تَخَلَّفَ عَنهُ الصَبرُ فيمَن تَخَلَّفا | |
|
| وَقَد وَعَدَ القَلبُ السُلُوَّ فَأَخلَفا |
|
وَسارَ مُطيعاً لِلفِراقِ وَما شَفا | |
|
| حُشاشَةَ نَفسٍ مِن رَداها عَلى شَفا |
|
وَلَمّا وَقَفنا وَالرَسائِلُ بَينَنا | |
|
| دُموعٌ نَهاها الوَجدُ أَن تَتَوَقَّفا |
|
ذَكَرنا اللَيالي بِالعَقيقِ وَظِلَّها ال | |
|
| أَنيقَ فَقَطَّعنا القُلوبَ تَأَسُّفا |
|
وَعاصى الأَسى مَن حَثَّ قِدماً عَلى الأُسى | |
|
| وَعَنَّفَ دَمعُ العَينِ مَن فيهِ عَنَّفا |
|
وَفي حاضِرِ التَوديعِ مَمنوعَةُ الحِمى | |
|
| تُريكَ صَباحاً جامَعَ اللَيلَ مُسدِفا |
|
إِذا نَظَرَت لَم تَعدَمِ الظَبيَ أَحوَراً | |
|
| وَإِن خَطَرَت لَم تَفقَدِ الغُصنَ أَهيَفا |
|
وَلَم تَرَ عَيني مَنظَراً مِثلَ خَدِّها | |
|
| وَقَد كَتَبَت فيهِ يَدُ الدَمعِ أَحرُفا |
|
عَشِيَّةَ وافَتنا عَلى غَيرِ مَوعِدٍ | |
|
| نَوىً لَم أَزَل مِن قُربِها مُتَخَوِّفا |
|
كَتَمتُ الهَوى جُهدي وَبِالصَبرِ مُسكَةٌ | |
|
| وَبَرَّحَ ما أَلقى فَقَد بَرِحَ الخَفا |
|
وَلي سَنَةٌ لَم أَدرِ ما سِنَةُ الكَرى | |
|
| لِهَمٍّ أَتى ضَيفاً فَأَلفى مُضَيِّفا |
|
يُمَثِّلُ لي طَيفاً تَجَنَّبَ في الكَرى | |
|
| فَلَمّا جَفاني الغُمضُ أَرضى وَأَسعَفا |
|
فَيا هَمُّ دُم وَاِنفِ الرُقادَ فَإِنَّني | |
|
| وَجَدتُكَ مِنهُ الآنَ أَحفى وَأَرأَفا |
|
إِلامَ اِتِّباعي القَلبَ وَهوَ يُضِلُّني | |
|
| مُطيعُ هَوىً لَم يَقوَ إِلّا لِأَضعُفا |
|
وَكَم أَشغَلُ العُمرَ القَريبَ ذَهابُهُ | |
|
| بِذِكرِ حَبيبٍ بانَ أَو مَنزِلٍ عَفا |
|
وَأَطلُبُ في أَعقابِهِ عَدلَ خُرَّدٍ | |
|
| عَدَلنَ عَنِ الإِنصافِ مِنكَ تَنَصُّفا |
|
صَحِبتُ لَيالي الدَهرِ حَتّى مَلِلنَني | |
|
| وَثَقَّلتُ حَتّى آنَ لي أَن أُخَفِّقا |
|
وَما بَلَغَ الحُسّادَ فِيَّ مُرادَهُم | |
|
| قُعودي عَنِ الأَمرِ الدَنيءِ تَعَفُّفا |
|
وَما المَرءُ إِلّا مَن يَضَنُّ بِنَفسِهِ | |
|
| إِباءً وَلا يَرضى مِنَ العِزِّ بِاللَفا |
|
وَمَن لا يَعيفُ الطَيرَ إِن سَنَحَت لَهُ | |
|
| وَإِن خالَطَ الماءَ اِمتِنانٌ تَعَيَّفا |
|
يَبوءُ بِخُسرٍ بائِعُ العِزِّ بِالغِنى | |
|
| وَأَخسَرُ مِنهُ مُشتَري الغَدرِ بِالوَفا |
|
وَما الغَرَضُ المَطلوبُ مِمّا أُريغُهُ | |
|
| إِذا كانَ يَوماً بِالمُروءَةِ مُجحِفا |
|
عَرَفتُ رِجالاً لا أَذُمُّ جِوارَهُم | |
|
| لِكَونِيَ فيهِ ناعِمَ البالِ مُترَفا |
|
فَلَم أَرَ إِلّا شاكِماً يَبذُلُ اللُهى | |
|
| مُصانَعَةً أَو حاكِماً مُتَحَيِّفا |
|
سِوى مَلِكٍ يَأبى الدَنِيّاتِ فِعلُهُ | |
|
| فَيَبذُلُ إِنعاماً وَيَحكُمُ مُنصِفا |
|
نَخا وَسَخى في المُمحِلاتِ فَجارُهُ | |
|
| بِخَيرٍ فَلا يُعصى وَعافيهِ يُعتَفا |
|
إِذا ما جَرى في غايَةٍ صَدَقَ اِسمُهُ | |
|
| وَغادَرَ كُلّاً خَلفَهُ مُتَخَلِّفا |
|
لَعَمري لَقَد بَذَّ المُلوكَ جَميعَهُم | |
|
| بِأَربَعَةٍ في غَيرِهِ لَن تَأَلَّفا |
|
بِأَمنٍ لِمَن يَخشى وَقَهرٍ لِمَن طَغى | |
|
| وَسَبقٍ لِمَن جارى وَعَفوٍ لِمَن هَفا |
|
فَإِن طَلَبَ الأَمجادُ مَسعاهُ قَصَّروا | |
|
| وَإِن حاوَلوا إِخفاءَ سُؤدُدِهِ خَفا |
|
وَإِن صالَ لَم تَعدُ العُقوبَةُ حَدَّها | |
|
| عَلى أَنَّهُ ما جادَ إِلّا وَأَسرَفا |
|
مَليءٌ بِأَن يَأتي الجَميلَ خَليقَةً | |
|
| إِذا ما أَتاهُ المُحسِنونَ تَكَلُّفا |
|
وَجَدنا الغِنى وَالأَمنَ مِمّا أَفادَهُ | |
|
| وَخَوفَ الرَدى وَالفَقرِ مِن بَعضِ ما نَفا |
|
أَعَمُّ الوَرى جوداً إِذا بَخِلَ الحَيا | |
|
| وَأَصدَقُهُم بِشراً إِذا البَرقُ سَوَّفا |
|
تُلاقيهِ في العامِ الجَديبِ غَمامَةً | |
|
| تَسُحُّ وَفي اليَومِ العَصَبصَبِ مُرهَفا |
|
أَخافَ الزَمانَ المُستَبِدَّ بِرَأيِهِ | |
|
| فَصارَ عَلى أَحكامِهِ مُتَصَرِّفا |
|
وَيَأنَفُ أَن يَستَصحِبَ السَيفُ كَفَّهُ | |
|
| إِذا لَم يَقُدَّ السابِرِيَّ المُضَعَّفا |
|
وَيَمنَعُهُ مِن أَن يُعاوِدَ غِمدَهُ | |
|
| إِلى أَن يَرى هامَ الأَعادي مُنَصَّفا |
|
وَلَم يُرضِهِ أَن فاقَ في البَأسِ عامِراً | |
|
| وَعَمراً إِلى أَن فاقَ في الحِلمِ أَحنَفا |
|
وَيُعرَفُ بِالفَضلِ الَّذي بَهَرَ الوَرى | |
|
| إِذا ما اِنتَمى مَلكٌ سِواهُ لِيُعرَفا |
|
وَما زُرتُهُ إِلّا اِعتَفَيتُ اِبنَ مامَةٍ | |
|
| وَخاطَبتُ سُحباناً وَشاهَدتُ يوسُفا |
|
إِذا كَلَّ أَهلُ العِلمِ أَرهَفَ حَدَّهُم | |
|
| وَما خَطِلوا إِلّا وَكانَ مُثَقَّفا |
|
إِلى أَن عَدَدنا مُعجِزاتٍ يُذيعُها | |
|
| وَيُهدي بِها مِمّا أَنالَ وَأَتحَفا |
|
وَلَم آتِهِ أَشكو اِتِّصالَ هِباتِهِ | |
|
| وَضَعفِيَ عَن شُكريهِ إِلّا وَأَضعَفا |
|
مَواهِبُ شَتّى لَو عَدَتني وَحوشِيَت | |
|
| كَفانِيَ ما أَحرَزتُهُ مُتَسَلِّفا |
|
بِيُمنايَ مِنها صَعدَةٌ وَبِأُختِها | |
|
| مِجَنٌّ وَقِدماً كُنتُ أَعزَلَ أَكشَفا |
|
بِظِلِّكَ يا عِزَّ المُلوكِ اِبنَ تاجِها | |
|
| وَفى لي زَمانٌ قَبلَ قُربِكَ ما وَفا |
|
بَقيتَ لِذا الثَغرِ العَزيزِ فَلَم تَزَل | |
|
| عَلى ساكِنيهِ حانِياً مُتَعَطِّفا |
|
صَرَفتَ صُروفَ الدَهرِ غَيرَ مُشارِكٍ | |
|
| فَزالَت كَما زالَ الأَتِيُّ عَنِ الصَفا |
|
فَلا فُلَّ عَزمٌ شَرَّدَ الخَوفَ عَنهُمُ | |
|
| وَأَسكَنَهُم ظِلّاً مِنَ الأَمنِ قَد ضَفا |
|
وَلا حَجَبَ اللَهُ الكَريمُ اِبتِهالَهُم | |
|
| وَلا خابَ داعيهِم إِذا اللَيلُ أَغضَفا |
|
لِيَهنِكَ ذا العيدُ الشَريفُ وَلا تَزَل | |
|
| لَهُ ما أَقامَ النَيِّرانِ مُشَرِّفا |
|
تُبِرُّ عَلَيهِ بِالجَمالِ إِذا أَتى | |
|
| وَتَخلُفُهُ في ذا الأَنامِ إِذا اِنكَفا |
|
قَرَنتَ النَدى بِالبِشرِ حَتّى تَمازَجا | |
|
| كَمَزجِ الزُلالِ العَذبِ صَهباءَ قَرقَفا |
|
تَصَرَّمُ أَخبارُ الكِرامِ فَتَنطَوي | |
|
| وَذِكرُكَ ما يَنفَكُّ يُروى وَيُقتَفا |
|
فَضائِلُ لا تَخفى عَلى ذي نَحيزَةٍ | |
|
| وَهَل لِضِياءِ الصُبحِ عَن ناظِرٍ خَفا |
|
فَرائِدُ قَد صارَت بِنَظمي قَلائِداً | |
|
| وَما كُلُّ مَن أَلفى الجَواهِرَ أَلَّفا |
|
بِغُرِّ قَوافٍ لا أَخافُ عِثارَها | |
|
| تَجَشَّمنَ حَزناً أَو تَيَمَّمنَ صَفصَفا |
|
إِذا طَرَقَت سَمعَ المُعاديكَ خالَها | |
|
| صُخوراً وَإِن كانَت مِنَ الماءِ أَلطَفا |
|
تَخَيَّرَها مِن لُجَّةِ الفِكرِ غائِصٌ | |
|
| إِذا حازَ أَسنى الدُرِّ مِن قَعرِها طَفا |
|
وَما زِلتَ تَحبوني بِإِحسانِكَ النَدى | |
|
| صَريحاً وَأَكسوكَ الثَناءَ مُفَوَّفا |
|
إِلى أَن رَآنا مَن لَهُ خِبرَةٌ بِنا | |
|
| وَكُلٌّ بِما حازَت يَداهُ قَدِ اِكتَفا |
|
فَها أَنتَ أَغنى الناسِ عَن مَدحِ مادِحٍ | |
|
| وَها أَنا بَعدَ العُدمِ أُرجى وَأُعتَفا |
|
أَبَيتُ بِشِعري أَن يَراهُ مُسَربِلاً | |
|
| سِواكَ وَشُكري أَن يُرى مُتَخَطَّفا |
|
فَبَيَّضتَ لي وَجهَ الرَجاءِ وَطالَما | |
|
| بَدا لي وَلَم أَعرِفكَ أَربَدَ أَكلَفا |
|
وَأَظهَرتَ فَضلي وَهوَ خافٍ عَنِ الوَرى | |
|
| بِفَضلٍ كَفى المُدّاحَ أَن تَتَكَلَّفا |
|
وَما كُنتُ إِلّا صارِماً فيهِ جَوهَرٌ | |
|
| جَلَوتَ الصَدا عَن مَتنِهِ فَتَكَشَّفا |
|