إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
ترابكِ |
كفنِى عيْنى |
بضوْءٍ من رَحيق الفجْر |
منْ سعَف النخيلْ |
فلكمْ ظمئتُ على ضفافِكِ |
رغم أنَّ النيلَ يجْرى |
فى رُبُوعكِ ألف ميلْ |
ولكمْ حملتُ الناىَ |
فى حضْن الغرُوب. |
ودندنتْ أوتارُ قلبِى |
رَغمَ أن العمْرَ مُنكسرٌ ذليلْ |
لا تعْجَبى |
إنْ صَارَ وَجْهُ الشَّمْس |
خفاشًا بعَرْض الكوْن |
أوْ صارتْ دمَاءُ الصُّبْح |
أنهارًا تسيلْ |
فزماننا زمَن بخيلْ |
لا تسْألى القنَّاص عنْ عيْنى. |
ولا قلْبى. ولا الوجْه النحيلْ |
ولتنظرى فى الأفق |
إن النهْر يَبْكى |
والخيُول السُّمرَ |
عاندهَا الصِّهيلْ |
لا تسْألينى |
عنْ شبَابٍ ضَاعَ مِنِّى |
واسْألى القنَّاصَ. |
كيفَ شدَوْتُ أغنية الرَّحيلْ؟ |
إنى تعلمْتُ الحنانَ على يَدَيْك. |
وَعِشْت أحمل ورْدة بيضَاءَ |
كالعُمْر الجَميلْ |
الناىُ أصْبحَ فى الضلوع رصاصَة |
والورْدة ُ البيْضاءُ. |
فى عَينى قتيلْ |
مُدِّى يديْك إلىَّ. إنِّى خائِفٌ |
ولترْحَمى ضَعْفِى |
جُنونى. |
وارْحًمى الجَسَد الهزيلْ |
وَجْهى ينامُ على ترابكِ كفنيهْ |
لا تترُكيهِ لنشْوة القناص ِ. |
حينَ يطاردُ العصفُور فى سَفهٍ. وتيهْ |
لا تترُكِى الابْنَ القتيلَ. |
يمُوتُ موْجُوعًا بنشْوة قاتليهْ |
ولترحَمِى وَجْهى |
فكمْ صلى عَلى أعتابكْ |
جناتُكِ الخضْراءُ تلفظهُ |
وينكرُه ترابُكْ |
لا تنْكريه فإنَّ هذا الوَجْهَ |
يحْملُ لونَ طينكِ. |
حينمَا كانتْ خيولُ المجْد |
تركضُ فى رحابكْ |
لا تترُكى عَينى لشمْس الصَّيْف تأكلُها |
فكمْ حملتْ بشائرَ أمنياتكْ |
ولتسْترى جسَدِى |
فكمْ نبتتْ على أعْشَابهِ الخضْراءِ |
أحْلى أغنياتكْ |
لا تترُكينى فى العَرَاءِ |
أصارعُ الغرْبَانَ وَحْدى. |
بعْدَمَا أكلوا رُفاتكْ |
إنى حلمْتُ ككلِّ أطفال المَدينةِ. |
فى ليالى العيدْ |
وحلمتُ باللعب الَّصغيرةِ. والحِذاءِ. |
وقطعةِ الحَلوى |
وبالثوْب الجديدْ |
وحلمتُ يوْمًا. |
أن أكونَ الفارسَ المغوَارَ |
يغرسُ فى ربوُعِكِ |
كل أحْلام الوليدْ |
زمنٌ سعيدْ |
وطنٌ مجيدْ |
أملٌ عنيدْ |
لكننِى أصبحْتُ فى عَينيكِ. |
كالطَّيْر الشَّريدْ |
يساقط الزغب الصغير على التراب |
جناحى المكسور |
ترصده البنادق من بعيد |
لم تسألى العصفور |
كيف يموت فى فمه الغناء؟ |
لم تسألينى كيف أهجر ثدى أمى |
ثمَّ تغرقنى الدِّمَاءْ؟ |
لم تسْألينِى |
ما الذى جعلَ العصَافيرَ الصَّغيرة. |
تكرهُ الأشْجَار تأوى للعَرَاءْ؟ |
الجُوعُ. والحرْمَانُ. والأملُ اللقيط . |
صَقيعُ أيَّامى. وأحْزانُ الشتاءْ |
فأنا غريبٌ فيكِ. |
لا أملٌ لديْك. ولا رَجَاءْ |
الآن صدرُك فى عُيُونى |
أضيقُ الأشياءْ |
الآنَ وجْهُك فى عُيونى |
أصغرُ الأشيَاءْ |
الآن قلبكِ عنْ عُيُونى |
أبْعد الأشيَاءْ |
حتَّى الدُّعاءُ نسيتهِ |
حتى الدعَاءْ |
يا أيَّهَا القناصْ |
ثمنُ الرَّصَاصَةِ يشْترى خُبْزا لنَا |
وشبابُنا قدْ سالَ نهرًا منْ دمَاءٍ بيننَا |
لِمَ لا يكون سياجَ أمن حَوْلنا |
هذا الوطنْ؟ |
لم لا تكونُ ثمارهُ ملكًا لنا؟ |
لم لا يكونُ ترابُه حقا لنَا؟ |
يا أيهَا القناصُ. أنظرْ نحْونَا |
سَترى بًطونًا خاويهْ |
وترَى قلوبًا واهيهْ |
وترَى جراحًا داميهْ |
فالأرضُ ضاقتْ. |
ليْسَ لى فيهَا سَندْ |
والناسُ حوْلى |
لا أرى منهُمْ أحدْ |
حتَّى الجسدْ |
قدْ ضاقَ بى هَذا الجسدْ |
لم تسْألينى قبلَ أن أمْضِى |
لماذا غابَ ضوْءُ الشَّمْس عنْ عَيْنى |
وأغرَقنِى ظلامِى؟ |
لم تسْألى جَسَدًا هَزيلا ماتَ جُوعًا |
كيفَ تأكلنِى عظامِى؟ |
لم تسْألينِى |
ما الذِى جَعَلَ الفراشاتِ الجَميلة |
فى جَبين الفجْر تبْدُو كالجَرَادْ؟ |
لمْ تسألينى |
ما الذى جَعَل الصَّبَاحَ |
الأبيضَ المَفتُونَ يكسُوهُ السَّوادْ؟ |
لمْ تسألينِى |
كيفَ تنبتُ فى بلادِ الطُّهْر |
أزمنة الفسَادْ؟ |
لمْ تسألِينى |
كيْفَ كانَ المَاءُ |
يجْرى فوقَ عيْنى. |
ثمَّ يقتلنى العطشْ؟ |
لمْ تسألينى أينا أقْسَى |
وليدٌ ضاق. |
أم أبٌ بطشْ؟ |
لمْ تسْألينِى |
ما الذِى جَعَل اليَمَامَ يَصيرُ ثعْبَانًا. |
ويشربُ من دَمِكْ؟ |
لمْ تسْألينِى |
ما الذى جَعَلَ الشُّعاع |
الأخضَرَ المنسابَ |
يقتلُ أنجُمَكْ؟ |
لمْ تخْبرينِى |
مَنْ إلى سُوق النخاسةِ أسْلمكْ؟ |
مازلتُ كالمجْنُون فى حُزْن أسائلْ: |
هذى الحقولُ الخضْرُ |
كيفَ تكسَّرتْ فيهَا السَنابلْ؟ |
هذى العقولُ الخُضْرُ. |
كيفَ تفجَّرتْ فيها القنابلْ؟ |
إنِّى أحبُّك. صدِّقينِى |
رغمَ أنَّ الحزْنَ فى قلبى |
مليكٌ ظالمٌ |
فالسِّجْنُ بَيْتى. |
والأسَى سُلطانِى |
كمْ نمتُ واليأسُ العنيدُ يهزُّنِى |
فإذا صَحَوْتُ أراهُ فى أجفانِى |
كمْ همْتُ فى صَمْتِ الشَّوارع |
أسْألُ القطط اللقيطة. |
عنْ بقايَا الخُبْز. عنْ عُنْوانى |
كمْ طفتُ فوْقَ موائِدِ الطرقاتِ |
تلفظنِى الشَّوارعُ مرَّة. |
ويعُودُ يلقينِى طريقٌ ثان ِ |
لمْ تسْألينى مرَّة ً. |
مَنْ يا ترَى أبكانِى؟ |
لمْ تسألينى كيفَ أصْبَحَ |
حُزنُ هذا الكوْن من أحْزانِى |
لمْ تسْألى الوطنَ الجَميلَ وقدْ نمتْ |
فى وَجْههِ الأحْقادُ كيفَ رَمَانِى؟ |
حقِّى عليْه رغيفُ خبْز آمنٌ |
وكرامة الإنسَان للإنسَان |
عبثتْ بنا أيْدى الزَّمَان. وأظلمَتْ |
فينا القلوبُ. وليلها أعمَانِى |
عمرٌ لقيط . وارْتعاشة ُ عاجز ٍ |
وأنينُ بطن. وانكسارُ أمانِى |
تلكَ الرؤوسُ تهيمُ فى أوْكارهَا |
ويصيدُنا القناصُ كالفئران ِ |
فأنا شهيدك رغم أنِّى عاشق |
ودَمِى حرامٌ. واسْألى سجَّانِى |
قدْ جئتُ يا أمى |
لأطلبَ ثوبَ عُرْسى |
منْ يديْكِ بفرْحتَى |
أعَطيْتنى. أكْفَانِى |