وَرَدَ الكِنانَةَ عَبقَرِيُّ زَمانِهِ | |
|
| فَتَنَظَّري يا مِصرُ سِحرَ بَيانِهِ |
|
وَأَتى الحُسانُ فَهَنِّئوا مُلكَ النُهى | |
|
| بِقِيامِ دَولَتِهِ وَعَودِ حُسانِهِ |
|
النيلُ قَد أَلقى إِلَيهِ بِسَمعِهِ | |
|
| وَالماءُ أَمسَكَ فيهِ عَن جَرَيانِهِ |
|
وَالزَهرُ مُصغٍ وَالخَمائِلُ خُشَّعٌ | |
|
| وَالطَيرُ مُستَمِعٌ عَلى أَفنانِهِ |
|
وَالقُطرُ في شَوقٍ لِأَندَلُسِيَّةٍ | |
|
| شَوقِيَّةٍ تَشفيهِ مِن أَشجانِهِ |
|
يُصغي لِأَحمَدَ إِن شَدا مُتَرَنِّماً | |
|
| إِصغاءَ أُمَّةِ أَحمَدٍ لِأَذانِهِ |
|
فَاِصدَح وَغَنِّ النيلَ وَاِهزُز عِطفَهُ | |
|
| يَكفيهِ ما عاناهُ مِن أَحزانِهِ |
|
وَاِذكُر لَنا الحَمراءَ كَيفَ رَأَيتَها | |
|
| وَالقَصرَ ماذا كانَ مِن بُنيانِهِ |
|
ماذا تَحَطَّمَ مِن ذُراهُ وَما الَّذي | |
|
| أَبقَت صُروفُ الدَهرِ مِن أَركانِهِ |
|
واهاً عَلَيهِ وَأَهلِهِ وَبُناتِهِ | |
|
| أَيّامَ كانَ النَجمُ مِن سُكّانِهِ |
|
إِذ مُلكُ أَندَلُسٍ عَريضٌ جاهُهُ | |
|
| وَشَبابُهُ المَبكِيُّ في رَيعانِهِ |
|
الفَتحُ وَالعُمرانُ آيَةُ عَهدِهِ | |
|
| وَكَتائِبُ الأَقدارِ مِن أَعوانِهِ |
|
لَبِسَت بِهِ الدُنيا لِباسَ حَضارَةٍ | |
|
| قَد كانَ يَخلَعُهُ عَلى جيرانِهِ |
|
زالَت بَشاشَتُهُ وَزالَ وَأَقفَرَت | |
|
| مِن أُنسِهِ الدُنيا وَمِن إِنسانِهِ |
|
وَطَوى الثَرى سِرَّ الزَوالِ فَيا تُرى | |
|
| هَل ضاقَ صَدرُ الأَرضِ عَن كِتمانِهِ |
|
فَتَكَلَّمَت تِلكَ الطُلولُ وَأَفصَحَت | |
|
| لَمّا وَقَفتَ مُسائِلاً عَن شانِهِ |
|
وَلَعَلَّ نَكبَتَهُ هُناكَ تَفَرُّقٌ | |
|
| وَتَعَدُّدٌ قَد كانَ في تيجانِهِ |
|
عِبَرٌ رَأَيناها عَلى أَيّامِنا | |
|
| قَد هَوَّنَت ما نابَهُ في آنِهِ |
|
وَحَوادِثٌ في الكَونِ إِثرَ حَوادِثٍ | |
|
| جاءَت مُشَمَّرَةً لِهَدِّ كِيانِهِ |
|
سُبحانَ جَبّارِ السَمَواتِ العُلا | |
|
| وَمُقَلِّبِ الأَكوانِ في أَكوانِهِ |
|
أَهلاً بِشَمسِ المَشرِقَينِ وَمَرحَباً | |
|
| بِالأَبلَجِ المَرجُوِّ مِن إِخوانِهِ |
|
أَشكو إِلَيكَ مِنَ الزَمانِ وَزُمرَةٍ | |
|
| جَرَحَت فُؤادَ الشِعرِ في أَعيانِهِ |
|
كَم خارِجٍ عَن أُفقِهِ حَصَبَ الوَرى | |
|
| بِقَريضِهِ وَالعُجبُ مِلءُ جَنانِهِ |
|
يَختالُ بَينَ الناسِ مُتَّئِدَ الخُطا | |
|
| ريحُ الغُرورِ تَهُبُّ مِن أَردانِهِ |
|
كَم صَكَّ مَسمَعَنا بِجَندَلِ لَفظِهِ | |
|
| وَأَطالَ مِحنَتَنا بِطولِ لِسانِهِ |
|
مازالَ يُعلِنُ بَينَنا عَن نَفسِهِ | |
|
| حَتّى اِستَغاثَ الصُمُّ مِن إِعلانِهِ |
|
نَصَحَ الهُداةُ لَهُم فَزادَ غُرورُهُم | |
|
| وَاِشتَدَّ ذاكَ السَيلُ في طُغيانِهِ |
|
أَوَ لَم تَرَ الفُرقانَ وَهوَ مُفَصَّلٌ | |
|
| لَم يَلفِتِ البوذِيَّ عَن أَوثانِهِ |
|
قُل لِلَّذي قَد قامَ يَشأو أَحمَداً | |
|
| خَلِّ القَريضَ فَلَستَ مِن فُرسانِهِ |
|
الشِعرُ في أَوزانِهِ لَو قِستَهُ | |
|
| لَظَلَمتَهُ بِالدُرِّ في ميزانِهِ |
|
هَذا اِمرُؤٌ قَد جاءَ قَبلَ أَوانِهِ | |
|
| اِن لَم يَكُن قَد جاءَ بَعدَ أَوانِهِ |
|
إِن قالَ شِعراً أَو تَسَنَّمَ مِنبَراً | |
|
| فَتَعَوُّذاً بِاللَهِ مِن شَيطانِهِ |
|
تَخِذَ الخَيالَ لَهُ بُراقاً فَاِعتَلى | |
|
| فَوقَ السُها يَستَنُّ في طَيَرانِهِ |
|
ما كانَ يَأمَنُ عَثرَةً لَو لَم يَكُن | |
|
| روحُ الحَقيقَةِ مُمسِكاً بِعِنانِهِ |
|
فَأَتى بِما لَم يَأتِهِ مُتَقَدِّمٌ | |
|
| أَو تَطمَعُ الأَذهانُ في إِتيانِهِ |
|
هَل لِلخَيالِ وَلِلحَقيقَةِ مَنهَلٌ | |
|
| لَم يَبغِهِ الرُوّادُ في ديوانِهِ |
|
إِنّا لَنَلهو إِذ نَجِدُّ وَإِنَّهُ | |
|
| لَيَجِدُّ إِذ يَلهو بِنَظمِ جُمانِهِ |
|
أَقلامُهُ لَو شاءَ شَكَّ قَصيرُها | |
|
| هامَ الثُرَيّا وَالسُها بِسِنانِهِ |
|
يُملي عَلَيها عَقلُهُ وَجَنانُهُ | |
|
| ما لَيسَ يُنكِرُهُ هَوى وِجدانِهِ |
|
بَسلٌ عَلى شُعَرائِنا أَن يَنطِقوا | |
|
| قَبلَ المُثولِ لَدَيهِ وَاِستِئذانِهِ |
|
عافَ القَديمَ وَقَد كَسَتهُ يَدُ البِلى | |
|
| خَلَقَ الأَديمِ فَهانَ في خُلقانِهِ |
|
وَأَبى الجَديدَ وَقَد تَأَنَّقَ أَهلُهُ | |
|
| في الرَقشِ حَتّى غَرَّ في أَلوانِهِ |
|
فَجَديدُهُ بَعَثَ القَديمَ مِنَ البِلى | |
|
| وَأَعادَ سُؤدُدَهُ إِلى إِبّانِهِ |
|
وَرَمى جَديدَهُمُ فَخَرَّ بِناؤُهُ | |
|
| بِرُواءِ زُخرُفِهِ وَبَرقِ دِهانِهِ |
|
شُعَراءُ نَفحِ الطيبِ أَنشَرَ ذِكرُهُم | |
|
| في أَرضِ أَندَلُسٍ أَديبُ زَمانِهِ |
|
وَدَّ اِبنُ هانِئَ وَاِبنُ عَمّارٍ بِها | |
|
| لَو يَظفَرانِ مَعاً بِلَثمِ بَنانِهِ |
|
وَلَوِ اِستَطاعا فَوقَ ذاكَ لَأَقبَلا | |
|
| رَغمَ البِلى وَالقَبرِ يَستَبِقانِهِ |
|
يا كَرمَةَ المَطَرِيَّةِ اِبتَهِجي بِهِ | |
|
| وَاِستَقبِلي الظَمآنَ مِن أَخدانِهِ |
|
مُدّي الظِلالَ عَلى الوُفودِ وَجَدِّدي | |
|
| عَهداً طَواهُ الدَهرُ في بُستانِهِ |
|
كَم مَجلِسٍ لِلَّهوِ فيهِ شَهِدتُهُ | |
|
| فَسَكِرتُ مِن ديوانِهِ وَدِنانِهِ |
|
غَنّى مُغَنّيهِ فَهاجَ غِناؤُهُ | |
|
| شَجوَ الحَمامِ عَلى ذُوائِبِ بانِهِ |
|
فَتَرَنَّحَت أَشجارُهُ وَتَمايَلَت | |
|
| أَعوادُها طَرَباً عَلى عيدانِهِ |
|
فَكَأَنَّ مَجلِسَنا هُناكَ قَصيدَةٌ | |
|
| مِن نَظمِهِ طَلَعَت عَلى عُبدانِهِ |
|
فَالحَمدُ لِلَّهِ الَّذي قَد رَدَّهُ | |
|
| مِن بَعدِ غُربَتِهِ إِلى أَوطانِهِ |
|
فَتَنَظَّروا آياتِهِ وَتَسَمَّعوا | |
|
| قَد قامَ بُلبُلُكُم عَلى أَغصانِهِ |
|