أَلا مَن لِهَمٍّ آخِرَ اللَيلِ مُنصِبِ | |
|
| وَأَمرٍ جَليلٍ فادِحٍ لِيَ مُشيِبِ |
|
أَرِقتُ لِما قَد غالَني وَتَبادَرَت | |
|
| سَواكِبُ دَمعِ العَينِ مِن كُلِّ مَسكَبِ |
|
فَقُلتُ وَقَد بَلَّت سَوابِقُ عَبرَتي | |
|
| رِدائي مَقالَ الموجَعِ المُتَحَوِّبِ |
|
أَلَا بَهلَةُ اللَهِ الَّذي عَزَّ جارُهُ | |
|
| عَلى الناكِثينَ الغادِرينَ بِمُصعَبِ |
|
جَزى اللَهُ عَنا جَمعَ قَحطانَ كُلِّها | |
|
| جَزاءَ مُسيءٍ قاسِطِ الفِعلِ مُذنِبِ |
|
وَجَمعَ مَعَدٍّ قَومِه غابَ نَصرُهُم | |
|
| غَداتَئِذٍ عَنهُ وَرَبِّ المُحَصَّبِ |
|
جَزاهُم إِلَهُ الناسِ شَرَّ جَزائِهِ | |
|
| بِخِذلانِ ذي القُربى الأَريبِ المُدّرَّبِ |
|
إِمامِ الهُدى وَالحِلمِ وَالسِلمِ وَالتُقى | |
|
| وَذي الحَسَبِ الزاكي الرَفيعِ المُهَذَّبِ |
|
لَحى اللَهُ أَشرافَ العِراقِ فَإِنَّهُم | |
|
| هُمُ شَرُّ قَومٍ بَينَ شَرقٍ وَمَغرِبِ |
|
هُمُ مَكَروا بِاِبنِ الحَوارِيِّ مُصعَبٍ | |
|
| وَلَم يَستَجيبوا لِلصَريخِ المُثَوِّبِ |
|
دَعاهُم بِأَن ذودوا العِدى عَن بِلادِهِم | |
|
| وَأَموالِكُم بِكُلِّ أَبيَضَ مُقضَبِ |
|
فَوَلّوا يُنادي المَرءُ مِنهُم عَشيرَهُ | |
|
| أَلا خَلِّ عَنهُم لا أَبالَكَ وَاِذهَبِ |
|
جَزى اللَهُ حَجّاراً هُناكَ مَلامَةً | |
|
| وَفَرخَ عُميرٍ مِن مُناجٍ مُؤَلِّبِ |
|
وَما كانَ عَتّابٌ لَهُ بِمُناصِحٍ | |
|
| وَلا كانَ عَن سَعيٍ عَلَيهِ بِمُغرِبِ |
|
وَلا قَطَنٌ وَلا اِبنُهُ لَم يُناصِحا | |
|
| فَتَبّاً لِسَعيِ الحارِثِيِّ المُتَبَّبِ |
|
وَلا العَتَكِيُّ إِذ أَمالَ لِواءَهُ | |
|
| فَوَلّى بِهِ عَنهُ إِلى شَرِّ مَوكِبِ |
|
وَلا اِبنُ رُوَيمٍ لا سَقى اللَهُ قَبرَهُ | |
|
| فَباءَ بِجَدعٍ آخِرَ الدَهرِ موعِبِ |
|
وَما سَرَّني مِن هَيثَمٍ فَعلُ هَيثَمٍ | |
|
| وَإِن كانَ فينا ذا غَناءٍ وَمَنصِبِ |
|
وَلا فِعلُ داوودَ القَليلِ وَفاؤُهُ | |
|
| فَقَد ظَلَّ مَحمولاً عَلى شَرِّ مركِبِ |
|
وَلَكِن عَلى فَيّاضِ بَكرِ بنِ وائِلٍ | |
|
| سَأُثني وَخَيرُ القَولِ ما لَم يُكَذَّبِ |
|
دَعا اِبنَ الحَوارِيَّ الهُمامَ إِمامَهُ | |
|
| لِيَمنَعَهُ مِن كُلِّ غاوٍ وَمُجلِبِ |
|
فَأَضحى اِبنُ تَيمِ اللاتِ أَمنَعَ مانِعٍ | |
|
| لِجارٍ بِلا شَكٍّ وَمَأوى المُعَصَّبِ |
|
فَيا سائِراً نَحوَ المَشاعِرِ لا تَني | |
|
| أَلا اِرفَع بِهَدلاءِ المَشافِرِ مِنعَبِ |
|
أَلا وَاِنعِ خَيرَ الناسِ حَيّاً وَمَيِّتاً | |
|
| إِلى أَهلِ بَطحاءَي قُرَيشٍ وَيَثرِبِ |
|
فِداً لَكَ فَاِذكُر زَحفَهُ وَمَسيرَهُ | |
|
| يُزَجّي الخُيولَ مِقنَباً بَعدَ مِقنَبِ |
|
سَما مُصعِداً بِالجَيشِ يَسري وَيَغتَدي | |
|
| إِلى بَطَلٍ مِن آلِ مَروانَ مُجلِبِ |
|
غَزا بِجُنودِ الشامِ يَكبِدُ كَبدَها | |
|
| يُجيزُ إِلَيهِم سَبسَباً بَعدَ سَبسَبِ |
|
فَلَمّا تَوافَينا جَميعاً بِمَسكِنٍ | |
|
| عَصَينا بِنَوعٍ مِن غَرامِ مُعَذَّبِ |
|
بِمَقتَلِ ساداتٍ وَمَهلِكِ ماجِدٍ | |
|
| رَفيعِ الرَوابي مِحرَبٍ وَاِبنِ مِحرَبِ |
|
هُوَ الضَيغَمُ النَهدُ الرَئيسُ بنُ مالِكٍ | |
|
| إِذا شَدَّ يَوماً شَدَّةً لَم يُكَذَّبِ |
|
أَتى مُصعَباً فَقالَ مَن كانَ مِنهُمُ | |
|
| فَعاقِب بِوَقعٍ مَن بَدا لَكَ مُرهِبِ |
|
وَشُدَّ عَلى الأَشرافِ شَدَّةَ ماجِدٍ | |
|
| وَأَعناقَهُم قَبلَ الصَباحِ فَضَرِّبِ |
|
وَإِلّا فَبَكِّت في السُجونِ سَراتَهُم | |
|
| إِلى أَن تُفيقَ الناسُ تُصحَب وَتُرقَبِ |
|
وَدَعني وَأَهلَ القَريَتَينِ أَسِر بِهِم | |
|
| وَغادِرهُمُ في مَحبِسٍ كَالمُؤَدَّبِ |
|
مَلامَ مُلِحٍّ قَد أَمِنتَ اِغتِيالَهُ | |
|
| وَما جاهِلٌ بِالأَمرِ مِثلُ المُجَرِّبِ |
|
فَقالَ لَهُ سِر بِالجُيوشِ إِلى العِدى | |
|
| وَناجِز وَقارِع وَاِصدُقِ القَومَ تَغلِبِ |
|
فَإِنّي بِحَقٍّ لَستُ أَبَداً مُسلِّماً | |
|
| بِغَدرٍ فَفي التَقوى وَفي الدينِ فَاِرغَبِ |
|
فَسارَ إِلى جَمعِ اِبنِ مَروانَ مُعلَماً | |
|
| فَناهَضَهُم وَالحَربُ ذاتُ تَلَهُّبِ |
|
وَجاهَدَ في فُرسانِهِ وَرِجالَهِ | |
|
| وَأَقدَمَ لَم يَنكُل وَلَم يَتَهَيَّبِ |
|
فَلاقي أُسَيدٌ يَومَ ذَلِكَ حَتفَهُ | |
|
| وَقَطَّرَهُ مِنّا فَتىً غَيرُ جَأنَبِ |
|
أَشَمُّ نَراهُ عالِيَ الجِسمِ صَقعَباً | |
|
| وَبِالسَيفِ مِقداماً نَجيباً لِمُنحِبِ |
|
وَكادَت جُموعُ الشامِ يَشمَلُها الرَدى | |
|
| غَداتَئِذٍ فَاِسمَع أُحَدِّثكَ تَعجَبِ |
|
فَلَمّا رَأى أَبناءُ مَروانَ وَقعَهُ | |
|
| بِجَمعِهِمُ ظَلّوا بِيَومٍ عَصَبصَبِ |
|
فَصَبَّحَهُ فُرسانَهُ وَرِجالَهُ | |
|
| وَناهَضَ لَم يَبعَل وَلَم يَتَهَيَّبِ |
|
وَأَدبَرَ عَنهُ الغادِرُ اِبنُ القَبَعثَرَي | |
|
| وَما كانَ بِالحامي وَلا بِالمُذَبَّبِ |
|
وَقَد نَقَضَ الصَفَّ اِبنُ وَرقاءَ ثانِياً | |
|
| وَغادَرَهُ يَدعو إِلى جانِبِ النَبِي |
|
فَثابَ إِلَيهِ كُلُّ أَروَعَ ماجِدٍ | |
|
| صَبورٍ عَلى ما ثابَهُ مُتَلَبِّبِ |
|
فَضارَبَ حَتّى خَرَّ غَيرَ مُوائِلٍ | |
|
| إِلى جانِبٍ مِنهُ عَزيزٍ وَمَنكِبِ |
|
وَصُرِّعَ أَهلُ الصَبرِ في الصَفِّ كُلُّهُم | |
|
| وَأَجفَلَ عَنهُ كُلُّ وانٍ مُحَوِّبِ |
|
فَلَمّا أَتى قَتلُ اِبنِ أَشتَرَ مُصعَباً | |
|
| دَعا عِندَهُ عيسى وَقالَ لَهُ اِهرُبِ |
|
فَقالَ مَعاذَ اللَهُ لَستُ بِهارِبٍ | |
|
| أَأَهرُبُ إِن دَهرٌ بِنا حادَ عَن أَبي |
|
فَقالَ تَقَدَّم أَحتَسِبكَ فَأَقبَلَت | |
|
| إِلَيهِ جُموعٌ مِن كِلابٍ وَأَذؤُبِ |
|
فَقالَ لِفُجّارِ العِراقَينِ قَدِّموا | |
|
| فَوَلّوا شِلالاً كَالنَعامِ المُخَصَّبِ |
|
وَشَدّوا عَلَيهِ بِالسُيوفِ فَلَم يَرِم | |
|
| كَلَيثِ العَرينِ الخادِرِ المُتَحَرِّبِ |
|
فَضارَبَهُم يَحيى وَعيسى أَمامَهُ | |
|
| وَضارَبَ تَحتَ الساطِعِ المُتَنَصِّبِ |
|
فَما بَرِحوا حَتّى أَزارَهُمُ القَنا | |
|
| شُعوبَ وَمَن يَسلُب وَجَدِّكَ يُسلَبِ |
|
فَبَكِّ فتى الدُنيا وَذا الدينِ مُصعَباً | |
|
| وَأَعوِل عَلَيهِ وَاِسفَحِ الدَمعَ وَاِنحَبِ |
|
لَقَد رَحَلَ الأَقوامُ غَدراً وَغادَروا | |
|
| بِمَسكِنَ أَشلاءَ الهُمامِ المُحَجَّبِ |
|
صَريعَ قَناً تَسفي عَلى وَجهِهِ الصَبا | |
|
| وَريحُ شَمالٍ بَعدَها ريحُ أَجنُبِ |
|
وَأَضحى بِديرِ الحاثَليقِ مُلَحَّباً | |
|
| فَلا يَبعَدَنَّ مِن قَتيلٍ مُلَحَّبِ |
|
سَقى السارِياتُ الجونُ جُثمانَ مُصعَبٍ | |
|
| وَأَشلاءَ عيسى المُرتَجى صَوبَ صَيِّبِ |
|
وَفِتيانَ صِدقٍ صُرِّعوا ثَمَّ حَولَهُ | |
|
| عَلى الحَقِّ مَن لا يَعرِفِ الحَقَّ يَرتَبِ |
|
أَمُصعَبُ مَن يَحرُب وَيُذمَم فِعالُهُ | |
|
| فَما كُنتَ بِالواني وَلا المُتَحَرَّبِ |
|
لَقَد عِشتَ ذا حَزمٍ وَجودٍ وَنائِلٍ | |
|
| فَيا عَجباً لِدَهرِكَ المُتَقَلِّبِ |
|
أَلَم تَكُ مِعطاءَ الجَزيلِ وَناعِشَ ال | |
|
| فَقيرِ وَمَأوى كُلِّ عافٍ وَمُجدِبِ |
|
وَكُنّا مَتى نَعتِب عَلَيكَ وَنَلتَمِس | |
|
| جَداكَ يَنَلنا مِن جَداكَ وَتُعتِبِ |
|
فَقَد جاءَنا مِن بَعدِكَ المَعشَرُ العِدى | |
|
| وَوالٍ مَتى يُنطَق حَوالَيهِ يَغضَبِ |
|
وَإِن تُلتَمَس مَنهُ الزِيادَةُ وَالجَدا | |
|
| وَيُستَمطَرِ المَعروفَ يَغضَب وَيَحرَبِ |
|
وَتُسمَر بِلا ذَنبٍ أَكُفُّ غُزاتِنا | |
|
| وَتُقطَعُ أَيديهِم وَشيكاً وَتُصلَبِ |
|
فَيا دَهرَنا مِن قَبلِ مَقتَلِ مُصعَبٍ | |
|
| أَلا اِرجِع بِدُنيانا الرَفيعَةِ تَخصِبِ |
|
وَبِالأَمنِ وَالعَيشِ الَّذي حَلَّ دونَهُ | |
|
| فَهَذا زَمانُ الخائِفِ المُتَرَقِّبِ |
|
فَبُعداً لِقَومٍ أَسلَموا أَمسِ مُصعَباً | |
|
| بِحَدِّ سِنانٍ سَمهَرِيٍّ مُذَرَّبِ |
|
وَلِلسَيفُ نَغشاهُ وَيَفري شُئونَهُ | |
|
| وَكانَ الحَيا لِلمُفلِحِ المُتَشَعِّبِ |
|
وَدانوا لِطاغٍ قَد أَراقَ دِماءَهُم | |
|
| عَسوفٍ صَدوقٍ قاسِطِ الفِعلِ مُشغِبِ |
|
وَقالَ لَهُم ذوقوا جَنى ما غَرَستُمُ | |
|
| أَلا رُبَّ بانٍ لِلعِمارَةِ مُخرِبِ |
|
وَإِنّيَ مِمَّن يُخمِدُ الحَربَ تارَةً | |
|
| وَأُحمَلُ أَحياناً عَلَيها فَأَركَبِ |
|