طَيفٌ أَلَمَّ فَزادَ في آلامي | |
|
| أَلمٌ وَلَم أَعهَدُهُ ذا إِلمامِ |
|
لَمّا تَجَنَّبَ رُؤيَتي مُستَيقِظاً | |
|
| جاءَت بِهِ الأَضغاث في الأَحلامِ |
|
وَأَتَت بِهِ في حَندَسٍ مُتَنَكِّراً | |
|
| كَالبَدرِ مُستَتِراً بِثَوبِ جَهامِ |
|
فَطَفِقت الحَظُ لؤلؤاً مِن ثَغرِهِ | |
|
| وَأَضمُّ غُصناً تَحتَ بدر تَمامِ |
|
في لَيلَةٍ ما أَن أَقوم بِشُكرِها | |
|
| لَمّا خَلوتُ بِه مِنَ اللُوامِ |
|
حَتّى إِذا برق الصَباحُ لِناظِرٍ | |
|
| فارَقته كُرهاً عَلى إِرغامي |
|
وَأَقامَ مُعتَكِفاً عَلى هِجرانِهِ | |
|
| فَهَجَرتُ صَبري حينَ عَزَّ غَرامي |
|
نادَيته وَمَدامِعي مُنهلَّة | |
|
| كَالغَيثِ مُنهَمِراً بودَقِ رهامِ |
|
يا مسقمي من طَرفِهِ بِسِقامِهِ | |
|
| رِفقاً بِقَلبي قَد أَطَلتَ هُيامي |
|
لا تَجمَعَن عتباً وَطول قَطيعَةٍ | |
|
| يَوماً فَتَركَب مقطع الآثامِ |
|
يا مَن يَرى حِلُّ الوِصال مُحَرَّماً | |
|
| وَيَرى حَرام الوَصلِ غير حَرامِ |
|
إِن دامَ هَجرك لي وَعَزَّ تَصَبُّري | |
|
| رَغماً وَطال تَشَوُّقي وَسِقامي |
|
وَغَدا لَك الدَهر الخَؤونُ مُساعِداً | |
|
| في هَجرتي وهجرت طَيف مَنامي |
|
فَإِلى أَبي نَصرٍ أَبُثُّ ظُلامتي | |
|
| وَأَكونُ منه في حِمىً وَذِمامِ |
|
مَن لا أَرى إِقبال دَهرٍ مُقبِلٍ | |
|
| حَتّى أَراهُ وَلا كَريمَ كِرامِ |
|
وَإِذا برَت يُمناهُ أَسمَرَ ناصِلاً | |
|
| يَوماً زَرى بِفَصاحَةِ الأَقلامِ |
|
قَلَمٌ إِذا ناجاهُ وَهوَ ضَميره | |
|
|
بَقضي بآجال وَفَيضِ مَواهِبٍ | |
|
| وَتُطيعُهُ الأَقدارُ في الأَحكامِ |
|
لَم يَبقَ من يُرجى لِدَفعِ ملمةٍ | |
|
| وَيجير من ظلم أَو اِستِهضامِ |
|
إِلّا أَبو النَصر الَّذي أَنعامه | |
|
| مُتواتِرٌ يَهمي كَصوب غَمامِ |
|
حَتّى إِذا عَلِمَ الزَمانُ بِأَنَّني | |
|
| من لائِذيه حادَ عَن إِقدامي |
|
وَأَتى إِليَّ بِذُلِّه مُتَنَصِّلاً | |
|
| مِن بعد عِزَّتِهِ وَعادَ غُلامي |
|
نادَيته يا دهر قَدكَ فَقَد وَهى | |
|
| صَبري وَفارَقَني بَنو الأَعمامِ |
|
وَرَحَلتُ عَن بَلَدٍ يَعز علَيهِمُ | |
|
| مِنّي مُفارَقَتي وَبُعد مَرامي |
|
نَحوَ امرىءٍ ما زالَ مُرتَقى العُلى | |
|
| حَتّى سما وَعَلا عَلى بُهرامِ |
|
وَلَكَ الذِمام بِأَنَّني لك آخِذٌ | |
|
| منهُ أَماناً فاِنصَرَفَ بِسَلامِ |
|
أَلا تروعك نَبوَة من عَزمِهِ | |
|
| حَتّى تَقَلَّدَ ظالِماً آثامي |
|
ثُمَّ اِنبرأت إِلَيكَ أَدَّرعُ الفَلا | |
|
| متنسّشماً لنَداكَ وَهوَ أَمامي |
|
أَطوي الفَيافي وَهيَ غير مهولَةٍ | |
|
| عِندي بِقَطع سَباسِبٍ وَأَكامِ |
|
بأمونَةٍ حَرفٍ سَمَت بِمَناسِمٍ | |
|
| فيها من الرَمضاء كالأَوشامِ |
|
وَمكان سوطي في المسير إِرادَتي | |
|
| في سيرها وَاللَيلُ بحر ظَلامِ |
|
سيري على إِسمِ اللَهِ نَحوَ مُجَلببٍ | |
|
| دونَ الوَرى بالعِزِّ والإِعظامِ |
|
فتسفّ بي كالطَير حَنَّ لِوَكرِهِ | |
|
| وَتَزيف في رقل لَها وبُغامِ |
|
أَلقى الهَجير بِصَفحَتي مُستَقبِلاً | |
|
| لا أَرعَوي عنهُ بِرَدِّ لِثامي |
|
وَمُقارِني هجر الكرى وَمُساعدي | |
|
| في سَفرَتي عَزمي وَحَدُّ حُسامي |
|
حَتّى حَلَلتُ بِبابِ ربعكَ آمِناً | |
|
| وَالسَعدُ من خَلفي وَمِن قُدّامي |
|
لَمّا دَعوت المدح فيكَ أَجابَني | |
|
| منه بِقَولٍ بَيِّنِ الإِفهامِ |
|
لَم يَبقَ ذو كرم لِدفع مُلِمَّةٍ | |
|
| إِلّا أَبو نصر الخِضَمِّ الطامي |
|
ملك يَداه المكرماتُ بِأَسرِها | |
|
| فَغَدا يُذَلِّلُها بِغَير لِجامِ |
|
نادى المَكارِمَ وَالحِجا فَأَتَت لَهُ | |
|
| مُنقادة طوعاً بِغَيرِ لِجامِ |
|
ذو هِمَّةِ في المكرمات عَليِّها | |
|
| ذو عزمةٍ أَمضى من الصِمصامِ |
|
ضُربت لَهُ فَوق السِماكِ مَنابِراً | |
|
| مَحفوفَةٍ بِمَضارِبِ وَخيامِ |
|
وَإِذا بَدا ذكر له في سادَةٍ | |
|
| قاموا لهيبَتِهِ عَلى الأَقدامِ |
|
لو كانَ يَعبُدُ مُفضلٍ بِفَضيلَةٍ | |
|
| جَلَّت لَكان بِذاكَ غير مُلامِ |
|
لَمّا رأى مَولاهُ نَجدَةَ رأيه | |
|
| في كُلِّ عَبدٍ ناصِحٍ وَكِتامي |
|
رَدَّ الأُمورَ إِلَيهِ في إِبرامِها | |
|
| فَكَفاهُ مَعنى الحَلِّ وَالإِبرامِ |
|
يا سائِلي عنه لتخبرُ فَضلَهُ | |
|
| اِصغِ لِتَسمَعَ مَنطِقي وَكَلامي |
|
اللَه يَصنَع ما يَشاء بِقُدرَةٍ | |
|
| جَلَّت دَقائِقها عَنِ الأَوهامِ |
|
جَعَل البَريَّة كُلَّها في واحِدٍ | |
|
| فَغَدا لَهُ فَضلٌ مبينٌ نامي |
|
بِفَصاحة وَسَماحَة وَبَشاشَةٍ | |
|
| وَشَجاعَةٍ تُزري عَلى الضِرغامِ |
|
وَبَلاغَةٍ لَو قِستَ سَحباناً بِها | |
|
| أَلفيته ذا مَنطِقٍ تِمتامِ |
|
مِن حاتِمٍ جوداً إِذا ذكر النَدى | |
|
| مِن سَيفِ ذي يَزَنٍ مِنَ الأَقوامِ |
|
مِن قُسَّهم نظماً ومن فُصحائِهِم | |
|
| نَثراً وَمِن لُقمانَ في الأَحكامِ |
|
مِن يوسِفٍ في عِفَّةٍ وَصَباحَةٍ | |
|
| مَن مِثلُهُ عَلماً لفَصل خِصامِ |
|
هاتيك أَسماءٌ خلت وَفِعالها | |
|
| مِنّا كَأَشباحٍ بِلا أَجسامِ |
|
خُذ ما تَرى وَدَعِ السَماح فَرُبَّما | |
|
| زادَ السَماع عَلى ذَوي الأَفهامِ |
|
هوَ أَوَّلُ آخِرٌ في فَضلِهِ | |
|
| هوَ باطِنٌ هوَ ظاهِرُ الإِنعامِ |
|
هوَ مفرَدٌ في بَذلِهِ وَنواله | |
|
| هوَ معتِقُ الأَسرى من الإِعدامِ |
|
هَذا أَبو نصر الَّذي ورث العُلى | |
|
| عَن سادَةٍ نُجُبٍ بِغَير كَلامِ |
|
يُعطي التِلادَ لِسائِليه تَكَرُّماً | |
|
| وَطَريفه يَحبو عَلى الإِتمامِ |
|
وَإِذا انتَضى قلماً لِدَفعِ كَريهَةٍ | |
|
| خَضَعت لَهُ الأَشبال في الآجامِ |
|
تَغدو الصَوارِم وَهيَ طوع مُراده | |
|
| تَقضي أَوامره بِغَيرِ سَلامِ |
|
وَكَذا قَضى لِلمشرفية أَنَّها | |
|
| أَبَداً تطيع أَوامِر الأَقلامِ |
|
واِعلم بِأَنّي لَم أَعره شهادَةً | |
|
| مُتَغالِياً وزراً وَلا مُتَحامي |
|
لَكِن مناقبه تفرَّق جِمعُها | |
|
| بَينَ الوَرى فجمعتُها بِنِظامِ |
|
قَلَمٌ إِذا اِفتَتَحت يَداهُ لِنائِل | |
|
| فاضَت عَلى الآفاقِ بِالأَقسامِ |
|
إِنّي قَصَدتُك مِن بلاد قَد نأت | |
|
| وَبعدت عَن أَهلي وَعَن آطامي |
|
وَيَقودني حسنُ الرَجاء بِأَنَّني | |
|
| قَد نلت ما أَهوى مِنَ الأَيّامِ |
|
فاِصرِف إِليَّ تَصَرُّفاً أُحظى بِهِ | |
|
| وَأَكون مَعدوداً مِنَ الخُدّامِ |
|
فَإِذا رَأَيتَ كِفايَتي وَأَمانَتي | |
|
| وَصيانَتي عرضي وَحُسن قِيامي |
|
فيما نُدِبتُ لَهُ وَحسن سِياسَتي | |
|
| كنتَ المُخَيَّرُ أَنتَ في اِستِخدامي |
|
أَولا فجد لي بِاليَسير فَإِنَّني | |
|
| أَرضى بِما تولي مِنَ الإِكرامِ |
|
وَعلمتُ أَنَّ الأَرض يَصغر قدرها | |
|
| وَجَميعُ ما تَحوي مِنَ الأَنعامِ |
|
إِنَّ قستها كرماً وَضِعفاً ضِعفُها | |
|
| ما قَلَّ ما تَحوي مِنَ الأَنعامِ |
|
جُد لي بِما يبلى أَجد لَكَ بِالَّذي | |
|
| يَبقى لجدَّته عَلى الأَعوامِ |
|
واسلم وَعش ما لاح نجم في العُلى | |
|
| وَدعا الحمام بأيكِهِ لِحَمامِ |
|