فُؤادي الفِداءُ لَها مِن قُبَب |
طَوافٍ عَلى الآلِ مِثلَ الحَبَب |
يَعُمنَ مِنَ الآلِ في لُجَّةٍ |
إِذا ما علا الشَخصُ فيها رَسب |
تُولّينَ عَنّي وولّى الشَبابُ |
وَلَم أَقضِ مِن حَقِّهِ ما وَجَب |
وَلَولا التُقى لَبَردتُ الغَليلَ |
بِماء الرِضابِ وَماءِ الشَنب |
وَأَدرَكتُ مِن عيشَتي نُهبَة |
فَلَم أَجِدُ العيشَ إِلّا نُهب |
أَعفُّ وَلي عِندَ داعي الهَوى |
دُموعٌ تُجيبُ وَقَلبٌ يَجِب |
وَلي نَفَسٌ عِندَ تِذكارِهِ |
يُقَوِّمُ عوجَ الضُلوعِ الحُدُب |
أَيا مَن لِلَيلٍ ضَعيفُ الهَرَب |
حَرونٍ وَصُبحٍ بَطيء الطَلَب |
كَأَنَّ عَلى الجَوِّ فَضَفاضَةً |
مَساميرُها فِضَّةٌ أَو ذَهَب |
كَأَنَّ كَواكِبَهُ أَعيُنٌ |
تُراعي سَنا الفَجرِ أَو تَرتَقِب |
فَلَمّا بَدا طَفِقتُ هَيبَة |
تُستِّرُ أَحداقَها بِالهَدَب |
وَشُقَّت غَلائِلُ ضوءِ الصَباحِ |
فَلا هوَ بادٍ وَلا مُحتَجِب |
وَمَيثاءُ خَيَّم وَسَمِيِّها |
فَأَلقى عَلى كُلِّ أُفُقٍ طَنَب |
وَلما بَدا نَبتُها بارِضاً |
شَكيراً تَراهُ كَمِثلِ الزَغب |
تَخَطّاهُ واستَرضِعَ المُعصِرات |
لَهُ مِن غَوادي الوَليّ الهدب |
فَأَصبَح أَحوى كَحوِّ اللِثاتِ |
عَلَيهِ مِنَ النَور ثَغرٌ شنب |
فَمَن شامَهُ قال ماءٌ يرفُّ |
وَمن شَمَّهُ قال مِسكٌ يشب |
أَنخنا بِهِ وَنَسيمُ الصَبا |
يُناغي ذَوائِبَنا وَالعَذَب |
فَأَلقَت ثغورُ الأقاحي اللِثامَ |
وَشَقَّت خُدودٌ الشَقيقِ النُقب |
وَبتنا نُرشِّفُ أَنضاءَنا |
رِضابَ ثَنايا أَقاحٍ عَجَب |
لِقَلبي في كُلِّ أُكرومَةٍ |
شُجونٌ وَفي كُلِّ مَجدٍ شُعَب |
وَلا بُدَّ في المَجدِ مِن غُربَةٍ |
تَباعدُ في الأَرضِ أَو تَقتَرِب |
أُحاوِلُ أَبعدَ غاياتِهِ |
بِكُلِّ بَعيدِ الرِضى وَالغَضَب |
بِأُسدِ شَرىً فَوقَ أَكتافِها |
مِنَ السَمهرية غاب أَشب |
إِذا طارَدوا خاطَروا بِالرِماح |
وَإِن نازَلوا خطروا بِالقُضُب |
بِبَيضٍ ترفرف ماء الفِرن |
د فيهن بَينَ سَواقي الشطب |
بِخوض الرِماحِ وَكَم قَد وَصَلَت |
بِما لا أُحِبُ إِلى ما أُحِب |
إِذا الطعن في ضَربات السُيوف |
مِثلَ الخنادِق فيها القلب |
ولون الأَسنة مِمّا خضبن |
كلون الدُخان عَلَيهِ اللَهَب |
أَلا هَل لِنَيل المُنى غايَةٌ |
فَأَنا إِلى غير قصد نَخُب |
عَسى اللَهَ يظفرنا بِالَّتي |
يُحاوِلُ ذو أَدَب أَو حَسَب |
وَيُسعدنا باعتمار الوَزير |
كَما أَسعَد اللَهَ جَدَّ الكَذِب |
فَتىً يَقَع المدح مِن دونِهِ |
وَإِن قيلَ جاوَزَ حَدَّ الكَذِب |
وَيقصر عنهُ رِداء الثَناء |
وَلَو يَرتَديهِ سِواهُ انسَحب |
فَتىً نالَ أَقصى مَنالَ العُلا |
صَغيراً وَعارِضُهُ لَم يَشِب |
وَيَركَبُ في طَلَبِ المُكرِماتِ |
جَواداً يَنالُ إِذا ما طَلَب |
وَمَن كانَ يَبلَغُه قاعِداً |
فَكَيفَ يَكونُ إِذا ما رَكِب |
وَقَد كَتَبَ الدَهرُ مدحَ الكِرام |
فَلَمّا رآهُ مَحا ما كَتَب |
مَعينُ النَدى ماء مَعروفه |
يَجِمُّ إِذا ماءَ عُرفٍ نَضَب |
بَعيدُ المَدى أَبَداً يَبتَغي |
مِنَ الضُرِ وَالنَفعِ أَعلى الرُتَب |
صَريحُ المَقالِ صَريحُ الفِعالِ |
صَريحُ النَوالِ صَريحُ النَسَب |
صِفاتٌ يَدورُ عَلَيها المَديحُ |
مَدارَ الكَواكِبِ حَولَ القُطُب |
دَعَوناهُ بِالجودِ مِن بَعدِ ما |
بَلَوناهُ في كُلِ بَدءٍ وَغِب |
فَقَد يَمنَعُ القَذُّ مِن لا يَشَحُّ |
وَقَد يَهَبُ البَدَنُ مَن لا يَهَب |
وَلَيسَ الكَريمُ الَّذي يَبتَدي |
بِنَعماهُ لَكِنَّهُ مَن يَرِب |
فَتىً يَفعَلُ المكرُماتِ الجِسامِ |
وَيَستُرُهُنَّ كَسِترِ الريب |
تَوَسَّط مَجدُ بني المَغربيِّ |
كَما وَسَطَ القَلبُ بَينَ الحُجُب |
هُم أَورَثوا الفضل أَبناءهم |
وَغابوا وَفضلُهُم لَم يَغِب |
كَذا الشَمسُ تَغشى البِلاد الضِياء |
فأن غربت أَودعته الشُهب |
مَلوا بِالنَوال أَكف الرِجال |
وَبِالمأثرات بطون الكُتُب |
أَبا قاسِم حزت صَفوٍ الكلامِ |
وغادَرَت ما بَعدِهِ للعَرَب |
وَلَيسَ كَلامك إِلّا النُجومَ |
علون فَناثرتها من كَثب |
رَأيت الفَصاحَة حَيث النَدى |
وَهَل ينظم الرَوض إِلّا السُحب |
وَقَد شرف الغيث إِذ بَينَهُ |
وَبَينَ بنانك أَدنى نَسَب |
وَأَرعَن أَخرٍ من كَثرَةِ اللُ |
غاتِ بِأرجائِهِ وَاللَجَب |
يُلاقي النجوم بِأَمثالِها |
مِنَ البيضِ مِن فَوقِهِ وَاليلب |
إِذا واجه الشَمسُ رد الشعاع |
أَو اعترَض الريحُ سَد المهب |
ثنيت بأرقش ذي ريقَةٍ |
تَجَلّى الخطوب بِها وَالخطب |
يبين لَهُ القَلبُ عَمّا أَجنَّ |
وَيُسعِدُهُ الدَهر فيما أَحَب |
أَشَدُّ مَضاءً مِن المُرهَفاتِ |
إِذا حَثَّها أَجَلٌ مُقتَرِب |
إِذا ما جعلت لَهُ لهذماً |
مِنَ النِقس طال الرِماح السَلب |
وَطالَت بِهِ مَفخَراً أَنَّها |
وَإِياهُ في الأَصلِ بعض القَصَب |
تقلِّم أَقلامَك الحادِثا |
تِ قَسراً وتهشم ناب النوب |
فَمن مبلغٌ مِصرَ قَولاً يَعمُّ |
وَيَختَصُّ بِالمَلِكِ المُعتَصِب |
لَقَد كُنتَ في تاجِهِ دُرَّة |
فعوض موضعها المحشلب |
إِذا سُدَّ موضعَها لَم يُسَدُّ |
وَإِن نيب عن فعلها لم ينب |
إِذا اغتَرب اللَيثُ عن خدرِهِ |
غَدا الشاء يَرتَع فيهِ العشب |
أَتَيتُكَ مُمتَدِحاً لِلعَلاءِ |
وَلَم آتِ مُمتَدِحاً لِلنشب |
وَلَو شئتَ أَدركت أَن الجَوا |
د في السلم غَير منيع السلب |
وَقَد كُنتَ أَثني عَنان المَديح |
عَن الناسِ أَجذبه ما انجَذِب |
أَأَعطي المُهَنَّد من لا يُمَيِّزُ |
بَينَ الفرند وَبينَ الحَرَب |