يَوْمي له ليلانِ ... أين نَهاري؟
|
|
أَبْحَرتُ في جَسَدِ الفصولِ مهاجراً
|
طاوي الحقولِ وليس من أنصارِ
|
زادي يراعي والمدادُ ... وصهوتي
|
خوفي ... وظبيةُ هودجي أفكاري
|
أَبْدَلْتُ بالظلِّ الهجيرَ .. لأنني
|
قد كنتُ في داري غريبَ الدارِ
|
مرَّ الربيعُ أمامَ نخلي شامتاً
|
لمّا رأى جيدي بدونِ نضارِ
|
تَعِبَتْ من الصمتِ المُذِلِّ ربابتي
|
وَتَيَبَّستْ كأضالعي أوتاري
|
ومشى بتابوتِ المَسَرَّةِ والمنى
|
ليلُ الظنونِ مُشَيِّعاً أقماري
|
لا الخِلُّ أَنْزَلَني حدائقَ دارِهِ
|
يوماً ... ولا زار الخليلُ دياري
|
أنا مَنْ أكونُ أنا؟ أَضَعْتُ ملامحي
|
وأضاعني بِدْءَ المسيرِ مساري
|
أَنْقَذْتِني مني ... فكيف خَذَلْتِني
|
وَغَضَضْتِ طرفَ السمع عن قيثاري؟
|
فيم اعتذارُكِ بعد هَدْرِ مشاعري؟
|
ما نفعُ أشرعتي بدونِ صواري؟
|
جَفَّتْ بحيراتُ الصداحِ ... وأَصْحَرَتْ
|
أفياءُ مائدتي من الُسمّارِ
|
إنْ شِئتِ صفحاً فاحرقي كتبَ الهوى
|
وخذي لمقبرةِ المنى أسراري
|
النارُ جائعةٌ فهل أَطْعَمْتِها
|
شَجَني الذي أوْدَعْتُهُ أشعاري؟
|
فيمَ اعتذارُكِ من رمادِ حرائقي؟
|
لم يُبْقِ فأسُ الشكِّ من أشجاري
|
لو أنه يُحيي القتيلَ عَذَرْتُهُ
|
قوسٌ أصابَ بِسَهْمِهِ أطياري
|
أَدْمَيْتِ أغصاني ... فلا تتأخري
|
عن ذبحِ ما أَبْقَيْتِ من أزهاري
|
لستُ الأسيفَ وإنْ فُجِعْتُ بمطمحي
|
أنا مؤمنٌ بمناجلِ الأقدارِ
|
بالدهرِ يَبْخَلُ بالحبابِ على ثرىً ضامٍ يمصُّ سرابَ وهجِ النارِ
|
ولقد يجودُ على بَرودٍ نَبْعُهُ
|
بالنهرِ والينبوعِ والأمطارِ
|
أنا ضائعٌ مثلَ العراقِ فَفَتِّشي
|
عني بروضِكِ لا بليلِ صحاري
|
أنساكِ؟ لا واللهِ ... تلك مصيبتي
|
إنَّ الوفاءَ وإنْ خُذِلْتُ مداري
|
أَدَّيْتُ في الحبِ اليمينَ وليس من
|
خُلُقي الجنوحُ عن الهدى لِشَنارِ
|
فاذا نكثْت العهدَ عَيَّرَني غداَ
|
يومَ الحسابِ لدى العظيمِ يساري
|
وإنْ اسْتَجَرْتُ من الظلامةِ عابني
|
شَرَفي وصخرُ رجولتي ووقاري
|
أنا لستُ أَوَّلَ حالمٍ نكثَتْ به
|
أحلامُهُ فأفاقَ بعد عثارِ
|
ما كنتُ بالصَبِّ الجزوعِ .. ولم تكنْ
|
بين الحصونِ وطيئةً أسواري
|
لكنه حُكْمُ الهوى ... أرضى بهِ
|
قَسْراً عليَّ ... فلستُ بالمختارِ
|
حظي كدجلةَ والفراتِ نَداهُما
|
دمعٌ ... ولحنُهما صراخُ: حَذارِ
|
وكحظِّ بستان السَماوةِ نَخْلُهُ
|
كَرَبٌ وسعفٌ دونما أثمارِ
|
وكخبزِها: بدمٍ يُدافُ طحينُهُ
|
فَرْطَ الأسى .... وكأهلِها الأبرارِ
|
وأنا كمئذنةِ الجديدةِ ما انْحَنَتْ
|
يوماً ... ولا تَعِبَتْ من الأذكارِ
|
وتعدَّدَتْ يا هندُ في وطنِ الهوى
|
سُبُل الردى بتعددِ التجارِ
|
وَطَنٌ على سَعَةِ السماءِ رغيفُهُ
|
|
بُستاننا يا هندُ باتَ متاهةً
|
|
سوقٌ .. على مَنْ باع لا مَنْ يشتري
|
دفعُ النقودِ إلى الدخيلِ الشاري
|
وَدَّعْتُهُ وأَتَيْتُ حقلَكِ لائذاَ
|
طمعاً بِظِلٍّ لا بِتِبْرِ ذِمارِ
|
أَوْصَدْتِ دوني واحةً أسرى لها
|
قلبٌ مطامحُهُ شميمُ عَرارِ
|
أبكاكِ نزفي يا هنيدةُ؟ فاعلمي
|
هذي الجراحُ بدايةُ المشوارِ
|
الحزنُ أوفى الاصدقاءِ ... فلم يَغِبْ
|
|
أُولاءِ أهلي: عروةٌ ومُعَمَّرٌ
|
والحميريُّ وشارد الأفكارِ
|
قومٌ ولا كعفافِهِم .... لكنهم
|
خُلِقوا لعيشِ فجيعةِِ وخَسارِ
|