وَلَيلَة جَمعٍ لَم أَبِت ناسِياً لَكُم | |
|
| وَحينَ أَفاضَ الناسُ مِن عَرَفاتِ |
|
وَلَم تُنسِنيكَ البيضُ بِالخيفِ مِن مِنىً | |
|
| وَقَد رُمنَ ارسالاً إِلى الجَمَراتِ |
|
فَطَوَّفنَ بِالبَيتِ العَتيقِ لَيالِيا | |
|
| وَزُرنَ فِناءَ البَيتِ وَالعَرَصاتِ |
|
كَأَنَّ الدُمى أُشرِبنَ دِرعا أَوانِس | |
|
| بدونَ لَنا في القَزِّ وَالحَبَراتِ |
|
يَغيبُ الدُجى ما لَم يَغِبنَ وَيَختَفي | |
|
| إِذا كُنَّ مِنهُ الدَهر مُختَفِياتِ |
|
جَمَعنَ جَمالاً في كَمال مُبَرِّز | |
|
| وَسَددنَ سُلطاناً عَلى النَظَراتِ |
|
فَزَوَّدَني شَوقاً إِلَيك وَحَسرَةً | |
|
| عَلَيك إِلى ما بي مِنَ الحَسَراتِ |
|
ذَهَبت بِديباجِ الجَمالِ وَوَشيِهِ | |
|
| وَصِرنَ بِما خَلَّفت مُحتَفِياتِ |
|
تَطاوَلَ لَيلي بِالحِجازِ وَلَم أَزَل | |
|
| وَلَيلي قَصيرٌ آمِنُ الغَدَواتِ |
|
فَيا حَبَّذا بَرُّ العِراقِ وَبَحرها | |
|
| وَما يُجتَنى فيهِ مِنَ الثَمَراتِ |
|
كَفى حَزَناً ما تَحمِلُ الأَرضُ دونَها | |
|
| لَنا مِن ذرى الأَجبالِ وَالفَلَواتِ |
|
أَبا مَريَم قيلوا بِعسفانَ ساعَةً | |
|
| وَروحوا عَلى اسمِ اللَهِ وَالبَرَكاتِ |
|
وَمُرّوا عَلى قَبرِ النَبِيِّ وَأَكثِروا | |
|
| عَلَيهِ مِنَ التَسليمِ وَالصَلواتِ |
|
وَتِلقاء مجدٍ فَاِستَحِثّوا رِكابَكُم | |
|
| وَلا تَغفلوا فَالحَبس في الغَفَلاتِ |
|
إِذا الغَمَراتُ اِستَقبَلَتنا وَأَمعَنَت | |
|
| فَفي خَوفِها المَنجى مِنَ الغَمَراتِ |
|
تَجاهَلَ عَبدُ اللَهِ وَالعِلمُ ظَنهُ | |
|
| عَلى عالمٍ بِالمَرءِ ذي الجَهَلاتِ |
|
أَلَست الخَليعَ الجامِحَ الرَأس وَالَّذي | |
|
| يَرُدُّ الصبا عوداً عَلى البَدَآتِ |
|
وَمازالَ لي إِلفاً وَأُنساً وَصاحِباً | |
|
| أَخاً دونَ إِخواني وَأَهل ثِقاتي |
|
تَناجَت بِما في قَلبِهِ عَصَبِيَّةٌ | |
|
| يَمُرُّ لَها حر عَلى اللهَواتِ |
|
نَديمُ مُلوكٍ يَحمِلونَ تَذَلُّلي | |
|
| حَنيناً إِلى الفِتيانِ وَالفَتَياتِ |
|
مَتى تَشتَمِل بَكرٌ عَلَيَّ بدارها | |
|
| أَبت واثِقاً بِالجودِ والنجداتِ |
|
وَفي أسدٍ وَالنِّمر أَبناء قاسِطٍ | |
|
| أَمانٌ مِنَ الأَيّامِ وَالغيَراتِ |
|
وَإِنَّ ذَوي الإِقدامِ وَالصَبرِ وَالنُهى | |
|
| لإخوانِنا ذُهلٌ عَلى اللزباتِ |
|
وَإِن تَشتَمِل قَيسٌ عَلَيَّ وَتَغلِب | |
|
| أَبِت واثِقاً بِالمالِ وَالثَرَواتِ |
|
وَأَن أَدعُ عَبدَ القَيسِ أَدعُ قَبِيلَةً | |
|
| مُلَبِّيَةً في الرَّوعِ بِالدَّعواتِ |
|
وَإِن أَدعُ عَمراً أَلقَ كُلَّ كَتِيبَةٍ | |
|
| مُحَرَّمَةٍ مَمنُوعَةِ الجَنَباتِ |
|
وَكَم مِن مَقامٍ في ضَبيعَة مَعمَرٍ | |
|
| يُضافُ إِلى الأَشرافِ وَالسَرَواتِ |
|
وَفي أَكلُب عِزّ تِلادٌ وَطارِفٌ | |
|
| بعيد مِنَ التَقصيرِ وَالتَبراتِ |
|
وَما الفَتكُ إِلا في رَبيعَةَ وَالغِنى | |
|
| وَذَبّ عَنِ الأَحسابِ وَالحُرُماتِ |
|
وَقادَ زِمامَ الجاهِلِيَّةِ مِنهُمُ | |
|
| مَناجيبُ سَباقون في الجلباتِ |
|
وَقادوا جُيوشاً أَولاً بَعدَ أَوَّل | |
|
| أَقَرَّ لَها عادٍ بِكُثرِ أَداةِ |
|
إذا زَفَّتِ الرِّيحُ الشتاءَ وَزَفَّها | |
|
| وَلَفَّحَتِ الأَرواحَ بالشَّتَواتِ |
|
رَأَيتَ مَعَدّا واليَمانِينَ عُوَّذا | |
|
| بِبَكرٍ مِنَ اللأواءِ وَاللزَبَاتِ |
|
مَفاتيحُ أَبوابِ النَدى بِأَكُفِّنا | |
|
| فَسُؤالُنا يَدعونَ بِالشَهَواتِ |
|
إِذا هَلَكَ البَكرِيُّ كانَ تُراثُهُ | |
|
| سنانٌ وَسَيفٌ قاضِبُ الشَفَراتِ |
|
وَلَم يدعوا مِن مالِ كِسرى وَجُندِهِ | |
|
| عَلَى الأَرضِ شَيئاً بَعدَ طولِ بَياتِ |
|
إِذا لَم يُسَلِّطنا القَضاءُ عَلى العِدى | |
|
| منوا وَاِبتلوا مِن خَوفِنا بِخفاتِ |
|
وَإِنَّ وَعيدَ الحَيِّ بَكرِ بنِ وائِلِ | |
|
| إِلى المَوتِ يَرمي الروحَ بِالسَكَراتِ |
|
وَمَن لَم تَكُن بَكرٌ لَهُ فَهوَ ضائِعٌ | |
|
| إِذا الرَوعُ أَبدى أَسوق الخَفراتِ |
|
إِذا عَدَّتِ الأَيّامُ بَكرَ بنَ وائِلِ | |
|
| رَأَيت مَعَدّاً تَحتَها دَرَجاتِ |
|
وَكُلُّ قَتيلٍ مِن رَبيعَةَ يَنتَمي | |
|
| إِلى حَسَبٍ صَعبِ المَناكِبِ عاتِ |
|
وَيَومَ خَزارٍ أَقطَعُوا خَيلَ تُبَّعٍ | |
|
| وَسَاقُوا إِلَيهِ الشّرَّ في الفَرَطاتِ |
|
لَهُم خُططٌ مِنها العِراقُ بِأَسرِها | |
|
| تَوارَثَها الآباءُ خَيرَ رِثاتِ |
|
وَأَوَّلُ ما اِختَطوا اليَمامَةَ وَاِحتَوَوا | |
|
| قُصوراً وَأَنهاراً خِلالَ نَباتِ |
|
وَعاجَت عَلى البَحرَينِ مِنهُم عِصابَةٌ | |
|
| حَمَتها بِأَعلامٍ لَها وَسِماتِ |
|
وَهُم مَنَعوا ما بَينَ حُلوانَ غَيرَةً | |
|
| إِلى الدَربِ دَربَ الرومِ ذي الشُرُفاتِ |
|
وَأَما بَنو عيسى فَماه دِيارِهِم | |
|
| إِلى ما حَوَت جَوٌّ مِنَ القَرَياتِ |
|
بَنَوا شَرَفاً فيها وَمَرَّت عَلَيهِمُ | |
|
| هَنَاتٌ مِنَ الأَيَّامِ بَعدَ هَناتِ |
|
بَنو حرَّة أَدَّت أُسوداً ضَوارِياً | |
|
| عَلى الحَربِ وَهابينَ لِلبَدَراتِ |
|
عَلى أَعظم بِالرايحانِ وَدايهِ | |
|
| مُقَدَّسَة تَحتَ التُرابِ رُفاتِ |
|
قِفا وَاِسأَلاها إِن أَجابَت وَجَرِّبا | |
|
| أَبا دُلَفٍ في شَأنِها الحَسَناتِ |
|
فَتىً ما أَقَلَّ السَيف وَالرُمح مُخرج | |
|
| عداهُ مِنَ الدُنيا بِغَيرِ بَياتِ |
|
هُوَ الفاضِلُ المَنصورُ وَالرايَةُ الَّتي | |
|
| أَدارَت عَلى الأَعداءِ كَأسَ مَماتِ |
|
أَذاقَ الرَدى جَلوَيهِ في خَيلِ فارِسٍ | |
|
| وَنَصراً فَصاروا أَعظُماً نَخِراتِ |
|
وَما قُتِلَ النُّعمَانُ إِلا وَحَولَهُ | |
|
| مِنَ القَومِ أُسدٌ تَطلُبُ النزواتِ |
|
وَما اِعتَوَرَت فُرسانُ قَحطان قَبلَهُ | |
|
| عَلى أَحَدٍ في السِرِّ وَالجَهَراتِ |
|
لَقُوهُ وَفيهِم حِيلَةُ الكودِ فانطَوَوا | |
|
| عَلَى قَتلِ أَحرارٍ لَهُم وَثِقَاتِ |
|
عَدَت خَيلُهُ حُمر النُحورِ وَخَيلُهُم | |
|
| مُخَضَّبَةَ الأَكفالِ وَالرَبَلاتِ |
|
وَصَبَّحَ صُبحاً عَسقَلان بِعَسكَر | |
|
| بَكى مِنهُ أَهلُ الرومِ بِالعَبَراتِ |
|
سَعى غَير وانٍ عَن عَقيلٍ وَما سَلا | |
|
| وَلَم يَعدُ عَن حِرمان فَالسَلَواتِ |
|
فَبَيَّتَهُم بِالنارِ حَتّى تَفَرَقوا | |
|
| عَلى الحِصنِ بِالقَتلى أَشَدَّ بَياتِ |
|
وَجاسَ تُخومات البِلادِ مُصَمِّماً | |
|
| عَلى أَهلِها بِالخَيلِ وَالغَزَواتِ |
|
نَفى الكُرد عَن شَعبَي نَهاوَندَ بَعدَما | |
|
| سَقى فَرض القُربان بِالرَفَقاتِ |
|
وَأَورَدَ ماءُ البِئرِ بِالبيضِ فَاِرتَوَت | |
|
| وَعَلَّ رِماحاً مِن دَم نَهِلاتِ |
|
وَلَم يُثنِهِ عَن شَهرَزورَ مَصيفُها | |
|
| وَوردُ أجاجِ الشربِ غَير فُراتِ |
|
وَمِن هَمَذانَ قارَعَتهُ كَتيبَةٌ | |
|
| فَآبَت بِطَيرِ النَحسِ وَالنَكَباتِ |
|
وَبِالحرشانِ اِستَنزَلَ القَوم وَحدهُ | |
|
| يخرونَ لِلأَذقانِ وَالجَبَهاتِ |
|
وَلَم يَنج مِنهُ طالِبٌ قَبلَ طالِبِ | |
|
| وَقَد أَوسَعا في الطَعنِ هاكٍ وَهاتِ |
|
فَقالَ أَسِيرٌ خالِعٌ بَعد طَاعِنٍ | |
|
| سَآسُرُهُ والأَسرُ مِن فَعَلاتي |
|
بِدينِ أَميرِ المُؤمِنينَ وَرَأيُهُ | |
|
| نُدينُ وَنَنفي الشَكَّ وَالشُبُهاتِ |
|
فَكُلُّ قَبيلٍ مِن مَعَدٍّ وَغَيرها | |
|
| يَرى قاسماً نوراً لَدى الظُلُماتِ |
|
وَلَو لَم يَكُن مَوتٌ لَكانَ مَكانهُ | |
|
| أَبو دُلَفٍ يَأتي عَلى النَسَماتِ |
|
أَبا دُلَفٍ أوقعت عِشرينَ وَقعَةً | |
|
| وَأَفنَيت أَهل الأَرضِ في السَنواتِ |
|
تَرَكت طَريقَ المَوتِ بِالسَيفِ عامِراً | |
|
| تحزقهُ القَتلى بِغَيرِ وفاةِ |
|
صَبَرت لأَنَّ الصَبرَ مِنكَ سَجِيَّةٌ | |
|
| عَلى غَدَراتِ الدَهرِ ذي الغَدَراتِ |
|
إِلى أَن رَفَعت السَيفَ وَالرُمحَ بَعدَما | |
|
| سَمَوت فَنِلت النَجمَ بِالسَمَواتِ |
|
وَلَبَّيتَ هارونَ الخَليفَةَ إِذ دَعا | |
|
| فَأَلفَيتهُ في اللَّهِ خَير مُواتِ |
|
فَأَمَّنتَ سِرباً خائِفاً وَرَدَدتَهُ | |
|
| وَأَلَّفتَ عِجلاً بَعدَ طولِ شَتاتِ |
|
أَعَدتَ اللَحا فَوقَ العَصا فَجَمَعتَها | |
|
| وَقَد صَيَّروا عُجمَ العَصا عَبَراتِ |
|
وَأَلبَستَ نُعماكَ الفَقيرَ وَغَيرَهُ | |
|
| وَأَتبَعتَ بِرّاً واصِلاً بِصِلاتِ |
|
فَعِزُّكَ مَقرونٌ بِعِلمٍ وَسُؤددٍ | |
|
| وُجودُكَ مَقرونٌ بِصدقِ عِداتِ |
|
وَما اِفتَقَدَت مِنكَ القَبائِلُ ساعَةً | |
|
| جَواداً يبدّ الريحَ حِلفَ هِباتِ |
|
وَما لَكَ في الدُنيا نَظيرٌ إِذا جَرَوا | |
|
| وَطالَ مَدى الغاياتِ وَالغَلَواتِ |
|
إِذا ظَلَّلَتنا مِنكَ بِالخَيرِ نِعمَةٌ | |
|
| جَعَلتَ لَها أَمثالَها أَخَواتِ |
|
بَسَطتَ الغِنى وَالفَتكَ وَالخَيرَ وَالنَدى | |
|
| بِشِدَّةِ إِقدامٍ وَحُسنِ أناةِ |
|
أَبو دُلَفٍ أَفنى صِفاتي مَديحُهُ | |
|
| وَإِنّي لَيَكفي الناسَ بَعضُ صِفاتي |
|
وَأَروَعَ مَسبُوكٍ تردَّدَ في العُلا | |
|
| وَفي الجَوهَرِ المَكنُونِ وَالصَّفَواتِ |
|
بِهِ اِرتَدَّ مُلكٌ كادَ يودي وَأسبِغَت | |
|
| عَلى آلِ عيسى أَفضَلُ النعَماتِ |
|
بَنى قاسِم مَجداً رَفيعاً بيوته | |
|
| وَشادَ بُيوتَ المَجدِ بِالعَزَماتِ |
|
وَأَشبَهَ عيسى في نَداهُ وَبَأسِه | |
|
| وَفي حُبِّهِ الأَفضالَ وَالصَدَقاتِ |
|
وَأشبَهَ إِدريس الَّذي حَدُّ سَيفِهِ | |
|
| تشبُّ بِهِ النيران في الفَلَواتِ |
|
كَأَنَّ جِيادَ المَعقِلِيّينَ في الوَغى | |
|
| جَهَنَّمُ ذات الغَيظِ وَالزَفَراتِ |
|
أَبوهُ عُمَيرٌ قادَ أَبناءَ وائِلٍ | |
|
| إِلى العِزِّ وَالكَشّاف لِلكُرُباتِ |
|
بَنو دُلَفٍ بِالفَضلِ أَولى لِأَنَّهُم | |
|
| مَعادِنُ أَيقان بِما هُوَ آتِ |
|
كَأَنَّ غَمامَ العِزِّ حَشوُ أَكُفِّهِم | |
|
| إِذا طَبقَ الآفاق بِالدِيماتِ |
|
إِذا زُرتَهُم في كُلِّ عامٍ تَباشَروا | |
|
| وَلَم يغفَلوا الأَلطافَ وَالنَغَماتِ |
|
فَكَم أَصلَحوا حالي وَأَسنَوا جَوائِزي | |
|
| وَأَجرَوا عَلَيَّ البَذلَ وَالنَفَقاتِ |
|
وَإِنّي عَلى ما في يَدي مِن حِبائِهِم | |
|
| كَمَعنٍ وَمِثلي طَلحَةُ الطَلحاتِ |
|
فَمُنيَةُ قَومي أَن أُخَلَّدَ فيهِم | |
|
| وَمُنيَةُ أَعدائي نَفادُ حَياتي |
|
أَنا الشاعِرُ المُملي عَلى أَلفِ كاتِبٍ | |
|
| وَيَسبِق إِملائِي سَريعَ فُراتِ |
|
فَأُبدي وَلا أروي لِخَلقِ قَصيدَةٍ | |
|
| وَأحسَبُ إِبليساً لِحُسنِ رواتي |
|