سَقَتني حُمَيَّا الحُبَّ راحَةَ مُقلَتي | |
|
| وَكَأسي مُحَيَّا مَن عَنِ الحُسنِ جَلَّتِ |
|
فَأَوهَمتُ صَحبي أنَّ شُربَ شَرابهِم | |
|
| بهِ سُرَّ سِرِّي في انتِشائي بنَظرَةِ |
|
وبالحَدَقِ استغنَيتُ عن قَدَحي ومِن | |
|
| شَمائِلِها لا من شَموليَ نَشوَتي |
|
ففي حانِ سُكري حانَ شُكري لِفِتيَةٍ | |
|
| بِهِم تَمَّ لي كَتمُ الهَوَى مَعَ شُهرَتي |
|
وَلَمَّا انقضى صَحوي تَقاضَيتُ وَصلَها | |
|
| وَلَم يغشَني في بَسطِها قَبضُ خَشيَةِ |
|
وَأَبثَثَتُها ما بي وَلَم يَكُ حاضِري | |
|
| رَقِيبٌ لها حاظٍ بخَلوَةِ جَلوَتي |
|
وقُلتُ وحالي بالصبَّابَةِ شاهدٌ | |
|
| وَوَجدي بها ماحِيَّ والفَقدُ مُثبِتي |
|
هَبي قَبلَ يُفني الحُبُّ مِنِّي بَقيَّةً | |
|
| أَراكِ بِها لي نَظرَةَ المتَلَفِّتِ |
|
ومُنِّي عَلى سَمعي بلَن إن مَنَعتِ أَن | |
|
| أَراكِ فمِن قَبلي لِغيرِيَ لذَّتِ |
|
فعِندي لسُكري فاقَةٌ لإِفاقَةٍ | |
|
| لَها كَبِدي لَولا الهَوى لم تُفتَّتِ |
|
وَلَو أَنَّ ما بي بِالجِبالِ وَكانَ طُو | |
|
| رُ سِينا بها قبلَ التَجلِّي لدُكَّتِ |
|
هَوى عَبرَةٌ نَمَّت بِهِ وجَوىً نَمَت | |
|
| بِهِ حُرَقٌ أدوَاؤُها بِيَ أودَتِ |
|
فَطُوفانُ نوحٍ عندَ نَوحي كَأَدمُعي | |
|
| وَإيقادُ نِيرانِ الخَليلِ كلَوعَتي |
|
وَلَولا زَفيري أَغرَقَتنيَ أَدمُعي | |
|
| وَلَولا دُموعي أَحرَقَتنيَ زَفرَتي |
|
وَحُزني ما يَعقوبُ بَثَّ أقلَّهُ | |
|
| وكُلُّ بِلى أيُّوبَ بعضُ بلِيَّتي |
|
وآخِرُ ما لاقى الأُلى عَشِقوا إلى الرْ | |
|
| رَدَى بعضُ ما لاقيتٌ أوَّلَ مِحنَتي |
|
فلَو سَمِعَت أذنُ الدَّليلِ تَأَوُّهي | |
|
| لآلامِ أسقامٍ بِجِسمي أضَرَّتِ |
|
لَأَذكَرَهُ كَربي أَذى عَيشِ أزمَةٍ | |
|
| بِمُنقطِعي ركبٍ إِذا العيسُ زُمَّتِ |
|
وَقَد بَرَّحَ التَّبريحُ بي وَأَبادَني | |
|
| وَأَبدى الضَّنى مِنِّي خَفِيَّ حَقيقَتِي |
|
فنادَمتُ في سُكري النُحولَ مُراقِبي | |
|
| بجُملَةِ أَسراري وتَفصيلِ سِيرَتِي |
|
ظَهَرتُ لَهُ وَصفاً وَذاتي بِحَيثُ لا | |
|
| يَراها لِبِلوى مِن جَوى الحُبِّ أَبلَتِ |
|
فَأَبدَت وَلَم يَنطِق لِساني لِسمعِهِ | |
|
| هَواجِسُ نَفسي سِرَّ ما عَنهُ أخفَتِ |
|
وظلَّت لِفكري أُذنُهُ خَلَداً بها | |
|
| يدورُ بِه عن رؤيَةِ العينِ أغنَتِ |
|
فَأَخبَرَ مَن في الحيَّ عَنِّيَ ظاهراً | |
|
| بِباطِنِ أَمري وَهُوَ من أهلِ خُبرَتي |
|
كَأنَّ الكِرَامَ الكَاتِبينَ تَنَزَّلوا | |
|
| على قلبِهِ وَحياً بما في صَحيفَتي |
|
ومَا كانَ يَدري ما أُجِنُّ وما الَّذي | |
|
| حَشايَ مِنَ السِّرِّ المَصُونِ أكنَّتِ |
|
وَكَشفُ حِجابِ الجسمِ أبرَزَ سِرَّ ما | |
|
| بِهِ كَانَ مَستُوراً لَه مِن سَريرَتِي |
|
فَكُنتُ بسِرِّي عَنهُ في خُفيَةٍ وَقَد | |
|
| خَفَتهُ لِوَهنٍ من نحوليَ أنَّتي |
|
فَأَظهَرني سُقمٌ بِهِ كُنتُ خافياً | |
|
| لَهُ وَالهَوى يَأتي بِكُلِّ غَريبَةِ |
|
وَأَفرطَ بي ضُرٌّ تَلاشَت لمَسِّهِ | |
|
| أَحاديثُ نَفسٍ بالمَدامِعِ نُمَّتِ |
|
فلو هَمَّ مَكروهُ الرَّدى بي لَما دَرى | |
|
| مَكاني وَمِن إِخفاءِ حُبَّكِ خُفيَتي |
|
وما بينَ شوقٍ واشتياقٍ فَنِيتُ في | |
|
| تَوَلٍّ بحَظرٍ أو تَجَلٍّ بِحضرَةِ |
|
فلو لِفَنائي من فِنائِكَ رُدَّ لي | |
|
| فؤاديَ لم يرغَب إلى دارِ غُربَةِ |
|
وعُنوانُ شأني ما أبُثَّكِ بِعضَهُ | |
|
| وما تحتَهُ إظهارُهُ فوقَ قُدرتي |
|
وأُمسِكُ عَجزاً عَن أُمورٍ كَثيرةِ | |
|
| بنُطقِيَ لَن تُحصى وَلَو قُلتُ قَلَّتِ |
|
شِفائِيَ أَشفى بل قَضى الوَجدُ أَن قَضى | |
|
| وبَردُ غليلي واحِدٌ حَرَّ غُلَّتي |
|
وباليَ أبلى مِن ثيابِ تَجَلُّدي | |
|
| به الذَّاتُ في الإعدامِ نيطَت بلَذَّةِ |
|
فَلو كَشَفَ العُوَّادُ بي وتَحَقَّقُوا | |
|
| منَ اللَّوحِ ما مِنَّي الصَّبابةُ أبقَتِ |
|
لمَا شاهَدَت منِّي بَصائِرهُم سِوى | |
|
| تخَلُّلِ رُوحٍ بينَ أثوابِ مَيِّتِ |
|
وَمُنذُ عَفا رَسمي وَهِمتُ وهِمتُ في | |
|
| وُجودي فَلَم تَظفَر بكَونِيَ فِكرَتي |
|
وَبَعدُ فَحالي فيكِ قامَت بِنَفسِها | |
|
| وَبَيِّنَتي في سَبقِ روحي بَنِيَّتي |
|
وَلَم أَحكِ في حُبِّيكِ حالي تَبرُّماً | |
|
| بِها لاضطِرابٍ بَل لِتَنفِيسِ كُربَتي |
|
ويَحسُنُ إظهارُ التَجلُّدِ للعِدى | |
|
| ويقبُحُ غَيرُ العَجزِ عندَ الأحِبَّةِ |
|
وَيَمنَعُني شكوَايَ حُسنُ تَصَبُّري | |
|
| وَلَو أَشكُ لِلأَعداءِ ما بي لأَشكَتِ |
|
وَعُقبى اصطِباري في هَواكِ حمِيدةٌ | |
|
| عَلَيكِ وَلَكِن عَنكِ غَيرُ حَميدَةِ |
|
وَما حلَّ بي من مِحنَةٍ فَهوَ مِنحَةٌ | |
|
| وقد سَلِمَت من حَلِّ عَقدٍ عَزيمَتي |
|
وكُلُّ أذىً في الحُبِّ مِنكِ إذا بَدا | |
|
| جَعَلتُ لهُ شُكرِي مكانَ شَكِيَّتي |
|
نَعَم وَتَباريحُ الصَّبابَةِ إن عَدَت | |
|
| عَلَيَّ مِنَ النَّعماءِ في الحبِّ عُدَّتِ |
|
وَمِنكِ شَقائي بَل بَلائِيَ مِنَّةٌ | |
|
| وفيكِ لِباسُ البؤسِ أسبَغ نِعمَةِ |
|
أرانِيَ ما أُوليتُهُ خيرَ قِنيَةٍ | |
|
| قديمُ وَلائي فيكِ من شَرّ فِتيَةِ |
|
فلاحٍ وواشٍ ذاك يُهدي لِعزَّةٍ | |
|
| ضَلالاً وذا بي ظَلَّ يَهذِي لغِرَّةِ |
|
أُخالِفُ ذا في لومِهِ عن تُقَىً كما | |
|
| أخالِفُ ذا في لؤمِهِ عن تَقيَّةِ |
|
وَمَا رَدَّ وَجهِي عَن سَبيلِكِ هَولُ ما | |
|
| لَقيتُ ولا ضَرَّاءُ في ذاكَ مَسَّتِ |
|
وَلا حِلمَ لي في حَملِ ما فيكِ نالَني | |
|
| يُؤدّي لحَمدي أو لمَدحِ مَوَدّتِي |
|
قضى حُسنُكِ الدَّاعي إِليكِ احتِمالَ ما | |
|
| قصَصتُ وأَقصى بَعدَما بعدَ قِصَّتي |
|
وما هُو إلَّا أَن ظَهَرتِ لِناظِرِي | |
|
| بأَكمَلِ أَوصافٍ على الحُسنِ أَربَتِ |
|
فَحلَّيتِ لي البَلوَى فَخلَّيتِ بَينها | |
|
| وبَينِي فَكانَت مِنكِ أَجملَ حِليَةِ |
|
ومَن يَتَحَرَّش بِالجَمالِ إِلى الرَّدى | |
|
| رَأَى نَفسَهُ من أَنفَس العَيشِ رُدَّتِ |
|
وَنَفسٌ تَرى في الحُبِّ أن لا ترى عَناً | |
|
| مَتى ما تَصَدَّت للصَّبابِة صُدَّتِ |
|
وما ظفِرَت بالوُدِّ روحٌ مُراحَةٌ | |
|
| ولا بالوَلا نَفسٌ صفا العيشِ وَدَّتِ |
|
وأَينَ الصَّفا هَيهات من عَيشِ عاشِقٍ | |
|
| وجَنَّةُ عَدنٍ بالمَكَارِهِ حُفَّتِ |
|
ولي نفسُ حُرٍّ لو بذَلتِ لها على | |
|
| تَسَلّيكِ ما فوقَ المُنى ما تَسلَّتِ |
|
ولو أُبعِدَت بالصَّدِّ والهجرِ والقِلى | |
|
| وقَطعِ الرَّجا عن خُلَّتِي ما تَخلَّتِ |
|
وَعَن مَذهَبي في الحُبِّ ما لِيَ مذهَبٌ | |
|
| وإن مِلتُ يوماً عنهُ فارَقتُ مِلَّتِي |
|
ولو خطَرَت لي في سِواكِ إرادةٌ | |
|
| على خاطري سَهواً قضيتُ بِرِدَّتِي |
|
لَكِ الحُكم في أَمري فما شِئتِ فَاصنَعي | |
|
| فَلَم تكُ إلّا فيكِ لا عَنكِ رَغبَتِي |
|
ومُحكَمِ عهدٍ لم يُخامِرهُ بيننا | |
|
| تَخَيّلُ نَسخٍ وهوَ خيرُ أَليَّةِ |
|
وأخذِكِ ميثاقَ الوَلا حيثُ لم أَبِن | |
|
| بِمَظهَرِ لَبسِ النَفسِ في فَيءِ طِينَتي |
|
وسابِقِ عَهدٍ لم يَحُل مُذ عَهِدتُهُ | |
|
| ولاحِقِ عَقدٍ جَلَّ عن حَلِّ فَترَةِ |
|
ومَطلَعِ أَنوارٍ بطلعتِكِ الَّتي | |
|
| لِبَهجَتِها كلُّ البُدُورِ استسَرَّتِ |
|
وَوصفِ كمالٍ فيكِ أحسنُ صورَةٍ | |
|
| وأقوَمُها في الخَلقِ مِنهُ استَمدَّتِ |
|
ونَعتِ جَلالٍ منكِ يعذُبُ دونَهُ | |
|
| عذابي وتحلو عِندَهُ ليَ قَتلَتِي |
|
وسِرِّ جَمالٍ عنكِ كُلُّ مَلاحَةٍ | |
|
| بِه ظَهَرَت في العالمِين وتمَّتِ |
|
وحُسنٍ بِهِ تُسبَى النُّهَى دلَّني على | |
|
| هَوىً حسُنَت فيه لِعِزِّكِ ذِلَّتِي |
|
وَمَعنىً وَرَاء الحُسنِ فيكِ شَهِدتُهُ | |
|
| بِه دَقَّ عن إدراكِ عَينِ بَصِيرتِي |
|
لأنتِ مُنى قَلبي وغايَةُ بُغيَتِي | |
|
| وأَقصى مُرادي واختِياري وحِيرَتي |
|
خَلَعتُ عِذاري واعتِذَاري لابِسَ ال | |
|
| خَلاعَةِ مسروراً بِخَلعي وخِلعَتي |
|
وخَلعُ عِذاري فيكِ فَرضي وإِن أَبىاق | |
|
| تِرَابيَ قَومِي والخلاعَةُ سُنَّتي |
|
وَلَيسوا بِقَومي ما استعابوا تَهَتُّكي | |
|
| فَأَبدَوا قِلَىً وَاستَحسَنوا فيكِ جَفوَتي |
|
وَأَهليَ في دين الهَوى أَهلُهُ وَقَد | |
|
| رَضُوا ليَ عاري واستَطابوا فَضيحَتي |
|
فَمَن شَاءَ فَليَغضَب سِواكِ ولا أَذىً | |
|
| إِذا رضِيَت عَنِّي كِرامُ عَشيرَتي |
|
وإِن فَتَنَ النُّسّاكَ بعضُ محاسِنٍ | |
|
| لَديكِ فكُلٌّ مِنكِ مَوضعُ فِتنَتي |
|
وَما احترتُ حَتَّى اختَرتُ حُبِّيكِ مَذهباً | |
|
| فَواحَيرتي إِن لَم تَكُن فيكِ خيرَتي |
|
فَقالَت هَوى غَيري قصَدتَ ودونَهُ اق | |
|
| تَصَدتَ عَميّاً عَن سواءِ مَحَجَّتي |
|
وَغَرَّكَ حَتَّى قُلتَ ما قُلتَ لابِساً | |
|
| بِه شَينَ مَينٍ لَبسُ نَفسٍ تَمَنَّتِ |
|
وَفي أَنفَسِ الأَوطارِ أمسَيتَ طامِعاً | |
|
| بِنَفسٍ تَعدَّت طَورَها فتَعَدَّتِ |
|
وَكَيفَ بِحُبِّي وهوَ أَحسَنُ خُلَّةٍ | |
|
| تَفوزُ بِدعوى وهيَ أقبَحُ خَلَّةِ |
|
وأينَ السُّهى مِن أكمَهٍ عن مُرادِهِ | |
|
| سَهَا عَمَهاً لكن أمانيكَ غَرَّتِ |
|
فقُمتَ مقاماً حُطّ قَدرُكَ دونَهُ | |
|
| على قدَمٍ عَن حَظِّها ما تَخَطَّتِ |
|
ورُمتَ مَراماً دونَهُ كَم تَطاوَلَت | |
|
| بأعناقِهَا قومٌ إليهِ فَجُذَّتِ |
|
أَتيتَ بُيوتاً لم تنَل من ظُهُورها | |
|
| وأَبوابُها عن قرعِ مثلِكَ سُدَّتِ |
|
وبينَ يدَي نجواك قَدَّمتَ زُخرُفاً | |
|
| ترومُ بهِ عِزّاً مَرامِيهِ عَزَّتِ |
|
وجئتَ بوَجهٍ أبيضٍ غيرَ مُسقِطٍ | |
|
| لِجَاهكَ في دارَيكَ خاطِبَ صَفوَتي |
|
ولو كنتَ بي مِن نُقطَةِ الباء خَفضةً | |
|
| رُفِعتَ إلى ما لم تَنَلهُ بِحيلَةِ |
|
بحيثُ تُرى أن لا تَرى ما عَدَدتَهُ | |
|
| وأَنَّ الَّذي أعدَدتَهُ غيرُ عُدَّةِ |
|
ونَهجُ سبيلي واضِحٌ لِمَنِ اهتدَى | |
|
| وَلَكِنَّها الأهواءُ عَمَّت فأَعمَتِ |
|
وقد آنَ أَن أُبدِي هواكَ ومَن بهِ | |
|
| ضَنَاكَ بما يَنفي ادِّعاكَ محَبَّتي |
|
حَليفُ غَرامٍ أنتَ لكِن بنفسِهِ | |
|
| وَإِبقاكَ وصفاً مِنكَ بعضُ أَدِلَّتي |
|
فَلمْ تَهْوَني ما لم تَكنْ فيَّ فانِياً | |
|
| ولم تَفنَ ما لا تُجْتَلى فيكَ صورتي |
|
فدَعْ عنكَ دَعوى الحبِّ وادعُ لِغيرِهِ | |
|
| فؤادَكَ وادفَعْ عنكَ غَيَكََ بالَّتي |
|
وجانِبْ جنابَ الوَصْلِ هَيهاتَ لَم يكُنْ | |
|
| وها أنتَ حيٌّ إن تكن صادقاً مُتِ |
|
هُو الحُبُّ إِن لم تَقضِ لم تَقضِ مأرَباً | |
|
| منَ الحُبِّ فاخترْ ذاكَ أَو خَلِّ خُلَّتي |
|
فقُلْتُ لها روحي لديكِ وَقَبْضُها | |
|
| إليكِ ومَن لي أن تكونَ بقَبضَتي |
|
وما أَنا بالشَّاني الوفاةَ عَلى الهَوى | |
|
| وشأني الوَفا تأبى سِوَاهُ سَجِيَّتي |
|
وَماذا عَسى عَنِّي يُقالُ سِوى قضَى | |
|
| فُلانٌ هَوى مَنْ لي بذا وهْو بُغْيَتي |
|
أجَلْ أَجَلي أَرضى إِنقِضَاهُ صَبَابَةً | |
|
| ولا وصْلَ إن صَحَّتْ لِحُبِّكَ نِسبَتي |
|
وَإِنْ لَم أفُزْ حَقّاً إليكِ بِنِسْبَةٍ | |
|
| لِعِزّتها حسبي افتِخاراً بِتُهْمَةِ |
|
وَدونَ إِتِّهامي إنْ قَضَيْتُ أَسىً فما | |
|
| أَسأتُ بِنَفْسٍ بالشَّهَادةِ سُرَّتِ |
|
ولي منكِ كافٍ إن هَدَرْتِ دمي ولَم | |
|
| أُعَدَّ شهيداً عِلمُ داعي مَنِيَّتي |
|
ولم تَسْوَ روحي في وِصَالِكِ بَذلَها | |
|
| لَدَيّ لِبَونٍ بَيْنَ صَونٍ وبِذْلَةِ |
|
وإِنِّي إلى التَّهديدِ بِالمَوتِ راكِنٌ | |
|
| ومِن هَولِهِ أركانُ غيري هُدّتِ |
|
ولم تعسِفي بالقَتْلِ نفسي بَل لَها | |
|
| بِهِ تُسْعِفِي إن أنتِ أتلَفْتِ مُهْجَتِي |
|
فإنْ صَحّ هذا القال مِنْكِ رَفَعْتِني | |
|
| وأعلَيْتِ مِقدارِي وأَغلَيْتِ قِيمَتِي |
|
وها أنا مُسْتَدْعٍ قضاكِ وما بهِ | |
|
| رِضَاكِ ولا أختارُ تأخيرَ مدَّتِي |
|
وعِيدُكِ لي وعدٌ وإنجازُهُ مُنىً | |
|
| ولِيٍّ بغيرِ البُعْدِ إن يُرْمَ يَثْبُتِ |
|
وقد صِرْتُ أرجو ما يُخافُ فأسعِدي | |
|
| بِه روحَ مَيتٍ للحياةِ استعدَّتِ |
|
وبي مَنْ بها نافسْتُ بالرّوحِ سالِكَاً | |
|
| سبيلَ الأُلى قبلي أَبَوا غيرَ شِرْعَتِي |
|
بكُلِّ قَبِيلٍ كمْ قتيلٍ بها قضَى | |
|
| أسىً لم يَفُزْ يوماً إِليها بِنَظرةِ |
|
وكم في الوَرَى مِثلي أماتتْ صَبَابَةً | |
|
| ولوْ نَظرتْ عطْفَاً إليهِ لأحْيَتِ |
|
إذا ما أَحلَّتْ في هواها دَمي فَفي | |
|
| ذُرَى العِزّ والعلْيَاءِ قَدري أحلَّتِ |
|
لَعَمْري وإن أتْلَفْتُ عُمري بِحُبِّها | |
|
| رَبِحْتُ وإن أَبْلَتْ حشايَ أَبَلَّتِ |
|
ذَلَلْتُ لها في الحيِّ حَتَّى وَجَدْتُنِي | |
|
| وأدنَى مَنالٍ عندهم فوقَ هِمَّتي |
|
وَأَخملني وهناً خُضُوعي لهُم فَلم | |
|
| يَرَوني هواناً بي محلّاً لِخدمَتي |
|
ومِنْ دَرَجَاتِ العِزّ أمسيْتُ مُخلِداً | |
|
| إلى دَرَكَاتِ الذُّلِّ من بَعدِ نخْوَتي |
|
فلا بابَ لي يُغشى ولا جاهَ يُرْتَجَى | |
|
| ولا جارَ لي يُحْمى لفَقْدِ حَمِيَّتي |
|
كَأَنْ لم أكُنْ فيهِمْ خطيراً وَلَمْ أزَل | |
|
| لَدَيْهِمْ حقيراً في رَخاءٍ وشِدَّةِ |
|
فَلَو قيلَ مَن تَهوى وصرَّحتُ باسمِها | |
|
| لَقيلَ كنَى أوْ مسَّهُ طيفُ جِنَّةِ |
|
ولو عَزَّ فيها الذُّلُّ ما لذَّ لي الهَوى | |
|
| ولم تكُ لولا الحُبُّ في الذلِّ عِزَّتي |
|
فحالي بِها حالٍ بعقْلِ مُدَلَّهٍ | |
|
| وصِحَّةِ مَجهودٍ وعِزِّ مذلَّةِ |
|
أَسَرَّتْ تمَنِّي حُبِّها النَفسُ حَيثُ لا | |
|
| رقيب حِجاً سِرّاً لسِرِّي وخَصَّتِ |
|
فأشفَقْتُ مِن سَيرِ الحديثِ بِسائِري | |
|
| فتُعرِبُ عن سِرِّي عِبارةُ عَبرَتي |
|
يُغالِطُ بَعضي عنهُ بَعضي صيانةً | |
|
| ومَينيَ في إخفائِه صِدْقُ لَهجَتي |
|
ولمَّا أبَتْ إظهارَهُ لجوانِحي | |
|
| بَديهةُ فِكري صُنتُهُ عن رَوِّيَّتي |
|
وبالَغْتُ في كِتمانِه فنسِيتُهُ | |
|
| وأُنسيتُ كَتمي ما إليهِ أسرَّتِ |
|
فإن أجنِ مِن غرْسِ المُنى ثمَرَ العنا | |
|
| فَلِلَّهِ نَفسٌ في مُناها تمَنَّتِ |
|
وأَحلى أَماني الحُبِّ للنَّفسِ ما قَضَت | |
|
| عَناها بهِ مَنْ أذكَرَتْها وأنسَتِ |
|
أَقامتْ لها مِنِّي عليَّ مُراقِباً | |
|
| خَواطِرَ قَلبي بالهوى إن ألَمَّتِ |
|
فَإنْ طَرَقتْ سرّاً مِنَ الوَهمِ خاطِري | |
|
| بِلا حاظِرٍ أطرَقْتُ إجلالَ هَيبَةِ |
|
ويُطرَفُ طرْفي إِن هَمَمْتُ بِنَظرَةٍ | |
|
| وإن بُسِطَتْ كفِّي إلى البَسطِ كُفَّتِ |
|
فَفي كُلِّ عُضْوٍ فيَّ إقدامُ رغبَةٍ | |
|
| ومِنْ هَيبةِ الإِعظامِ إحجامُ رَهبَةِ |
|
لِفِيّ وسَمعي فِيَّ آثارُ زَحْمةٍ | |
|
| عليها بَدَتْ عِندي كإيثارِ رَحمَةِ |
|
لِسانِيَ إن أبدى إِذا ما تَلا اسمَها | |
|
| لهُ وصفُهُ سمْعي ومَا صَمَّ يَصمُتِ |
|
وأُذْنيَ إن أهدَى لِسانِيَ ذِكرهَا | |
|
| لِقلبي ولم يستَعبِدِ الصَّمتَ صُمَّتِ |
|
أَغارُ عَلَيها أن أهيمَ بحُبِّها | |
|
| وأعرِفُ مِقداري فأُنكِرُ غَيرَتي |
|
فتُختَلسُ الرُّوحُ ارتياحاً لها وما | |
|
| أُبَرِّئُ نفسي من تَوَهُّمِ مُنْيَةِ |
|
يَراها على بُعدٍ عَنِ العَينِ مسمَعي | |
|
| بطَيْفِ مَلامٍ زائرٍ حينَ يَقظَتي |
|
فيغْبِطُ طَرْفي مسمَعي عِندَ ذِكرها | |
|
| وَتَحْسِدُ ما أَفنتْهُ مِنِّي بَقِيَّتي |
|
أمَمْتُ أَمامي في الحَقيقَةِ فَالوَرى | |
|
| وَرائي وكانَت حَيثُ وجَّهتُ وِجهَتي |
|
يَراها إِمامي في صلاتيَ ناظِري | |
|
| وَيشهدُني قلبي أمامَ أئِمَّتي |
|
ولاَ غرْوُ إِنْ صَلَّى الإِمامُ إليَّ إِنْ | |
|
| ثَوَتْ في فؤادي وهْيَ قِبلةُ قِبلتي |
|
وكُلُّ الجِهاتِ السِّتِّ نَحوي تَوَجَّهتْ | |
|
| بما تَمَّ من نُسْكٍ وَحجٍّ وعُمرَةِ |
|
لها صَلَواتي بالمَقامِ أُقِيمُها | |
|
| وأشهَدُ فيها أنَّها ليَ صَلَّتِ |
|
كِلانا مُصَلٍّ واحِدٌ ساجِدٌ إلى | |
|
| حقيقتِهِ بالجمعِ في كُلِّ سجدَةِ |
|
وما كان لي صَلَّى سِوايَ وَلَم تَكُن | |
|
| صَلاتي لغَيري في أدا كُلِّ رَكعَةِ |
|
إِلى كَم أُواخي السِّتْرَ ها قد هَتَكتُهُ | |
|
| وحَلُّ أُواخي الحُجبِ في عَقدِ بَيْعَتي |
|
مُنِحْتُ وَلاها يومَ لا يوْمَ قبل أَن | |
|
| بدَتْ عند أخْذِ العهدِ في أَوَّلِيَّتي |
|
فَنِلْتُ وَلاها لا بِسَمْعٍ وناظِرٍ | |
|
| ولا بِاكتِسابٍ واجتِلاب جِبِلَّةِ |
|
وهِمتُ بها في عالَمِ الأمْرِ حيثُ لا | |
|
| ظُهورٌ وكانت نَشوَتي قبلَ نَشأَتي |
|
فَأَفني الهَوى ما لم يكُنْ ثَمَّ باقِياً | |
|
| هُنا من صِفاتٍ بينَنَا فاضمحلَّتِ |
|
فألفيْتُ ما ألقَيتُ عنِّيَ صادراً | |
|
| إليَّ ومنِّي وارِداً بمَزيدَتي |
|
وشاهدتُ نفسي بالصِّفاتِ الَّتي بها | |
|
| تحجَّبْتِ عنِّي في شُهودي وحِجْبتي |
|
وإنّي الَّتي أحبَبْتُها لا مَحالَةً | |
|
| وكانت لها نفْسي عليَّ محيلَتي |
|
فَهَامَتْ بها من حيْثُ لم تدرِ وهي في | |
|
| شُهودي بنفس الأمْرِ غير جَهولةِ |
|
وقد آنَ لي تفصِيلُ ما قُلتُ مُجملاً | |
|
| وإجمالُ ما فصَّلْتُ بسطاً لبَسطتي |
|
أفادَ اتِّخاذي حُبَّها لاتّحادنا | |
|
| نوادِرُ عن عادِ المُحبِّينَ شَذَّتِ |
|
يَشي لي بيَ الواشي إليها ولائِمي | |
|
| عليها بها يُبْدي لديها نَصيحتي |
|
فأُوسِعُها شكراً وما أسلفَتْ قِلىً | |
|
| وتَمنحُني بِرّاً لصِدقِ المحبَّةِ |
|
تَقرَّبْتُ بالنَّفْسِ احتِساباً لها ولمْ | |
|
| أكنْ راجياً عنها ثواباً فأدنَتِ |
|
وقدَّمْتُ مالي في مآليَ عاجلاً | |
|
| وما إن عساها أن تكونَ مُنِيلتي |
|
وَخَلَّفْتُ خَلفي رؤيتي ذاكَ مخلِصاً | |
|
| ولستُ براضٍ أن تكونَ مَطيَّتي |
|
ويمَّمنا بالفَقْرِ لكِنْ بوَصْفِهِ | |
|
| غَنِيتُ فألقَيْتُ افتِقاري وثروتي |
|
فأثنَيتَ لي إلقاء فَقريَ والغِنى | |
|
| فضيلةَ قَصدي فاطرّحْتُ فضيلتي |
|
فلاحَ فَلاحي في اطّراحي فأصبحَتْ | |
|
| ثَوابي لا شيْئاً سِواها مُثِيبتي |
|
وظِلْتُ بها لا بي إليها أدُلّ مَن | |
|
| بِه ضَلّ عن سُبْل الهُدى وهيَ دَلّتِ |
|
فخَلّ لها خلّي مُرادَكَ مُعْطِياً | |
|
| قيادَكَ مِن نَفسٍ بها مُطمئِنّةِ |
|
وأمْسِ خليّاً من حُظوظك واسمُ عن | |
|
| حضيضِكَ واثُبتْ بعد ذلك تنُبتِ |
|
وسَدّدْ وقارِبْ واعتصِم واستقم لها | |
|
| مُجيباً إليها عن إنَابَةِ مُخْبِتِ |
|
وعُد من قريب واستجب واجتنب غداً | |
|
| أُشَمّرُ عن ساقِ اجتِهادٍ بنهضَةِ |
|
وكن صارماً كالوقت فالمقتُ في عسى | |
|
| وإيّاك عَلاّ فهْيَ أخطَرُ علّة |
|
وقُمْ في رِضاها واسْعَ غير مُحاوِلٍ | |
|
| نشاطاً ولا تُخلِدْ لعَجْزٍ مُفَوِّتِ |
|
وسِرْ زمناً وانهض كسيراً فحَظّك ال | |
|
| بَطالَةُ ما أخَّرْتَ عزْماً لِصِحّةِ |
|
وَأقِدمْ وقَدّمْ ما قعَدْتَ لهُ معَ ال | |
|
| خوالِف وَاخرُجْ عن قيود التّلفّتِ |
|
وجُذّ بسيْف العَزْم سوفَ فإن تجُد | |
|
| تجِد نفَساً فالنفسُ إن جُدتَ جَدّتِ |
|
وأقبِلْ إليها وانحُها مُفلِساً فقدْ | |
|
| وصيَتَ لِنُصْحي إن قبِلتَ نصيحتي |
|
فلم يَدْنُ منها موسِرٌ باجتِهادِهِ | |
|
| وعنها بِهِ لم ينأ مؤثِرُ عُسْرَةِ |
|
بِذَاك جَرَى شَرْطُ الهوى بينَ أهلِهِ | |
|
| وطائفةٌ بالعَهْدِ أوفَتْ فوَفّت |
|
متى عَصَفَتْ ريحُ الوَلا قصفَتَ أخا | |
|
| غَناء ولو بالفَقْرِ هَبّتْ لَرَبّت |
|
وأغنى يَمينٍ باليَسارِ جزاؤها | |
|
| مُدى القطع ما للوصل في الحب مُدَّت |
|
وأخلِصْ لهاواخلُص بهاعن رُعونة اف | |
|
| تِقارِكَ مِنْ أعْمالِ بِر تزكّت |
|
وعادِ دواعي القيلِ والقالِ وانجُ من | |
|
| عَوادي دعاوٍ صِدْقُها قصْدُ سُمْعة |
|
فألسُنُ مَنْ يُدْعى بألسَنِ عارِفٍ | |
|
| وقد عُبِرَتْ كل العِباراتِ كَلّت |
|
وما عنه لم تُفْصحْ فإنّك أهلُهُ | |
|
| وأنْتَ غريبٌ عنه إن قلتَ فاصْمت |
|
وفي الصمتِ سمتٌ عنده جاهُ مسكةٍ | |
|
| غدا عبْدَه من ظنَّه خيرَ مُسْكتِ |
|
فكن بصِراً وانظُرْ وَسمعاً وعِهْ وكن | |
|
| لساناً وقُل فالجَمْعُ أهدى طريقَةِ |
|
ولا تتّبعْ منْ سَوّلَتْ نفسُهُ لَهُ | |
|
| فصارَتْ له أمّارَةً واستمرّتِ |
|
وَدَعْ ما عداها واعدُ نفسَك فهي من | |
|
| عِداها وعُذُ منها بأحصَنِ جُنّةِ |
|
فنَفْسيَ كانَتْ قبلُ لَوّامَةً متى | |
|
| أطعْها عصَت أو أعصِ عنها مُطيعتي |
|
فأوْرَدْتُهَا ما المَوْتُ أيْسَرُ بَعْضِهِ | |
|
| وأتْعَبْتُها كيَما تكونَ مُريحتي |
|
فعادتْ ومهما حُمِّلَتْهُ تحَمّلَتْ | |
|
| هُ مِنّي وإنْ خفّفّتُ عنها تأذَّتِ |
|
وكَلّفْتُها لا بل كَفَلْتُ قيامَها | |
|
| بتكليفِها حتى كَلِفْتُ بِكُلَفتي |
|
وأذْهَبْتُ في تهذيبِها كُلّ لَذّةٍ | |
|
| بإبْعادِها عن عادِها فاطمأنّتِ |
|
ولم يَبْقَ هوْلٌ دونَها ما ركِبْتُهُ | |
|
| وأشهَدُ نفسي فيِه غيرَ زَكيّةِ |
|
وكلّ مقام عن سُلوكٍ قطَعتُهُ | |
|
| عُبودِيّةً حَقّقْتُها بعُبودةِ |
|
وصرتُ بِها صَبّا فلمّا تركْتُ ما | |
|
| أريدُ أرادَتْني لها وأحبّتِ |
|
فَصِرْتُ حبيبا بل مُحِبّا لِنَفْسِهِ | |
|
| وليسَ كقَولٍ مَرّ نفسي حبيبتي |
|
خَرَجْتُ بها عني إليها فلم أعُدْ | |
|
| إليَّ ومثلي لا يَقولُ بِرَجعَةِ |
|
وأفْرَدْتُ نفسي عن خُروجي تكرماً | |
|
| فلم أرْضهَا منْ بعد ذاكَ لصُحبَتي |
|
وغَيّبْتُ عن إفرادِ نفسي بحيثُ لا | |
|
| يُزَاحِمُني إبْداءُ وَصْفٍ بحَضْرتي |
|
وها أنا أُبدي في اتّحاديَ مَبدَئي | |
|
| وأُنْهي انتِهائي في تواضُعِ رِفعتي |
|
جَلَتْ في تَجَليّها الوجودَ لِناظري | |
|
| ففي كُلّ مَرْئيٍ أراها برؤيَةِ |
|
وأشهِدْت غَيبي إذ بدتْ فوجدتُني | |
|
| هُنَالِكَ إيّاها بجَلوَةِ خَلْوتي |
|
وطاحَ وُجودي في شهودي وبِنْتُ عن | |
|
| وُجودِ شُهودي ماحيا غيرَ مُثبِت |
|
وعانقْتُ ما شاهدتُ في محْوِ شاهدي | |
|
| بمَشهدِهِ للصّحْوِ من بَعد سَكرتي |
|
ففي الصّحوِ بعد المَحْوِ لم أكُ غيرَها | |
|
| وذاتي بذاتي إذ تحَلّتْ تجَلّتِ |
|
فوَصْفيَ إذ لم تُدْعَ باثنَين وصفُها | |
|
| وهيئتُها إذ واحدٌ نحنُ هيئَتي |
|
فإن دُعيَتْ كنتُ المُجيبَ وإن أكُن | |
|
| منادىً أجابَتْ مَن دعاني ولَبّت |
|
وإنْ نَطقَتْ كنْتُ المُناجي كذاك إن | |
|
| قَصَصْتُ حديثا إنَّما هي قَصَتّ |
|
فقد رُفِعَتْ تاءُ المُخاطَب بَينَنَا | |
|
| وفي رَفعِها عن فُرْقة الفَرْقِ رِفْعَتي |
|
فإن لم يُجَوِّزْ رؤيَةَ اثنَينِ واحدا | |
|
| حِجاكَ ولم يُثْبِتْ لبُعدِ تثَبُّتِ |
|
سأجْلو إشاراتٍ عليكَ خَفِيَّةً | |
|
| بها كعباراتٍ لدَيكَ جَليَّةِ |
|
وأُعْربُ عنها مُغرِبا حيثُ لاتَ حي | |
|
| نَ لَبْسٍ بتَبْيانَيْ سَماعٍ ورؤيِة |
|
وأُثْبِتُ بالبُرهانِ قَوليَ ضاربا | |
|
| مثالَ مُحِقٍّ والحقيقةُ عُمْدتي |
|
بِمَتْبوعةٍ يُنبيكَ في الصّرعِ غيرُها | |
|
| على فَمِها في مَسّها حيثُ جُنّتِ |
|
ومِنْ لُغَةٍ تبدو بِغَيرِ لسانها | |
|
| عليهِ براهينُ الأدلّةِ صَحّت |
|
وفي العِلم حقا أنّ مُبدي غريبِ ما | |
|
| سمِعتَ سواها وهْي في الحُسن أبدت |
|
فلو واحدا امسيْتَ اصبحْتَ واجِدا | |
|
| مُنازَلةً ما قُلتُهُ عن حقيقة |
|
ولكنْ على الشّرْك الخفيّ عكفْتَ لو | |
|
| عرَفتَ بنَفسٍ عن هَدي الحق ضلّت |
|
وفي حُبّهِ مَن عَزّ توحيدَ حِبّهِ | |
|
| فبالشّرْكِ يَصلى منِهُ نارَ قَطيعةِ |
|
وما شانَ هذا الشأنَ منكَ سوى السّوى | |
|
| ودعواهُ حقّاً عنك إن تُمْحَ تثُبت |
|
كذا كُنتُ حينا قبلَ أن يُكشف الغطا | |
|
| منَ اللَّبْسِ لا أنفّكُّ عن ثَنوِيَّة |
|
اروحُ بفَقْدٍ بالشّهودِ مؤلِّفي | |
|
| وأغْدو بوَجْدٍ بالوجودِ مُشَتّتي |
|
يُفرّقُني لُبّي التِزاما بمَحضَري | |
|
| ويَجمعُني سَلْبي اصْطلاماً بغيبتي |
|
أخال حضيضي الصّحو والسكر معرجي | |
|
| إليها ومَحوي مُنتَهى قابِ سِدرتي |
|
فلمّا جلَوْتُ الغَينَ عنّي اجتَلَيْتُني | |
|
| مُفيقا ومنّي العَينُ بالعَين قَرّتِ |
|
ومِن فاقتي سُكراً غَنيتُ إفاقةً | |
|
| لدى فَرْقيَ الثَاني فجَمْعي كوَحْدتي |
|
فجاهدْ تُشاهدْ فيكَ منكَ وراءَ ما | |
|
| وصَفْتُ سُكوناً عن وجُودِ سَكينَة |
|
فمِن بعدما جاهدتُ شاهدتُ مَشهَدي | |
|
| وهادِيّ لي إيَّايَ بل بيَ قُدْرَتي |
|
وبي موْقِفي لا بلْ إليَّ تَوَجُّهي | |
|
| كذاكَ صَلاتي لي ومِنِّيَ كَعْبتي |
|
فلاتَكُ مَفْتُوناً بحُسْنِكَ مُعْجباً | |
|
| بنَفْسِكَ مَوْقوفاً على لَبْسِ غِرة |
|
وفارقْ ضَلالَ الفَرْق فالجَمْعُ مُنتجٌ | |
|
| هُدى فِرْقَةٍ بالاتّحَادِ تَحَدَّت |
|
وصرّحْ باطْلاقِ الجَمالِ ولا تَقُل | |
|
| بتَقْيِيِدِهِ مَيلاً لِزُخْرُفِ زِينَة |
|
فكُلّ مَليحٍ حُسنُهُ منْ جَمالها | |
|
| مُعارٌ لهُ بل حُسْنُ كلّ مَليحِة |
|
بها قَيسُ لُبْنى هامَ بل كلّ عاشق | |
|
| كَمجنون لَيلى أو كُثَيّرِ عَزَّة |
|
فكُلُّ صَبا منهُمْ إلى وَصْفِ لَبْسِها | |
|
| بصورةِ حُسنِ لاحَ في حُسنِ صورة |
|
وما ذاكَ إلاَّ أن بدَتْ بمَظاهِرٍ | |
|
| فظَنُّوا سِواها وهي فيها تجَلَّتِ |
|
بدَتْ باحْتِجابٍ واختَفَتْ بمَظاهر | |
|
| على صِبَغِ التَّلْوينِ في كلّ بَرْزَةِ |
|
ففي النَّشأةِ الأولى تَرَاءتْ لآدَمٍ | |
|
| بمَظْهَرِ حَوَّا قبل حُكم الأمومة |
|
فهامَ بها كَيما يكونَ بِه أباً | |
|
| وَيَظْهَرَ بالزَّوْجَينِ حُكم البُنوَّة |
|
وكانَ ابتدا حُبِّ المَظاهِرِ بعْضَها | |
|
| لبَعْضٍ ولا ضِدٌّ يُصَدّ بِبغْضَةِ |
|
وما برِحَتْ تَبْدو وتَخْفَى لِعلَّةٍ | |
|
| على حَسَبِ الأوْقاتِ في كلِّ حقْبَةِ |
|
وتَظْهَرُ للعُشَّاقِ في كلّ مَظْهَرٍ | |
|
| من اللَّبْسِ في أشْكالِ حُسنٍ بديعة |
|
ففي مَرَّةٍ لُبْنَى وأخْرى بُثَيْنَة | |
|
| وآوِنَةً تُدْعَى بعَزَّةَ عَزَّتِ |
|
وَلَسنَ سِواها لا ولا كَنَّ غَيرَها | |
|
| وما إن لها في حُسنها من شَريكةِ |
|
كذاكَ بحُكْمِ الاتّحادِ بحُسْنِها | |
|
| كما لي بَدَتْ في غيرِها وتزَيَّتِ |
|
بدوْتُ لها في كُلّ صَبٍ مُتَيَّمٍ | |
|
| بأيّ بديعٍ حُسْنُهُ وبأيَّةِ |
|
وَلَيسوا بغَيري في الهوَى لتَقَدّمٍ | |
|
| عليَّ لِسَبْقٍ في اللَّيالي القَديمةِ |
|
وما القَومُ غَيري في هَواها وإنَّما | |
|
| ظَهَرْتُ لهمْ لِلَّبْسِ في كل هيئَةِ |
|
ففي مَرْةٍ قَيساً وأخرَى كُثَيّراً | |
|
| وآوِنَةً أبدو جَميلَ بُثَيْنَةِ |
|
تجَلَّيْتُ فيهمْ ظاهراً واحْتَجَبْتُ با | |
|
| طِناً بهم فاعْجَبْ لِكشْف بسُترة |
|
وهُنّ وهُمْ لا وهْنَ وهْمٍ مَظاهِرٌ | |
|
| لنا بتَجَلِّينا بحبٍّ ونَضْرَة |
|
فكُلّ فَتى حُبٍّ أنا هُوَ وهيَ حِبْ | |
|
| بُ كلّ فَتىً والكُلّ أسماءُ لُبْسة |
|
أسامٍ بِها كُنْتُ المُسمَّى حَقيقَةً | |
|
| وكنتُ ليَ البادي بِنَفْسٍ تخَفَّت |
|
وما زِلْتُ إيَّاها وإيايَ لَم تَزَلْ | |
|
| ولا فَرْقَ بل ذاتِي لذاتي أحَبَّتِ |
|
وليس معي في الملك شيىءٌسِواي وال | |
|
| مَعيَّةُ لم تخطُرْ على ألْمَعِيَّة |
|
وهَذي يَدي لا إنّ نَفْسي تَخَوَّفَتْ | |
|
| سِوَاي ولا غيري لخيري تَرجَّتِ |
|
ولاذُلُّ إخمالٍ لِذِكري توَقَّعَتْ | |
|
| ولا عِز إقْبالٍ لِشكري تَوَخَّت |
|
ولكنْ لِصَدِّ الضّدّ عن طَعْنهِ على | |
|
| عُلا أولياءِ المُنْجدينَ بنَجدتي |
|
رَجَعْتُ لأعمال العبادةِ عادَةً | |
|
| واعدَدْتُ أحْوَالَ الإرادةِ عُدتي |
|
وعُدتُ بنُسكي بعد هتكي وعُدتُ من | |
|
| خَلاعَةِ بَسْطي لانْقباضٍ بعفَّة |
|
وصُمْتُ نَهارِي رغبةً في مَثوبَةٍ | |
|
| واحْيَيْتُ لَيلي رَهبةً مِن عُقوبَةِ |
|
وعَمّرْتُ أَوْقَاتي بِوِرْدٍ لِوَارِدٍ | |
|
| وَصمْتٍ لسَمْت واعتكاف لحرمة |
|
وبِنتُ عنِ الأوطانِ هِجران قاطعٍ | |
|
| مُواصَلَةَ الإِخوانِ واخترتُ عُزْلتي |
|
وَدَقَّقْتُ فِكري في الحلالِ تَوَرُّعاً | |
|
| وراعَيتُ في إصْلاحِ قُوتيَ قوَّتي |
|
وانفَقْتُ من سُتْر القَنَاعَةِ راضياً | |
|
| منَ العيْشِ في الدنيا بأيسرِ بُلغة |
|
وهَذَّبتُ نفسي بالرياضة ذاهباً | |
|
| إلى كشفِ ما حُجبُ العوائدِ غطَّت |
|
وجَرَّدتُ في التجريد عزْمي تزَهُّداً | |
|
| وآثَرْتُ في نُسكي إستِجابةَ دَعوتي |
|
متى حِلْتُ عن قولي أنا هيَ أو أقُلْ | |
|
| وحاشا لمثْلي إنَّها فيَّ حَلَّتِ |
|
ولَسْتُ على غَيْبٍ أُحيلُكَ لا ولا | |
|
| على مُستحيلٍ موجبٍ سَلْبَ حيلتي |
|
وكيفَ وباسْمِ الحق ظَلَّ تحَقُّقي | |
|
| تكونُ أراجيفُ الضَّلالِ مُخيفَتي |
|
وها دِحيَةٌ وافى الأمينَ نبيَّنا | |
|
| بصورَتِه في بَدءِ وَحْيِ النّبوءةِ |
|
أجبريلُ قُلْ لي كان دِحيَةُ إذ بدا | |
|
| لِمُهْدي الهُدى في هيْئَةٍ بَشَريَّة |
|
وفي عِلمِه عن حاضريه مزِيَّةٌ | |
|
| بماهيّةِ المَرْئيّ من غيرِ مِرْية |
|
يَرَى مَلَكاً يوحي إليه وغيرُهُ | |
|
| يَرى رَجُلاً يُدْعَى لَدَيْهِ بِصُحبة |
|
ولي مِن أتَم الرّؤيَتينِ إشارةٌ | |
|
| تُنَزِّهُ عن رأيِ الحُلولِ عقيدتي |
|
وفي الذكرِ ذكرُ اللَّبْس ليسَ بمُنكرٍ | |
|
| ولم أعْدُ عن حُكمَيْ كتابٍ وسُنَّة |
|
مَنَحْتُكَ علماً إن تُرِدْ كشفَه فرِدْ | |
|
| سبيلِي واشرَعْ في اتِّباعِ شريعتي |
|
فمَنْبعُ صدِّي من شرابٍ نقيعُهُ | |
|
| لَديَّ فدَعْني من سَرابٍ بقيعة |
|
ودُونَكَ بحراً خُضْتُهُ وقَف الأُلى | |
|
| بساحلهِ صَوناً لَمَوضعِ حُرْمتي |
|
ولا تقْرَبوا مالَ اليتيمِ إشارةٌ | |
|
| لكَفِّ يدٍ صُدَّتْ له إذ تصَدَّتِ |
|
وما نالَ شيئاً منهُ غيري سوى فتىً | |
|
| على قَدَمي في القبضِ والبسطِ ما فتي |
|
فلا تَعْشُ عن آثارِ سَيريَ واخْشَ غَيْ | |
|
| نَ إيثار غَيري واغشَ عَينَ طريقتي |
|
فؤادي وَلاها صاحِ صاحي الفؤادِ في | |
|
| ولايةِ أمري داخلٌ تحتَ إمرتي |
|
ومُلْكُ معالي العشقِ مُلكي وجندي ال | |
|
| مَعاني وكُلّ العاشقينَ رعيَّتِي |
|
فتى الحبّ ها قد بنتُ عنهُ بحُكم مَن | |
|
| يَراهُ حِجاباً فالهوى دونَ رُتبتي |
|
وجاوزتُ حدَّ العشقِ فالحبّ كالقلى | |
|
| وعن شأوِ مِعراجِ اتِّحاديَ رِحْلتي |
|
فطبْ بالهوى نفساً فقد سُدتَ أنفُس ال | |
|
| عبادِ منَ العُبَّادِ في كُلّ أُمَّةِ |
|
وفُزْ بالعُلى وافخَرْ على ناسكٍ علا | |
|
| بظاهرِ أعمالٍ ونَفْسٍ تزَكَّت |
|
وجُزْ مُثقَلاً لو خَفَّ طَفَّ مُوكَّلاً | |
|
| بمَنقول أحكام ومعقولِ حكمة |
|
وحُزْ بالولا ميراثَ أرفَعِ عارفٍ | |
|
| غَدا همُّهُ إيثارَ تأثيرِ هِمَّة |
|
وتِهْ ساحباً بالسُّحب أذيالَ عاشقٍ | |
|
| بوَصْلٍ على أعلى المَجرَّةِ جُرَّتِ |
|
وجُلْ في فُنونِ الاتحادِ ولا تَحدْ | |
|
| إلى فئةٍ في غَيرِهِ العُمْرَ أفنَت |
|
فواحدُهُ الجَمُّ الغفيرُ ومَن غدا | |
|
| هُ شِرْذِمة حُجَّتْ بأبلغِ حُجَّة |
|
فمُّتَّ بمَعناهُ وعشْ فيه أو فمُتْ | |
|
| مُعَنَّاهُ واتْبَعْ أُمَّةً فيهِ أمَّتِ |
|
فأنتَ بهذا المَجدِ أجدَرُ من أخي اجْ | |
|
| تهادٍ مُجِدٍّ عن رجاءٍ وخيفةِ |
|
وغيرُ عجيبٍ هَزُّ عطفَيْكَ دونهُ | |
|
| بأهْنا وأنهى لذّةٍ ومسرّةِ |
|
وأوْصافُ من تُعْزَى إليهِ كمِ اصْطفتْ | |
|
| من الناسِ مَنْسيّاً وأسماهُ أسمتِ |
|
وأنتَ على ما أنتَ عنِّيَ نازحٌ | |
|
| وليسَ الثّرَيَّا للثَّرَى بِقَرينَة |
|
فطُورُك قد بُلّغتُهُ وبَلَغتَ فَوْ | |
|
| قَ طَوركَ حيث النَّفسُ لم تَكُ ظُنَّت |
|
وحَدُّكَ هذا عندَهُ قفْ فَعَنه لو | |
|
| تقدَّمْتَ شيئاً لاحترقتَ بجَذوة |
|
وقَدري بحَيث المرْءُ يُغُبَطُ دونَهُ | |
|
| سُمُوّاً ولكن فوق قدرِكَ غِبطتي |
|
وكُلُّ الوَرى أبْناءُ آدمَ غيرَ أنْ | |
|
| نِي حُزْتُ صَحْوَ الجمع من بين أخوتي |
|
فسَمْعي كَليميٌّ وقلبي منَبَّأ | |
|
| بأحمَدَ رُؤيا مُقَلَةٍ أحْمَديَّة |
|
وروحيَ للأرواحِ روحٌ وكُلّ ما | |
|
| تُرى حَسَناً في الكونِ من فَيض طينتي |
|
فذَرْ ليَ ما قبلَ الظُّهورِ عَرَفتُهُ | |
|
| خصوصاً وبي لَم تَدْرِ في الذرّ رُفقتي |
|
ولا تُسمني فيها مُريداً فمَن دُعي | |
|
| مُراداً لها جَذْباً فقيرٌ لعصمتي |
|
وألْغِ الكُنى عني ولا تَلغُ ألكناً | |
|
| بِها فهيَ مِن آثارِ صيغةِ صَنعتي |
|
وعن لَقَبي بالعارِفِ ارْجعْ فإنْ تَرَ التْ | |
|
| تَنابُزَ بالألقابِ في الذّكرِ تُمقَت |
|
فأصغَرُ أتباعي على عينِ قَلبِه | |
|
| عَرائسُ أبكارِ المَعارِفِ زُفَّتِ |
|
جَنى ثَمَرَ العرْفانِ من فَرْعِ فِطنَة | |
|
| زكا باتّباعي وهوَ من أصلِ فطرَتي |
|
فإنْ سيلَ عن مَعنىً أتَى بغرائبٍ | |
|
| عنِ الفَهمِ جلَّتْ بل عن الوَهم دقت |
|
ولا تدعُني فيها بنَعتٍ مُقَرَّبٍ | |
|
| أراهُ بِحُكمِ الجمعِ فَرْقَ جريرَةِ |
|
فوَصليَ قَطعي واقترابي تَباعُدي | |
|
| ووُدّيَ صَدّي وإنتهائي بَداءتي |
|
وفي مَن بِها وَرَّيتُ عنِّي ولمْ أرِدْ | |
|
| سوايَ خلَعَتُ اسمي ورَسمي وكُنيتي |
|
فسرْتُ إلى ما دونَه وَقَف الأُولى | |
|
| وضَلَّتْ عُقولٌ بالعوائدِ ضَلَّتِ |
|
فلا وَصفَ لي والوَصفُ رسمٌ كذاكالاس | |
|
| م وسمُ فإن تَكني فكَنّ أو انعتِ |
|
ومن أنا إياها إلى حيث لا إلى | |
|
| عَرجتُ وعطَّرْتُ الوُجودَ برَجعتي |
|
وعن أنا إيَّايَ لِباطِن حكمَةٍ | |
|
| وظاهرِ أحكام أقيمَتْ لدَعوتِي |
|
فغايَةُ مَجذوبي إليهَا ومُنتهَى | |
|
| مُراديه ما أسلَفتُهُ قبلَ توبتي |
|
ومنِّيَ أوْجُ السَّابقينَ بزَعمهمْ | |
|
| حَضيضُ ثرى آثارِ موضعِ وطْأتي |
|
وآخرُ ما بَعدَ الإِشارةِ حيثُ لا | |
|
| ترقّي ارتفاعٍ وضعُ أولِ خطوتي |
|
|
| تمسَّكتُ من طهَ بأوثَقِ عُرْوَةِ |
|
عليها مَجازيٌ سَلامي فإنَّما | |
|
| حقيقتُهُ مِني إليَّ تحيتي |
|
وأطيَبُ ما فيها وَجَدْتُ بمُبْتَدا | |
|
| غرامي وقد أبدي بها كُلَّ نَذْرَةِ |
|
ظُهوري وقد أخفَيتُ حالي مُنشداً | |
|
| بها طَرَباً والحالُ غيرُ خَفيَّةِ |
|
بَدتْ فرأيتُ الحَزْمَ في نَقصِ توبتي | |
|
| وقامَ بها عندَ النُّهَى عُذْرُ محنَتي |
|
فمنها أماني من ضَنى جَسَدي بها | |
|
| أمانيُّ آمالٍ سَخَتْ ثُمَّ شَحَّتِ |
|
وفيها تَلافي الجسمِ بالسُّقمِ صحةٌ | |
|
| لهُ وتَلافُ النَّفسِ نَفْس الفُتُوّةِ |
|
ومَوتي بها وَجْداً حَياةٌ هنيئةٌ | |
|
| وإن لم أمتْ في الحبِّ عشتُ بغُصَّةِ |
|
فيا مُهجتي ذوبي جوىً وصَبابَةً | |
|
| ويا لوعَتي كوني كذاكَ مُذيبتي |
|
ويا نارَ أحشائي أقيمي منَ الجوى | |
|
| حنَايا ضلوعي فَهْيَ غَيرُ قويمةِ |
|
ويا حُسنَ صبري في رِضَى مَن أحبُّها | |
|
| تجمّلْ وكُنْ للدَّهرِ بي غيرَ مُشمِت |
|
ويا جَلَدي في جَنبِ طاعةِ حبِّها | |
|
| تحَمَّلْ عداكَ الكَلُّ كُلَّ عظيمة |
|
ويا جَسدي المُضنى تَسَلّ عنِ الشِّفا | |
|
| ويا كبِدي مَن لي بأنْ تَتَفَتّتي |
|
ويا سَقَمي لا تُبقِ لي رَمَقاً فقَدْ | |
|
| أبَيْتُ لبُقْيا العِزِّ ذُلَّ البَقِيَّةِ |
|
ويا صِحَّتي ما كان من صحبتي انقضَى | |
|
| ووصلُكِ في الأحشاء مَيتاً كهِجرَةِ |
|
ويا كلَّ ما أبقى الضَّنى منِّي ارتحِلْ | |
|
| فما لكَ مأوًى في عِظامٍ رَميمَةِ |
|
ويا ما عَسى منِّي أُناجِي توَهُّماً | |
|
| بياءِ النِّدا أُونِستُ منكَ بوَحشَة |
|
وكلُّ الذي ترضاه والموتُ دونَه | |
|
| به أَنا راضٍ والصبابةُ أَرضتِ |
|
ونفسيَ لمْ تَجْزع بإتلافِها أسىً | |
|
| ولوْ جزِعتْ كانتْ بغيري تأسَّتِ |
|
وفي كُلّ حيٍّ كل حي كمَيّتٍ | |
|
| بها عندهُ قَتلُ الهوَى خيْرُ موتَةِ |
|
تجَمَّعَتِ الأهْواءُ فيها فما ترى | |
|
| بها غيرَ صَبٍّ لا يرى غيرَ صَبوَة |
|
إذا سَفَرَتْ في يومِ عيدٍ تزاحَمتْ | |
|
| على حُسنِها أبصارُ كلّ قبيلَةِ |
|
فأرواحُهُمْ تصْبو لمَعنى جَمالِها | |
|
| وأحداقُهُمْ من حُسنِها في حديقة |
|
وعنديَ عيدي كُلَّ يومٍ أرى به | |
|
| جَمالَ مُحَيَّاها بعَينٍ قريرةِ |
|
وكُلّ اللَّيالي ليلةُ القَدْرِ إنْ دَنَتْ | |
|
| كما كلّ أيَّامِ اللَّقا يومُ جُمعة |
|
وسَعيي لها حجٌّ به كُلّ وَقفةٍ | |
|
| على بابها قد عادَلَتْ كلّ وَقفَة |
|
وأيّ بلادِ اللهِ حلَّتْ بها فما | |
|
| أراها وفي عيني حَلَتْ غَيرَ مكَّة |
|
وأيّ مكانٍ ضمَّها حَرَمٌ كذا | |
|
| أرى كل دارٍ أوْطَنَتْ دارَ هِجرَة |
|
وما سكَنَتْهُ فهوَ بيتٌ مقدَّسٌ | |
|
| بقُرَِّة عَيني فيهِ أحْشايَ قَرَّتِ |
|
ومسجِدِيَ الأقصى مساحبُ بُرْدها | |
|
| وطيبي ثَرَى أرضٍ عليها تمَشَّت |
|
مَواطنُ أفراحي ومَرْبَى مآربي | |
|
| وأطوارُ أوطاري ومأمن خيفتي |
|
مَغانٍ بها لم يَدخُلِ الدَّهرُ بيننا | |
|
| ولا كادنا صرْفُ الزَّمانِ بفُرقَة |
|
ولا سَعَتِ الأيَّامُ في شَتِّ شَملنا | |
|
| ولا حكَمَتْ فينا الليالي بجفوَة |
|
ولا صبَّحَتْنا النائباتُ بنَبوَةٍ | |
|
| ولا حَدَّثتنا الحادثاتُ بنكبةِ |
|
ولا شنَّع الواشي بصدٍّ وهجرةٍ | |
|
| ولا أَرجفَ اللاحي ببينٍ وسلوةِ |
|
ولا استيقَظَتْ عَينُ الرَّقيبِ ولم تزَل | |
|
| عليَّ لها في الحُبّ عيني رقيبتي |
|
ولا اختُصَّ وقتٌ دونَ وقتٍ بطَيبَةٍ | |
|
| بِها كلّ أوقاتي مواسِمُ لَذة |
|
نَهاري أصيلٌ كُلُّه إنْ تنَسَّمَتْ | |
|
| أوائلُهُ مِنها برَدّ تحِيَّتي |
|
ولَيليَ فيها كُلُّهُ سَحَرٌ إذا | |
|
| سَرَى ليَ منها فيه عَرْفُ نُسَيْمَةِ |
|
وإن طرَقتْ لَيلاً فشَهرِيَ كلُّه | |
|
| بها لَيلَةُ القَدرِ ابتِهاجاً بزَوْرة |
|
وإنْ قَرُبَتْ داري فعامي كلُّهُ | |
|
| ربيعُ اعتِدالٍ في رياضٍ أريضَة |
|
وإنْ رَضيَتْ عني فعُمريَ كلُّهُ | |
|
| زمانُ الصِّبا طيباً وعصرُ الشبيبة |
|
لَئنْ جَمَعتْ شملَ المحاسِن صورةً | |
|
| شَهِدْتُ بها كُلّ المَعاني الدَّقيقة |
|
فقدْ جَمَعَتْ أحشايَ كلَّ صَبَابَةٍ | |
|
| بها وجوىً يُنبيكَ عن كلّ صَبوَة |
|
ولِمْ لا أُباهي كُلَّ مَن يدَّعي الهوى | |
|
| بها وأُناهي في افتخاري بحُظوَةِ |
|
وقد نِلْتُ منها فَوْقَ ما كنتُ راجياً | |
|
| وما لم أكنْ أمّلتُ من قُرْبِ قُربَتي |
|
وأرغَمَ أنفَ البَين لُطْفُ اشتِمالِها | |
|
| عليَّ بما يُرْبي على كُلّ مُنيَة |
|
بها مثلمَا أمسَيتُ أصْبحتُ مُغرَماً | |
|
| وما أصْبحتْ فيه من الحسنِ أمست |
|
فلوْ منحتْ كلّ الورى بعضَ حُسنها | |
|
| خَلا يوسُفٍ ما فاتَهُم بمَزِيَّة |
|
صرَفتُ لها كُلّي على يدِ حُسنِها | |
|
| فضاعَفَ لي إحسانُها كُلَّ وُصْلَة |
|
يُشاهِدُ منِّي حُسنَها كُلُّ ذَرَّةٍ | |
|
| بها كُلّ طَرْفٍ جالَ في كلّ طَرْفة |
|
ويُثني عَليها فيَّ كُلّ لَطيفَة | |
|
| بكُلّ لِسان طالَ في كلّ لفظَة |
|
وأنشَقُ رَيَّاها بكُلِّ دقيقَة | |
|
| بها كُلّ أنف ناشِق كُلّ هَبَّةِ |
|
ويَسمَعُ منِّي لَفظَها كُلُّ بِضعَة | |
|
| بها كُلّ سَمع سامِع مُتَنَصِّت |
|
ويَلْثُمُ منِّي كُلُّ جزْء لِثَامَها | |
|
| بكُلّ فَم في لَثْمِهِ كلُّ قُبْلَة |
|
فلو بَسَطَتْ جسمي رأتْ كلّ جوْهر | |
|
| بهِ كلّ قَلْب فيه كلّ مَحَبَّة |
|
وأغرَبُ ما فيها استَجَدتُ وجادَ لي | |
|
| به الفتحُ كَشفاً مُذهِباً كلّ رِيبَة |
|
شُهودي بعَينِ الجمع كلَّ مخالِفٍ | |
|
| وليَّ ائتِلافٍ صَدُّهُ كالموَدَّة |
|
أحَبَّنيَ اللاَّحي وغارَ فلامَني | |
|
| وهامَ بها الواشي فجارَ برِقْبَة |
|
فشُكري لِهذا حاصِلٌ حيثُ بِرِّها | |
|
| لِذا واصِلٌ والكُلّ آثارُ نِعمتي |
|
وغيري على الاغيارِ يُثني وللسِّوى | |
|
| سِوايَ يُثنِّي منهُ عِطفاً لِعَطفَتي |
|
وشُكريَ لي والبُرّ مِنِّيَ واصِلٌ | |
|
| إليَّ ونفسي باتَّحادي استَبَدَّت |
|
وثَمَّ أُمورٌ تَمَّ لي كَشفُ سِتْرِها | |
|
| بصَحوٍ مُفيقٍ عن سِوايَ تغَطَّت |
|
وعَنِّيَ بالتَّلويحِ يَفْهَمُ ذائقٌ | |
|
| غَنِيٌّ عن التصريحِ للمُتعَنِّت |
|
بها لم يُبِحْ من لم يبح دمَهُ وفي الْ | |
|
| إشارَةِ مَعنًى ما العِبارَةُ حَدَّت |
|
ومَبْدأُ إبْداها اللَّذانِ تسَبَّبا | |
|
| إلى فُرْقتي والجَمعُ يَأبَى تشَتُّتي |
|
هُما مَعَنا في باطنِ الجَمعِ واحدٌ | |
|
| وأرْبعةٌ في ظاهرِ الفَرْقِ عُدَّتِ |
|
وإنِّي وإيَّاها لَذاتٌ ومَن وشى | |
|
| بها وثَنى عنها صفاتٌ تبَدَّتِ |
|
فذا مُظهِرٌ للرُّوحِ هادٍ لأفقِها | |
|
| شُهوداً بدا في صيغةٍ معنوِيَة |
|
وذا مُظهِرٌ للنَّفس حادٍ لرِفقِها | |
|
| وُجوداً غدا في صيغةٍ صُوَريَّة |
|
ومَنْ عرَفَ الأشكالَ مِثْلي لَم يَشبْ | |
|
| هُ شِرْكُ هُدىً في رَفع إشكالِ شُبهة |
|
وذاتيَ باللَّذَّاتِ خَصَّتْ عَوالِمي | |
|
| بمجموعِها إمدادَ جمعٍ وعمَّت |
|
وجادتْ ولا استعدادَ كَسبٍ بفيضِها | |
|
| وقبلَ التَّهَيِّي للقَبولِ استعدَّتِ |
|
فبالنَّفس أشباحُ الوُجودِ تنعَّمَتْ | |
|
| وبالرُّوحِ أرواحُ الشُّهودِ تهَنَّت |
|
وحالُ شُهودي بينَ ساعٍ لأفقِهِ | |
|
| ولاحٍ مُراعٍ رفْقَهُ بالنَّصيحة |
|
شهيدٌ بحالي في السَّماعِ لجاذبِي | |
|
| قَضاءُ مَقَرِّي أو مَمَرُّ قضيَّتي |
|
ويُثبِتُ نَفيَ الإِلتِباسِ تطابُقُ ال | |
|
| مِثالَينِ بالخَمسِ الحواسِ المُبينَة |
|
وبَيْنَ يَدَيْ مَرْمَايَ دونَكَ سِرّ ما | |
|
| تلقَّتْهُ منها النَّفسُ سِرّاً فألقَت |
|
إذا لاحَ معنى الحُسنِ في أيّ صورةٍ | |
|
| ونَاح مُعَنَّى الحُزن في أَيّ سورةِ |
|
يشاهُدها فكري بطَرْفِ تخَيُّلي | |
|
| ويسمَعُها ذِكْري بِمسْمَعِ فطنتي |
|
ويُحضِرُها للنَّفسِ وَهْمي تصوّراً | |
|
| فيحسَبُها في الحسِّ فَهمي نديمتي |
|
فأعجَبُ مِن سُكري بغيرِ مُدامَةٍ | |
|
| وأطرَبُ في سرِّي ومِنِّيَ طرْبَتي |
|
فيرقُصُ قَلبي وارتِعاشُ مفاصِلي | |
|
| يُصَفِّقُ كالشادي وروحيَ قَينَتي |
|
وما بَرِحَتْ نفسي تَقوّت بالمُنى | |
|
| وتمحو القوى بالضُّعف حتى تَقوَّتِ |
|
هُنَاكَ وجَدتُ الكائناتِ تحالَفَتْ | |
|
| على أنَّها والعَوْنُ منِّي معينتي |
|
ليجمَعَ شَملي كُلُّ جارحَةٍ بها | |
|
| ويَشمَلَ جَمَعي كلُّ مَنبِتِ شعرَة |
|
ويخلَعَ فينا بَيننا لُبْسَ بينِنا | |
|
| على أنَّني لم أُلفِهِ غير أُلفَة |
|
تنبَّهْ لِنَقْلِ الحِسَّ للنَّفسِ راغباً | |
|
| عن الدَّرس ما أبدَتْ بوَحي البديهة |
|
لروحيَ يُهدي ذكْرُها الرَّوْحَ كُلّما | |
|
| سَرَتْ سَحَراً منها شَمالٌ وَهَبَّتِ |
|
ويَلتذُّ إنْ هاجَتهُ سَمَعيَ بالضُّحى | |
|
| على وَرَقٍ وُرْقٌ شَدَتْ وتغنَّت |
|
ويَنعَمُ طَرْفي إنْ رَوَتْهُ عَشيَّةً | |
|
| لإِنسْانِهِ عنها بُروقٌ وأهْدَتٍ |
|
ويَمْنَحُه ذَوقي ولَمْسيَ أَكْؤس الشْ | |
|
| شَرابِ إذا ليلاً عَلَيَّ أُديرَتِ |
|
ويوحيه قلبي للجوانح باطناً | |
|
| بظاهر ما رسلُ الجوارحِ أَدَّتِ |
|
ويُحضِرُني في الجمع مَن باسمها شدا | |
|
| فأنشهَدُها عندَ السِّماعِ بجُملتي |
|
فيَنحو سَماء النَّفحِ روحي ومظهري ال | |
|
| مُسَوَّى بها يحْنو لأترابِ تُرْبَتي |
|
فمِنِّيَ مَجذوبٌ إلَيها وجاذِبٌ | |
|
| إليِه ونَزْعُ النَّزْعِ في كلّ جَذبَة |
|
وما ذاكَ إلاَّ أَنَّ نَفسي تَذَكَّرَتْ | |
|
| حَقيقتها مِن نَفسِها حينَ أوحت |
|
فحَنَّتْ لتَجريدِ الخطاب ببرْزَخ التْ | |
|
| تُرابِ وكُلٌّ آخِذٌ بأزِمَّتي |
|
ويُنبيكَ عن شأني الوَليدُ وإن نشا | |
|
| بَليداً بإلهامٍ كوَحيٍ وفِطنَةٍ |
|
إذا أنَّ من شدَّ القِماط وحنَّ في | |
|
| نشاطٍ إلى تَفريجِ إفراطِ كُرْبة |
|
يُناغي فيُلغى كُلّ كَلٍّ أصابَهُ | |
|
| ويُصغي لِمَنْ ناغاهُ كالمُتَنَصِّتِ |
|
ويَنسيهِ مُرَّ الخَطبِ حُلْوُ خِطابِه | |
|
| ويُذكِرُهُ نَجْوى عهودٍ قديمة |
|
ويُعرِبُ عن حالِ السَّماعِ بحالِه | |
|
| فيُثبِتُ للرَّقصِ انتِفاء النقيصة |
|
إذا هامَ شَوْقاً بالمُناغي وهَمَّ أنْ | |
|
| يَطيرَ إلى أوطانِهِ الأوَّلِيَّة |
|
يُسَكَّنُ بالتَّحريكِ وهو بمَهْدِهِ | |
|
| إذا ما لهُ أيدي مُرَبِّيهِ هَزَّت |
|
وجدتُ بوَجدٍ آخذِي عند ذكرِها | |
|
| بتَحبيرِ تالٍ أو بألحانِ صَيَّت |
|
كما يجدُ المكروبُ في نزعِ نفسِهِ | |
|
| إذا ما له رسلُ المنايا توفَّتِ |
|
فواجدُ كَرْبٍ في سياقٍ لفُرْقَةٍ | |
|
| كمَكروبٍ وَجْدِ لاشتياق لرُفقة |
|
فذا نفسُهُ رَقَّتْ إلى ما بَدَتْ بِه | |
|
| وروحي ترَقَّتْ للمبادي العَلِيَّة |
|
وبابُ تخَطّيّ اتِّصالي بحيثُ لا | |
|
| حِجابَ وِصالٍ عنهُ روحي ترَقَّت |
|
على أثَري مَن كان يُؤثِرُ قصْدَهُ | |
|
| كمِثليَ فَلْيَركَبْ له صِدْقَ عَزمة |
|
وكمَ لُجَّةٍ قد خُضْتُ قبلَ ولوجه | |
|
| فَقيرُ الغِنى ما بُلّ مِنها بَنَغْبَة |
|
بمِرْآةِ قولي إنْ عزَمتَ أُريكَة | |
|
| فأصْغِ لِما أُلقي بسَمعِ بَصِيرة |
|
لَفَظتُ من الأقوالِ لَفظيَ عِبرَةً | |
|
| وحَظِّي من الأفعالِ في كلّ فَعْلة |
|
ولَحظي على الأعمالِ حُسنُ ثَوابها | |
|
| وحِفظيَ للأحوالِ من شَينِ رِيبة |
|
ووعظي بصِدق القصدِ إلقاء مخلِصٍ | |
|
| ولَفْظي اعتبار اللَّفظِ في كلّ قِسمَة |
|
وقَلبِيَ بَيْتٌ فيه أسكن دونَهُ | |
|
| ظُهُورُ صِفاتي عَنهُ من حُجُبِيتي |
|
ومنها يَميني فيَّ رُكنٌ مُقَبَّلٌ | |
|
| ومن قِبلَتي للحُكمِ في فيّ قُبلَتي |
|
وحَوْليَ بالمَعنى طَوافي حقيقةً | |
|
| وسَعيي لوَجهي من صفائي لمَرْوَتي |
|
وفي حَرَمٍ من باطني أمْنُ ظاهري | |
|
| ومِنْ حولِهِ يُخشى تخطُّفُ جيرتي |
|
ونفسي بصَومي عن سِوايَ تفَرُّداً | |
|
| زكتْ وبفَضلِ الفيض عنِّي زَكَّت |
|
وشَفعُ وُجودي في شُهوديَ ظلَّ في اتْ | |
|
| تِحاديَ وِتْراً في تَيَقُّظِ غَفوَتي |
|
وإسراءُ سرِّي عن خُصوصِ حقيقةٍ | |
|
| إليَّ كَسَيري في عُمومِ الشريعةِ |
|
ولم ألهُ باللاَّهوتِ عن حُكمِ مظهَري | |
|
| ولم أنسَ بالنَّاسوتِ مظهرَ حِكمتي |
|
فعَنِّي على النَّفس العُقودُ تحكَّمت | |
|
| ومنِّي على الحِسّ الحُدودُ أُقيمتِ |
|
وقد جاءَني منِّي رسولٌ عليه ما | |
|
| عَنِتُّ عزيزٌ بي حريصٌ لرأفَة |
|
بحُكمي من نَفسي عليها قَضَيتُهُ | |
|
| ولما توَلَّتْ أمرَها ما تولَّتِ |
|
ومن عهد عهدي قبل عصرِ عناصري | |
|
| إلى دارِ بَعثٍ قبلَ إنذارِ بَعثَة |
|
إليَّ رَسولاً كُنتُ منيَ مُرْسَلاً | |
|
| وذاتي بآياتي عليَّ استَدَلَّتِ |
|
ولما نقَلتُ النَّفسَ من مُلكِ أرضِها | |
|
| بحكمِ الشِّرا منها إلى مُلكِ جَنَّة |
|
وقد جاهدتْ واستُشهدتْ في سبيلها | |
|
| وفازتْ ببُشرَى بيعِها حينَ أوفَت |
|
سَمتْ بي لجَمعي عن خُلودِ سمائِها | |
|
| ولم أرْضَ إخلادي لأرضِ خليفتي |
|
ولا فَلَكٌ إلاَّ ومن نورِ باطِني | |
|
| بِه مَلَكٌ يُهدي الهُدى بمَشيئَتي |
|
ولا قُطْرَ إلاَّ حلّ مِن فيض ظاهري | |
|
| بِه قَطرَةٌ عنها السَّحائبُ سَحَّت |
|
ومن مطلعي النورُ البَسيطُ كلَمعةٍ | |
|
| ومِن مشرَعي البحرُ المحيطُ كقطرَة |
|
فكُلِّي لكُلِّي طالِبٌ مُتَوَجِّهٌ | |
|
| وبعضي لبَعضي جاذِبٌ بالأعِنَّة |
|
ومَن كان فوق التَّحت والفوْقُ تحته | |
|
| إلى وجهِه الهادي عَنَتْ كلُّ وِجهَة |
|
فتحتُ الثَّرَى فوقُ الأثيرِ لرَتْقِ ما | |
|
| فَتَقْتُ وفَتقُ الرَّ تقِ ظاهرُ سُنَّتي |
|
ولا شبهَةٌ والجمعُ عينُ تَيَقُّنٍ | |
|
| ولا جِهَةٌ والأينُ بَينَ تَشَتُّتي |
|
ولا عِدَّةٌ والعَدّ كالحدّ قاطِعٌ | |
|
| ولا مُدَّةٌ والحدّ شِرْكُ موَقتِ |
|
ولا نِدّ في الدَّارَينِ يقضي بنَقْضِ ما | |
|
| بَنيتُ ويُمضي أمرُهُ حُكمَ إمرَتي |
|
ولا ضِدّ في الكَونَينِ والخَلقُ ما ترى | |
|
| بهِمْ للتَّساوي من تفاوُتِ خِلقَتي |
|
ومني بدا لي ما عليَّ لَبِسْتُهُ | |
|
| وعني البَوادي بي إليَّ أُعيدَتِ |
|
وفي شَهِدْتُ السّاجدينَ لمَظهري | |
|
| فحَقّقْتُ أني كُنتُ آدمَ سَجدَتي |
|
وعايَنتُ روحانيّة الارَضِينَ في | |
|
| مَلائِكِ عِليّيّنَ أكْفاء رُتْبَتي |
|
ومن أفقي الدّاني اجتَدى رِفْقيَ الهُدى | |
|
| ومِن فَرْقيَ الثاني بدا جَمعُ وَحدَتي |
|
وفي صَعقِ دَك الحِسّ خَرّت إفاقةً | |
|
| ليَ النّفسُ قبلَ التّوبِة المُوسويّة |
|
فلا أينَ بَعدَ العينِ والسّكْرُ منه قد | |
|
| أَفَقْت وعين الغين بالصّحوِ أصْحَت |
|
وآخِرُ مَحْوٍ جاءَ خَتمي بعدَهُ | |
|
| كأوّل صَحْوٍ لارْتِسامٍ بِعِدّة |
|
وكيفَ دُخولي تحتَ مِلكي كأوْلِيَا | |
|
| ء مُلْكِي وأتباعي وحزْبي وشيعتي |
|
ومأخوذُ محْوِ الطَّمسِ مَحقاً وزنتْهُ | |
|
| بمَحذوذِ صحْوِ الحسّ فَرقاً بِكفَّة |
|
فنقطةُ عينِ الغينِ عن صحويَ انمحت | |
|
| ويَقْظَةُ عينِ العينِ محْويَ ألغَت |
|
وما فاقِدٌ بالصّحوِ في المَحوِ واحدٌ | |
|
| لتَلْوِيِنِه أهلاً لِتَمْكِيْنِ زُلْفَة |
|
تَساوَى النّشاوى والصُّحاةُ لِنَعتِهِمْ | |
|
| بِرَسْمِ حُضورٍ أو بوَسْمِ حظيرة |
|
ولَيسوا بقَوْمِي مَن عَلَيْهِمْ تعاقبَتْ | |
|
| صِفَاتُ التِبَاسٍ أو سِماتُ بقيّة |
|
ومَن لم يرِث عنّي الكَمَالَ فناقصٌ | |
|
| على عَقِبَيْهِ ناكِصٌ في العُقوبة |
|
وما فيّ ما يُفضي للَبْسِ بقيّةٍ | |
|
| ولا فَيءَ لي يَقضي عليّ بفَيئَة |
|
وماذا عَسى يَلْقى جَنانٌ وما بِهِ | |
|
| يفُوهُ لِسانٌ بينَ وَحْيٍ وصيغَة |
|
تعانَقتِ الأطرافُ عنديَ وانطوى | |
|
| بِساطُ السِّوى عدلاً بحُكم السويَّة |
|
وعادَ وُجودي في فَنا ثَنَوِيَّةِ ال | |
|
| وُجودِ شُهوداً في بَقَا أحَديَّة |
|
فما فَوْقَ طَوْرِ العقْلِ أوّل فَيضةٍ | |
|
| كما تحتَ طُورِ النّقْلِ آخر قَبضَة |
|
لذلك عَن تفضيلِهِ وهْوَ أهلُهُ | |
|
| نَهانَا على ذي النّونِ خيرُ البرِيّة |
|
أشَرْتُ بما تُعطي العِبَارَةُ والذي | |
|
| تَغَطَّى فقَدْ أَوْضحْتُهُ بلَطِيفِة |
|
ولَيْسَ ألَستُ الأمسِ غَيْراً لِمنْ غدا | |
|
| وجِنحي غدا صُبحي ويوميَ لَيْلَتِي |
|
وسِرُّ بَلى لله مِرْآةُ كَشْفهَا | |
|
| وإثْبَاتُ مَعنى الجَمْعِ نَفْيُ المَعيّة |
|
فلا ظُلَمٌ تَغشَى ولاَ ظُلمَ يُخْتَشى | |
|
| ونِعْمَةُ نوري أطفأتْ نارَ نَقْمَتي |
|
ولا وَقت إلاّ حيثُ لا وقتَ حاسِبٌ | |
|
| وُجودَ وُجودي من حِساب الأهلّة |
|
ومسجونُ حَصْرِ العَصرِ لم يرَ ما وَرا | |
|
| ءَ سجِيّتِهِ في الجَنَّةِ الأبَدِيّة |
|
فبي دارتِ الافلاكُ فاعجبْ لقُطْبِها ال | |
|
| مُحيطِ بها والقُطبُ مركزُ نُقطَة |
|
ولا قُطْبَ قَبلي عن ثلاثٍ خَلَفتُهُ | |
|
| وقُطْبِيّةُ الأوتادِ عن بَدَليّة |
|
فلا تَعْدُ خَطّي المُسْتَقِيمَ فإنّ في الزْ | |
|
| زَوايا خبَايا فانتَهِزْ خَيرَ فُرْصَة |
|
فعَنّي بَدا في الذّرّ فيّ الوَلا وَلي | |
|
| لِبَانُ ثُدِيّ الجَمْعِ مِنّيَ دَرّت |
|
وأَعجَبُ ما فيها شَهِدْتُ فراعَني | |
|
| ومن نفث روح القدس في الرّوع روعتي |
|
وقد أشهَدَتني حُسنها فشُدِهْتُ عن | |
|
| حِجاي ولم أُثبِتْ حِلايَ لدَهْشَتِي |
|
ذَهَلْتُ بها عنّي بحيثُ ظَنَنْتُني | |
|
| سِوَايَ ولم أقْصِدْ سَواء مَظِنّتي |
|
ودَلّهني فيها ذُهُولي فلم أُفِقْ | |
|
| عَليّ ولم أَقفُ التِماسي بِظِنّتي |
|
فأصبحْتُ فيها والِهاً لاهياً بِها | |
|
| ومَن وَلّهتْ شُغلاً بها عنهُ ألهَت |
|
وعن شُغُلي عنّي شُغِلْتُ فَلَوْ بها | |
|
| قضيتُ ردىً ما كنتُ أدري بنُقلتي |
|
ومِن مُلَحِ الوجدِ المُدلِّهِ في الهوى ال | |
|
| مُوَلّه عقلي سَبْيُ سَلْبٍ كغَفْلَتي |
|
أُسائِلُها عنّي إذا ما لقيتُها | |
|
| ومِن حيثُ أهدَتْ لي هُداي أضلّت |
|
وأطلُبُها منّي وعِنديَ لم تزَلْ | |
|
| عجبتُ لها بي كيف عنّي اسَتَجَنّت |
|
وما زِلْتُ في نفسي بها مُتَرَدّداً | |
|
| لنَشْوَةِ حِسّي والمَحَاسِنُ خمْرَتي |
|
أُسافِرُ عن عِلْمِ اليقينِ لِعَيْنه | |
|
| إلى حقّه حيثُ الحقيقةُ رِحْلتي |
|
وأنشُدُني عني لأُرْشِدَني على | |
|
| لساني إلى مُسْتَرشِدِي عندَ نَشدَتي |
|
وأسألُني رَفْعي الحِجابَ بكَشْفِي النْ | |
|
| نقابَ وبي كانتْ إليّ وسيلَتي |
|
وأنظُرُ في مِرآةِ حُسنِي كي أَرَى | |
|
| جَمالَ وُجودي في شُهوديَ طَلعَتِي |
|
فإن فُهتُ باسْمي أُصغِ نحوي تشوّقاً | |
|
| إلى مُسمِعي ذِكري بنُطقي وأُنصِت |
|
وأُلصِقُ بالأحشاءِ كَفّي عسايَ أن | |
|
| أُعانِقَها في وَضْعِها عند ضَمّتي |
|
وأهْفو لأنفاسي لعَلّيَ واجِدي | |
|
| بها مُستجيزاً أنّها بيَ مَرّتِ |
|
إلى أن بَدا منّي لِعَيْنِيَ بارقٌ | |
|
| وبانَ سَنا فجري وبانت دُجنّتي |
|
هناكَ إلى ما أحجمَ العقلُ دونَهُ | |
|
| وصَلْتُ وبي منّي اتّصالي ووُصْلتي |
|
فأسفَرْتُ بِشراً إذ بلَغْتُ إليّ عن | |
|
| يَقينٍ يَقيني شدَّ رَحل لِسَفْرَتي |
|
وأَرْشَدْتُنِي إذ كنتُ عنّيَ ناشدي | |
|
| إليّ ونفسي بي عليّ دَليلَتي |
|
وأستارُ لَبْسِ الحِسّ لما كشَفْتُها | |
|
| وكانتْ لها أسرارُ حُكميَ أَرْخَت |
|
رَفعتُ حِجاب النّفسِ عنها بكشفيَ النْ | |
|
| نِقابَ فكانت عن سؤالي مُجيبتي |
|
وكنتُ جِلا مِرآةِ ذاتيَ مِن صَدا | |
|
| صِفاتي ومني أُحدِقَتْ بأشِعّة |
|
وأشهدُني إيّايَ إذ لا سِواي في | |
|
| شُهوديَ موجودٌ فيَقضي بزحمة |
|
وأسمَعُني في ذكريَ اسميَ ذاكري | |
|
| ونفسي بنَفْيِ الحس أصغَتْ وأسمَت |
|
وعانقْتُني لا بالتِزَامِ جوارحي ال | |
|
| جوانِحَ لَكِنّي اعتنقْت هوِيّتِي |
|
وأوجَدْتُني روحي وروح تَنَفّسي | |
|
| يُعَطّرُ أنفاسَ العبيرِ المُفتت |
|
وعن شِرْكِ وصَفِ الحسّ كُلّي منزه | |
|
| وفيٌّ وقد وحّدْتُ ذاتيَ نُزهتي |
|
ومَدْحُ صِفَاتي بي يُوَفّقُ مادِحي | |
|
| لحَمْدي ومدْحي بالصفات مذَمّتي |
|
فشاهِدُ وصفي بي جَليسي وشاهدي | |
|
| به لاحتِجَابي لن يَحِلّ بِحِلّتي |
|
وبي ذِكْرُ أسمائي تيَقّظُ رُؤيَةٍ | |
|
| وذِكرِي بها رُؤيا تَوَسُّن هجْعَتي |
|
كذاكَ بِفعلي عارِفي بيَ جاهلٌ | |
|
| وعارِفُهُ بي عارِفٌ بالحقيقة |
|
فخُذْ عِلمَ أعلامِ الصفاتِ بِظاهرِ ال | |
|
| مَعَالمِ مِنْ نَفسٍ بذاكَ عليمَة |
|
وفَهْمُ أسامي الذّاتِ عنها بباطنِ ال | |
|
| عَوَالم ومن روحٍ بذاكَ مُشيرَة |
|
ظُهورُ صِفاتي عن اسامي جوارحي | |
|
| مجازاً بها للحكمِ نفسي تسَمّت |
|
رُقُومُ عُلُومٍ في سُتُورِ هياكِلٍ | |
|
| على ما وراءَ الحسّ في النّفس ورَّت |
|
وأسماءُ ذاتي عن صِفَاتِ جوانحي | |
|
| جَوازاً لأسرارٍ بها الرّوحُ سُرّتِ |
|
رمُوزُ كُنُوزٍ عن معاني إشارةٍ | |
|
| بمكنونِ ما تُخفي السرائِرُ حُفّتِ |
|
وآثارُها بالعالمين بِعِلْمِها | |
|
| وعنها بها الأكوانُ غيرُ غَنِيّة |
|
وُجُودُ اقتِنَا ذِكْرٍ بأيْدِ تَحَكّمٍ | |
|
| شهودُ اجتِنَا شُكْرٍ بأيْدٍ عميمَة |
|
مظاهِرُ لي فيها بَدَوْتُ ولم أكنْ | |
|
| عَلَيّ بخافٍ قبلَ مَوطِنِ بَرْزتي |
|
فلفْظٌ وكُلّي بي لِسانٌ مُحدِّثٌ | |
|
| ولحظٌ وكُلّي فيّ عَينٌ لِعَبرَتي |
|
وسَمْعٌ وكُلّي بالنّدى أسمعُ النِّدا | |
|
| وكُلّيَ في رَدّ الرّدى يدُ قُوّة |
|
معاني صِفَاتٍ ما وَرا اللَّبسِ أُثْبِتَتْ | |
|
| وأَسْماءُ ذاتٍ ما رَوى الحسُّ بَثّت |
|
فتصرفُها مِنْ حافِظِ العَهْدِ أوّلاً | |
|
| بنَفسٍ عليها بالوَلاءِ حفيظَة |
|
شوادي مُباهاةٍ هوادي تنَبُّهٍ | |
|
| بَوادي فُكاهاتٍ غَوادي رَجِيّة |
|
وتوقيفُها من مَوثِقِ العَهدِ آخراً | |
|
| بنفسٍ عل عِزّ الإِباءِ أبيّة |
|
جواهرُ أنباء زواهرُ وُصْلَةٍ | |
|
| طواهرُ أبناء قواهرُ صَولَة |
|
وتَعرِفُها مِن قاصِد الحَزْم ظاهراً | |
|
| سَجِيّةُ نفسٍ بالوجودِ سخيّة |
|
مَثاني مُناجاةٍ معاني نباهَةٍ | |
|
| مغاني مُحاجاةٍ مَباني قَضيّة |
|
وتَشريفُها من صادِقِ العزمِ باطناً | |
|
| إنابَةُ نفسٍ بالشّهود رضيّة |
|
نجائِبُ آيَاتٍ غرائبُ نُزهَةٍ | |
|
| رغائبُ غاياتٍ كتائِبُ نَجْدَة |
|
فللَّبْسِ منها بالتَعَلّقِ في مَقا | |
|
| مِ الإسلامِ عن أحكامِهِ الحِكَميَّة |
|
عقائقُ إحكامٍ دقائقُ حِكْمَةٍ | |
|
| حقائقُ إحكامٍ رقائقُ بَسْطَة |
|
ولِلْحٍسّ منها بالتحقّقِ في مقا | |
|
| مِ الإيمانِ عن أعْلامِهِ العَمليّة |
|
صوامِعُ أَذْكَارٍ لوامعُ فِكْرَةٍ | |
|
| جوامِعُ آثار قوامعُ عِزَّة |
|
وللنّفسِ منها بالتخلّقِ في مَقا | |
|
| مِ الإِحْسَانِ عن أنبائِه النَبويّة |
|
لطائفُ أخبارٍ وظائفُ مِنْحَةٍ | |
|
| صحائِفُ أحبارٍ خلائفُ حِسْبة |
|
وللجَمعِ من مَبْدَا كأنّك وانتهى | |
|
| فإن لم تكُنْ عن آيَةِ النظريّة |
|
غُيُوثُ انفعالات بُعوثُ تنَزّهٍ | |
|
| حُدوثُ اتصالات لُيوثُ كتيبة |
|
فمرجِعُها للحِسّ في عالمِ الشها | |
|
| دةِ المُجْتَدِي ما النفسُ منّي أَحسّت |
|
فُصُولُ عِباراتٍ وُصولُ تحيّةٍ | |
|
| حُصولُ إشاراتٍ أُصولُ عطيّة |
|
ومطلِعُها في عالَمِ الغيْبِ ما وَجَدْ | |
|
| تُ مِنْ نِعَمٍ منى عليّ استجدّت |
|
بشائِرُ إقرارٍ بصائرُ عَبرَةٍ | |
|
| سرائرُ آثارٍ ذخائِرُ دعْوَة |
|
وموضِعُها في عالمِ المَلَكوتِ ما | |
|
| خُصِصْتُ من الإِسرا بة دون أُسرتي |
|
مدارسُ تنزيلٍ مَحارسُ غِبْطَةٍ | |
|
| مغارِسُ تأويل فوارِسُ مِنعَة |
|
وموقِعُهَا من عالَمِ الجَبروتِ مِن | |
|
| مشارقِ فتحٍ للبصائِرِ مُبْهِت |
|
أرائِكُ توحيدٍ مدارِكُ زُلْفَةٍ | |
|
| مسالكُ تجميدٍ ملائكُ نُصْرَة |
|
ومنبَعُها بالفَيْضِ في كلّ عالَمٍ | |
|
| لِفَاقَةِ نفْسٍ بالإِفاقَةِ أثْرَت |
|
فوائدُ إلهامٍ روائدُ نِعمَة | |
|
| عوائِدُ إنعام موائدُ نِعمة |
|
ويجري بما تُعطِي الطريقةُ سائري | |
|
| على نَهجِ ما مِنى الحقيقةُ أعطَت |
|
ولمّا شَعَبْتُ الصّدْعَ والتأمَت فُطْو | |
|
| رُ شَمل بفَرْق الوصفِ غيرِ مُشتّت |
|
ولم يَبقَ ما بيني وبينَ توَثّقي | |
|
| بإيناسِ وُدّي وما يُؤدّي لِوَحْشة |
|
تحقّقتُ أنّا في الحقيقِة واحدٌ | |
|
| وأثبَتَ صَحْوُ الجمع محْوَ التشتت |
|
وكُلّي لِسانٌ ناظرٌ مِسمَعٌ يَدٌ | |
|
| لنُطقٍ وإداركٍ وَسَمعٍ وبَطشة |
|
فَعَيني ناجتْ واللّسانُ مُشاهِدٌ | |
|
| ويَنْطِقُ مني السمْعُ واليدُ أصغت |
|
وسَمْعيَ عَينٌ تجتَلي كُلّ ما بدا | |
|
| وعَيني سَمعٌ إن شدا القوم تُنْصِت |
|
ومِنّيَ عن أيدٍ لِساني يَدٌ كما | |
|
| يَدي لي لسانٌ في خطابي وخُطبتي |
|
كذاكَ يَدي عَينٌ تَرَى كُلّ ما بدا | |
|
| وعيني يَدٌ مبسوطةٌ عندَ بَسطَتي |
|
وسَمعي لِسانٌ في مُخاطبَتي كذا | |
|
| لسانيَ في إصغائِه سَمْعُ مُنصِت |
|
وللشّمّ أحكامُ اطّرادٍ القياسِ في اتْ | |
|
| تِحادِ صِفاتي أو بعكْسِ القضيّة |
|
وما فيّ عَضْوٌ خُصّ من دونِ غيرِهِ | |
|
| بتَعيينِ وصْف مثْلَ عينِ البصيرة |
|
ومِني على افرادها كُلُّ ذَرّة | |
|
| جوامِعُ أفعالِ الجوارحِ أحيت |
|
يُناجي ويُصغي عن شُهودِ مُصرِّف | |
|
| بمجموعِهِ في الحالِ عن يَدِ قُدرَة |
|
فأَتلُو عُلومَ العالِمَين بلفْظَةٍ | |
|
| وأجلُو عليّ العالمين بلَحْظَة |
|
وأسمَعُ أصواتَ الدّعاةِ وسائِرَ اللْ | |
|
| لُغاتِ بِوَقْتٍ دونَ مِقدارِ لَمحة |
|
وأُحْضِرُ ما قد عَزّ للبُعْدِ حَمْلُهُ | |
|
| ولم يَرْتَدِدْ طرفي إليّ بغَمضَة |
|
وأنشَقُ أرواحَ الجِنَانِ وعَرْفَ مَا | |
|
| يُصافحُ أذيالَ الرّياحِ بنَسْمَة |
|
وأستَعرِضُ الآفاقَ نحوي بخَطْرَة | |
|
| وأخترِقُ السّبْعَ الطّبَاقَ بخَطْوَة |
|
وأشباحُ مَن لمْ تبقَ فيهِمْ بقيّةٌ | |
|
| لجَمعيَ كالأرواحِ حفّتْ فخفّت |
|
فمَن قالَ أو مَن طال أو صال إنّما | |
|
| يمُتّ بإمدادي له برَقيقَة |
|
وما سارَ فوقَ الماء أو طارَ في الهوا | |
|
| أوِ اقتحمَ النّيرانَ إلاّ بهِمّتِي |
|
وعَنّيَ مَنْ أَمْدَدْتُهُ برَقيقَة | |
|
| تصَرّفَ عن مَجموعِهِ في دقيقة |
|
وفي ساعة أو دون ذلك مَن تلا | |
|
| بمجموعة جَمعي تَلا أَلفَ خَتْمَة |
|
ومِنّيَ لو قامتْ بِمَيْت لطيفةٌ | |
|
| لَرُدّتْ إليْهِ نفسُهُ وأُعيدَت |
|
هي النّفسُ إن ألقَتْ هواها تضاعفت | |
|
| قُواها وأعطَتْ فِعَلها كُلَّ ذرّة |
|
وناهيكَ جَمعاً لا بفَرْقِ مساحَتي | |
|
| مكان مَقيسٍ أوْ زمان موقَّتِ |
|
بذاك علا الطّوفانَ نوحٌ وقد نَجا | |
|
| به مَن نجا من قومِهِ في السفينة |
|
وغاضَ لَهُ ما فاضَ عنهُ استجادةً | |
|
| وجدّ إلى الجُودي بها واستقَرّت |
|
وسارَ ومتنُ الرّيحِ تحتَ بساطِه | |
|
| سُلَيمانُ بالجَيشَينِ فوقَ البسيطة |
|
وقبل ارتدادِ الطرفِ أُحضِرَ مِن سَبا | |
|
| لهُ عَرْشُ بلقيسٍ بغيرِ مشَقّةِ |
|
وأَخْمَدَ إبراهيمُ نارَ عدُوّهِ | |
|
| وعَن نورِهِ عادت له رَوْضَ جنَّة |
|
ولمَا دعا الأطيارَ من كُلّ شاهِقٍ | |
|
| وقد ذُبِحَتْ جاءتْهُ غيرَ عَصيَة |
|
ومن يدِه موسى عَصاهُ تلَقّفَتْ | |
|
| من السّحرِ أهوالاً على النّفس شقّت |
|
ومِن حجَرٍ أجرى عيوناً بضَرْبةٍ | |
|
| بها دَيماً سقّتْ وللبَحرِ شَقّت |
|
ويَوسُفُ إذا ألقى البَشِيرُ قَميصه | |
|
| على وَجْهِ يعقوبٍ عليِه بأوْبة |
|
رآهُ بعَيْنٍ قبلَ مَقدَمِهِ بكى | |
|
| عليِه بها شوقاً إليِه فكُفّت |
|
وفي آلِ إسْرائيلَ مائِدَةٌ مِنَ السْ | |
|
| سَمَاء لعيسَى أنزِلَتْ ثمّ مُدّت |
|
ومِنْ أكْمَهٍ أبْرا ومِن وضَحٍ عدا | |
|
| شَفى وأعادَ الطّينَ طيراً بنَفخَة |
|
وسِرُّ انفِعَالاتِ الظّواهرِ باطِناً | |
|
| عن الإِذنِ ما ألقَتْ بأُذنكَ صيغتي |
|
وجاءَ بأسرارِ الجَميعِ مُفيضُها | |
|
| عَلَيْنَا لهم خَتْماً على حين فَترَة |
|
وما مِنهُمُ إلاّ وقد كانَ داعِياً | |
|
| بِهِ قومَهُ للحَقّ عن تَبَعِيّة |
|
فعالِمُنا منهُمْ نبيٌّ ومَن دَعا | |
|
| إلى الحقّ منّا قامَ بالرسُلِيّة |
|
وعارِفُنا في وقتِنا الأحمَديُّ مَن | |
|
| أولي العزمِ منهُمْ آخِذٌ بالعَزٍيمة |
|
وما كانَ منهُمْ مُعْجِزاً صارَ بعدَه | |
|
| كَرامةَ صِدّيقٍ لهُ أوْ خليفة |
|
بعِتْرَتِهِ استغنَتْ عنِ الرّسُلِ الوَرى | |
|
| وأصحابِهِ والتّابِعِينَ الأئِمّة |
|
كراماتُهُمْ من بعضِ ما خَصّهُمْ به | |
|
| بما خصّهُمْ مِنْ إرْثِ كُلّ فضيلة |
|
فمِنْ نُصْرَةِ الدّينِ الحَنيفيّ بَعدَه | |
|
| قتَالُ أبي بكْر لآلِ حنيفَة |
|
وسارِيَةٌ ألْجَاهُ للجَبَلِ النّدا | |
|
| ءُ مِن عُمَر والدّارُ غيرُ قريبة |
|
ولم يشتغِلْ عثمانُ عن وِرْدِهِ وقد | |
|
| أدارَ عليهِ القومُ كأسَ المَنيّة |
|
وأوضَحَ بالتأويلِ ما كانَ مُشكِلاً | |
|
| عليّ بِعلْمٍ نالهُ بالوصيّة |
|
وسائرُهُمْ مِثْلُ النجومِ مَن اقتدى | |
|
| بأَيّهِم منهُ اهتَدى بالنصيحة |
|
وللأولياءِ المؤمِنينَ بِهِ ولَمْ | |
|
| يَروهُ اجتِنا قُربٍ لقُرْب الأخُوّة |
|
وقُربُهُمُ معنىً له كاشتياقِهِ | |
|
| لهمْ صورةً فاعجبْ لحضرَةِ غيبة |
|
وأهلٌ تَلَقّى الروحَ باسْمي دَعَوْا إلى | |
|
| سبيلي وحَجّوا المُلحِدينَ بحُجّتِي |
|
وكُلّهُمُ عن سبْق معنايَ دائرٌ | |
|
| بدائِرَتِي أو وارِدٌ من شريعتي |
|
وإنّي وإن كنتُ ابنَ آدمَ صورةً | |
|
| فَلي فيِه مَعنًى شاهدٌ بأبُوتِي |
|
ونفسي على حُجْرِ التّجَلّي برُشدها | |
|
| تَجَلّتْ وفي حِجرِ التجَلّي تَرَبّت |
|
وفي المَهْدِ حِزْبي الأنبياءُ وفي عنا | |
|
| صري لَوحيَ المحفوظ والفتحُ سورتي |
|
وقبلَ فِصالي دون تكليفِ ظاهري | |
|
| ختمتُ بشرعي الموضِحي كلّ شرْعة |
|
فهُمْ والأُلى قالوا بَقَولِهِمِ على | |
|
| صراطيَ لم يَعدوا مواطئ مِشيَتي |
|
فيُمْنُ الدعاةِ السابقينَ إليّ في | |
|
| يَميني ويُسْرُ اللاّحقينَ بِيَسْرَتي |
|
ولا تَحْسَبنّ الأمرَ عنّيَ خارجاً | |
|
| فما سادَ إلاّ داخِلٌ في عُبودتي |
|
ولولايَ لم يُوْجدْ وُجودٌ ولم يكُنْ | |
|
| شهودٌ ولم تُعْهَدْ عُهودٌ بذِمّة |
|
فلا حيَّ إلاّ مِنْ حياتي حياتُهُ | |
|
| وطَوعُ مُرادي كُلّ نفسٍ مُريدة |
|
ولا قائلٌ إلاّ بلَفظي مُحَدِّثٌ | |
|
| ولا ناظِرٌ إلاّ بناظِرِ مُقْلَتي |
|
ولا مُنْصِتٌ إلاّ بِسَمْعِيَ سامعٌ | |
|
| ولا باطِشٌ إلاّ بأزْلي وشِدّتي |
|
ولا ناطِقٌ غَيري ولا ناظِرٌ ولا | |
|
| سميع سِوائي من جميعِ الخليقة |
|
وفي عالَم التركيب في كلّ صورَةٍ | |
|
| ظَهَرْتُ بمَعنىً عنه بالحسنِ زينَتِ |
|
وفي كلّ معنىً لم تُبِنْهُ مَظاهِري | |
|
| تصوّرْتُ لا في صورةٍ هيكليّة |
|
وفيما تراهُ الرّوحُ كَشْفَ فَراسةٍ | |
|
| خَفيتُ عنِ المَعنى المُعنَّى بدِقّة |
|
وفي رَحَموتِ البَسْطِ كُلّيَ رَغْبَةٌ | |
|
| بها انبَسطتْ آمالُ أهلٍ بَسيطتي |
|
وفي رَهَبَوتِ القبضِ كُلّيَ هَيبَةٌ | |
|
| ففيما أجَلْتُ العَيْنَ منّي أجَلّت |
|
وفي الجمعِ بالوَصْفَينِ كُلّيَ قُرْبَةٌ | |
|
| فحَيَّ على قُرْبَي خِلالي الجميلة |
|
وفي مُنْتَهَى في لم أَزَل بيَ واجِداً | |
|
| جَلالَ شُهودي عن كمالِ سجيّتي |
|
وفي حيثُ لا في لم أزَلْ فيّ شاهداً | |
|
| جَمالَ وُجودي لا بناظِر مُقلتي |
|
فإن كنتَ منّي فانْحُ جمعيَ وامْحُ فَرْ | |
|
| قَ صَدْعي ولا تجنح لجنحِ الطبيعة |
|
فدونَكَهَا آياتِ إلهامِ حِكمَةٍ | |
|
| لأوهامِ حَدسِ الحسّ عنكَ مزيلة |
|
ومِن قائلٍ بالنّسخِ والمَسْخُ واقِعٌ | |
|
| بِهِ ابْرَأْ وكُنْ عمّا يراهُ بعُزْلَة |
|
ودَعْهُ ودعوى الفسخِ والرّسخُ لآئقٌ | |
|
| بِهِ أَبداً لو صَحّ في كلِّ دورَة |
|
وضَرْبي لكَ الأمثالَ مِنّيَ مِنَّةٌ | |
|
| عليكَ بشأني مَرَّةً بَعْدَ مَرّة |
|
تأمّلْ مقاماتِ السَّروجيِّ واعتَبِرْ | |
|
| بِتَلْوينِهِ تَحْمَدْ قَبولَ مَشورتي |
|
وتَدرِ التِباسَ النّفسِ بالحِسّ باطناً | |
|
| بمظهَرِهَا في كلّ شكلٍ وصورة |
|
وفي قَولِهِ إنْ مانَ فالحَقّ ضاربٌ | |
|
| بِهِ مَثَلاً والنفسُ غيرُ مُجِدّة |
|
فكُنْ فَطِنَاً وانظُر بحِسّكَ مُنْصِفاً | |
|
| لنَفْسِكَ في أفعالِكَ الآَثَرِيّة |
|
وشاهدْ إذا استجلَيتَ نفسكَ ما ترى | |
|
| بغيرِ مِراءٍ في المَرائي الصقيلَة |
|
أغَيْرُكَ فيها لاحَ أم أنتَ ناظِرٌ | |
|
| إليكَ بها عندَ انعِكاسِ الأشعّة |
|
وأصْغِ لرَجْعِ الصوتِ عندَ انقطاعه | |
|
| إليكَ بأكنافِ القُصورِ المَشيدَة |
|
أهَل كانَ مَن ناجاكَ ثَمّ سِواكَ أم | |
|
| سَمِعْتَ خِطاباً عن صَداكَ المُصَوّت |
|
وقُلْ ليَ مَن ألقى إليكَ عُلُومَهُ | |
|
| وقد ركدتْ منكَ الحواسُ بغَفْوَة |
|
وما كنتَ تدري قبل يومكَ ما جرَى | |
|
| بأمسِكَ أو ما سوفَ يجري بغُدوة |
|
فأصبحتَ ذا عِلْمٍ بأخبار مَن مَضى | |
|
| وأسرارِ من يأتي مُدِلاً بخِبْرَة |
|
أتحسبُ من جاراكَ في سِنةِ الكَرَى | |
|
| سِواكَ بأنواعِ العُلُومِ الجليلة |
|
وما هِيَ إلاّ النّفسُ عند اشتِغالها | |
|
| بعالَمِها عن مَظهَرِ البَشَرِيّة |
|
تَجَلّتْ لها بالغَيبِ في شكلِ عالِمٍ | |
|
| هَداها إلى فَهْمِ المَعاني الغريبة |
|
وقد طُبِعَتْ فيها العُلُومُ وأُعْلِنَتْ | |
|
| بأسمائها قِدْمَاً بوَحْيِ الأُبُوّة |
|
وبالعِلْمِ مِنْ فوقِ السِّوَى ما تنعّمَتْ | |
|
| ولكنْ بما أملَتْ عليها تَمَلّت |
|
ولو أَنَّها قبلَ المَنامِ تَجَرّدَتْ | |
|
| لشَاهَدْتَها مِثْلي بِعَيْنٍ صحيحةِ |
|
وتجريدُها العاديُّ أثبَتَ أوّلاً | |
|
| تجَرّدَها الثّاني المَعادي فأثْبِت |
|
ولا تكُ مِمّنْ طَيّشَتْهُ دُروسُهُ | |
|
| بحيثُ استَقَلّتْ عقلَهُ واستقرّت |
|
فثَمّ وراء النّقلِ عِلْمٌ يَدِقُّ عن | |
|
| مَدارِكِ غاياتِ العقولِ السليمَة |
|
تَلَقّيْتُهُ منّي وعني أَخَذْتُهُ | |
|
| ونفسيَ كانت من عَطائي مُمِدَّتي |
|
ولا تكُ باللاّهي عنِ اللّهوِ جُمْلَةً | |
|
| فهزْلُ المَلاهي جِدُّ نَفْسٍ مُجدّة |
|
وإيّاكَ والإِعراضَ عن كلّ صورةٍ | |
|
| مُمَوّهَةٍ أو حالةٍ مُسْتَحِيلَة |
|
فطَيْفُ خَيالِ الظلّ يُهْدِي إليكَ في | |
|
| كَرَى اللّهْوِ ما عنهُ الستائِرُ شُقّت |
|
تُرى صورَةَ الأشياءِ تُجلى عليكَ من | |
|
| وراءِ حِجَابِ اللَّبسِ في كلّ خِلْعة |
|
تجَمّعَتِ الأضدادُ فيها لِحِكْمَةٍ | |
|
| فأشكالُها تَبدو على كلّ هَيئة |
|
صوامِتُ تُبدي النطقَ وهيَ سواكنٌ | |
|
| تحرّكُ تُهدي النّورَ غيرَ ضَوِيّة |
|
وتضحَكُ إعجاباً كأجذَلَ فارحٍ | |
|
| وتبكي انتِحاباً مثلَ ثَكلى حزينة |
|
وتندُبُ إنْ أَنّتْ على سلبِ نِعمةٍ | |
|
| وتطرَبُ إنْ غَنَّتْ على طيبِ نغمة |
|
يرى الطيرَ في الأغصانِ يُطْرِبُ سجعُها | |
|
| بتغريدِ ألحانٍ لدَيْكَ شجِيّة |
|
وتَعْجَبُ من أصواتِهَا بلُغَاتِها | |
|
| وقد أعرَبَتْ عنْ ألسُنٍ أعجميّة |
|
وفي البَرّ تَسْرِي العِيْسُ تخترِقُ الفلا | |
|
| وفي البحر تجري الفُلكُ في وسطِ لُجّة |
|
وتنظُرُ للجَيْشَيْنِ في البَرّ مَرّةً | |
|
| وفي البحر أُخرى في جموعٍ كثيرة |
|
لِبَاسُهُمُ نَسْجُ الحديدِ لبأسِهِمْ | |
|
| وهُمْ في حِمَى حَدّيْ ظُبىً وأسنّة |
|
فأجنادُ جَيشِ البَرّ ما بين فارسٍ | |
|
| على فَرَسٍ أو راجلٍ رَبَّ رِجلَة |
|
وأكنادُ جيشِ البحرِ ما بين راكبٍ | |
|
| مَطا مركَبٍ أو صاعِدٍ مثلَ صعدة |
|
فمِنْ ضارِبٍ بالبِيضِ فتكاً وطاعِنٍ | |
|
| بسَمْرِ القَنا العَسّالَةِ السمْهَرِيّة |
|
ومِنْ مُغْرِقٍ في النار رَشقاً بأسهُمٍ | |
|
| ومِن مُحْرِقٍ بالماءِ زَرْقاً بشُعلة |
|
تَرى ذا مُغيراً باذِلاً نفسَهُ وذا | |
|
| يُوَلّي كسيراً تحتَ ذُلّ الهزيمة |
|
وتشهَدُ رَمْيَ المَنجنيقِ ونَصْبَهُ | |
|
| لهَدْمِ الصيّاصي والحُصُونِ المَنِيْعَة |
|
وتَلْحَظُ أشباحاً تراءى بأنْفُسٍ | |
|
| مُجَرَّدَةٍ في أَرْضِها مُسْتَجنَّةِ |
|
تُباينُ أنْسَ الإِنسِ صورَةُ لَبْسِها | |
|
| لِوَحْشَتِهَا والجِنُّ غيرُ أَنيسَة |
|
وتطرَحُ في النهرِ الشّباكَ فتُخرجُ السْ | |
|
| سماكَ يَدُ الصّيّادِ منها بسُرْعَة |
|
ويحتالُ بالأشراكِ ناصِبُها على | |
|
| وقوعِ خِماصِ الطّيْرِ فيها بحبّة |
|
ويَكْسِرُ سُفُنَ اليَمّ ضاري دوابِه | |
|
| وتظْفَرُ آسَادُ الشّرَى بالفريسة |
|
ويصطادُ بعضُ الطّيرِبعضامن الفضا | |
|
| ويقنِصُ بعضُ الوَحش بعضاً بقفرَة |
|
وتلمَحُ منها ما تخطّيتُ ذِكْرَهُ | |
|
| ولم أعتمِدْ إلاّ على خيرِ مُلْحَة |
|
وفي الزّمَنِ الفرْدِ اعتَبِرْ تلقَ كلّ ما | |
|
| بدا لكَ لا في مُدّةِ مُسْتَطِيلَة |
|
وكُلُّ الذي شاهدْتُهُ فِعْلُ واحِدٍ | |
|
| بمُفْرَدِهِ لكن بحُجْبِ الأكِنّة |
|
إذا ما أزال السِّترَ لم ترَ غيرَهُ | |
|
| ولم يَبْقَ بالاشكالِ إشكالُ ريبة |
|
وحَقّقتُ عند الكشف أنّ بنورهِ اهْ | |
|
| تَدَيْتُ إلى أفعالِهِ بالدُّجُنّة |
|
كذا كنتُ ما بيني وبَينيَ مُسهِلاً | |
|
| حِجَابَ التباسِ النّفسِ في نورِ ظلمة |
|
لأظهَرَ بالتدريجِ للحِسّ مؤنِساً | |
|
| لها في ابتِداعي دُفْعَةً بَعْدَ دُفْعَة |
|
قَرَنْتُ بجِدّي لَهْوَ ذاكَ مُقَرِّباً | |
|
| لفَهْمِكَ غاياتِ المَرامي البعيدَة |
|
ويجمَعُنا في المظهَرَيْنِ تشابُهٌ | |
|
| وليْستْ لحالي حالُهُ بشَبِيهَة |
|
فأشكالُهُ كانتْ مظاهٍرَ فِعْلِه | |
|
| بِسِتْرٍ تلاشتْ إذ تَجَلّى وَوَلّت |
|
وكانتْ له بالفعلِ نفسي شبيهةً | |
|
| وحِسّيَ كالإِشكال واللَّبْسُ سُترتي |
|
فلَمَّا رَفعتُ السّتْرَ عنّي كرَفعه | |
|
| بحيث بدَتْ لي النفسُ من غير حُجّة |
|
وقد طلَعتْ شمسُ الشّهودِ فأشرَق ال | |
|
| وُجُودُ وحَلّتْ بي عقودُ أَخِيّة |
|
قَتَلتُ غُلاَمَ النفسِ بينَ إقامتي ال | |
|
| جِدَارَ لأحكامي وخرْقِ سفينتي |
|
وعُدْتُ بإمدادي على كلّ عالِمٍ | |
|
| على حَسبِ الأفعالِ في كلّ مُدّة |
|
ولولا احتجابي بالصفاتِ لأُحْرِقَتْ | |
|
| مظاهرُ ذاتي من سَناءِ سجيّتي |
|
وألسِنَةُ الأكوانِ إن كُنتَ واعياً | |
|
| شهودٌ بتَوحيدي بحالٍ فصيحَة |
|
وجاء حديثٌ في اتّحاديَ ثابتٌ | |
|
| روايتُهُ في النقْلِ غيرُ ضعيفَة |
|
يُشيرُ بحُبّ الحقّ بعدَ تقرّبٍ | |
|
| إلَيْهِ بنَقلٍ أو أداء فريضَة |
|
وموضِعُ تنبيهِ الإِشارةِ ظاهرٌ | |
|
| بِكُنْتُ لهُ سَمْعَاً كنُورِ الظّهيرة |
|
تسبّبتُ في التوحيدِ حتى وجَدتُهُ | |
|
| وواسطةُ الأسبابِ إحدى أَدِلّتي |
|
ووحّدتُ في الأسبابِ حتى فقدتُها | |
|
| ورابطةُ التّوحيدِ أجْدَى وسيلَة |
|
وجرّدتُ نفسي عنهما فتجرّدتْ | |
|
| ولم تَكُ يوماً قَطُّ غيرَ وحيدَة |
|
وغُصْتُ بحار الجمع بل خُضتُها على ان | |
|
| فِرَاديَ فاستَخْرَجتُ كلّ يتيمة |
|
لأسْمَعَ أفعالي بسَمْعِ بَصِيرَةٍ | |
|
| وأشهَدُ أقوالي بعَيْنٍ سَميعة |
|
فإنْ ناح في الإيكِ الهَزارُ وغرّدَتْ | |
|
| جواباً لهُ الأطيارُ في كلّ دَوحة |
|
وأطْرَبَ بالمِزْمَارِ مُصْلِحُةُ على | |
|
| مُنَاسَبَةِ الاوتارِ من يَدِ قَيْنَة |
|
وغنّت من الأشعارِ ما رَقّ فارتقَتْ | |
|
| لسِدْرتِهَا الاسرارُ في كلّ شدْوَة |
|
تَنَزّهْتُ في آثارِ صُنْعِي مُنَزِّهاً | |
|
| عن الشرْك بالأغيارِ جَمعي وأُلفتي |
|
فبي مجلسُ الاذكارِ سَمْعُ مُطالِعٍ | |
|
| ولي حانَةُ الخمّارِ عَينُ طليعَة |
|
وما عَقَدَ الزّنّارَ حُكماً سوى يدي | |
|
| وإنْ حُلّ بالإِقرارِ بي فهْيَ حلّت |
|
وإن نارَ بالتّنزيلِ مِحْرابُ مَسجدٍ | |
|
| فما بارَ بالإِنجيلِ هيكلُ بِيعَة |
|
وأسفارُ تَوراةِ الكَلِيْم لقَوْمِهِ | |
|
| يُناجي بها الأحبارُ في كلّ ليلة |
|
وإن خَرّ للأحجارِ في البُدّ عاكِفٌ | |
|
| فلا وجْهَ للإِنكارِ بالعصَبِيّة |
|
فقد عَبَدَ الدّينارَ مَعنىً مُنَزَّهٌ | |
|
| عنِ العارِ بالإِشراكِ بالوثَنية |
|
وقد بَلَغَ الإِنذارَ عنيَ مَن بَغى | |
|
| وقامتْ بيَ الأعذارُ في كلّ فِرْقة |
|
وما زاغتِ الأبصارُ من كلّ مِلّةٍ | |
|
| وما زاغتِ الأفكارُ من كلّ نِحلة |
|
وما اختارَ مَن للشّمس عن غِرّةٍ صبَا | |
|
| وإشراقُها مِن نورِ إسْفارِ غُرّتي |
|
وإن عبدَ النَّارَ المَجوسُ وما انطفَت | |
|
| كما جاءَ في الاخبارِ في ألفِ حِجَّة |
|
فما قَصَدُوا غيري وإن كان قصدهُم | |
|
| سِوايَ وإن لم يُظْهِروا عَقدَ نِيّة |
|
رأوْا ضَوْءَ نوري مرّةً فَتَوَهَّمُو | |
|
| هُ ناراً فَضَلّوا في الهُدَى بالأشعَّة |
|
ولولا حِجابُ الكَونِ قُلتُ وإنَّما | |
|
| قيامي بأحكامِ المظاهِرِ مُسْكِتي |
|
فلا عَبَثٌ والخَلْقُ لم يُخلَقوا سُدىً | |
|
| وإنْ لم تكُنْ أَفعالُهُمْ بالسديدَة |
|
على سِمَةِ الاسماءِ تَجري أمورُهُمْ | |
|
| وحِكْمَةُ وصْف الذاتِ للحكم أجرَت |
|
يُصَرِّفُهُمْ في القبضَتَيْنِ ولا ولا | |
|
| فقَبْضَةُ تَنْعِيمٍ وقَبْضَةُ شِقْوَة |
|
ألا هكذا فلتَعرِفِ النّفسُ أو فلا | |
|
| ويُتْلَ بها الفُرقَانُ كُلَّ صبيحة |
|
وعِرْفَانُها مِن نَفْسِها وهِيَ التي | |
|
| على الحِسّ ما أَمَّلتُ منيَ أمْلَت |
|
ولو أنني وحّدْتُ ألحدتُ وانسَلخ | |
|
| تُ من آيِ جَمعي مشركاً بيَ صنعتي |
|
ولستُ مَلوماً أنْ أَبُثّ مَواهبي | |
|
| وأمْنَحَ أتْباعي جَزيلَ عَطِيّتي |
|
ولي مِنْ مُفيضِ الجَمعِ عندَ سلامِه | |
|
| عليّ بأوْ أَدْنَى إشارةِ نِسْبَة |
|
ومِنْ نُورِهِ مِشكاةُ ذاتيَ أشرقَتْ | |
|
| عليّ فنارَتْ بي عِشائي كضَحوتي |
|
فأُشْهِدتُنِي كَوْنِي هناك فكُنْتُهُ | |
|
| وشاهدتُهُ إيَّايَ والنّورُ بَهجتي |
|
فَبِي قُدّس الوادي وفيه خلعتُ خَلْ | |
|
| عَ نَعْلي على النادي وجُدتُ بخلعتي |
|
وآنَستُ أنواري فكنتُ لها هُدىً | |
|
| وناهيكَ من نفسٍ عليها مُضِيئَة |
|
وأسستُ أطواري فناجَيتُنِي بها | |
|
| وقضّيْتُ أوطاري وذاتي كَليمَتي |
|
وبَدْرِي لم يأفُلْ وشمسيَ لَم تَغِبْ | |
|
| وبي تَهتدي كُلّ الدّراري المُنيرة |
|
وأنْجُمُ أفلاكي جرَتْ عن تصَرّفي | |
|
| بِملكي وأملاكي لمُلْكِيَ خَرّتِ |
|
وفي عالَمِ التّذكارِ للنفسِ عِلْمُها ال | |
|
| مُقَدَّمُ تستَهْديهِ منّيَ فِتْيَتِي |
|
فحَيّ على جَمْعي القديمِ الذي بِهِ | |
|
| وَجَدْتُ كُهُولَ الحيّ أطفالَ صِبيَة |
|
ومن فضلِ ما أسأرْتُ شربُ مُعاصري | |
|
| ومَنْ كان قبلي فالفضائلُ فَضْلَتِي |
|