أَلا هَلْ أتى غَسّانَ عنّا ودونَهُمْ | |
|
| مِنَ الأَرضِ خَرْقٌ سَيْرُهُ مُتَنعْنِعُ |
|
صَحَارٍ وأَعلامٌ كأنَّ قَتَامَهَا | |
|
| مِنَ البُعدِ نَقْعٌ هَامِدٌ مُتَقطّعُ |
|
تَظَلُّ بهِ البُزْلُ العَرَامِيسُ رُزَّحاً | |
|
| ويَخْلُو بهِ غَيْثُ السّنينَ فَيُمْرِعُ |
|
بِهِ جِيَفُ الحَسْري يَلُوحُ صَلِيبُهَا | |
|
| كما لاَحَ كتّانُ التِّجَارِ الموَضَّعُ |
|
بهِ العِينُ والآرَامُ يَمْشِينَ خِلْفةً | |
|
| وَبَيْضُ نَعَامٍ قَيْضُه يَتَقَلَّعُ |
|
مُجالدَنَا عَنْ دِينِنَا كُلُّ فَخْمَةٍ | |
|
| مُذَرَّبةٍ فيها القَوَانِسُ تَلْمَعُ |
|
وكلُّ صَمُوتٍ في الصّوانِ كأَنَّها | |
|
| إذا لُبِسَتْ نَهيٌّ من الماءِ مُتْرَعُ |
|
ولكنْ بِبَدْرٍ سَائِلوا مَنْ لَقِيتُمُ | |
|
| مِنَ النّاسِ والأنبَاءُ بالغَيْبِ تَنْفَعُ |
|
وإنّا بِأَرْضِ الخَوفِ لَو كَانَ أهْلُهَا | |
|
| سِوَانَا لقد أَجْلُوا بِلَيْلٍ فأقشَعُوا |
|
إذا جَاءَ منّا رَاكبٌ كانَ قولُهُ | |
|
| أَعِدّوا لِما يُزْجي ابنُ حرْبٍ ويجمعُ |
|
فَمَهْمَا يُهِمُّ النّاسَ ممّا يكيدُنَا | |
|
| فَنَحْنُ لَهُ من سَائِرِ النّاس أوسعُ |
|
فلو غيرُنَا كَانَتْ جيمعاً تَكِيدُهُ | |
|
| البريّةُ قد أَعْطَوْا يداً وَتَوَرَّعُوا |
|
نُجَالِدُ لا تبقى عَلَيْنَا قَبِيلَةٌ | |
|
| من النّاسِ إلاّ أَنْ يَهابوا ويفظعوا |
|
ولمّا ابتَنَوا بالعِرْضِ قَالَ سَرَاتُنَا | |
|
| عَلاَمَ إذا لَمْ نمنَعِ العِرْضَ نزرَعُ |
|
وَفِينَا رسولُ اللهِ نَتْبَعُ أمْرَهُ | |
|
| إذا قالَ فِينَا القولَ لا نَتَطَلَّعُ |
|
تَدَلَّى عليهِ الرّوحُ مِنْ عند ربّهِ | |
|
| يُنزَّلُ من جوِّ السماءِ ويُرفَعُ |
|
وقالَ رَسُولُ اللهِ لَمّا بَدَوا لنا | |
|
| إذا مَا اشْتَهَى أَنّا نُطِيعُ ونسْمعُ |
|
وكُونُوا كَمَنْ يَشْرِي الحياةَ تَقرّباً | |
|
| إلى ملِكٍ يُحيَا لَدَيْهِ ويُرجَعُ |
|
ولكنْ خُذوا أَسْيَافَكُمْ وَتَوَكَّلُوا | |
|
| على اللهِ إنَّ الأمْرَ للهِ أجمعُ |
|
فَسِرْنَا إليهِمْ جَهْرَةً في رِحالِهِمْ | |
|
| ضُحيّاً عَلَيْنَا البيضُ لا نتخشَّعُ |
|
بمَلْمُومَةٍ فيها السَّنَوَّرُ والقَنَا | |
|
| إذا ضَرَبُوا أَقْدَامَها لا تورّعُ |
|
فجئنَا إلى هَوجٍ من البحرِ وَسْطَهُ | |
|
| أحابيشُ منهمْ حَاسِرٌ ومقنّعُ |
|
ثلاثةُ آلافٍ وَنَحْنُ نَصِيَّةٌ | |
|
| ثَلاَثُ مِئينٍ إنْ كَثُرْنَا وأَرْبعُ |
|
نُغَوِرُهُم تجري المنيّةُ بَيْنَنَا | |
|
| نُشارِعُهُمْ حوضَ المَنَايا ونَشْرَعُ |
|
تَهَادَى قِسِيُّ النبعِ فينا وفيهِمُ | |
|
| وَمَا هو إلاَّ اليَثْرِبيُّ المُقَطَّعُ |
|
ومَنْجُوفةٌ جِرْمِيَّةٌ صَاعِديَّةٌ | |
|
| يُذَرُّ عليها السّمُّ سَاعةَ تَصْنَعُ |
|
تَصُوبُ بأَبْدَانِ الرّجَالِ وَتَارَةً | |
|
| تمرُّ بأَعراضِ البَصَارِ تَقَعْقَعُ |
|
وَخَيْلٌ تَرَاها بالفَضَاءِ كأَنَّها | |
|
| جَراُ صَباً في قَرَّةٍ يتريَّعُ |
|
فلمّا تَلاَقَيْنَا وَدَارَتْ بنَا الرَّحى | |
|
| وليسَ لأمرٍ حَمَّهُ اللهُ مَدفَعُ |
|
ضَرَبْنَاهُمُ حتّى تَرَكْنَا سَراتَهُمْ | |
|
| كأَنَّهُمُ بالقَاعِ خُشْبٌ مُصرّعُ |
|
لَدُنْ غُدوةً حتّى استَفَقْنَا عشيّةً | |
|
| كأنّ ذَكَانَا حَرُّ نَارٍ تلفَّعُ |
|
وَرَاحُوا سِرَاعاً مُوجِفِينَ كأَنَّهُمْ | |
|
| جَهامٌ هَرَاقتْ ماءَه الرّيحْ مُقْلعُ |
|
وَرُحْنَا وأُخْرَانَا بِطَاءٌ كأنَّنَا | |
|
| أُسُودٌ على لَحْمٍ بِبِيشةَ ظُلَّعُ |
|
فَنِلْنا وَنَالَ القَوْمُ مِنَّا وربَّما | |
|
| فَعَلْنَا ولكنْ ما لَدَى اللِ أوسعُ |
|
ودارتْ رَحَانَا واستَدَارَتْ رَحَاهُمُ | |
|
| وَقَدْ جَعَلُوا كُلٌّ مِنَ الشَّرِّ يَشْبَعُ |
|
وَنَحْنُ أُناس لا نَرَى القَتْلَ سُبّةً | |
|
| عَلَى كُلِّ من يحمي الذِّمارَ ويمنَعُ |
|
ولكنَّنَا نَقْلِي الفَرارَ ولا نرى الْ | |
|
| فَرارَ لِمَنْ يرجُو العَوَاقبَ يَنْفَعُ |
|
جِلادٌ على رَيْبِ الحَوَادِثِ لا تَرَى | |
|
| عَلَى هَالِكٍ عَيْناً لَنَا الدّهرَ تَدْمَعُ |
|
بَنُو الحربِ لا نَعيَا بِشَيء نَقُولُهُ | |
|
| ولا نَحْنُ مِمّا جَرَّتِ الحَرْبُ نجزَعُ |
|
بَنُو الحَرْبِ إنْ نظفرْ فَلَسْنَا بفُحَّشِ | |
|
| ولا نَحْنُ مِمّا جَرَّتِ الحَرْبُ نجزَعُ |
|
بَنُو الحَرْبِ إنْ نظفرْ فَلَسْنَا بفُحَّشِ | |
|
| ولا نَحْنُ مِنْ أَظْفَارِهَا نَتَوَجَّعُ |
|
وكنّا شِهَاباً يتّقي النّاسُ حَرَّهُ | |
|
| ويَفرُجُ عَنْهُ من يَليهِ يُسْفَعُ |
|
فَخَرْتَ عليَّ ابنَ الزّبَعْري قد سَرَى | |
|
| لَكُمْ طَلَبٌ من آخرِ اللّيلِ مُتْبعُ |
|
فَسَلْ عَنْكَ في عُلْيَا مَعَدٍّ وغيرهَا | |
|
| من النّاسِ مَنْ أخزى مُقَاماً وأشنعُ |
|
وَمَنْ هُو لَمْ تَتْرُكْ لَهُ الحَرْبُ مَفْخَراً | |
|
| وَمَنْ خدُّهُ يومَ الكَرِيهَةِ أضرعُ |
|
شَدَدْنَا بِحَوْلِ اللهِ والنّصْرِ شَدَّةً | |
|
| عَلَيْكُمْ وأطرافُ الأَسِنَّةِ شُرَّعُ |
|
تَكُرُّ القَنَا فيكُمْ كأنَّ فُروغَهَا | |
|
| عَزالْ مَزَادٍ ماؤُهَا يَتَهزَّعُ |
|
عَمَدْنَا إلى أهْلِ اللّواءِ وَمَنْ يَطِرْ | |
|
| بِذِكْرِ اللّواءِ فهوَ في الحَمْدِ أسْرَعُ |
|
فَخَانُوا وَقَدْ أَعْطُوا يداً وَتَخَاذَلُوا | |
|
| أبى اللهُ إلاّ أمرَهُ وَهْوَ أصْنعُ |
|