يا صمتا ضاعت فيه الكلماتُ |
تجمل بالكلمة |
يا كلمة |
ذوبي بالشفتين |
وانسي بُعد المنفى |
إني قررت ولا عودة |
أن أبعث في نفسي روح الكلمة |
أن أصنع جسراً يصعد في الهوة |
لن أسمع بعد اليوم حديث الموتى |
إن أصمت |
فيم الصمت ؟ لماذا اللفتات؟ |
إن أتكلم |
يا من كنتَ رزيناً |
كيف تطاوعك الكلمات ؟ |
سأعلمهم أن الموت حياة |
وحياة الحي هي الكلمة |
والدرس الأولُ : |
حين يموت زمان يولد بالموت زمان آخر |
ونبات يقـْدم للموت يُخَلف أجيالا أخرى |
لا تنسوا والهول ترانيم العودة . |
ما هذا الهاتف في نفسي ؟ |
الناس حواليك يضمون الكلمة |
كتبوا فوق أكفهمُ : اليوم نموت |
الموكب يدنو |
ماذا لو تطْبق جفنيك على الأوجاع |
الموكب يحمل رايات سود |
ماذا لو تهمس في أذن الموت ؟ |
الموكب يبكي |
يا حسرتنا .... أين طريق الموت ؟ |
ما أعجب أن تسأل حين تكون حروف سؤال ! |
أين القلب القادر أن يسحق تقليد الخوف ؟ |
ننتظره |
نرتقب اللحظة بعد اللحظة |
دقات قلوب تتعالى |
تصطدم الأنفاس السكرى |
وهتاف يعلو فجأة : |
عاد القلب الخائف خلف دوائرنا |
عاد جريحاً تطويه مسافات الصمت الأبديّ |
وسؤال يسألنا : |
من هذا القلب السابح في الأوحال ؟ |
يقترب القلب فنرمقه بعيون قرحى |
يا لي ! |
قلبي ... قلبي |
يا للعار ! |
يبرز من ناصية الموكب صائح : |
فليـُقتل هذا العار |
لا عار يواريه النسيان أو الأقدار |
فلنفعل شيئا |
فلنغرس نبتاً يورق أحلاماً أخرى |
ويلي ! |
الأرض المسمومة تقتل نبتتنا |
ما هذا ؟ |
قمم تعلو ... قمم تتهاوى |
الأرض يعانقها الزلزال |
والهاتف يهتف : |
حين تموت مبادئنا |
ويصوغ القلب الخائن قيمتنا |
لا بد من الصمت الآثم |
الصمت جريح تلهبه الأوجاع |
لا بد إذن من صرخة |
يا للأرض المسمومة |
حين تصيرهوانا يقتل في صدري |
أغلى أمنيةٍ |
ويطول السير مع الأوجاع |
لم يبق أمام الموكب غير البحر الصاخب |
فلنجلس |
لا ... بل نقذف بالأجساد لهذا اليم |
فلنرجع |
ما هذا ؟ |
البحر يحاصرنا |
ضاعت كل سبيلٍ للعودة |
ماذا نصنع ؟ |
فلنحلم |
كل عرائسنا دمع يبرق |
والمجد |
أن نبقى في هذا الكهف الصامت |
المجد هو الصمت ! |
والصمت هو الوتر العازف أغنيتي |
والمجد |
أن نقبر أغلى أمنيةٍ |
يا أرضاً تنفث سماً في وجه الأبناء |
أرضك يا أماً لم تعرف معنى أن تصبحَ أما |
ساقطة كل تقاليدك |
فاسدة كل معانيك |
ألواح رسومك تنكسر اليوم على حدِّ الأوجاع |
تبرز من بحر الأسر قروش ضخمة |
يبرز من بين الموكب سائل |
ما مذهبكم ؟ |
ويجيب الموكب في همس الآه : |
أن تصعد فوق رقاب العالمِ |
أغنية للصمت . |