سَلِ الدّهْرَ عنّي أيَّ خَطْبٍ أمارِسِ | |
|
| وعنْ ضَحِكي في وَجْهِهِ وهْوَ عابِسُ |
|
فَما لبَنيهِ يَشتَكونَ بَناتِهِ | |
|
| وهَلْ يُبْتَلى بالبَلْهِ إلا الأكايسُ |
|
سأحمِلُ أعْباءَ الخُطوبِ فَطالَما | |
|
| تَماشَتْ على الأيْنِ الجِمالُ القَناعِسُ |
|
وأنْتظِرُ العُقْبى وإنْ بَعُدَ المَدى | |
|
| وأرْقُبُ ضَوْءَ الفَجْرِ والليلُ دامِسُ |
|
فَللهِ دَرّي حينَ تُوقِظُ هِمّتي | |
|
| مُساوَرَةُ الأشْجانِ والنّجْمُ ناعِسُ |
|
وصَحْبي وَجيهِيٌّ ورُمْحٌ وصارِمٌ | |
|
| ودِرْعٌ وصَبْري والخَفاجِي سادِسُ |
|
وإني لأقْري النّائِباتِ عَزائِماً | |
|
| تَروضُ إباءَ الدّهْرِ والدّهْرُ شامِسُ |
|
وأحْقِرُ دُنيا تَسْتَرقُّ لَها الطُّلى | |
|
| مَطامِعُ لحَظي نَحْوَها متَشاوِسُ |
|
تَجافَيْتُ عَنْها وهْيَ خَوْدٌ غَريرةٌ | |
|
| فهَلْ أبْتَغيها وهْيَ شَمْطاءُ عانِسُ |
|
وفيَّ عُرَيْقٌ منْ قُرَيشٍ تعطَّفَتْ | |
|
| عليّ بهِ أعياصُها والعَنابِسُ |
|
أُغالي بعِرْضي في الخَصاصَةِ والمُنى | |
|
| تُراوِدُني عَنْ بَيْعِهِ وأُماكِسُ |
|
وأصْدَى إذا ما أعْقَبَ الرِّيُ ذِلّةً | |
|
| وأزْجُرُ عِيسِي وهْيَ هِيمٌ خَوامسُ |
|
وَلي مُقلةٌ وحْشيّةٌ لا تَرُوقُها | |
|
| نَفائِسُ تَحْويها نُفوسٌ خَسائِسُ |
|
وقد صَرّتِ الخَضْراءُ أخْلافَ مُزْنِها | |
|
| وليسَ على الغَبْراءِ رَطْبٌ ويابِسُ |
|
وخِرْقٍ إِلى فَرْعَيْ خُزَيْمَةَ يَنْتَمي | |
|
| ويَعلمُ أنّ الجُودَ للعِرْضِ حارِسُ |
|
لَحاني على تَرْكِ الغِنى ومُعَرَّسي | |
|
| جَديبٌ وجاري ضارِعُ الخَدِّ بائِسُ |
|
فقُلْتُ لهُ إن العُلا مِنْ مَآرِبي | |
|
| وما ليَ عَنْها غَيرَ عُدْميَ حابِسُ |
|
وإني بطَرْفٍ صيغَ للعِزِّ طامِحٌ | |
|
| إليها وأنْفٍ أُودِعَ الكِبْرَ عاطِسُ |
|
فشَدَّ بعَبْدِ اللهِ أَزْري وأعْصَمَتْ | |
|
| يَميني بمَنْ باهَى بهِ العُرْب فارِسُ |
|
بأرْوَعَ منْ آلائِهِ البَحْرُ مُطْرِقٌ | |
|
| حَياءً ومِنْ لأْلائِهِ البَدْرُ قابِسُ |
|
حَوى خَرَزاتِ المُلْكِ بالبَأسِ والندىً | |
|
| وغُصْنُ الصِّبا لَدْنُ المَهَرّةِ مائِسُ |
|
وأجْدادُهُ ممّنْ رَعاهُنَّ سِتّةٌ | |
|
| تَطيبُ بِهمْ أعْراقُهُ والمَغارِسُ |
|
فصارُوا بهِ كالسَّبْعَةِ الشُّهْبِ ما لَهُمْ | |
|
| مُسامٍ كما لَمْ يَدْنُ منهُنَّ لامِسُ |
|
وأعْلى مَنارَ العِلْمِ حينَ أظَلّنا | |
|
| زَمانٌ لأشْلاءِ الأفاضِلِ ناهِسُ |
|
وقد كانَ كالرَّبْعِ الذي خَفَّ أهْلُهُ | |
|
| لهُ أثَرٌ ألْوى به الدَّهْرُ دارِسُ |
|
إذا رَكِبَ اخْتالَتْ بهِ الخَيْلُ أو مَشى | |
|
| لَوَتْ مِنْ هَواديها إليهِ المَجالِسُ |
|
وإنْ طَرَقَ الأعْداءَ أقْمرَ لَيْلُهُمْ | |
|
| بهِ وأَديمُ الأرْضِ بالدَّمِ وارِسُ |
|
حَباهُ أميرُ المؤْمِنينَ بِصارِمٍ | |
|
| كَناظِرَتَيْهِ دُونَهُ القِرْنُ ناكِسُ |
|
وطِرْفٍ إذا الآجالُ قَفَّيْتَها بهِ | |
|
| فهُنَّ لآجالٍ قُضينَ فَرائِسُ |
|
ومُرْضِعَةٍ ما لَمْ تَلِدْهُ فإنْ بَكى | |
|
| تبَسَّمَ في وَجْهِ الصّباحِ الحَنادِسُ |
|
إِلى خِلَعٍ تَحكي رِياضاً أنيقَةً | |
|
| بكَفَّيْهِ تَسْقيها الغَمامُ الرّواجِسُ |
|
وكيفَ يُبالي بالمَلابِسِ ساحِبٌ | |
|
| ذُيولَ المَعالي وهْوَ للمَجْدِ لابِسُ |
|
وأحْسَنُ ما يُكْسى الكِرامُ قَصائِدٌ | |
|
| أوابِدُ مَعْناها بِوادِيكَ آنِسُ |
|
تُزَفُّ إِلى نادِيكَ مُلْساً مُتونُها | |
|
| وتُهدَى إِلى أكْفائِهِنَّ العَرائِسُ |
|
وتَدْفَعُ عنكَ الكاشِحينَ كأنّما | |
|
| مَناطُ قَوافيها الرِّماحُ المَداعِسُ |
|
وتُبعَثُ أرْسالاً عِجالاً إليهمُ | |
|
| كما تابَعَ الطّعْنَ الكَمِيُّ المخالِسُ |
|
ولَولاكَ ما أوْهى قُوى الفِكْرِ مادحٌ | |
|
| ولا افْترَّ عنْ بَيتٍ منَ الشِّعْرِ هاجِسُ |
|
رَعَيْتَ ذِمامَ الدّينِ بالعَدْلِ بَعدَما | |
|
| أُضيعَ ولَمْ يَحْمِ الرّعيّةَ سائِسُ |
|
فظلَّ يمرُّ السّخْلُ بالذِّئب آمِناً | |
|
| ولا ترهَبُ الأُسْدَ الظِّباءُ الكَوانِسُ |
|
وعرَّضْتَ مَنْ عاداكَ للهُلْكِ فانْتَهى | |
|
| عنِ المُلْكِ حتى قَلَّ فيهِ المُنافِسُ |
|
وأرْهَفْتَ منْ غَرْبي وما كانَ نابِياً | |
|
| كَما سَنّتْ البيضَ الرِّقاقَ المَداوِسُ |
|
وجابَتْ إلَيْكَ البيدَ هُوجٌ عَرامِسٌ | |
|
| عليهنَّ صِيدٌ مِنْ قُرَيشٍ أَحامِسُ |
|
فما أنتَ مّنْ يَبْخَسُ الشِّعْرَ حقّهُ | |
|
| ولا أنا ممّا يَضْمَنُ النُّجْحَ آيِسُ |
|