إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
يجئ في الدجي الثقيل مرةً، |
ومرة يجئ في الشموعْ |
وتارةً يطير في قُري الحياري |
وتارةٌ يحطُّ في الضلوعْ |
وهو في زمانٍ قابضٌ أريجَه، |
وفي زمانٍ، يضوعْ |
المرفأ الحنونُ في بلادٍ، |
وفي بلادٍ |
قلوعْ. |
*** |
المدي |
كان عُشبة مضاءه |
وكنتُ في صبابتي |
مفتّتاً علي نوافذِ البراءه. |
بان لي كائنٌ يطلُّ بين نخلةٍ وبين ماء |
ويمنحُ الحريقَ موعدا |
صاح في سنيني: |
المدي عشبةٌ، والسماءْ |
همستُ: جدولٌ يفيضُ بالبقول والندي |
قال: فاشهدِ العناقَ يجرفُ المكانَ |
والهديلَ يكنسُ الرداءه |
وادخلْ إلي ابتهاجة الفصول |
سابحآً في تموُّجِ العباءه |
لتجلوَ الخبئَ تحتَ قبةِ الخلاء. |
قلتُ: إنه المَدَي |
رمزه الغناء إذ يصيرُ سكةً، |
وسرمدا |
قال: أهلُه الندي |
وبيتهُ الفضاء. |
*** |
الكائنُ الذي أطل بين نخلة وبين ماء |
إسمُه: ابتداء |
*** |
هنا صبابةٌ وظامئون: |
دخلتُ بهجةَ الفصول |
كان كائني الذي يشبه النخيلَ أو يشابه الماء |
واقفاً فوق فسقيةٍ |
تشع أنبياء |
جسمهُ البهي مشعَلٌ |
بجمرةِ العقيق أو بخمرةِ الوصول |
فارعآً يفك سُرةَ الداخلين، |
عارياً يضفّرُ العشبَ في العشب منديلَ فتنةٍ |
علي خواصرِ الراقصين، |
يعجنُ الغصونَ بالغصونِ ليمونةً، وحنّاء |
علي أسي المستضعفينَ أو علي بطونِ النساء |
لترتوي بصرخةِ الأجنةِ الحقولْ |
بخورٌ خانقٌ في بهجة الفصولْ |
وأنا مقسّمٌ بين لذةِ المنع، |
ولذة الحصولْ |
والكائنُ الذي أطل لي بين نخلة وبين ماء |
كان هامساً يذيعُ في القادمين: |
لكل دربٍ رقصةٌ، |
لكل رقصة أصول. |
*** |
حدوده عصيةٌ: |
إن قلتُ هذه تلول من الطينِ في وجنةِ البلاد |
قال أبعدُ النجومِ في كفوفِ القاطفين |
إنْ قلتُ لا يقدرُ القاتلونَ أن يحبسوا الورود |
قال في كل زنزانةٍ يلتمّ عاشقون |
إن قلتُ كلمةٌ، سنابلٌ، قرنفله |
قال: قنبله. |
الكائن الذي أطل بين نخلةٍ وبين ماءْ |
سماءْ. |
*** |
القناطرُ الخيريةُ ارتحلتْ إلي الأحباء: |
دخلتُ بهجةَ الدموعِ فخصّني برشّةٍ شهيةٍ |
ثم مد لي بردية، وقال: |
من هنا مبدأ البكاء. |
فقرأتُ: |
إن ندماءكَ قد كذبوا عليك. |
فهذه سنواتُ حربٍ وبلاء. |
ما هذا الذي حدث في مصر؟ |
إن من لا يمتلك شيئًا |
أضحي من الأثرياء. |
يا ليتني رفعتُ صوتي في ذلك الزمان. |
يا ليتني رفعتُ صوتي في ذلك الزمان. |
حدوده عصيةٌ علي الحدود: |
تتبعتُ خطوه في المدينةِ التي يدوسها حذاءٌ غريب |
فغذَّ رقصه إلي القصائدِ التي تنط في ردهة السجون |
أتيتُه علي نهرٍ مسافرٍ لا يبلُّ غلةَ الظامئين |
فجاء صوب الستائر التي حيكت بقمصان أنثي، |
وأنثاهُ شكلٌ للدماء |
راوغتُ جرحَه خلفَ انكسارةِ الحصان |
ففرَّ مني في كتاب النيلِ، أو في أزقةِ الفسطاط. |
وحينما طلبته إلي الثري، |
أجابني في الورود. |
حدوده عصيةٌ علي الحدود. |
*** |
العرّافُ يخلطُ الرملَ بالنشيجْ: |
ضفّرَ الأغصانَ في خصري، |
عرّي خبيئي، |
وحطّني في تموج الفسقية التي تمورُ بالحجيجْ. |
وكان يبكي ساعة |
وساعة يغني وحيداً كالأنبياء: |
كل احتراقةٍ خطوةٌ |
وكل خطوةٍ نسيجْ. |
قسَّم الرغيفَ قسمتين، |
وأعطاني ثريداً وجنيةٌ وطلسماً |
علي شكل ظبي نحيل |
ثم دقّ عينّي في صفحة بيضاء |
فكتبتُ: |
إن الناسَ يصنعون تاريخهم |
بأيديهم، ولكنهم لا يصنعونه علي |
هواهم، إنهم لا يصنعونه في |
ظروفٍ يختارونها هم بأنفسهم بل |
في ظروفٍ يواجهون بها، وهي معطاةٌ |
ومنقولةٌ لهم من الماضي |
وحينما نشلتُ جثتي من الفسقية التي تمورُ بالنشيج |
كان كائني الذي أطل بين نخلةٍ وبين ماء |
يحض أنثي جحيمه علي الانقذافِ في حشا الراقصين |
ثم ينتشي، |
ويستطيل، |
حتى غدا |
طيورًا، أو أثيرًا، |
أو مَدَى. |
والمدى كان عُشبةً مضاءةً، تضئْ |
اختفي بها كائني الجميلُ، |
راحَ حينما ظننتُه يجئْ |
وحين صار بيته الفضاء |
جاء صوتُه البريء: |
ذاهبٌ إلي البلاد، |
ففي البلاد ظلّي، |
وفي ظلي أفئْ |
وردّدَ الصدى: |
تارةً يطيرُ في قري الحيارى، |
وتارةً يحط في الضلوعْ |
هو المرفأ الحنونُ في بحارٍ، |
وفي بحارٍ |
قلوعْ |
وكل رحلةٍ عنده: رجوعْ |
لأنه البادئُ الذي ابتدا |
حدودُه المدى |
حدودُه المدى |
حدودُه. |