نَأَت دارُ سَلمى فَشَطَّ المَزارُ | |
|
| فَعَينايَ ما تَطعَمانِ الكَرى |
|
وَمَرَّ بِفُرقَتِها بارِحٌ | |
|
| فَصَدَّقَ ذاكَ غُرابُ النَوى |
|
فَأَضحَت بِبَغدانَ في مَنزِلٍ | |
|
| لَهُ شُرُفاتٌ دُوَينَ السَما |
|
وَجَيشٌ وَرابِطَةٌ عِندَهُ | |
|
| غِلاظُ الرِقابِ كَأُسدِ الشَرى |
|
بِأَيديهِمُ مُحدَثاتُ الصِقالِ | |
|
| سُرَيجِيَّةٌ يَختَلِبنَ الطُلى |
|
وَمِن دونِها بَلَدٌ نازِحٌ | |
|
| يُجيبُ بِهِ البومُ رَجعَ الصَدا |
|
وَمِن مَنهَلٍ آجِنٍ ماؤُهُ | |
|
| سُدىً لا يُعاذُ بِهِ قَد طَمى |
|
يَبيتُ الذِئابُ تَعاوى بِهِ | |
|
| وَيُصبِحنَ في مَهَواتِ المَلا |
|
وَكَم دونَ بَيتِكَ مِن مَهمَهٍ | |
|
| وَمِن أَسَدٍ جاحِرٍ في مَكى |
|
وَمِن حَنَشٍ لا يُجيبُ الرُقا | |
|
| ةَ أَسمَرَ ذي حُمَةٍ كَالرَشا |
|
أَصَمَّ صَموتٍ طَويلِ السُبا | |
|
| تِ مُنهَرِتِ الشِدِقِ عاري القَرا |
|
لَهُ في اليَبيسِ نُفاثٌ يَطيرُ | |
|
| عَلى جانِبَيهِ كَجَمرِ الغَضا |
|
|
| نَبِصّانِ في هامَةٍ كَالرَحا |
|
إِذا ما تَثاءَبَ أَبدى لَهُ | |
|
| مُذَرَّبَةً عُصُلاً كَالمُدى |
|
كَأَنَّ حَفيفَ الرَحى جَرسُهُ | |
|
| إِذا اِصطَكَّ أَثناؤُهُ وَاِنطَوى |
|
وَلَو عَضَّ حَفَي صَفاةٍ إِذاً | |
|
| لَأَنشَبَ أَنيابَهُ في الصَفا |
|
كَأَنَّ مَزاحِفَهُ أَنسُعٌ | |
|
| خُرِزنَ فُرادى وَمِنها ثُنا |
|
وَقَد شاقَني نَوحُ قُمرِيَّةٍ | |
|
| طَروبِ العَشِيِّ هَتوفِ الضُحى |
|
مِنَ الوُرقِ نَوّاحَةٍ باكَرَت | |
|
| عَسيبَ أَشاءٍ بِذاتِ الغَصا |
|
فَغَنَّت عَلَيهِ بِلَحنٍ لَها | |
|
| يُهيِّجُ لِلصَبِّ ما قَد مَضى |
|
مُطَوَّقَةٌ كَسِيَت زينَةً | |
|
| بِدَعوَةِ نوحٍ لَها إِذ دَعا |
|
فَلَم أَرَ باكِيَةً مِثلَها | |
|
| تُبكي وَدَمعَتُها لا تُرى |
|
أَضَلَّت فُرَيخاً فَطافَت لَهُ | |
|
| وَقَد عَلِقَتهُ حِبالُ الرَدى |
|
فَلَما بَدا اليَأسُ مِنهُ بَكَت | |
|
| عَلَيهِ وَماذا يَرُدُّ البُكا |
|
وَقَد صادَهُ ضَرِمٌ مُلحَمٌ | |
|
| خَفوقُ الجَناحِ حَثيثُ النَجا |
|
حَديدُ المَخالِبِ عاري الوَظي | |
|
| فِ ضارٍ مِنَ الزُرقِ فيهِ قَنا |
|
تَرى الوَحشَ وَالطَيرَ مِن خَوفِهِ | |
|
| جَواحِرَ مِنهُ إِذا ما اِغتَدى |
|
فَباتَ عَذوباً عَلى مَرقَبٍ | |
|
| بِشاهِقَةٍ صَعبَةِ المُرتَقى |
|
فَلَمّا أَضاءَ لَهُ صُبحَهُ | |
|
| وَنَكَّبَ عَن مَنكِبَيهِ النَدى |
|
وَحَتَّ بِمِخَلَبِهِ قارِناً | |
|
| عَلى خَطمِهِ مِن دِماءِ القَطا |
|
فَصَعَدَ في الجَوِّ ثُمَّ اِستَدارَ | |
|
| فَطارَ حَشيشاً إِذا ما اِنصَمى |
|
فَأَبصَرَ سِربَ قَطاً قارِبٍ | |
|
| جَبى مَنهَلٍ لَم تَمِحه الدِلا |
|
غَدَونَ بِأَسقِيَةٍ يَرتَوينَ | |
|
| لِزُغبٍ مُطَرَّحَةٍ بِالفَلا |
|
يُبادِرنَ وِرداً فَلَم يَرعَوينَ | |
|
| عَلى ما تَخَلَّفَ أَو ما وَنى |
|
تَذَكَّرنَ ذا عَرمَضٍ طامِياً | |
|
| يَجولُ عَلى حافَتَيهِ الغُثا |
|
بِهِ رُفقَةٌ مِن قَطا وارِدٍ | |
|
| وَأُخرى صَوادِرُ عَنهُ رِوا |
|
فَمَلَّأنَ أَسقِيَةً لَم تُشَدَّ | |
|
| بِخَرزٍ وَقَد شُدَّ مِنها العُرى |
|
فَأَقعَصَ مِنهُنَّ كُدرِيَّةً | |
|
| وَمَزَّقَ حَيزومَها وَالحَشا |
|
فَطارَ وَغادَرَ أَشلاءَها | |
|
| تَطيرُ الجَنوبُ بِها وَالصَبا |
|
يَخَلنَ حَفيفَ جَناحَيهِ إِذ | |
|
| تَدَلّى مِنَ الجَوِّ بِرقاً بَدا |
|
فَوَلَّينَ مُجتَهِداتِ النَجا | |
|
| جَوافِلَ في طامِساتِ الصُوى |
|
فَاِبنَ عِطاشاً فَسَقَّينَهُنَّ | |
|
| مُجاجاتِهِنَّ كَماءِ السَلا |
|
فَبِتنَ يُراطِنَّ رُقشَ الظُهو | |
|
| رِ حُمرَ الحَواصِلِ صُفرَ اللُهى |
|
فَذاكَ وَقَد إِغتَدي في الصَباحِ | |
|
| بِأَجرَدَ كَالسَيِّدِ عَبلِ الشَوى |
|
طَويلِ الذِراعَينِ ضامي الكُعو | |
|
| بِ نابي الحَماتَينِ عاري النَسا |
|
لَهُ كَفَلٌ أَيِّدٌ مُشرِفٌ | |
|
| وَأَعمِدَةٌ لا تَشَكّى الوَجى |
|
وَأُذنٌ مُوَلَّلَةٌ حَشرَةٌ | |
|
| وَشِدقٌ رُحابٌ وَجَوفٌ هَوا |
|
وَلَحيانِ مُدّا إِلى مَنخَرٍ | |
|
| رَحيبٍ وَفَرجٌ طُوالُ الخُطى |
|
لَهُ تِسعَةٌ طُلنَ مِن بَعدِ أَن | |
|
| قَصُرنَ لَهُ بِسعَةٌ في الشَوى |
|
وَسَبعٌ عَرينَ وَسَبعٌ كُسينَ | |
|
| وَخَمسٌ ظِماءٌ وَخَمسٌ رِوا |
|
وَتِسعٌ غِلاظٌ وَسَبعٌ رِقاقٌ | |
|
| وَصَهوَةُ عَيرٍ وَمَتنٌ خَظا |
|
وَسَبعٌ قَرُبنَ وَسَبعٌ بَعُد | |
|
| نَ مِنهُ فَما فيهِ عَيبٌ يُرى |
|
عَريضُ الثَماني حَديدُ الثَماني | |
|
| شَديدُ الصِفاقِ شَديدُ المَطا |
|
وَفيهِ مِنَ الطَيرِ خَمسٌ فَمَن | |
|
| رَأى فَرَساً مِثلَهُ يُقتَنى |
|
غُرابانِ فَوقَ قَطاةٍ لَهُ | |
|
| وَنَسرٌ وَيَعسوبُهُ قَد بَدا |
|
كَأَنَّ بِمَنكِبِهِ إِن جَرى | |
|
| جَناحاً يُقَلِّبُهُ في الهَوا |
|
مَصَرنا لَهُ مِن خَيارِ اللِقا | |
|
| حِ خَمساً مَجاليجَ كَومَ الذُرى |
|
يُغادي بِعُضٍّ لَهُ دائِباً | |
|
| وَنَسقيهِ مِن حَلَبٍ ما اِشتَهى |
|
وَيُؤثَرُ بِالزادِ دونَ العِيالِ | |
|
| وَفي كُلِّ سَيرٍ بِهِ يُقتَفى |
|
فَقاظَ صَنيعاً فَلَمّا شَتا | |
|
| أَخَذناهُ بِالقُربِ حَتّى اِنطوى |
|
فَهِجنا بِهِ عانَةً في الغُطاطِ | |
|
| خِماصَ البُطونِ صِحاحَ العُجى |
|
يُثِرنَ الغُبارَ بِمَلثومَةٍ | |
|
| وَيوقِدنَ بِالمَروِ نارَ الحَبا |
|
فَوَلَّينَ كَالبَرقِ في نَفرِهِنَّ | |
|
| جَوافِلَ يَكسِرنَ صُمَّ الصَفا |
|
فَصَوَّبَهُ العَبدُ في إِثرِها | |
|
| فَطَوراً يَغيبُ وَطَوراً يُرى |
|
فَجَدَّلَ خَمساً فَمِن مُقعَصٍ | |
|
| وَشاصٍ كُراعاهُ دامي الكُلى |
|
وَثِنتانِ خُضخِضَ قُصبُهُما | |
|
| وَثالِثَةٌ شُحِّطَت بِالدِما |
|
فَرُحنا بِصَيدٍ إِلى أَهلِنا | |
|
| وَقَد جَلَّلَ الأَرضَ ثَوبُ الدُجى |
|
وَبِتنا نُقَسِّمُ أَعضاءَهُ | |
|
| لِجارٍ وَيَأكُلُهُ مَن عَفا |
|
وَرُحنا بِهِ مِثلَ وَقفِ العَرو | |
|
| سِ أَهيَفَ لا يَتَشَكّى الوَجى |
|
وَباتَ النِساءُ يَغَدّينَهُ | |
|
| وَيَأكُلنَ مِن صَيدِهِ المُشتَوى |
|
وَقَد قَيَّدوهُ وَغَلّوا لَهُ | |
|
| تَمايِمَ يُنفَثُ فيها الرُقى |
|