استنفدِ الدمعَ إنَّ الوَجْدَ قد فُقِدَا | |
|
| لا يُحْسِنُ الدَّهْرُ رُزْءاً مِثْلَهُ أبَدا |
|
وَقُلْ لِصَرْفِ الزمانِ اختلْ على ثِقَةٍ | |
|
| من السّباقِ فقد أحْرَزْتَ كلَّ مَدَى |
|
اليومَ حينَ لففتَ المجدَ في كَفَنٍ | |
|
| نفسي الفداءُ على أنْ لاتَ حين فِدَا |
|
يا حسرةً نَشَأَتْ بين الضُّلوعِ جَوىً | |
|
| ما ضرَّ لاعِجَها أنْ لا يكونَ ردى |
|
في ذمَّةِ الله قَبْرٌ ما مَرَرْتُ به | |
|
| إلا اختُلِسْت أسىً إنْ لم أمُتْ كمدا |
|
تَضَمَّنَ الدينَ والدُّنْيا بأَسرِهمَا | |
|
| والعزمَ والحزمَ والإيمانَ والرَّشدا |
|
والسؤددَ الضخمَ مضروباً سُرادِقُه | |
|
| قد ودَّتِ الشمسُ لو كانتْ له عمدا |
|
ملء القلوب جلالاً والعيونِ سناً | |
|
| والحرب بأساً وأكناف النديِّ ندى |
|
منْ لا يُقدِّمُ في غير العلا قدماً | |
|
| ولا يمدُّ لغير المكرماتِ يدا |
|
أوْدى الزمانُ وكيف اسطاعَهُ بفتىً | |
|
| قد طالَ ما راحَ في أتباعه وغدا |
|
كأنَّه كان ثأراً باتَ يَطْلُبُهُ | |
|
| حتّى رآه فلم يَعْدِلْ به أحدا |
|
يا يوْمَ مَنْعَى عبيد الله أيُّ أسىً | |
|
| بينَ الجوانحِ يأبى أن يُجيبَ ندا |
|
|
| دمعي الهتون ولا أنفاسي الصعدا |
|
ولا البلابلُ مِنْ مثنى وواحدةٍ | |
|
| باتَتْ تُسلُّ سُيوفاً أو تُسنُّ مُدى |
|
ولا الهمومُ وقد أعْيت طوارقها | |
|
| كأنما بِتنَ لي أوْ للدُّجَى رصدا |
|
ألاَ لِتَبْكِ قَنَاةُ الدِّينِ حَطْمَتَها | |
|
| لماجدٍ لم يَدَعْ في مَتْنِهَا أوَدَا |
|
مُهَذَّبٌ لم يهزَّ الحمدُ مِعْطَفَهُ | |
|
| إلا تَهَلَّلَ مجداً واستهلَّ جدا |
|
تودُّ بيضُ الأماني كلَّما سَنَحتْ | |
|
| لو حاسَنَ الحَلْيَ في أجيادها غَيدَا |
|
قلْ للدُّجَى وقد التفَّتْ غَيَاهِبُهَا | |
|
| فلو تَصَوَّبَ فيها الماءُ ما اطَّردا |
|
إنَّ الشّهابَ الذي كُنَّا نجوبُ به | |
|
| أجوازَهخا قد خبا في التُّرْبِ أو خَمدا |
|
لهفي ولهف المعالي جار بي وبها | |
|
| صَرْفُ الرَّددى وأرانا أيَّةً قَصَدا |
|
يا صاحبيَّ ولا يحبسْكُما ظمأٌ | |
|
| طال الهُيَامُ وهذي أدْمُعي فَرِدا |
|
وحدِّثانيْ عن العَلْيا وقد رُزِئَتْ | |
|
| مسنونَها اللدنَ أو مصقولَها الفَرِدَا |
|
أجِدَّها قد عداها بعد أوْبتِهِ | |
|
| عن أنْ تهيمَ بذكراه وأن تَجِدَا |
|
واهاً وُتِرَتْهُ ثم قد عَلِمَتْ | |
|
| أن لا تنالَ به عَقْلاً ولا قَوَدا |
|
ولم تزلْ حولها للحربِ أوديةٌ | |
|
| تموجُ بالخيلِ فوْضى والقنا قِصَدا |
|
هل نافعي والأماني كلُّها خُدَعٌ | |
|
| قولي له اليومَ لا تَبْعَدْ وقد بَعُدا |
|
وهل أتاهُ وليست داره صَدَداً | |
|
| أنّي أُداري عليه لوعةً صَدَدا |
|
وهل تَذَمَّمَ هذا الرزءُ من قَلَقٍ | |
|
| قام المصابُ به أضْعافَ ما قعدا |
|
أما ويَوْمش عبيدِ الله وهو اسى | |
|
| لقد تخيّرَ هذا الموتُ وانْتَقدا |
|
يا ماجداً أنجزَ العلياءَ مَوْعِدَها | |
|
| أَليومَ انجزَ فيكَ الموتُ ما وعدا |
|
إن الفؤادَ الذي مازلت تَعْمُرُهُ | |
|
| قد رِيعَ بَعْدَكَ حتى صار مُفتأَدا |
|
غادرتَ عينيَّ ملآوينِ من عِبَر | |
|
| لا تَرْقُدَانِ ولا بؤسَى لِمنْ رَقَدا |
|
شمسَ المعالي وقِدماً كنتَ شامتَهَا | |
|
| فكمْ غضِبْتَ لها من أن تَظلْ سُدى |
|
إيذَنْ بجدواكَ تُدْرِكْنا وكيفَ با | |
|
| وقد ضَمِنْتَ لنا أن لا نموتَ صدا |
|
هيهاتِ صَرَّحَ فيك الموتُ عنْ نبأٍ | |
|
| كَنَى الزمانُ به عن نَقْضِ ما عَهِدَا |
|
إذا وَنَتْ فيكَ خَيْلُ الدَّمْعِ جَدَّ بها | |
|
| مُجْرٍ من الشَّوقِ لم يَحْدُدْ لها أمَدا |
|
وإنْ تراءى لها السُّلوانُ طَالَعَها | |
|
| ضَنْكٌ من العيشِ سلَّ الروحَ والجسدا |
|
يا ليت شعري وهل يَثني الرّدى جَزَعٌ | |
|
| عاد التبلُّدُ في سَوْراته وَبَدَا |
|
وهل يعودُ على الماضي بعائدةٍ | |
|
| إذ لا تجلُّدَ للباقي ولا جَلَدا |
|
متى تَكاثَرُ لوعاتُ الغرام به | |
|
| يهَنيه إنْ ربمَّا كانتْ لها مَدَدا |
|
يا غادياً لم يكن شيءٌ يقومُ له | |
|
| إما تَوَقَّاكَ صَرْفُ الدهرِ حين عدا |
|
تبكي عليكَ ولا عارٌ ولا حَرجٌ | |
|
| هدايةٌ كنتَ من إعلامِهَا وهدى |
|
أبا الحسينِ ولا ادعو سوى وَزَرٍ | |
|
| قد طال ما غاثَ أحباباً وغاظَ عِدَا |
|
ويا أبا الحَكَمِ السَّامِي بهمَّتِهِ | |
|
| إلى المكارمِ لا نِكْساً ولا جَمِدَا |
|
ويا أبا القاسمِ الميمون طائرُهُ | |
|
| في كلِّ ما ذمّ منه الدهرُ أو حَمَدا |
|
عزاءَكم إنَّما الدنيا وزينَتُها | |
|
| بحرٌ طَفوْنا على آذيهِ زَبَدا |
|
واستشعرِوا الصبرَ عنه فارساً نَدِساً | |
|
| لا تستطيعُ الليالي حلّ ما عَقَدا |
|
رزءٌ تداري المعالي فيه أنْفُسها | |
|
| عن لوعةٍ ملأت أحشاءَها زُؤدا |
|
جادتْ ثراهُ فروّتهُ مجلجلةٌ | |
|
| تكادُ تروي صداهُ العيشةَ الرغدا |
|
منْ كلِّ غاديةٍ ما باشرَتْ بلداً | |
|
| إلا ترنَّحَ ضاحي تُرْبِهِ وشدا |
|
سَلِ المنايا على علمٍ وتَجْرِبَةٍ | |
|
| في أيِّ شيءٍ بغى الإنسان أو حسدا |
|
تَنافَسَ الناسُ في الدنيا وقد علموا | |
|
| أن سوف تقتلُهُمْ لذّاتُهُمْ بددا |
|
تبادَرُوها وقد آدَنْهُم فَشلاً | |
|
| وكاثرُوها وقد أحصتهمُ عددا |
|
قلْ للمحدِّثِ عنْ لقمانَ أو لُبَدٍ | |
|
| لم يتركِ الدهرُ لقماناً ولا لبدا |
|
وَللَّذي هَمُّهُ البنيانُ يَرْفَعُهُ | |
|
| إنّ الردى لم يغادرْ في الشَّرَى أَسَدا |
|
ما لابنِ آدمَ لا تَفْنَى مَطَالِبُهُ | |
|
| يَرْجُو غداً وعسى أنْ لا يعيشَ غدا |
|