرَ بنَ مُحَلِّمٍ | |
|
| حيثُ السّيوفُ يَبُلُّ غُلَّتَها الدَّمُ |
|
والخَيْلُ شُعْثٌ والرِّماحُ شوارِعٌ | |
|
| والنّقْعُ أكْدَرُ والخَميسُ عَرَمْرَمُ |
|
فرأيتُهُ يَسَعُ العُداةَ بِعَفْوِهِ | |
|
| وتُجيرُ قُدْرَتُهُ عَليهِ فَيَحْلُمُ |
|
ويَوَدُّ كلُّ بَريءِ قَومٍ أنَّهُ | |
|
| مِمّا يَمُنُّ بهِ عليْهِمْ مُجرِمُ |
|
وأفَدْتُ مِنْ أخلاقِهِ ونَوالِهِ | |
|
| مِنَحاً يَضِنُّ بها السَّحابُ المُرْهِمُ |
|
وإذا أغامَ الخَطْبُ جابَ ضَبابَهُ | |
|
| شَمْسُ الضُّحى وسَطا عَليهِ الضَّيْغَمُ |
|
ومَتى بَدا واللّيلُ ألْمَى رَدَّهُ | |
|
| بِالبِشْرِ فهْوَ إذا تبلَّجَ أرْثَمُ |
|
مَلِكٌ يُكِلُّ غَداةَ يُطلَبُ شَأوُهُ | |
|
| مُقَلاً يُصافِحُها العَجاجُ الأقتَمُ |
|
بشَمائِلٍ مُزِجَ الشِّماسُ بِلينِها | |
|
| كالماءِ أُشْرِبَهُ السِّنانُ اللَّهْذَمُ |
|
ومَناقِبٍ لا تُرتَقَى هَضَباتُها | |
|
| نَطَقَ الفَصيحُ بفَضْلِها والأعْجَمُ |
|
إنْ لُحْنَ والشُّهْبُ الثّواقِبُ في الدُّجى | |
|
| لمْ يَدْرِ سارٍ أيُّهُنَّ الأنْجُمُ |
|
يا بْنَ الإِلى سَحَبوا الرِّماحَ إِلى الوغَى | |
|
| ولدَيْهِ يَغْدرُ بالبَنانِ المِعْصَمُ |
|
يتَسرَّعونَ إِلى الوغَى فجِيادُهُمْ | |
|
| تُزْجَى عَوابِسَ والسُّيوفُ تَبَسُّمُ |
|
وإذا الزَّمانُ دَجا أضاؤوا فاكْتَسى | |
|
| فضَلاتِ نُورِهِمُ الزّمانُ المُظلِمُ |
|
أوْضَحْتَ طُرْقَ المَجْدِ وهْيَ خَفِيّةٌ | |
|
| فبَدا لِطالِبهِ الطَّريقُ المُبهَمُ |
|
وغَمَرْتَ بالكَرَمِ المُلوكَ فكُلُّهُمْ | |
|
| لمّا شَرَعْتَ لهُ الندىً يتكرَّمُ |
|
وبَسَطْتَ كفّاً بالمَواهِبِ ثَرَّةً | |
|
| سَدِكَ الغَنيُّ بِسَيْبِها والمُعْدَمُ |
|
ومَدَدْتَ لِلعافينَ ظِلاً وارِفاً | |
|
| يتوشَّحُ الضّاحِي بهِ والمُعتِمُ |
|
كلُّ الفَضائِلِ مِن خِلالِكَ يُقْتَنى | |
|
| ولدَيْكَ يُجْمَعُ فَذُّها والتَّوأَمُ |
|
ولِمِثْلِها أعْدَدْتُ كُلَّ قصيدَةٍ | |
|
| نَفَرَتْ فَآنَسَها الجَوادُ المُنعِمُ |
|
والشِّعْرُ صَعْبٌ مُرتَقاهُ وطالَما | |
|
| شمَّ الإباءَ بِمارِنٍ لا يُخْطَمُ |
|
والمَدْحُ يَسهُلُ في عُلاكَ مَرامُهُ | |
|
| فنَداكَ يُمْليهِ عليَّ وأنْظِمُ |
|
ولَرُبَّما غَطَّ البِكارُ وإنّما | |
|
| رفَعَ الهَديرَ بهِ الفَنيقُ المُقْرَمُ |
|