أَبعَدُ نَأيِ المَليحَةِ البَخَلُ |
في البُعدِ ما لا تُكَلَّفُ الإِبلُ |
مَلولَةٌ ما يَدومُ لَيسَ لَها |
مِن مَلَلٍ دائِمٍ بِها مَلَلُ |
كَأَنَّما قَدُّها إذا انفَتَلَتْ |
سَكرانُ مِن خَمرِ طَرفِها ثَمِلُ |
يَجذِبُها تَحتَ خَصرِها عَجُزٌ |
كَأَنَّهُ مِن فِراقِها وَجِلُ |
بي حَرُّ شَوقٍ إِلى تَرَشُّفِها |
يَنفَصِلُ الصَبرُ حينَ يَتَّصِلُ |
الثَغرُ وَالنَحرُ وَالمُخَلخَلُ وَالـ |
ـمِعصَمُ دائي وَالفاحِمُ الرَجِلُ |
وَمَهمَهٍ جُبتُهُ عَلى قَدَمي |
تَعجِزُ عَنهُ العَرامِسُ الذُلُلُ |
بِصارِمي مُرتَدٍ بِمَخبُرَتي |
مُجتَزِئٌ بِالظَلامِ مُشتَمِلُ |
إِذا صَديقٌ نَكِرتُ جانِبَهُ |
لَم تُعيِني في فِراقِهِ الحِيَلُ |
في سَعَةِ الخافِقَينِ مُضطَرَبٌ |
وَفي بِلادٍ مِن أُختِها بَدَلُ |
وَفي اعتِمادِ الأَميرِ بَدرِ بنِ عَمـ |
ـمارٍ عَنِ الشُغلِ بِالوَرى شُغُلُ |
أَصبَحَ مالٌ كَمالُهُ لِذَوي الـ |
ـحاجَةِ لا يُبتَدى وَلا يُسَلُ |
هانَ عَلى قَلبِهِ الزَمانُ فَما |
يَبينُ فيهِ غَمٌّ وَلا جَذَلُ |
يَكادُ مِن طاعَةِ الحِمامِ لَهُ |
يَقتُلُ مَن مادَنا لَهُ أَجَلُ |
يَكادُ مِن صِحَّةِ العَزيمَةِ ما |
يَفعَلُ قَبلُ الفِعالِ يَنفَعِلُ |
تُعرَفُ في عَينِهِ حَقائِقُهُ |
كَأَنَّهُ بِالذَكاءِ مُكتَحِلُ |
أُشفِقُ عِندَ اتِّقادِ فِكرَتِهِ |
عَلَيهِ مِنها أَخافُ يَشتَعِلُ |
أَغَرُّ أَعداؤُهُ إِذا سَلِموا |
بِالهَرَبِ استَكبَروا الَّذي فَعَلوا |
يُقْبِلُهُمْ وَجهَ كُلِّ سابِحَةٍ |
أَربَعُها قَبلَ طَرفِها تَصِلُ |
جَرداءَ مِلءِ الحِزامِ مُجفَرَةٍ |
تَكونُ مِثلَي عَسيبِها الخُصَلُ |
إِن أَدبَرَت قُلتَ لا تَليلَ لَها |
أَو أَقبَلَت قُلتَ ما لَها كَفَلُ |
وَالطَعنُ شَزرٌ وَالأَرضُ واجِفَةٌ |
كَأَنَّما في فُؤادِها وَهَلُ |
قَد صَبَغَت خَدَّها الدِماءُ كَما |
يَصبُغُ خَدَّ الخَريدَةِ الخَجَلُ |
وَالخَيلُ تَبكي جُلودُها عَرَقًا |
بِأَدمُعٍ ما تَسُحُّها مُقَلُ |
سارٍ وَلا قَفرَ في مَواكِبِهِ |
كَأَنَّما كُلُّ سَبسَبٍ جَبَلُ |
يَمنَعُها أَن يُصيبَها مَطَرٌ |
شِدَّةُ ما قَد تَضايَقَ الأَسَلُ |
يا بَدرُ يا بَحرُ يا عَمامَةُ يا |
لَيثَ الشَرى يا حِمامُ يا رَجُلُ |
إِنَّ البَنانَ الَّذي تُقَلِّبُهُ |
عِندَكَ في كُلِّ مَوضِعٍ مَثَلُ |
إِنَّكَ مِن مَعشَرٍ إِذا وَهَبوا |
ما دونَ أَعمارِهِمْ فَقَد بَخَلوا |
قُلوبُهُمْ في مَضاءِ ما اِمتَشَقوا |
قاماتُهُم في تَمامِ ما اِعتَقَلوا |
أَنتَ نَقيضُ اِسمِهِ إِذا اختَلَفَت |
قَواضِبُ الهِندِ وَالقَنا الذُبُلُ |
أَنتَ لِعَمري البَدرُ المُنيرُ وَلَـ |
ـكِنَّكَ في حَومَةِ الوَغى زُحَلُ |
كَتيبَةٌ لَستَ رَبَّها نَفَلٌ |
وَبَلدَةٌ لَستَ حَليَها عُطُلُ |
قُصِدتَ مِن شَرقِها وَمَغرِبِها |
حَتّى اشتَكَتكَ الرِكابُ وَالسُبُلِ |
لَم تُبقِ إِلا قَليلَ عافِيَةٍ |
قَد وَفَدَت تَجتَدِيكَها العِلَلُ |
عُذرُ المَلومَينِ فيكَ أَنَّهُما |
آسٍ جَبانٌ وَمِبضَعٌ بَطَلُ |
مَدَدتَ في راحَةِ الطَبيبِ يَدًا |
وَما دَرى كَيفَ يُقطَعُ الأَمَلُ |
إِن يَكُنِ البَضعُ ضَرَّ باطِنَها |
فَرُبَّما ضَرَّ ظَهرَها القُبَلُ |
يَشُقُّ في عِرقِها الفِصادُ وَلا |
يَشُقُّ في عِرقِ جودِها العَذَلُ |
خامَرَهُ إِذ مَدَدتَها جَزَعٌ |
كَأَنَّهُ مِن حَذافَةٍ عَجِلُ |
جازَ حُدودَ اِجتِهادِهِ فَأَتى |
غَيرَ اجتِهادٍ لأُمِّهِ الهَبَلُ |
أَبلَغُ ما يُطلَبُ النَجاحُ بِهِ الـ |
ـطَبعُ وَعِندَ التَعَمُّقِ الزَلَلُ |
اِرثِ لَها إِنَّها بِما مَلَكَتْ |
وَبِالَّذي قَد أَسَلتَ تَنهَمِلُ |
مِثلُكَ يا بَدرُ لا يَكونُ وَلا |
تَصلُحُ إِلا لِمِثلِكَ الدُوَلُ |