قَد جَبَرَ الدَينَ الإِلَهُ فَجَبَر
|
وَعَوَّرَ الرَحمَنُ مَن وَلّى العَوَر
|
فَالحَمدُ لِلّهِ الَّذي أَعطى الحَبر
|
مَوالي الحَقِّ إِن المَولى شَكَر
|
عَهدَ نَبيٍّ ما عَفا وَما دَثَر
|
وَعَهدَ صديقٍ رَأى بِرّاً فَبَر
|
وَعَهدَ عُثمانَ وَعَهداً مِن عُمَر
|
وَعَهدَ إِخوانٍ هُمُ كانوا الوَزَر
|
وَعُصبَةِ النَبيِّ إِذ خافوا الحَصَر
|
شَدّوا لَهُ سُلطانَهُ حَتّى اِقتَسَر
|
بِالقَتلِ أَقواماً وأَقواماً أَسَر
|
تَحتَ الَّتي اِختارَ لَهُ اللَهُ الشَجَر
|
مُحَمَّداً وَاَختارَهُ اللَهُ الخَير
|
فَما وَنى مُحَمَّدٌ مُذ أَن غَفَر
|
لَهُ الإِلَهُ ما مَضى وَما غَبَر
|
أَن أَظهَرَ الدينَ بِهِ حَتّى ظَهَر
|
هَذا أَوانُ الجِدِ إِذ جَدَّ عُمَر
|
وَصَرَّحَ اِبنُ مَعمَرٍ لِمَن ذَمَر
|
وأَنزَفَ العَبرَةَ مَن لاقى العَبَر
|
طالَ الإِنى وَزايلَ الحَقُّ الأَشَر
|
وَهَدَرَ الجِدُّ مِنَ الناسِ الهَدَر
|
وَلاحَتِ الحَربُ الوُجوهَ وَالسُرَر
|
وَضَمَّرَت مَن كانَ حُرّاً فَضَمَر
|
قَد كُنتَ مِن قَومٍ إِذا أُغشوا العَسَر
|
تَعَسَّروا أَو يَفرِج اللَهُ الضَرَر
|
وَزادَهُم فَضلاً فَمَن شاءَ اِنتَحَر
|
عَطِيَّةَ اللَهِ الإِلافَ وَالسُوَر
|
وَمَرَساً إِن مارَسوا الأَمرَ الذَكَر
|
ها فَهوَ ذا فَقَد رَجا الناسُ الغِيَر
|
مِن أَمرِهِم عَلى يَدَيكَ وَالثُؤَر
|
مِن آَلِ صَعفوقٍ وأَتباعٍ أُخَر
|
مِن طامِعينَ لا يُبالونَ الغَمَر
|
فَقَد عَلا الماء الزُبى فَلا غِيَر
|
وَاَختارَ في الدينِ الحَروريُّ البَطَر
|
وَأَنزَفَ الحَقَّ وَأَودى مَن كَفَر
|
كانوا كَما أَظلَمَ لَيلٌ فَاِنسَفَر
|
عَن مُدلَجٍ قاسى الدُؤوبَ وَالسَهَر
|
وَخَدَرَ اللَيلِ فَيجتابُ الخَدَر
|
وَغَبراً قُتماً فَيجتابُ الغُبَر
|
في بِئرِ لا حُورٍ سَرى وَما شَعَر
|
بِافكِهِ حَتّى رَأَى الصُبحَ جَشَر
|
عَن ذي قَداميسَ لُهامٍ لَو دَسَر
|
بِرُكنِهِ أَركانَ دَمخٍ لا نَقَعَر
|
أَرعَنَ جَرّارٍ إِذا جَرَّ الأَثَر
|
دَيثَ صَعباتِ القِفافِ وَابتِأَر
|
بِالسَهلِ مِدعاساً وَبِالبَيدِ النُقَر
|
كَأَنَّما زُهاؤُهُ لِمَن جَهَر
|
لَيلٌ وَرِزُّ وَغَرِهِ إِذا وَغَر
|
سارٍ سَرى مِن قِبَلِ العَينِ فَجَر
|
عيطَ السَحابِ وَالمرابيعَ الكُبَر
|
وَزَفَرَت فيهِ السَواقي وَزَفَر
|
بَغرَةَ نَجمٍ هاجَ لَيلاً فَبَغَر
|
ماءَ نَشاصٍ حَلَبَت مِنهُ فَدَر
|
حَدواءُ تَحدوهُ إِذا الوَبلُ اِنتَثَر
|
وَإِن أَصابَ كَدَراً مَدَّ الكَدَر
|
سَنابِكُ الخَيلِ يُصَدِّ عْنَ الأَيَر
|
مِنَ الصَفا العاسي وَيَدهَسنَ الغَدَر
|
عَزازَهُ وَيَهتَمِرنَ ما انهَمَر
|
مِن سَهلِهِ وَيَتَأكَّرنَ الأُكَر
|
خُوصاً يُساقِطنَ المِهارَ وَالمُهَر
|
يَنفُضنَ أَفنانَ السَبيبِ وَالعُذَر
|
شُعراً وُملطاً ما تَكَسَّينَ الشَعَر
|
وَالشَدنيّاتُ يُساقِطنَ النُعَر
|
حُوصَ العُيونِ مُجهِضاتٍ ما اِستَطَر
|
مِنهُن إِتمامٌ شَكيراً فَاِشتَكَر
|
بِحاجِبٍ وَلا قَفاً وَلا اِزبأَر
|
مِنهُنَ سَيساءُ وَلا اِستَغشى الوَبَر
|
في لامِعِ العِقبانِ لا يَأتي الخَمَر
|
يُوَجِهُ الأَرضَ وَيستاقُ الشَجَر
|
حلائِباً نَكثُرُ فيها مَن كَثَر
|
حَولَ اِبنِ غَرّاءَ حِصانٍ إِن وَتَر
|
فاتَ وَإِن طالَبَ بِالوَغمِ اِقتَدَر
|
إِذا الكِرامُ اِبتَدَروا الباعَ اِبتَدَر
|
دانى جَناحَيهِ مِنَ الطُورِ فَمَر
|
تَقَضِّيَ البازي إِذا البازي كَسَر
|
أَبصَرَ خربانَ فَضاءَ فَاِنكَدَر
|
شاكُ الكَلاليب إِذا أَهوى اَطَّفَر
|
كَعابِرَ الرُؤوسِ مِنها أو نَسَر
|
بِحَجِناتٍ يتَثَقَّبنَ البُهَر
|
كَأَنَّما يَمزِقنَ بِاللَحمِ الحَوَر
|
بِجَشَّةٍ جَشّوا بِها مِمَّن نَفَر
|
مُحَمّلينَ في الأَزِمّاتِ النُخَر
|
تَهدي قُداماهٌ عَرانينَ مُضَر
|
وَمِن قُرَيشٍ كُلَّ مَشبوبٍ أَغَر
|
حُلوَ المُساهاةِ وَإِن عادى أَمَر
|
مُستَحصِدٍ غارَتُهُ إِذا اِئتَزَر
|
لِمُصعَبِ الأَمرِ إِذا الأَمرُ اِنقَشَر
|
أَمَرَّهُ يَسراً فَإِن أَعيا اليَسَر
|
|
بِكُلِّ أَخلاقِ الشُجاعِ قَد مَهَر
|
مُعاوِدَ الإِقدامِ قَد كَرَّ وَكَر
|
في الغَمَراتِ بَعدَ مَن فَرَّ وَفَر
|
ثَبتٍ إِذا ما صيحَ بِالقَومِ وَقَر
|
وَاَحتَضَرَ البَأسَ إِذا البَأسُ اِحتَضَر
|
بِمُجمَعِ الروحِ إِذا الحامي اِنبَهَر
|
يُمَكِنُ السَيفَ إِذا الرُمحُ اِنأَطَر
|
في هامَةِ اللَيثِ إِذا ما اللَيثُ هَر
|
كَجَمَلِ البَحرِ إِذا خاضَ جَسَر
|
غَوارِبَ اليَمِّ إِذا اليَمُّ هَدَر
|
حَتّى يُقالَ حاسِرٌ وَما حَسَر
|
عَن ذي حَيازيمَ ضَبَطرٍ لَو هَصَر
|
صَعبَ الفُيولِ ألحَمَ الفيلَ العَفَر
|
أَلَيسُ يَمشي قُدُماً إِذا اِدَّكَر
|
ماوُعِدَ الصابِرُ في اليَومِ اِصطَبَر
|
إِذ لَقِحَ اليَومُ العَماسُ وَاقمَطَر
|
وَخَطَرَت أَيدي الكُماةِ وَخَطَر
|
رايٌ إِذا أَورَدَهُ الطَعنُ صَدَر
|
إِذا تَغاوى ناهِلاً أَوِ اِعتَكَر
|
تَغاوِيَ العِقبانِ يَمزِقنَ الجَزَر
|
في سَلبِ الغابِ إِذا هُزَّ عَتَر
|
إِذا نُفوسُ القَومِ نازَعنَ الثُغَر
|
وَاستَعَرَت سُوقُ الضِرابِ وِاَستَعَر
|
مِنهُ هَماذيٌ إِذا حَرَّت وَحَر
|
حَتّى إِذا ما مِرجَلُ القَومِ أَفَر
|
بِالغليِ أَحمَوهُ وَأَخبَوهُ التِيَر
|
وَبِالسُرَيحيّاتِ يَخطَفنَ القَصَر
|
وَفي طِراقِ البيضِ يُوقدنَ الشَرَر
|
صَقعاً إِذا ما رَنَّحَ الطَرفَ اِسمَدَر
|
ضَرباً إِذا صابَ اليَآفيخَ اِحتَفَر
|
في الهامِ دُحلاناً يُفَرِّسنَ النُعَر
|
بَينَ الطِراقينِ وَيَفلينَ الشَعَر
|
عَن قُلُبٍ ضُجمٍ تُوَرّي مَن سبَر
|
مِنها قُعُورٌ عَن قُعورٍ لَم تَذر
|
دونَ الصَدى وأُمِهِ سِتراً سَتَر
|
لا قَدحَ إِن لم تُورِ ناراً بِهَجَر
|
ذاتَ سَناً يُوقِدُها مَنِ اِفتَخَر
|
مَن شاهَدَ الأَمصارَ مِن حَيّي مُضَر
|
يا عُمَرَ بنَ مَعمَرٍ لا مُنتَظَر
|
بَعدَ الَّذي عَدا القُروصَ فَحَزَر
|
مِن أَمرِ قومٍ خالَفوا هَذا البَشَر
|
وَاَشتَغَروا في دينِهم حَتّى اِشتَغَر
|
فَقَد تَكَبّدتَ المُناخَ المُشتَهَر
|
فَاِعلَم بِأَنَّ ذا الجَلالِ قَد قَدَر
|
في الصُحُفِ الأَولى الَّتي كانَ سَطَر
|
أَمرَكَ هَذا فَاِحتَفِظ فيهِ النَتَر
|
وَفَترَةَ الأَمرِ وَمُودٍ مَن فَتَر
|
فَأَينَما جَرَيتَ أُعطيتَ الظَفَر
|
شَهادَةً فيها طُهورُ مَن طَهَر
|
أَو وَقعَةً تَجلو عَنِ الدينِ القَذَر
|
أَو شَرَفاً يُتِمُّ نُوراً قَد زَهَر
|
كَما تُتِمُّ لَيلَةُ البَدرِ القَمَر
|
لَقَد سَما اِبنُ مَعمَرٍ حينَ اِعتَمَر
|
مَغزىً بَعيداً مِن بَعيدٍ وَضَبَر
|
مِن مُخَّةِ الناسِ الَّذي كانَ اِمتَخَر
|
ثَلاثَةً وَسِتَّةً وَاِثنَي عَشَر
|
أَلفاً يَجُرّونَ مِنَ الخَيلِ العَكَر
|
في مُرجَحِنٍ لَجِبٍ إِذا اثْبَجَر
|
سَدَّ الرِهاءَ وَالفِجاجَ وَاَجتَهَر
|
بَطنَ العِراقِ الجُبَّ مِنهُ وَالنَهَر
|
وَإِن عَلوا وَعراً وَقَد خافوا الوَعّر
|
لَيلاً تَغَشّى صَعبَهُ وَما اِختَصَر
|
سَيلَ الجَرادِ السُدِّ يَرتادُ الخَضَر
|
آواهُ لَيلٌ غَرِضاً ثُمَّ اِبتَكَر
|
وفَثَأَت عَنهُ ضَحى الشَرقِ الخَصَر
|
فَمَدَّ أَعرافَ العَجاجِ وَاِنتَشَر
|
وَاِنفَرَجَت عَنهُ البِلادُ وَاَنكَدَر
|
عَشِّي رَبيعَ وَاَقصُري فيمَن قَصَر
|
وَاَبكي عَلى مُلكِكِ إِذ أَمسى اِنقَعَر
|
وَاِنقَطَعَت مِنهُ الرَجاةُ وَاِنبَتَر
|
وَاَشتَقَّ شُؤبوبُ الشِقاقِ وَاشفَتَر
|
وَأَزلَفَتهُ لُجَّةُ الغَيثِ سَحَر
|
إِذ مَطَرَت فيهِ الأَيادي وَمَطَر
|
بِصاعِقاتِ المَوتِ يَكشِفنَ الحَيَر
|
عَنِ الدَجارى وَيُقَوِّمنَ الصَعَر
|
وَالسَلباتِ السُحمِ يَشفينَ الزَوَر
|
مِنَ المُحامينَ إِذا البَأسُ اِسمَهَر
|
بِالقَعصِ القاضي وَيَبعَجنَ الجُفَر
|
مِن قَصَبِ الجَوفِ وَيخلُلنَ الثُجَر
|
شَكَّ السَفافيدِ الشواءَ المُصطَهِر
|
إِذ حَسِبوا أَنَّ الجِهادَ وَالظَفَر
|
إِيضاعُ بَينَ الخِضرِماتِ وَهَجَر
|
مُعَلِّقينَ في الكَلاليبِ السُفَر
|
فَأَلقِمِ الكَلبَ اليَمامي الحَجَر
|
لا تَحسَبَنَّ الخَندَقَينِ وَالحَفَر
|
وَخَرسَهُ المُحَمَرَّ مِنهُ ما اِعتَصَر
|
وَحائِطَ الطَرفاءِ يَكفي مَن حَظَر
|
آذِيَّ أَورادٍ يُغَيِّفنَ النَظَر
|
شُهبٌ إِذا ما مُجنَ مَوَّجنَ البَصَر
|
بِذي إِيادَينِ إِذا عُدَّ اِعتَكَر
|
حَتّى يَحارَ الطَرفُ أَو يَخشى الحَيَر
|