أَبى الدَهرُ إِلّا أَن تَقولَ وَتَفعَلا | |
|
| لِتَصفَحَ عَن جُرمِ الزَمانِ الَّذي خَلا |
|
وَمِن قَبلُ عاداكُم لِقَهرِكُمُ لَهُ | |
|
| فَلَمّا رَآها فُرصَةً ما تَمَهَّلا |
|
وَرَدَّ إِلَيكَ الأَمرَ وَالنَهيَ راغِماً | |
|
| وَلَو أَنَّهُ أَلفى بَديلاً تَبَدَّلا |
|
فَما ذَمُّهُ إِذ نالَ بَعضَ تِراتِهِ | |
|
| وَما حَمدُهُ إِذ لَم يَجِد عَنكَ مَعدِلا |
|
فَلا تُنكِرِ الحُسّادُ أَن حُزتَ يافِعاً | |
|
| مَحَلّاً لَهُ في المَهدِ كُنتَ مُؤَهَّلا |
|
فَصَدَّقتَ مَن سَمّاكَ مِن قَبلُ سابِقاً | |
|
| بِكَونِكَ سَبّاقاً إِلى رُتَبِ العُلا |
|
تَكَدَّرَ ماءُ العَيشِ لَحظَةَ ناظِرٍ | |
|
| فَلَمّا حَوَيتَ المُلكَ عاوَدَ سَلسَلا |
|
فَلِلَّهِ مَفقودٌ عَزيزٌ مُصابُهُ | |
|
| عَراهُ مُلِمٌّ لَم يَجِد مِنهُ مَوئِلا |
|
أَتاهُ وَحِيّاً حَتفُهُ كَهِباتِهِ | |
|
| وَإِن كانَ ما أَعطاهُ أَوحى وَأَعجَلا |
|
فَمِن قَبلِهِ لَم تَنشَ في الأَرضِ ديمَةٌ | |
|
| تَسُحُّ وَلا لاقى الغَمامُ مُبَخِّلا |
|
وَعَهدي بِأَثمارِ الأَمانِيِّ تُجتَنى | |
|
| لَدَيهِ وَأَبكارِ المَحامِدِ تُجتَلا |
|
سَأَذكُرُهُ ما عِشتُ لا ذِكرَ عاتِبٍ | |
|
| كَذِكرِ اِمرِيءِ القَيسِ الدَخولَ فَحَومَلا |
|
وَإِن بَلِيَت أَوصالُهُ وَعِظامُهُ | |
|
| فَعِندي ثَناءٌ لا يُلِمُّ بِهِ البِلا |
|
وَلَو كانَتِ الأَقدارُ تُردَعُ بِالأَسى | |
|
| وَتُقدَعُ كانَ الصَبرُ أَولى وَأَجمَلا |
|
وَكَيفَ وَلَيسَ الحُزنُ إِلّا عُلالَةً | |
|
| يَعيشُ بِها الغَمرُ الجَهولُ تَعَلُّلا |
|
وَما الناسُ إِلّا آمِنٌ مِثلُ خائِفٍ | |
|
| وَدانٍ كَقاصٍ أَو مُعافىً كَمُبتَلا |
|
وَلَم نَرَ خَطباً نالَ مِنّا فَأَعقَبَت | |
|
| إِساءَتُهُ نُعمى وَجارَ لِيَعدِلا |
|
وَلا حادِثاً راعَ القُلوبَ ظُهورُهُ | |
|
| عَبوساً وَفي حالِ العُبوسِ تَهَلَّلا |
|
أَرادَ شَقاءً فَاِستَحالَ سَعادَةً | |
|
| وَرامَ قَبيحاً حينَ صالَ فَأَجمَلا |
|
لَئِن أَخَذَ المِقدارُ وَهوَ مُحَكَّمٌ | |
|
| عَظيماً لَقَد أَعطى عَظيماً وَأَجزَلا |
|
عَدا وَاِبتَغى مِنهُ بَديلاً فَما عَدا | |
|
| هُماماً مُعِمّاً في النَباهَةِ مُخوِلا |
|
مَناسِبُ فَنّاخُسرُ مِنها وَصالِحٌ | |
|
| بِها فَليَطُل مَن طالَ وَليَعلُ مَن عَلا |
|
سَخِطنا فَلَمّا قُمتَ فينا مَقامَهُ | |
|
| وَزِدتَ رَضينا أَن تُقيمَ وَيَرحَلا |
|
وَراعَ الأَعادي أَنَّهُ المُلكُ عَن يَدٍ | |
|
| إِلى أُختِها وَهيَ اليَمينُ تَنَقَّلا |
|
وَجَدتُ بَهاءَ الدَولَةِ المَلكَ لَم يَزَل | |
|
| لَهُ العَزمُ حَدّاً وَالتَصَوُّرُ صَيقَلا |
|
هُوَ الداءُ أَعيا الناسَ طُرّاً دَواؤُهُ | |
|
| فَلَو غَيرُهُ كانَ الطَبيبَ لَأَعضَلا |
|
أَذَلَّ عَصِيَّ الخَطبِ بَعدَ جِماحِهِ | |
|
| إِلى أَن أَتى مِمّا جَنى مُتَنَصِّلا |
|
رَآهُ بِعَينِ الفِكرِ قَبلَ وُقوعِهِ | |
|
| فَصادَفَ مِنهُ قُلَّبَ الرَأيِ حُوَّلا |
|
إِلى أَن أَقَرَّ الأَمرَ في مُستَقَرِّهِ | |
|
| فَأَمَّنَ ما يُخشى وَأَرخَصَ ما غَلا |
|
وَأَصفاكَهُ عَفواً وَلَم يُطِعِ الهَوى | |
|
| لِمَيلٍ وَلَم يَعصِ الكِتابَ المُنَزَّلا |
|
أَبانَ لَنا عَن هِمَّةٍ عَضُدِيَّةٍ | |
|
| كَفى حَدُّها بيضَ الظُبى أَن تُسَلَّلا |
|
وَذَكَّرَنا أَسلافَهُ بِمَضائِهِ | |
|
| وَإِن كانَ أَوفى في النُفوسِ وَأَمثَلا |
|
وَما جُحِدَت عَلياؤُهُم غَيرَ أَنَّهُ | |
|
| أَتى حادِثٌ أَنسى القَديمَ وَأَذهَلا |
|
تَميدُ بِمَن يَعصيكَ أَرضٌ تَحُلُّها | |
|
| وَإِن لَم تُثِر فيها جِيادُكَ قَسطَلا |
|
وَعَجزُهُمُ عَن أَن يُراعَ بِحَدِّهِم | |
|
| كَعَجزِ الصَبا عَن أَن تُحَرِّكَ يَذبُلا |
|
وَظَنّوا حِمى نَصرٍ يُباحُ بِمَوتِهِ | |
|
| وَأَلفَوهُ ظَنّاً بِالبِوارِ مُوَكَّلا |
|
وَوارِثُهُ مَن سَدَّدَ اللَهُ سَهمَهُ | |
|
| فَما إِن رَمى إِلّا وَصادَفَ مَقتَلا |
|
لَقَد فَتَحوا بابَ العُقوقِ جَهالَةً | |
|
| وَما زالَ بِالإِغضاءِ وَالصَفحِ مُقفَلا |
|
بَني عامِرٍ لا تَمتَطوا البَغيَ ضِلَّةً | |
|
| فَلَم يَعلُهُ المَغرورُ إِلّا لِيَسفُلا |
|
وَإِن نُتِجَت أُمُّ المَخافَةِ فيكُمُ | |
|
| فَلا تَأمَنوها أَن تُعاوِدَ مُمغِلا |
|
وَلا تَتبَعوا الأَهواءَ فَهيَ مُضِلَّةٌ | |
|
| وَإِن سَوَّفَ الشَيطانُ فيها وَسَوَّلا |
|
وَلا تَقتَفوا مَن جارَ عَن مَنهَجِ الهُدى | |
|
| فَأَدمى يَداً مِن حَقِّها أَن تُقَبَّلا |
|
وَكونوا كَأَشياخٍ لَكُم غالَها الرَدى | |
|
| تَرى المَوتَ مِن نَقضِ المَواثيقِ أَسهَلا |
|
فَفي آلِ ذُبيانٍ وَأَبناءِ وائِلٍ | |
|
| مَواعِظُ لا تَخفى عَلى مَن تَأَمَّلا |
|
أَعَلّوا صَحيحَ الرَأيِ وَاِتَّبَعوا الهَوى | |
|
| فَأَيتَمَ مِنهُم كَيفَ شاءَ وَأَرمَلا |
|
وَقَد حَدَثَت في الأَرضِ وَالأَمرُ واضِحٌ | |
|
| نَوائِبُ تَنهاكُم عَنِ الهَجرِ وَالقِلا |
|
أُذَكِّرُكُم ذِكرَ الصَديقِ صَديقَهُ | |
|
| وَأُكبِرُكُم عَن أَن أَلومَ وَأَعذُلا |
|
وَلا أَجرَحُ الأَعراضَ ضَنّاً بِوُدِّكُم | |
|
| وَيَحسُنُ فيهِ أَن أَضَنَّ وَأَبخَلا |
|
فَلا تَرضَ يا عِزَّ المُلوكِ بِذُلِّهِم | |
|
| وَأَن يَرِدوا مِن غَيرِ بَحرِكَ مَنهَلا |
|
وَصِنواكَ لا تَعصِ اِبنَ عَمِّكَ مِنهُما | |
|
| وَكُن غَيرَ مَأمورٍ إِلى السِلمِ أَميَلا |
|
فَما رَضِيا بِالبُعدِ عَنكَ زَهادَةً | |
|
| وَلا اِبتَغَيا ما عَزَّ إِلّا تَذَلُّلا |
|
وَهَل طَلَبا الإِنصافَ مِن غَيرِ أَهلِهِ | |
|
| وَهَل أَوعَرا في السَومِ إِلّا لِيُسهِلا |
|
وَإِن بانَ وَثّابٌ فَما ضَيفُ مُسلِمٍ | |
|
| كَمَن شَطَّ عَن بَحرٍ وَيَمَّمَ جَدوَلا |
|
وَلَكِنَّ مَثوىً في السَماءِ نَبا بِهِ | |
|
| فَعُوِّضَ في أُفقٍ نَشا مِنهُ مَعقِلا |
|
فَأَكرِم بِمَن جابَ المَهامِهَ مُرسَلاً | |
|
| إِلَيكَ وَأَكرِم بِاِبنِ بَدرانَ مُرسِلا |
|
سَليلُ مُلوكٍ أَقسَمَت مَأثُراتُهُم | |
|
| بِأَن لا يَكونَ المَدحُ فيهِم تَقَوُّلا |
|
تُماثِلُ أَنوارُ البُدورِ أَهِلَّةً | |
|
| وَتَعدو كَما تَعدو الضَراغِمُ أَشبُلا |
|
وَكُلُّ مَنيعِ الجارِ وَالعِرضِ وَالحِمى | |
|
| يَفوقُ الوَرى فَضلاً وَيُربي تَفَضُّلا |
|
دَعاكَ إِلى ما يُكسِبُ الحَمدَ مُحسِناً | |
|
| وَحَثَّ عَلى ما يَجمَعُ الشَملَ مُجمِلا |
|
وَخَصَّكَ فيهِ بِالسُؤالِ كَرامَةً | |
|
| وَما إِن بَراهُ اللَهُ إِلّا لِيُسأَلا |
|
بِدَولَتِكَ اِزدادَ الزَمانُ نَضارَةً | |
|
| فَلا بَرِحَت سِتراً عَلى الدَهرِ مُسبَلا |
|
وَأَمَّنتَ مُرتاعاً وَأَرهَبتَ مُرهَباً | |
|
| وَأَنصَفتَ مَظلوماً وَأَغنَيتَ مُرمِلا |
|
فَضائِلُ أَعلاها أَبوها فَلَم يَدَع | |
|
| لِذي شَرَفٍ فيها وَإِن عَزَّ مَدخَلا |
|
وَأَعرَبَ عَن إِجمالِهِ بِجَمالِهِ | |
|
| فَصَدَّقَ تَأميلاً وَراقَ تَأَمُّلا |
|
لَكَ العَزمُ لا يَنبو إِذا كَلَّتِ الظُبى | |
|
| تُضافِرُهُ البيضُ الَّتي لَن تُفَلَّلا |
|
تُرَوِّعُ في أَغمادِها قَبلَ سَلِّها | |
|
| وَمِن بَعدِهِ تَفري المَفارِقَ وَالطُلى |
|
وَخَطِّيَّةٌ ما زالَ غَضّاً حَديثُها | |
|
| إِذا شَهِدَت حَرباً وَإِن كُنَّ ذُبَّلا |
|
بِأَيدٍ لَها أَيدٌ تُبَرِّحُ بِالعِدى | |
|
| إِذا صارَتِ الأَيدي مِنَ الرُعبِ أَرجُلا |
|
مِنَ القَومِ حَلّوا بِالقُصورِ فَشَيَّدوا | |
|
| عُلاً أَسَّسوها إِذ هُمُ ساكِنو الفَلا |
|
فَدانوا بِدينِ الناسِ وَاِتَّخَذوا النَدى | |
|
| كِتاباً بِتَصديقِ الأَمانِيِّ أُنزِلا |
|
فَمِن نِعَمٍ مَوهوبَةٍ لِعُفاتِهِم | |
|
| وَمِن نَعَمٍ مَأكولَةٍ وَهيَ في الكَلا |
|
تَرُدُّ الرَدى عَنها الصَوارِمُ وَالقَنا | |
|
| وَتودي بِها إِن هَبَّتِ الريحُ شَمأَلا |
|
ذَوُو النارِ تُغشى لِلإِضاءَةِ وَالقِرى | |
|
| وَتَثني العِدى عَنها لَظىً لَيسَ تُصطَلا |
|
صَفَوا وَاِصطَفَوا خَيرَ الخُؤولَةِ نَخوَةً | |
|
| فَما وَلَدوا إِلّا مَخوفاً مُؤَمَّلا |
|
وَيَفضُلُ تاليكُم عَلى مَن يَؤُمُّهُ | |
|
| فَمَن جاءَ مِنكُم آخِراً عُدَّ أَوَّلا |
|
لِيَهنِكَ عيدٌ أَنتَ عِصمَهُ أَهلِهِ | |
|
| فَلا خابَ مِنكُم مَن دَعا وَتَبَهَّلا |
|
يُقَصِّرُ قَولي دونَ ما أَنتَ فاعِلٌ | |
|
| وَإِن كُنتَ قَد أوتيتَ قَولاً وَمِقوَلا |
|
فَخُذ جُملَةً مِن وَصفِ مَدحِكَ سُطِّرَت | |
|
| وَلا تُلزِمَنّي مُعيِياً أَن أُفَصِّلا |
|
وَما جِئتُ مَحموداً وَنَصراً بِمِثلِها | |
|
| لَعَمرُكَ إِلّا فَضَّلاها وَأَفضَلا |
|
وَلَو تَرَكا لي بُغيَةً أَستَزيدُها | |
|
| لَكُنتَ بِها دونَ الوَرى مُتَكَفِّلا |
|
وَتِلكَ العَطايا مِن تُراثِكَ حُزتُها | |
|
| وَما نَقَصَت عَن بُغيَتي فَتُكَمِّلا |
|
وَلا الظُلمُ مِن شَأني فَأَطلُبَ آجِلاً | |
|
| وَقَد نِلتُ أَقصى ما رَجَوتُ مُعَجَّلا |
|
مَواهِبُ يَسبِقنَ السُؤالَ سَجِيَّةً | |
|
| وَضَنّاً بِراجيهِنَّ أَن يَتَوَسَّلا |
|
تَخالَفَ أَهلُ الأَرضِ فِيَّ وَفيهِما | |
|
| وَقَد أَسرَفا فيما أَفادا وَخَوَّلا |
|
فَقالَ أُناسٌ شاعِرُ العَصرِ نالَ مِن | |
|
| أَشَفِّ المُلوكِ فَوقَ ما كانَ أَمَّلا |
|
وَقالَ أُناسٌ إِنَّها شَنُّ غارَةٍ | |
|
| وَإِنّي إِلى مَدحَيهِما قُدتُ جَحفَلا |
|
وَما قُدتُ إِلّا شُرَّداً عَزُّ مَرُّها | |
|
| عَلى بَلَدٍ لَم تَتَّخِذ فيهِ مَنزِلا |
|
تُحَلّى بِها الأَملاكُ في كُلِّ مَشهَدٍ | |
|
| وَإِن نُظِمَت فيكُم فَأَنتُم لَها حُلا |
|
نَهَتها عُلاكُم أَن تَبَدَّلَ غَيرَكُم | |
|
| وَآمَنَها إِنعامُكُم أَن تَبَذَّلا |
|
سَأُثني بِما أَولاهُ أَبناءُ صالِحٍ | |
|
| بِجَهدي فَأَمّا أَن أُكافِيَهُم فَلا |
|