ألا لا أرى الأيام يُقضى عجيبها |
بطول ولا الأحداث تفنى خطوبها |
ولا عبر الأيام يعرِف بعضَها |
ببعض من الأقوام إلا لبيبها |
ولم أر قول المرء إلا كنبله |
به وله محرومها ومصيبها |
وما غُبن الأقوام مثلَ عقولهم |
ولا مثلها كسباً أفاد كسوبُها |
وما غُيِّب الأقوام عن مثل خطة |
تغيب عنها يوم قيلت أريبها |
ولا عن صفاة النِّيق زلَّتْ بناعل |
ترامى به أطوادُها ولهُوبُها |
وتفنيد قول المرء شين لرأيه |
وزينةُ أخلاق الرجال وظوبها |
وأجهلُ جهل القوم ما في عدوهم |
واقبحُ أخلاق الرجال عزيبها |
رأيتُ ثياب الحلم وهي مُكنة |
لذي الحلم يعرى وهو كاس سليبها |
ولم أرَ بابَ الشر سَهْلاً لأهله |
ولا طُرُق المعروف وعثا كثيبها |
وأكثر مأتى المرء من مطمأنه |
وأكثر أسباب الرجال كذوبها |
ولم أجد العيدان أقذاء أعين |
ولكنما اقذاؤها ما ينوبها |
من الضيم أو أن يركبُ القومُ قومَهم |
رِدافاً مع الأعداء ألباً ألوبُها |
رمتني قريش عن قِسيّ عداوة |
وحِقْدٍ كأن لم تدرِ أني قريبها |
توقِّع حولي تارة وتصيبني |
بنبل الأذى عفواً جزاها حسيبها |
وكان سِواغاً إذ عثرت بغُصة |
يضيق بها ذَرْعاً سواها طبيبها |
فكم أرعَ مما كان بيني وبينها |
ولم تك عندي كالدَّبُور جَنوبُها |
ولم أجهل الغيث الذي نشأت به |
ولم أتضرع أن يجيء غُضُوبُها |
وأصحبت من أبوابهم في خطيطة |
ولا ذنب للأبواب مرتٌ جديبها |
وللأبعد الأقصى تلاع مريعة |
أقام بها مثل السنام عسيبها |
رمتني بالآفات من كل جانب |
وبالذَّربيَّا مُرْدُ فهر وشيبها |
بلا ثبت إلا أقاويل كاذب |
يُحَرِّبُ أسد الغاب كفتاً وثوبها |
لعمر أبي الأعداء بيني وبينها |
لقد صادفوا آذان سمع تجيبها |
فلن تجد الآذان إلا مطيعة |
لها في الرضا أو ساخطاتٍ قلوبُها |
أفي كل أرض جئتها أنا كائن |
لخوف بني فهرٍ كأني غريبها |
وإن كنت في جِذْم العشيرة أقبلت |
عليَّ وجوه القوم كرهاً قُطُوبها |
بني أبنة مُرٍّ أين مُرَّة عنكم |
وعنا التي شعباً تصير شعوبُها |
وأين ابنها عنا وعنكم وبعلُها |
خزيمةُ والأرحام وعثا جؤوبها |
إذا نحن منكم لم ننل حق أخوة |
على أخوة لم يخش غِشا جيوبها |
فأية أرحام يُعاذُ بفضلها |
وأيةُ أرحام يؤدى نصيبها |
لنا الرَّحِمُ الدنيا وللناس عندكم |
سجالُ رغيبات اللُّهى وذَنُوبها |
ملأتم حياض المُلحِمين عليكم |
وآثاركم فينا تَضِب ندوبُها |
ستلقون ما أحببتم في عدوكم |
عليكم إذا ما الخيل ثار غضوبُها |
فلم أر فيكم سيرة غير هذه |
ولا طُعْمةً إلا التي لا أعيبها |
ملأتم فجاج الأرض عدلاً ورأفةً |
ويعجز عني غيرَ عجز رحيبها |
قطعتم لساني عن عدو تنالكم |
عقاربُه تلداغُها ودبيبها |
فأصبحت فدْماً مفحماً وضريبتي |
محالِفُ إِفحام وَعِيّ ضريبُها |
فأرحامكم لا تطلبَّنكم فإِنها |
عَوَاتمُ لم يهجعْ بليل طليبها |
إذا نبتت سلق من الشر بيننا |
قصدتم لها حتى يُجَزَّ قضيبها |
لتتركنا قُربى لؤيّ بن غالب |
كسامةَ إذْ أودت وأودى عتيبها |
فأين بلاء الدين عنا وعنكم |
لكل أكف حاقِنات ضريبها |
ولكنكم لا تستثيبون نعمةً |
وغيركم من ذي يدٍ يستثيبها |
وإن لكم للفضل فضلاً مبرِّزاً |
يقصِّرُ عنكم بالسُعاة لغوبها |
جمعنا نفوساً صادياتٍ إليكم |
وأفئدة منا طويلاً وجيبها |
فقائبة ما نحن يوماً وأنتم |
بني عبد شمس أن تفيئوا وقوبها |
وهل يعدُوَنْ بينُ الحَبِيبِ فراقُه |
نعمْ داءُ نفسٍ أن يبين حبيبها |
ولكن صبراً عن أخ لك ضائر |
عزاء إذا ما النفس حنَّ طروبها |
رأيت عِذابَ الماء أن حيل دونه |
كفاك لما لا بدَّ منه شريبها |
وإن لم يكن إلا الأسنة مركب |
فلا رأي للمحول إلا ركوبها |
يشوبون للأقصين معسول شيمة |
فأنىَّ لنا بالصاب أني مشوبها |
كلوا ما لديكم من سَنام وغارب |
إذا غُيَّبت دودان عنكم غُيُوبها |
ستذكرنا منكم نفوسٌ وأعينٌ |
ذوارف لم تضنن بدمع غُروبها |
إذ ودَّأتنا الأرض إن هي وأدت |
وأفرخ من بين الأمور وَقُوبُها |
تركنا مطافَ الشعب وهو محلُّنا |
لكم ومطاخ الواجبات جنُوبها |
وَمشْعر جَمْع والمغاض عشيةً |
إذا حال دون الشمس قصراً مغيبها |
ومَرْسَى حراءٍ والاباطح كلَّها |
وحيث التقت أعلام ثور ولُوُبها |
ومورد خيلنا عكاظ كأنها |
بواكير طير باتِ قِيّا عدوّها |
وقبر أبي داود حيث تشققت |
عليه المآلي عصبُها وسبيبها |
تهتكها البيض الشغاميم حرة |
يهيج اكتئاب الجن وهْنا كئيبها |
بنات نبي الله وابن نبية |
يكاد يزيل الراسيات نحيبها |
قواطِنْ بيت الله هُنَّ حمَامة |
بزَمْزَمَ يوم الوِردِ يلقى مهيبُها |
بسَفح أبي قابوس يندبن هالكاً |
يخفِّض ذات الولد عنها وقوبها |
أبونا الذي سَنَّ المئين لقومه |
ديات وعدَّاها سلوفاً منيبها |
وسلَّمها فاستوثق الناس للتي |
يعلل مما سَنَّ فيهم جدوبها |
غنائم لم تجمع ثلاثاً وأربعاً |
مسائل بالالحاف شتى ضُروبُها |
فلما نفيتم عن تهامة كلِّها |
بيوتاً هي الأدنى إليكم نسيبُها |
فزعتم لنا في كل شرق ومغرب |
بنا ولنا أظفاركم وعُلُوبُها |
فأين سواكم أين لا أين مذهب |
وهل ليلة قَمْراء ناجٍ طليبُها |
يعاتُبني في النّضحِ فِهْرُ بن مالك |
ولم تدر ما يخفي الضمر عيوبُها |
ولو مات من نُصْحٍ لقوم أخوهم |
لقد لقيتني بالمنايا شعوبها |
ولو كان تخليداً لذي النُصح نُصحه |
لملئت دنيا ما أقام عسيبها |
أطّيب نفسي عن لؤي بن غالب |
وهيهات مني ثم هيهات طبيبُها |
أبوها أبي الأدنى وأمِّي أمتُها |
فمن أين رابتني وكيف أريبها |
إذا سِمْتُ نفسي عن بني النَّضْر سلوةً |
عصتني فلم يسلسْ لطوع جنيبُها |
إلا بأبي فهر وأميَ مالك |
ولو كثرت عندي وفيَّ ذُنوبُها |
هم صفوة اللهِ الخيارُ وفيهم |
تأرَّثُ نيران الهُدى وثقوبُها |
عليهم ثياب النَّضْر وابنيه مالك |
وفهر صِحاحاً لم يُدَنَّسْ قشيبها |
فدىً لهم أمي وأمهم لهم |
إذا البيض أبدتْ ما توارى أتوبُها |
لهم مشية لا يحدثُ الحربُ غيرها |
إذا ما نحور القوم بلَّ خضيبها |
بمشيتهم طالتْ قصار سيوفهم |
حِفاظاً إذا ما الحرب شب شبوبها |
يزيدهم عَجْم الكرابة نجدة |
وعزَّاً إذا العيدانُ خان صليبُها |
لهاميمُ أشرافٌ بهاليل سادةٌ |
إذا السنة الشهباء عمَّ سغوبها |
مغاوير أبطالٌ مساعير في الوغى |
إذا الخيل لم تثبت وَفرَّ أريبها |
قدورهم تغلِي أمام فنائهم |
إذا ما الثريا غاب عصراً رقيبها |
إذا ما المراضيع الخماص تأوهت |
ولم تَنْدَ من انواءِ كحل جبوبُها |
وروحت الأشوال والشمس حيَّة |
حدابير حُدْباً كالحقائق نيبها |
واسكت درَّ الفحل واسترعفت به |
حراجيج لم تلقح كشافاً سلوبها |
وبادرها دفء الكنيف ولم يُعِن |
على الضيف ذي الصحْن المسنَّ حلوبُها |